المجلس المركزي الفلسطيني مكون شرعي يجب اعادة تجديده وتفعيله

 

 

شبكة المنصور

محمد خضر قرش / القدس

 

ينعقد المجلس المركزي الفلسطيني اليوم في مقر المقاطعة برام الله وسط اجواء وظروف انقسام حادة في داخل الوطن وخارجه وعلى كافة المستويات وتعتبر دورة الانعقاد الحالية هي الثالثة منذ انقلاب حركة حماس على شرعية منظمة التحرير والسلطة الوطنية في حزيران 2006. والاخطر مما يحدث حالياً هو التوقعات المفتوحة على كافة الاحتمالات بما فيها قيام حركة حماس يوم العاشر من كانون الثاني بتعيين رئيس جديد لقطاع غزة، وبذلك يصبح لفلسطين المجزأة والمقسمة اصلاً دولتان الاولى عاصمتها رام الله بشكل مؤقت والثانية غزة ونأمل ان لا تكون دائمة. فالمجلس المركزي الفلسطيني سيواجه هذا الوضع الشاذ غير المألوف على الساحة الوطنية الفلسطينية الداخلية وتداعياته في الخارج، وكلا الامرين اخطر من الاخر، لانه سيسبب انقساماً حاداً لشعب فلسطين هو الاول منذ عام 1948، واذا كان الاجتهاد والرأي مطلوباً فإن تقسيم الشعب الى شعبين واجهاض المشروع الوطني المتمثل باقامة دولة فلسطينية واحدة عاصمتها القدس ودحر الاحتلال عن الارض الفلسطينية، ليس فقط محظوراً وممنوعاً بل ومحرماً شرعاً وقانوناً وديناً ونضالاً. لقد ذهبت حركة حماس بعيداً جداً حين شقت عصا الانتماء للوطن الواحد وللشعب الواحد. ان مجرد التهديد او التهويل-وليس الفعل-بانتخاب رئيسٍ حمساويٍ بعد التاسع من كانون الثاني القادم يعتبر خطيئة لا تغتفر مهما تعقد الوضع وساء. لقد ساهم الاستعمار البريطاني في شق صفوف الشعب اليمني واقام دولتان له واحدة في الشمال وعاصمتها صنعاء والثانية في الجنوب وعاصمتها عدن، استمرت لفترة معينة بظروف اقليمية ودولية معروفة، ما لبثت ان انهارت واعيد توحيد الجسم والشعب اليمني من جديد بغض النظر عمن يحكم هذه الدولة ونظامها. المهم ان الشعب اليمني اصبح موحداً ولا يقبل القسمة على أي رقم الا على واحد.

 

فالمجلس المركزي في دورته الحالية والتي اطلق عليها اسم الشاعر المرهف الحواس محمود درويش، الذي قضى نحبه وهو ينشد لوحدة الشعب والوطن، عليه ان يبحث هذا الواقع المؤلم والقاسي، مما يتطلب منه الخروج عن اسلوب تعاطيه مع القضايا الهامة والجوهرية التي تمس حياة شعبنا. فاسلوب القاء الخطابات المعادة والمكررة والمملة وغير المجدية لم تعد مناسبة لعلاج الانقسام الحاد في صفوف شعب فلسطين. وفي هذا المجال فإن اول نقطة في العلاج تكون في وقف هذه الخطابات التي لم يسجل لها ان حققت او ساهمت في علاج او كانت مدخلاً لاي حل، بل على العكس من ذلك. واذا كان المجلس المركزي هو الحلقة الوسيطة بين اجتماعات المجلس الوطني، فإن الواجب الوطني يقتضي اعادة تجديد شبابه وملء الفراغات التي حدثت بفعل الاستشهاد والموت والاستقالة، فلا يعقل ان يبقى الوضع هكذا الى ما شاء الله. وفيما اذا تم اعادة تجديد العضوية فإن تفعيل دوره يصبح مهمة نضالية يجب ان تعلو وتتصدر غيرها من المهمات الاخرى وان كانت هامة. فاجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني اصبحت ليس اكثر من مناسبة لقول الكلمات والخطب وبعد ذلك ينطبق عليه قول الله تعالى «وكفى الله المؤمنين شر القتال». المجلس المركزي مطالب بمراجعة كافة القرارات التي سبق له واتخذها في دورتيه التي عقدها في رام الله على الاقل في العامين الماضين والوقوف امامهما لمعرفة ما الذي طبق ونفذ وما الذي بقي حبراً على ورق. ولن نتفاجىء اطلاقاً اذا اكتشفنا بأن جميع قراراته السابقة بقيت حبراً على ورق وبدون متابعة وتنفيذ. فاذا كان تجديد العضوية وتنفيذ القرارات السابقة هاماً، فإن وضع آلية للمتابعة يعتبر في غاية الاهمية، عضوية المجلس المركزي بحاجة الى اعادة نظر.فتمثيل الاتحادات والنقابات والجهات المهنية والنقابية الاخرى يحتاج الى اعادة بحث .هناك اتحادات غير قائمة قانونيا وغير موجودة على الساحة المهنية الفلسطينية بل ليس لها مقرات وعضوية ولا مراكز ممارسة وغيرمرخصة ايضا مثل (اتحاد الاقتصاديين الفلسطينيين) فلا يعقل ان يبقى تمثيل جسم غيرموجود داخل المجلس المركزي. وهناك اتحادات ونقابات مضى على اجراء الانتخابات فيها عشرات السنين، لم يعد لها شرعية تمثيل اعضاءها ومنتسبيها، بل البعض منهم قد احيل الى التقاعد ومازال رغم ذلك يمثل الاتحاد او النقابة وبالتالي يحتفظ بعضوية المجلس المركزي. لم يعد مقبولا ان يستمر الحال على هذا المنوال، ناهيك عن الانقسامات التي حدثت بالفصائل المكونة للمنظمة ولم ينعكس ذلك على العضوية. المجلس المركزي يجب ان يغادر هذا الوضع غير الصحيح عبر تجديد شبابه وعضويته وتفعيل دوره على المستوى الوطني كله في الداخل والخارج.


لذلك فالمهام التي على المجلس التصدي لها وعلاجها كبيرة جدا وخطيرة، تتساوق وتتناسب مع خطورة الوضع الفلسطيني برمته. فاذا لم يقف المجلس المركزي امام هذه المهام فمن يقف؟ ومن يتصدى؟ ومن يعالج؟.


اما بالنسبة الى حركة حماس فعليها ان تقرر هل تريد ان تكون جزءا من شعب فلسطين ومؤسساته المختلفة بغض النظر عن الملاحظات التي يمكن وضعها عليها؟ ام تريد ان تشكل منظمة او هيئات ومؤسسات جديدة. لدى الجميع ملاحظات كثيرة على الية عمل منظمة التحرير والسلطة الوطنية والمجلس التشريعي السابق والحالي بما في ذلك اليات اتخاذ القرارات واستئثار حركة فتح بالذات بمعظم المواقع والمناصب، لكن ذلك لا يشكل تبريرا لشق وحدة الصف الفلسطيني . يجب النضال من داخل منظمة التحرير والعمل على تفعيل كافة المؤسسات وفرز وجوه جديدة لاستلام القيادة ذلك هو الطريق الصحيح رغم صعوبة ذلك وتلكأ حركة فتح بالذات بتفعيل منظمة التحرير وتنفيذ ما تم في القاهرة عام ٢٠٠٥ بهذا الخصوص. شق صفوف شعب فلسطين أثم كبير يصل الى  درجة الخيانة وهذا ما يجب مواجهته بقوة الشرعية الفلسطينية التي يجب تجديدها لتكون فعلا تمثل شعب فلسطين. وعلى المجلس المركزي ان يناقش اليات تحقيق ذلك، وبخلافه ستكون هذه الدورة كغيرها من دورات الانعقاد السابقة سينتهي مفعولها باعلان رئيس المجلس الوطني رفع الجلسات وانتهاء عمل المجلس، وكل اجتماع ونحن بغير خير ونزداد انقساما وتشتتا وضياعا.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ٢٤ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٢ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م