ملاحظات وتعقيب على ندوة الحلم العربي ليلة ٩ / ١٠ تشرين الثاني ٢٠٠٨ وما أبداه الدكتور السعود

 

 

شبكة المنصور

زامـــل عــبـــد

 

عجب كل العجب أن  العولمة  دخلت عقول وأذهان من يتخذ الإسلام منهجا وأسلوبا لحياته اليومية ويبشر ويعمل أن تكون منهج كل أبناء قومه والبشرية المهتدية جمعاء  وتعجبي هذا  لما سمعت من حديث على قناة المستقلة  ضمن برنامج الحلم العربي الذي أعدة وقدمه الدكتور محمد الهاشمي جزاه الله خير الجزاء  كونه وضع الجماهير العربية أمام تصور مستقبلي يحلم به كل من هو غيور على أمته العربية ويعمل من اجل رفعتها واقتدارها  وأتمنى  من الأخ الدكتور الهاشمي  والذي أجده  إسلامي التوجه والهوى أن يتخذ من المسيرة العربية  الإسلامية الوضاءة مثالا للديمقراطية  بالرغم من احترامنا لإرادة الشعوب الأخرى ولكن من  الأولى  القياس من البيت  والتأريخ الذي أريد له أن ينسى  إن ما تفضل به الدكتور السعود الذي أكن له كل الاحترام والتقدير  وأنصت جيدا لأقواله وتحليلاته يتطلب الوقفة والمراجعة لأنه اوجد الفجوة الواسعة فيما بين الأمة العربية والإسلام ولا أريد أن أقول إن حديث الدكتور  أوحى لكثير من المستمعين بأنه هناك تناقض فيما بين العروبة والإسلام وان الأحزاب والتيارات القومية التي ظهرت وتواجدت على الساحة العربية هي في تناقض مع الإسلام ولهذا المرحوم الملك فيصل بمسيرته السياسية لم يكن عاملا بالفكر القومي  بل اتخذ العروبة رابطة ارتباط نسب وأخوه وللحق والإنصاف وحفاظا على الحقيقة التي  لم يتفاعل معها الكثير  من أبناء الأمة العربية لأسباب منها  الزمن  والأحداث والعمر  أقول ما يلي :

 

* هل نزول القران عربيا لان العروبة رابطة نسب وإخوة ؟ أم لأنها مكون بشري مؤهل لحمل أعباء الرسالة الجديدة والتبشير بها  لأمم أخرى هي بحاجة إلى الهداية  والتحرر من عبودية الحاكم المتجبر  التفرعن  ، أي أنهم  الأداة الفاعلة  لنشر وثبات الرسالة السماوية الجديدة التي  بالضرورة تحتاج إلى القوة المقاتلة ذات عزم  وكان هم العرب .

 

*  مما تقدم يظهر جليا إن العرب والإسلام ترابطهم جدلي  لان العرب اطلوا على الأمم الأخرى بفضل الإسلام وقادوها لردح من الزمن وهنا ليس عجزا" بل لاشتداد التأمر  ونفاذ الأعاجم إلى جسم القيادة  لنخر البناء انتقاما  من الدور العربي في هد كياناتهم الإمبراطورية  ، ولولى السيف العربي  والنموذج الفدائي والمقاتل الصنديد وروحية الجهاد الإيماني لما انتشر الإسلام .

 

* نظر البعث  للإسلام دينا" ذو نظرة ثورية شاملة للحياة  حضاريا  واجتماعيا وطبيعة العصر حيث وصل التدني في العلاقات الإنسانية حدا أصبح  لا ينفع معه إلا التغير الجذري وإعادة بناء العلاقات إنسانية على أسس جديدة لذلك لم يكن الإسلام دينا" للوعظ والإرشاد ولا تنفع معه الصوامع والبيع ولا يجديه الترهب إنما دينا" تحويليا والزمن الذي استغرقه النبي العربي الهاشمي القريشي صلى الله عليه وأله وسلم  في مكة  في التبشير  لم يكن إلا ضرورة بناء نموذج الإنسان الجديد الذي ينسجم مع الحياة الجديدة كما يراها الإسلام وبمجرد أن أصبح هذا النموذج كاملا انتقل الرسول الأعظم صلى الله عليه وأله وسلم   إلى بناء الجماعة المؤمنة ((  قل إن كان آباؤكم وإخوتكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومسكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله أمره والله لا يهدي الفاسقين ))1   فهذه الجماعة إذا" جماعة عقائدية التكوين ثورية  النشأة ليست قبلية التكوين ولا هي امتداد لمواقف فكرية أو اجتماعية سابقة فهي إذن ترتبط بالزمن الأتي وتتحرك في بيئة جغرافية جزء من الوطن العربي وتستقطب أفرادها من العرب من كلا نمطي المجتمع العربي القديم قريش ( القبيلة ) ويثرب ( الحضر ) وهي مفتوحة  للناس ولكنها تشترط الاختيار الجوهري ( الإيمان والهجرة والجهاد ) ومن هنا فان عقيدة البعث القومية مستوحاة من هذا الفهم الإيماني وقد تجسد في الشعار الذي اتخذه الحزب ميدانا" للعطاء والأداء  ( امة عربية واحدة       ذات رسالة خالدة )  والخلود الرسالي معناه النضال المستمر أي الجهاد وفق التطور الحاصل زمنا" وإنسانا" وحاجة" ؟.

 

* عرف المرحوم أحمد ميشيل عفلق القومية هي حب قبل كل شيء وأراد من هذا أن يكون العربي مستلهما"لتأريخ أمته العربية  ومترابطا" معها ترابطا" جدليا" وبالضرورة أن  الاستلهام هو لكل ما يقوم الحياة العربية  من إبداع وإطلالة إنسانية على الأمم الأخرى وهذا نجده متجسدا في ضلال الإسلام  لأنه القوة التي غيرة العرب التغير الجذري الشامل وحولتهم  إضافة إلى ما يمتلكون من ملكات أشار إليها القران الكريم  وتفاخر الرسول العربي ألمضري العدناني محمد صلى الله عليه وأله وسلم كونه عربي النسب إلى قوة التغير الكونية من خلال تنفيذ الأمر الرباني وسنة رسوله الكريم ، وعند العودة إلى الكلمة التي ألقاها المرحوم احمد ميشيل عفلق في جامعة دمشق عام 1943 بذكرى ميلاد الرسول  العربي والتي أخرجت تحت عنوان ذكرى الرسول العربي لوجدنا النفح الإيماني  والبعد الروحاني والنظرة الترابطية فيما بين الإسلام والعروبة عندما قال بخطابه  ( كان محمد كل العرب  وليكن اليوم العرب كلهم محمد  )  وهنا  الإشارة إلى الرسول العربي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وأله وسلم لم تكن  إشارة مجردة بل لأنه اختيار الله من بين العرب وعليه انه يمثل امة العرب  أينما يكونون  ولما فعلت الهداية الربانية على العرب اليم وفي هذا المخاض العسير الذي تمر به أن يكونون محمدا" بما يمثله  من معاني الإنسانية والجهاد والصبر  ، فكيف بنا اليوم وما مطلوب منا والوهج الإيماني يؤطر كل حركات وسكنات مناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي  .

 

*  أما على مستوى التجربة العراقية في ضل مسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي فان قول الشهيد صدام حسين رحمة الله عليه ( إن حزبنا ليس حياديا" بين الإلحاد والإيمان وإنما هو مع الإيمان دائما" ولكنه ليس حزبا" دينيا" ولا ينبغي أن يكون كذلك  ) وهذا بيان واضح للتمسك بالإسلام كمنهج رسالي يحكم كل حركات ألدوله دون الخوض في مفرداته العبا دية التعاملية والتي هي من اختصاص رجال الدين حصرا، وهنا أهل يستطيع أحدا حتى من أعداء الفكر  والذين يشنون الحملات عليه  أقول هل يستطيعون أن يثبتوا خلاف ذلك  ، أما موقف الحزب والقيادة من الأحزاب والحركات  والتيارات السياسية الدينية  التي تتسم بالطائفية التي نشأتها  وتكوينها  لأغراض الغاية منها هدم المجتمع العربي الإسلامي من خلال البدع والأكاذيب إضافة إلى الخيانة الوطنية كون قيادات وكوادر وقواعد هذه الأحزاب وضفة لخدمة قوى خارجية تعادى الأمة العربية وتعمل بكل قواها لتدميرها  وان الواقع العراقي الحالي يؤكد ويبرهن على مصداقية  الموقف الذي اتخذته القيادة العراقية بشأن حزب الدعوة العميل  وما شاكلة من مسميات  ، أما  الوقوف بوجه البدع وما بشر به المجوس الصفو يون يعد سبه على البعث وقيادته  فهذا عين لتجافي والإجحاف لان الهدف المركزي والأساسي هو  حماية الدين من البدع والخرافات  والاعتقادات المجوسية الصفوية  وتنقية وسائل إحياء ذكر أل بيت الرسول  من هكذا أفعال تحط من مكانتهم وتظهرهم بالمظهر الذي لا يليق .

 

* كتاب العروبة والإسلام للرفيق شبلي العيسمي الذي تناول فيه الربط الجدلي بين العروبة كشعور قومي يجمع أبناء الأمة العربية المجيدة لتلمس المستقبل الذي يحررهم من نير الاستعمار وتبعيتها التي وجدت على الساحة العربية إن كانت أنظمة مستسلمة أو فوارق طبقية  صنعت ليكون المستغل والمستغَََل وتفتيت  لكيان الوطن العربي بحدود وهمية من صناعة أعداء الأمة  والإسلام كدين حق وقوة دفع يقين  يمكن العرب من إحياء موروثهم الفكري الذي نقلوا فيه أمم إلى واقع استشراف المستقبل وتكوين شخصيتها الحضارية ولا ابتعد عن ما كتبه المفكر الكبير الدكتور الياس فرح في هذا الجانب ، وهذا برهان جديد لفهم البعث لجوهر الإسلام واتخاذه ميدان لبناء المجتمع العربي الديمقراطي الموحد الجديد .

 

* عند التطرق إلى حرب تشرين 1973  أرى هناك تجافيا للحقيقة والواقع وبقدر احترامنا وتقديرنا لروح المرحوم الملك فيصل واستجابته وتفاعله  مع المقترح العراقي  باستخدام البترول سلاح سياسي في المعركة  لان القيادة العراقية القومية الوطنية كان جل  عملها هو تحويل المعركة من معركة تحريك للمواقف إلى معركة تحرير شامله يسترد فيها التراب العربي الفلسطيني المغتصب عام 1948  وما تبعه في نكبة الخامس من حزيران 1967  ولكن  القيادات في مصر وسوريا كانت على عكس هذه النوايا والأهداف  لان إقدامهم على الحرب كان الغرض الأساس منه حلحلة الموقف وتحريكه وصولا إلى ما وصلوا إليه وخاصة  المرحوم أنور السادات .

 

بارك الله بكل جهد يراد منه انبعاث الروح العربية  ووصول الأمة إلى مبتغاها الإنساني التحرري الديمقراطي

 

1 : التوبة : 20 -  22        أيضا الأنفال : 72 ،  47  ، 75

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ١٢ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٠ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م