قبل البدء بكتابة هذا المقال ،
فإنه قراءة وليس تفائلاً ، بل
يأتي ضمن الواقع الذي فرضه العدو
الصهيوني بعد سبعة أيام من هجمته
البرية على قطاع غزة ، هذه الهجمة
التي تحولت من ضربة صدمة إلى ضربة
أزمة لإسرائيل .
مر أسبوع من الهجمة البربرية
الإرهابية العدوانية الإسرائيلية
على قطاع غزة ، ولا زالت طائراته
تواصل قصفها المتجدد على نفس
الأهداف التي قصفتها سابقاً عدة
مرات مما يؤكد على إفلاس المخزون
الصهيوني من الأهداف ، ولم يعد
يجد شيئاً يبرره لطياريه وجنده
الذين ترتعد أوصالهم من لحظة
الحسم على الأرض إن أتت واختارها
العدو ، والتي أعدت لها فصائل
المقاومة الفلسطينية العدة ، وهي
على أتم الجهوزيه لها ، بل
وتترقبها لحظة تلو لحظة لتؤكد أن
الشجاعة والفروسية تكون بالمواجهة
المباشرة ، والمنازلة على ألأرض
رغم ضآلة الإمكانيات وشحتها
مقارنة مع إمكانيات العدو . ولكن
هناك عامل يجهله هذا المتغطرس وهو
سلاح لا يقهر ولا يهزم ، إنه سلاح
الإرادة وعشق الأرض ، فهما السلاح
الأقوى الذي أذاق كل قوى
الاستعمار والاحتلال العالمي
ويلات الهزيمة ، ومرارة الإنكسار
، والعودة خائبة الأمل والرجاء.
لم يدخر العدو جهداً في ضرب غزة ،
وأهلها ، وأطفالها ، وشيوخها ،
ونسائها ، وشبابها ، قُتل منهم من
قُتل ، وأصيب من أصيب ، ودمر ما
دمر ولكنه ماذا حقق حتى راهن
اللحظة ؟!
لقد حقق الكثير من الأهداف ولكنها
أهداف عكسية لصالح الشعب
الفلسطيني عامة ، وأهل غزة خاصة ،
حيث أعاد اللحمة الاجتماعية
والتماسك والتكاثف ، أعاد لهم
الأمل بالنصر للملمة الجراح ،
ولثم الانكسار من الانقسام ،
والمضي بهما إلى السجال الأهم
بمعركة اللحمة التي لن تُهزم بها
غزة ، وبإرادة الرجال والنساء
والشيوخ والأطفال ..الخ نصر أصبح
يداعبنا في كل لحظة ، ننتظره
عندما ستدنس أول قدم صهيونية أرض
غزة هاشم ، حينها سيبدأ المقاتل
الفلسطيني بتدوين أول كلمات النصر
، وأول عبارات الملحمة التي
سينبهر العالم وهو يشاهد
إحداثياتها على الأرض .
لا أكتب ذلك رفعاً للروح المعنوية
وشحذ الهمم ، ولكنه واقع وقناعات
وليدة حالة معاشة راسخة كرسوخ جبل
الجرمق في أرض الوطن ، قناعات
متجذرة بعمق في الأرض ، كعمق
وعراقة هذا الشعب الأصيل المتجذر
بأرضه ، وسيشاهد العالم أجمع أن
المعركة ستحسم لصالح غزة هاشم
وشعبها ,أهلها وأبنائها ومقاتليها
، فغزة اليوم ترتدي ثوب المعركة
وتستجمع طاقاتها للحظة الحسم ،
تتجاوز جراحها وألمها سريعاً
لتنهض متعملقة تداوى الجرح وتحتفي
بالصر.
من ينقذ إسرائيل من غزة ؟
سؤال ليس منبعه الاستعباط أو
التفاؤل وأعلم جيداً أن الكثير
سيقولون هذا الكاتب متفائل
وطوباوي الخيال ، ولكنهم سيدركون
أن الحقيقة آتية .
وأن هذا نابع من أرض العركة
الفعلية وواقع فعلي مترجم على
الأرض لا يدركه سوى من يعيش
الحقيقة ويراها على أرضها ، وفي
خضم أحداثها ، وهذا ما أرده على
من يقولون أنقذوا غزة ، وأقول لهم
من ينقذ إسرائيل من غزة ؟
فغزة اليوم تُحرق نعم ، ولكنها في
نفس الوقت تَحرق عدوها ، وتجبره
على التخبط والهذيان لأن السبعة
أيام الماضية لم تُحدث في غزة سوى
دمار وشهداء وجرحى ، وفشل ذريع
للآلة الصهيونية ، فالشهادة لم
تكن يوماً خسارة بل هي أحدى
الحسنيين التي يطلبها الصامدون
كأوسمة شرف " النصر أو الشهادة "
وهذا وسامنا الذي لا نرتضي سواه
وسام آخر " إما النصر أو الشهادة
" وغزة كلها إصرار على نيل أحد
هذين الوسامين " إما نصر " وهو آت
، وإما " شهادة " وهي أجل تكريم
يطلبه المرء .
أما العدو فإنه يتوجع من الإرهاق
، ومن صمود هذه البقعة الجغرافية
المكدسة بالبشر ، ومن إرادتها
التي لن ولم تنكسر قطعاً ، لأنها
عصية على الانكسار والانهزام ،
ولها في سجلات الشرف عشرات
الملاحم البطولية ، فمن هنا
فإسرائيل هي التي أصبحت تؤجل
الإعلان عن هزيمتها يوماً تلو يم
أملاً في تدخل دولي يخرجها من
هزيمتها ، وهزيمة مشروعها
الصهيوني الذي بدأ يحتضر يوماً
تلو يوم وبدأت ملامح الموت
الشاحبة تبدو على وجهة ، وتبشر
بزواله . وعليه فهي تكابر وتضع
التبريرات لتأجيل هجمتها البرية
تحت مبررات غير مقنعة ، وفي
الحقيقة هي فرار من الهزيمة
الفعلية التي تنتظرها على الأرض .
ولننتظر قادم الأيام وما تحمله من
بشائر بدأ مسكها يفوح من تحت ركام
الموت ، وتناثر الجثث ، التي
جعلتهم مهزومون .
فالسماء نعم لهم وقذائفهم تدوي في
كل بقعة من غزة ، وهو سلاحهم الذي
أدركوا إنه لم يحقق شيئاً سوى ذر
الرماد في العيون أمام شعبها
وجندها ، وتخشى من المواجهة
البرية حتى راهن اللحظة .
إنها معركة غزة التي لا بد أن
يدرك هذا العدو إنها لن تكون ساحة
فسحه لجنده ، وساحة نصر يرفع به
معنوياته ، بل ستكون ساحة البداية
لنهايته ، وهزيمته وانكساره .
وهنا لا بد لي من تسجيل التالي :
أولاً : الأخوة في حماس إن هذه
المعركة درس للجميع بأن قوتنا في
وحدتنا ، وإننا شعب واحد وأرض
واحدة لا يمكن لنا أن نسلم
بالانقسام والتشرذم .
ثانياً : إن هذه المعركة ضرورة
لتعيدكم إلى مواقعكم المقاومة
بعيداً عن سلطة واهية تسيء لكم
ولنا ولمقاومتنا .
ثالثاً : ضرورة إعادة صياغة
الأجندة الفلسطينية صياغة إجمالية
عنوانها التحرير والبناء وفق
أجندة وطنية .
رابعاً : القوي والفصائل
الفلسطينية عليها إعادة تقييم
عملها وتعئبتها لعناصرها ورسم
ملامح فلسطين الوطن والانتماء في
أعين عناصرها فالحزبية المقيتة
أدمتنا وأدمت قلوبنا .
ولقاءنا بالنصر القادم حتماً
|