أين دول الممانعة والمقاومة

 

 

 

شبكة المنصور

احمد النعيمي

ما كان مستغرباً أبداً موقف الحكومات التي سقطت وأعلنت بكل وقاحة وسفور أنها متآمرة على الإسلام وعلى شعوبها ، ووضح جلياً للعيان أن لا هم لها سوى منع أي دويلة تقام للمسلمين ، ورفعوا للعدو أرجلهم يفعلون بهم ما يشاءون ، وهم أنفسهم الذين ساهموا في المجزرة التي وقعت على أهلنا في غزة هاشم .. وعلى رأسهم مصر التي أعلنت وبكل وقاحة أنها لن تسمح أبدا بوجود دولة مسلمة على ارض غزة ، وأعلنوا عن وقوفهم في صف اليهود ضد إقامة إمارة المقاومة الإسلامية واختاروا المؤامرة على الإسلام وأهله والشعوب جميعها ، وقد أعلنت ليفني أنها أطلعتهم على خطة ضرب غزة ، مؤكدة أن هذا الخيار هو تعبير عن احتياجات المنطقة كاملة كما صرحت به من القاهرة . ودعتهم إلى الوقوف مع اليهود ونبذ أهل غزة .


وما يؤكد أنهم اختاروا الوقوف مع اليهود ضد المسلمين أن العلم اليهودي ما زال يرفرف على أراضيها رغم كل هذه المجازر والدماء التي سقطت ، مما يدلل فعلاً أنهم متواطئون ومصرون على القضاء على أهلنا في غزة هاشم ، كما يفعلون بشعوبهم من قبل وبعد  ..


وقد آن لهذه الحكومات العفنة أن تسقط وتذهب إلى الجحيم فهم واليهود سواء .. وأن تلغي كل الاتفاقيات الكاذبة التي تسمى بإسم السلام ، وأن يطرد السفراء اليهود والأمريكان من بلادنا وأن تقذف هذه الأنظمة النتنة بالأحذية ،  وأن تضرب بأحذية اشد وأقسى وأكبرَ من حذاء الزيدي الشجاع الشهم ، وأن تفتح المعابر ليعبر منها السلاح والمال إلى إخوتنا المحاصرون .. نعم آن لتلك الأنظمة اليهودية العميلة أن تسقط وتذهب إلى مزابل التاريخ ، التي لن يرحمها ولن يرحم عمالتها أحد .


 ولكن السؤال الذي بات يسأله الآن كثيرٌ منا : أين دول المقاومة والممانعة !؟ أين أصحابُ الشعارات الرنانة شعارات الموت لليهود والموت للأمريكان ، أين أصحاب المقاومة في لبنان ، ما بالهم سكوت كسكوت الأموات صامتين كأي صنم ..
 نعم هم هنا ، صراخ وعويل كما هي عادتهم في ذر الرماد في العيون وصم الآذان بضجيجهم ، وكما تعودنا عليهم فلم نر منهم سوى الصراخ .. والشتائم فقط ، أين هم الآن ما داموا أنهم يتبجحون بأنهم دول ممانعة وأصحاب مقاومة !؟  أين هم الآن !؟ وهل يكفي منهم فعلاً أن يدعون لمظاهرات ويتكلمون بكلام تكلم به كل المتظاهرون والمستنكرون .. ليستو في هذا وحال الدول العاجزة التي تملأ المظاهرات شوارعها ، هل يكفي فعلاً هذا !؟


 وعاد السؤال نفسه يلح في هذا الفضاء الفسيح .. لم بقي هؤلاء الذين يدعون المقاومة يصرخون ويشتمون !؟ لم بقي هذا الطبل الأجوف لا يسمع منه سوى الصراخ والعربدة !؟ بينما المقاومون في غزة والعراق وأفغانستان والصومال والأهواز والشيشان يلاحقون ويطاردون من كل قوى الشر والعدوان ، يحاولون استئصال شوكتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا !!
﴿ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  ﴾  البقرة ٢١٧ .


وإذا كانوا فعلاً دول مقاومة لا صريخ وعويل فقط !! فإن هذه اللحظة أمامهم ليثبتوا فعلاً صدق هذه الشعارات ويرفعوا أسلحتهم بوجه هذا المحتل ويخترقوا الحدود التي تفصلهم عن يهود ويرفعوا عن أهل غزة الظلم الذي أنيط بهم ، أم أن هذه الشعارات التي يرفعونها أكاذيب وتضليل ليس من ورائها سوى الصراخ والعويل ؛ ليكونوا أسوء حالا  من تلك الحكومات التي يتهجمون عليها !!  وأين كلمات نجاد الذي صرح كثيراً أنه سيمسح دولتهم من الوجود !؟ وأين الصورايخ التي قالوا أن مداها يصل إلى اليهود !؟


فهل فعلاً سيستخدمون أسلحتهم التي يمتلكونها لكي يردوا عن أهلنا الذين يذبحون في غزة ، أم أن أحاديثهم في المقاومة والممانعة أكاذيب وهراء ، وأن هذه الدول هي نفسها التي تدخلت المخابرات اليهودية من أجل إخفاء أسماء أصحاب الهدايا التي قدمت لليهود من الدول العربية وغيرها وبيعت في مزاد هرتسليا الذي انتهى في بداية هذا الشهر .


الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن هذا الوجه القبيح

 

يا نساء غزة .. أما آن للشعوب الإسلامية أن تتعلم منكن العزة !؟

 

" الحمد لله الذي أكرم أولادنا بالشهادة "  " البارحة استشهد أبي واليوم أخي وغداً أبي .. وكلنا فداءٌ للإسلام ، فداءٌ لفلسطين " " الحمد لله اطمئنوا نحن جميعاً بخير ، ولا تنسوا إخوانكم من الدعاء " " سنحقق وعد الله الذي وعدنا ونتبر ما علو تتبيراً " .

 
هكذا كان حال أهل غزة جميعاً . غزة الصمود نسائها قبل رجالها ، شيوخها قبل شبابها .. رغم الألم والضحايا رغم الجوع والخوف .. وانقسم الناس بهذه المحنة فسطاطين من جديد ، فسطاط المنافقين والمخذلين والمرجفين .. الذين صدق فيهم قول الله عز وجل : ﴿  هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ، وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾ الأحزاب ١١ ١٢ .. وأما فسطاط الحق فسطاط غزة الصمود فقد انزل الله سكينته عليهم ونسأله تعالى أن يثيبهم فتحاً قريباً : ﴿  لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ،  وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ﴾  الأحزاب ٢١ ٢٢ .

 
وما رأيناه من صمود أهلنا في غزة هاشم .. ما رأيناه من صبر نساء ورجال غزة ، ما رأيناه من احتساب أهل الشهداء وخصوصاً النساء ، كان شيئاً عظيماً بالفعل .. والله إنه لشيءٌ عظيم أنه لا زال في أمة محمد أمثال هؤلاء الرجال والنساء .. فبأمثال هذه النخب انتصر الإسلام .. فأي نساء انتن يا نساء غزة !؟ وأي شعب أنتم أيها الشعب البطل !؟ أين تلك المواقف والصبر والإيمان ، التي فقدناها من زمن !؟ التي ماتت من بلادنا وأصبحت أحاديث من أحاديث الماضي المجيد !؟ أحاديث جيل رسول الله وصحابته الكرام ، أحاديث صلاح الدين والمظفر قطز والظاهر بيبرس والسلطان سليم !؟ لقد أعدتن لنا ما كنا قد نسيناه من زمن أو بأكثر صراحة تناسيناه ، فلله دركن .. شعب فيه أمثالكن فلا خوف عليه ، وإنه لمنصور بإذن الله . وبمثل تلك الرجال والنساء فإن الإسلام قادم .

 
أما نحن فما بالنا ، مشغولون بماذا !؟ غرتنا الحياة الدنيا وألهتنا بزينتها !؟ نسائنا لا هم لهن سوى التبرج والسفور ومتابعة ما نزل من آخر واحدث الموضات العالمية وملاحقة أخبار الهابطين والهابطات ، مشغولات بتعليم أولادهن وبناتهن الطرب والرقص الشرقي والغربي وغيره ، بينما نحن مشغولون بمتابعة الفن المصري والسوري والتركي الخليع البعيد عن ديننا وأعرافنا وعادتنا ..


 وها هو واحد من هؤلاء الحثالات ممن يسمون بمسمى فنان صاحب مدرسة المشاغبين – الذي كان له دور كبير في إفساد المجتمع المسلم وانحراف الشباب ، وتشويه صورة المسلمين والاستخفاف بديننا – يدافع عن حكومة العمالة والمشاركة في جريمة غزة ويقول كلاماً انبطاحياً انهزامياً ويتهجم على المقاومة ، ويتهكم من جدواها ، ويسخر من المقاومين فيقول : " حذرت القيادات المصرية القيادات الفلسطينية من الهجمات الإسرائيلية لكنها لم تنتبه لذلك وخاضت حرباً غير متكافئة ، والأفضل أن تتوقف حماس عما تقوم به لأن إسرائيل لن تقابل ما تفعله حماس بالورود " .


نعم هذا منطق من فقد الإيمان بالله تعالى ، هذا منطق لا يصدر إلا عن إنسان فقدت العقيدة في نفسه كل معانيها ، فبات ينظر إلى أن الصراع صراع قوة بعدد وعدة وأن النصر لا يكون إلا بالقوة المادية ، ونسي أن المسلمون في كل انتصاراتهم كانوا أقل عدداً وعدة وما انتصروا إلا لما أسلموا أنفسهم للواحد القهار . واخلصوا دينهم لله .


ورغم أن أعدائنا تقاتل معهم جنود الأرض وشيطانيها جميعاً ، فان مجاهدو امتنا أيقنوا أن النصر من عند الله وأن جنود السماء تقاتل معهم ، فعلموا عندها أنهم منصورون بإذن الله ، فباعوا أرواحهم رخيصة لله ..  ولسان حالهم يقول :
﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ﴾ التوبة ٥٢ .

 
وأما أمثال هؤلاء الهابطين فما داموا بيننا فلن تقوم للشعوب قائمة .. نحن بحاجة إلى أن نربي أولادنا على النضال كما ربى أهل غزة أولادهم ، نحن بحاجة إلى أن نمنع أهلينا وأولادنا من هذه المسلسلات التخريبية المشوهة للإسلام .. نحن بحاجة إلى أن نربى أولادنا تربية الرجال ، تربية الفضيلة تربية العقيدة الحقة ..


نعم نحن بحاجة إلا أمهات أشباه نساء أهل غزة البواسل ، نحن بحاجة إلى نساء يدفعن أولادهن دفعاً إلى الشهادة ، نحن بحاجة إلى أن نتعلم من أهل غزة ؛ العزة والكرامة التي انتهكت من قبل أهلها قبل أعدائها ، فمتى يقول الشعب كلمته فيمن ظلمه .. متى !؟ متى نترك حبنا للحياة ونتمنى الشهادة في سبيل الله !؟ 

 
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يختار طريق القتال
طريق الجهاد ، والعاقبة للمتقين

 
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٥ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م