مواقف نضالية في زمن الايام الطويلة

﴿ الحلقة الخامسة ﴾

 

 

شبكة المنصور

ابو عمار المخضرم

 

 البعث ومؤتمرا حزبي ((الاستقلال)) و ((الوطني الديمقراطي)) في سينما النجوم-عام 1954...

************************************************************************************


الحديث عن الأحزاب القومية في الساحة ألسياسيه في أولى الخمسينيات لابد إن يبحث في منطلقه في ماهية هذه الأحزاب التي كانت بكل المقاييس تنطلق من مبدءا أنها أحزاب لا تحمل من الأطر التنظيمية ما يفعل حركتها في الشارع السياسي أو وسط الجماهير وأن كانت ترتكز على أسماء مناضلين أسسوا بحبهم لشعبهم وأمتهم ونضالهم مكانة في قلوب كثير من الجماهير.... معتمدين على صدق المشاعر القومية في ضمائر الشرفاء من ابناء ألأمة,وعلى ألانتماء الصميم لأبناء العراق الى عروبتهم مما جعل هذه الأحزاب برغم قوتها الجماهيرية على المستوى التنظيمي وفي طرق المواجهة مع السلطات البائدة وفي صراعها مع ألأحزاب ألأخرى وخاصة الحزب الشيوعي العراقي الذي كان يتفوق بجانبه التنظيمي وايدولوجيته رغم ان فكره لا يتطابق مع الفكر القومي والقيم والموروث الاجتماعي ... الأمر الذي أدى حين ظهور البعث في الساحة السياسية كحزب له أيديولوجيته وأهدافه الواضحة وتنظيمه الحديدي المنفتح على وفق فكره على الجماهير للسيطرة على الساحة وأستقطابه لذوي الفكر القومي وربما كان هذا من ألأسباب الرئيسية التي دفعت بالشيوعيين الى أظهار عدائهم في وقت مبكر تجاه البعثيين الذين كان منطلقهم نحو التأسيس يحمل غايات سامية و وطنية راسخة هدفت الى توحيد القوى الوطنية على اختلاف توجهاتها نحو الهدف المشترك وهو التحرر الوطني ومناهضة ألاستعمار والسلطة العميلة له .. وكان من المفترض أن يكون حزب ألاستقلال المعروف بأنه أكبر ألأحزاب القومية بالمبادرة بالعداء للحزب ونشاطاته القومية ...فالاستقلاليون كانوا يشكلون ثقل التوجه القومي في الساحة السياسية ولا ينكر تأثره بما كانت تطرحه شخصياته من أفكار قومية عربية وما تتبناه من قضايا عربية وإسلامية...


والى جانب حزب الاستقلال كان الحزب الوطني الديمقراطي الذي يرأسه كامل الجادرجي المعروف بتوجهاته اليسارية وبأن معظم جماهيره على السطح كانوا من الشيوعيين الذي اتخذوا منه غطاء لأنشطتهم المحرمة من قبل السلطة ...
ولم يكن للبعث أي علاقة فكرية أو ايدولوجية كهذين الحزبيين (الرسميين) وإنما أنطلق من فكره ألمؤسس وأهدافه الواضحة التي فرضت نفسها التي تهدف الى إنقاذ الأمة من واقعها المرير فكان (ضرورة) وليس ترفا سياسيا آو استهدافا بقصد احتلال مكانة أي حزب أو إلغائه.


ولهذا كان النجاح الذي لم يخرج عن نطاق بعض الصراعات التي كانت تدور في الساحة بين الأحزاب معه أو مع الأحزاب بعضها البعض ..فهذا الحزب لم يكن متفرجا وإنما مشاركا بالفعل في حركة النضال الوطني والقومي .
وهنا أتذكر ما حدث في مؤتمر حزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي وهما المؤتمران العّامان الأخيران اللذان انعقدا قبل ثورة (14\تموز\1958) وبالأحرى ( الأخيران على ألإطلاق ) حيث إنهما كانا نهاية هذين الحزبين وموتهما على صعيد الواقع .


في أوائل تشرين الثاني عام 1954 ومع بروز أسم الحزب واحتلاله لمساحة واسعة في صفوف الجماهير كان عقد المؤتمر العام لحزب الاستقلال في سينما النجوم بالباب الشرقي وكان حزبنا قد خطط لحضور متميز وفعال في هذا المؤتمر على وفق خطة منها آن يكون تجمعنا في الطابق الأرضي من القاعة بالقرب من منصة الاحتفال وعلى أن يكون الحضور مبكرا وتجمعنا في مكان واحد يصعب اختراقه . وتم تنفيذ الخطة بدقة . وقد بدأ المؤتمر بكلمة المرحوم محمد مهدي كبة رئيس الحزب وتقارير عن نشاط الحزب وقصائد بالمناسبة. وكنا نحن منذ بدء الاحتفال نردد شعارات الحزب بحيث طغى ذلك على أجواء المؤتمر مما أدى الى ان يعاتبنا البعض من الإخوان في حزب الاستقلال على ما رأوه تصرفا غريبا ولكننا دافعنا عن موقفنا الذي لم يكن ليتعارض مع أهدافهم فالشعارات التي رددناها هي شعارات قومية يؤمن بها حزبهم نفسه ولكن (العتاب) كان اخويا وديا لم يتطور الى ماهر أسوءا في الموقف والعلاقة الايجابية مع حزبهم الذي كنا نعتبره شقيقا لنا .


والى اللقاء مع مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي في موقف أخر إنشاء الله .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٤ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٢ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م