مواقف نضالية في زمن الايام الطويلة
الوحدة بين مصر وسوريا وقيام الجمهورية العربية المتحدة

﴿ الحلقة الثامنة

 

 

شبكة المنصور

ابو عمار المخضرم  / بغداد

 

الوحدة بين مصر وسوريا وقيام الجمهورية العربية المتحدة
(( عرس عربي وبعثي كبير ))
*****************************************


كان قيام الوحدة بين مصر وسوريا وانبثاق الجمهورية العربية المتحدة في ٢٢\٢\١٩٥٨ أول عرس عربي في العصر الحديث هلّل له وسعد به كل أكثر الناس فرحا وحماسا في استقبال هذا الحدث القومي الكبير , ليس لأنه تحقيق لبعض من أهدافهم الكبرى بل لأنهم كانوا يشعرون بأنه من صنع أيديهم ونتيجة لنضالاتهم المعمّدة والتضحيات الجسام .


ومن الطبيعي أن يكون قيام ال (ج . ع . م) من العوامل التي أدّت الى توسع الحزب عموديا وأفقيا وخاصة في أوساط الشباب والكادحين من عمال وفلاحين بالرغم من أن ثمن الوحدة بالنسبة للحزب كان باهظا حيث كان ذلك الثمن هو التضحية بوجود الحزب التنظيمي وحل نفسه في مصر وسوريا , ورغم أن ذلك خلّف غصّة في صدور بعض البعثيين فأن تحقيق الوحدة بين القطرين كان يطغى على كل غصّة وعلى كل أسف بانتظار الانجازات القومية الوحدوية التي كانت تأملها الجماهير على مستوى كل الوطن العربي بعد قيام نواة تلك الوحدة ... وكان من الطبيعي أن يكون قيام تلك الوحدة مصدر هلع لكل القوى الإمبريالية والصهيونية والشعوبية ومنها النظام الملكي في العراق حيث كان من بين ردود أفعاله عمله الدءوب والمصطنع على قيام (الاتحاد الهاشمي) بين العراق والأردن ومحمية الكويت (كاظمة) التي رفض الانكليز ضمها الى الاتحاد المذكور وتبع ذلك تشديد أساليبه القمعية للقوى التقدمية والوحدوية في العراق وفي المقدمة منها حزبنا المناضل الذي اعتبرته أجهزته الأمنية (التحقيقات الجنائية) اخطر تنظيم يهدده , وقد كشف احد التقارير التي وضعها مدير التحقيقات الجنائية آنذاك هذه الحقيقة حيث تنبأ بأن حزب البعث هو أخطر حزب يهدد نظامهم . كما اشتد تآمر حكام العراق على (ج . ع . م) وعلى القطر السوري بشكل خاص في تلك المرحلة وقد تكشف ذلك خلال محاكمات بعض مسؤولي النظام الملكي بعد ثورة 14\تموز\1958 عند محاكمتهم أمام المحكمة العسكرية الخاصة (محكمة المهداوي ) . ولقد ساهم الإعلام في تلك المرحلة في ذلك الصراع بين الحكم الملكي في العراق ومن يسانده من الأنظمة من جهة وبين (ج . ع . م) والقوى القومية والوطنية من جهة أخرى . ولقد ساهم البعثيون في تلك الحرب الإعلامية والسياسية من خلال تظاهراتهم وتثقيفهم للجماهير بأهمية الوحدة ومن خلال صحافتهم السرية والعلنية , كما لعبت إذاعة (صوت العرب) دورا كبيرا في فضح أعداء الوحدة عملاء الاستعمار والصهيونية ...


ولقد كان استهتار الحكم الملكي وخاصة الوصي (عبد الاله) بمشاعر الناس وبمطالبهم التي تبنتها الأحزاب الوطنية التي كانت منضوية تحت لواء (جبهة الاتحاد الوطني) حدا كبيرا الى درجة قيام (الوصي) باهانة بعض قادة أحزاب الجبهة خلال اجتماعهم به في قصر الرحاب وأعتقال آخرين منهم لا بسبب إلا لطرحهم مطالب الشعب بصراحة ووضوح . إن تلك الظروف والأحداث وفساد الأوضاع في العراق مهدت السبيل لقيام الثورة ضد النظام الملكي وأصبح الجو مشحونا ولا يحتاج إلا الى شرارة لكي تتفجر الثورة وينتهي هذا النظام , وهذا ما تم فعلا في صبيحة 14\تموز\1958 ...


والى اللقاء في موقف آخر انشاء الله .

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٠٣ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠١ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م