ممثلوا الفصائل والحركات أخفقوا قبل أن يغادروا ....

 

 

شبكة المنصور

محمد خضر قرش / القدس

 

إعلان الناطق الرسمي المصري عن تأجيل عقد لقاءات المصالحة بين الحركتين الأكبر والتي كان من المقرر عقدها في القاهرة اليوم الاثنين 10/11 ، تعكس حالة التردي التي بلغها الوضع الفلسطيني. لقد تأمل الشعب الفلسطيني بالرافعة المصرية المدعومة عربيا بالدرجة الأساس، باعتبارها المنقذ من الانقسام والتشتت السلطوي الذي ضرب دعائم الوحدة الوطنية في منتصف شهر حزيران الأسود من العام 2007 . راهن الشعب على ثقل ووزن مصر لتخليصه من الواقع المرير الذي يعيشه في القطاع والضفة على حدٍ سواء.

 

ورغم وضوح غموض بعض نقاط المبادرة المصرية، إلا أنها كانت تشكل خطوة نحو الالتقاء والتباحث بعيدا عن الانقسام والتشتت. الأطراف الفلسطينية كلها وبالأخص الحركتين الأكبر ، ليست بعيدة عن تحمل المسؤولية الناجمة عن فشل حوار القاهرة. والفشل لم يكن بسبب عدم إطلاق سراح المعتقلين من هذا الطرف أو ذاك في الضفة وغزة، فهذه ليست سوى تبرير لعدم الذهاب . الأطراف الفلسطينية كلها – ودائما بالأخص- الحركتين الأكبر ، لم تنضجا بعد بما فيه الكفاية لتجاوز خلافاتهما وخرقهما للدستور الفلسطيني وتجزئة الوطن الواحد ولقواعد الوحدة الوطنية الفلسطينية المتمثلة ببرامج الحد الأدنى المحددة في برنامج منظمة التحرير الفلسطينية.

 

الحركتان الأكبر، لم تقررا بعد إنهاء الانقسام الفلسطيني ووضع حد لتجزئة الوطن المجزأ أصلا بفعل الكانتونات والمستوطنات الإسرائيلية التي تنهش بالجسم الفلسطيني صباح مساء ، لأسباب داخلية لديهما بالدرجة الأولى. فالمصالحة ووضع حد للخلاف له تداعياته واستحقاقاته الميدانية على الأرض في الضفة وغزة، وهذا ما ليس بوسع الحركتين القبول به وبالنتائج المترتبة على المصالحة . فالأزمات الداخلية الحادة التي تعاني منها كلا الحركتين تحولا دون التوصل إلى اتفاق بل ودون الذهاب إلى القاهرة، لأن الذهاب والاتفاق- إن تم- له استحقاقاته السياسية والإدارية والتنظيمية والوطنية، وهذا ما لا تريد أي منهما دفعه في هذه المرحلة المبكرة ، لأن من شأنه أن يعصف بتركيبتهما الداخلية المتأزمة بالأصل ويعقد اوضاعهما الداخلية.

 

[ مسؤولية الشعب الفلسطيني ]

 

منذ فترة ليست بالقصيرة ، والشعب الفلسطيني يقف على مسافة بعيدة عن المشاركة الفعّالة في إنهاء الانقسام، ولأن النتائج المترتبة على استمرار تجزئة الوطن المجزأ وانقسام الفصائل والحركات لدرجة التناحر والاشتباك بالسلاح والاعتقال، تعطي إسرائيل الفرصة وحرية الحركة لابتلاع ما تبقى من أرض وتهويد القدس ومصادرة حتى المقابر الإسلامية دون أن يكون هناك تحركا شعبيا مساويا وموازيا للأفعال الإسرائيلية الضارة بالوطن الفلسطيني. إسرائيل تتحرك شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا وتنشئ المستوطنات وتستكمل الجدار العنصري وتصادر الأرض وتنهب الثروات وتقيم أكثر من كنيس داخل القدس وعلى مسافة أمتار قليلة من المسجد الأقصى وتطرد عائلة الكرد من منزلها وهي بصدد فتح أنفاق جديدة أسفله ، كل هذا يتم والفصائل والحركات الفلسطينية منشغلة في انقساماتها الداخلية وتعطيها الأولوية في سلم وأجندة أعمالها ، بدلا من أن تقوم بردم خلافاتها لمصلحة الوطن والقدس وتجاوز صغائر الأمور . من هنا يبرز دور ومسؤولية الشعب الفلسطيني والقوى الحية الناشطة الجديدة بأخذ زمام المبادرة والتحرك الفعلي الميداني لوقف هذا الجنوح نحو الأعمال والممارسات الضارة بالوطن. الموقف السلبي الذي تقفه منظمات المجتمع المدني من الانقسام غريب وغير مفهوم وغير مبرر بل وغير مسبوق على امتداد النضال الوطني الفلسطيني.

 

الشعب الفلسطيني عليه أن يدرك تماما بأن مستقبله فوق الأرض مرهون بتحركه الفعال نحو إنهاء الانقسام . أن مشهد وموقف الانتظار الذي يسلكه الشعب الفلسطيني ومنظمات المجتمع المدني، سيدفع ثمنه غاليا في المستقبل القريب جدا. على الشعب الفلسطيني أن يقول للحركتين الأكبر وبصوت واحدة وبنبرة عالية لا هوادة أو تسامح أو تردد فيها ... بأن الوقت قد حان قبل أعوام وليس الآن لكي تضعوا حدا لخلافاتكم وانقساماتكم المؤذية والمضرة بالوحدة الوطنية وبالمستقبل الفلسطيني، استمرار الخلافات غير المفهومة بين الحركتين الأكبر من شأنها أن تضر بنا وبوطننا ، فلماذا نستمر في السكوت وعدم التحرك ، فسفينة النضال الوطني الفلسطيني سوف تغرق إذا استمر الانقسام والتشتت والتناحر على الكراسي وغيرها. النقطة الأساسية هنا، أن الشعب الفلسطيني كله في السفينة المترنحة، إلا أنه ورغم ذلك يقف محايدا أو يأخذ موقفا سلبيا مما هو دائر فوقها وبداخلها وكأنه سيكون بمنأى عما سيحدث بها لو غرقت . الفصائل والحركات أخفقوا وفشلوا قبل أن يغادروا ... فماذا ينتظر شعب فلسطين بعد ذلك؟ ذلك هو السؤال الواجب عليه أن يجيب عليه أو يقدم تفسيرا لهذا السكوت غير المطلوب. مصلحة الوطن والشعب وفلسطين وفي القلب منها القدس فوق كل الحركات والفصائل ، هذا ما يجب على شعب فلسطين أن يذكره للجميع وأن يمارسه عمليا في ساحات الوطن كافة دون استثناء.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ١١ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٩ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م