الماضي الأسود .. الحاضر الكالح السواد

﴿ الحلقة الثانية ﴾

 

 

شبكة المنصور

محمد الحديثي

 

صعود نجم الحكيم :
لم يكن الحكيم رجل ايران الذي يسند وتثنى له وسادة الدعم بسبب مؤاخذات للخميني على والده محسن الحكيم ايام كان الخميني متواجدا في النجف بسبب خلاف زعامة الحوزة والمرجعية .


في نفس الوقت كان هناك خلاف مستعر في حزب الدعوة نفسه حيث انه كانت الحاجة لشخص يقف بوجه نفوذ مهدي الشيرازي ذو السطوة والحظوة في الاوساط الايرانية , فتوجه وفد من حزب الدعوة من العراقيين لاقناع محمد باقر الحكيم بانه العمامة النجفية الاكبر التي تستطيع الوقوف ضد مشاريع المدرسي والشيرازي التي تسعى للاستحواذ على كامل الساحة السياسة الشيعية العراقية في ايران .


لكن حتى هذا الوئام بين الحكيم وحزب الدعوة لم يدوم بسبب الصراعات السياسية وحدث الانشقاق بينهما اذا اكتشف كل منهما عدم قدرته على البقاء بعيدا عن مغانم الزعامة فلا الحكيم كان قادرا على قيادة الدعوة ولا الدعوة كانت تحتمل الحكيم والسبب ان كلا منهما يتطلع للفوز بحظوة السيد الايراني .


وقود المعركة :
كان مرجل الحرب يغلي والقتلى يسقطون باعداد كبيرة من الطرفين وكان العراقيين الملتحقين بصفوف العدو الايراني يتواجدون باعداد قليلة في بدايات المعارك ولم يكن لهم أي قيادة فانخرط هؤلاء بجهل او مصلحة بالوية الحرس الثورية الايراني وحتى هؤلاء لم يؤمنوا بقيادات الاحزاب السياسية الشيعية الموجودة في ايران لكن الظروف دفعتهم فيما بعد للانضواء تحت لواء هذه القايدات بتوجيه ايراني طبعا وكانوا كلما اشتدت المعارك زجوا بها ليكونوا راس الحربة واكباش الفداء بينما كان قادتهم وحاشياتهم وابناءهم يتنعمون في طهران مع الاحتفاظ بكامل الامتيازات المادية والمعنوية المقدمة لهم .


وفي الوقت الذي كان هذا المقاتل يحلم بجواز سفر مزور حيث كان يباع بمبالغ عالية ليسافر لزيارة السيدة زينب في سوريا وفي اغلب الاحيان كان يموت هذا الشخص ولا يرى هذا الجواز المزور !؟ كان القيادات وابناءهم من امراء الطوائف يتمتعون بجوازات الخدمة الدبلومسية التي تصدرها وزارة الخراجية الايرانية وقد تنعموا بسفرات الى دول وعواصم لم يكونوا يحلمون برؤيتها مثل سويسرا وفرنسا والمانيا . وفي مقدمتهم صدر الدين القبانجي وابو علي المولى وهمام حمودي وغيرهم ممن تبوا اعلى المناصب تحت خيمة الاحتلال .


كان هؤلاء المقاتلون المغرر بهم يموتون لاصاباتهم البيغة او يطويهم النسيان في غرفة قذرة في طهران او قم ولايسال عنهم احد في حين كان بمقدور امراء الطوائف مصاصي الدماء بالتدخل لدى سلطات العدور الايراني لاستحصال الموافقة لعلاج هؤلاء خارج ايران بينما كان الايرانيون يرسلون جرحاهم الى مشافي المانيا وامراء الطوائف من ايات الله يرسلون ابناءهم للاصطياف والسياحة بحجة التبليغ الاسلامي !!


ونتسأل ولو بعد فوات الاوان وبعد كل هذا الوقت لمصلحة من كانت تصرف كل تلك الاموال والهبات وجوازات السفر الدبلوماسية هل للبهائم التي كل همها علفها من حاشية امراء الطوائف في حين لا يحصل من يجرح في سبيل مصلحة امراء الحرب هؤلاء حتى على ابسط حقوق الادمية والعلاج.


لكن تيقنت بان السبب في هذه الظلامات في عهد مايسمى ( المعارضة ) وغيرها الكثير الكثير يكمن في الولاء فمن لا يهتف وينطط تنطيط القردة امام ( السيد ) فمن لا ينطط لا يستحق الحياة , فيما قردة السادة المصفقون ومعظمهم من اصول غير عراقية ينعمون بخيرات ( السيد ) وهباته ولمن اراد ان يعرف المزيد فله ان يسأل الكثير من عناصر الحاشية الموجودون الان بمناصب عليا ومنهم السفراء والوزراء وفي مقدمتهم سفير العراق في ايران محمد عباس .
كان المتعاطفون المتواجدون في اوروبا وفي بريطانيا بشكل خاص يجمعون التبرعات بشكل مستمر لدعم المتواجدين في ايران ولعدم درايتهم بما يحدث ولثقتهم بهذه المسوخ البشرية المسماة قيادات المعارضة في طهران كانوا يسلونها على شكل معونات مادية من ملابس للرجال والنساء والاطفال وغيرها .


لكن اه من لكن حتى هذه المساعدات لم تصل ابدا الا النزر اليسير لمستحقيها بل يتم التصرف بها وفق التدرج الحزبي من القيادة والحاشية فما دونهم فما دونهم وهم القابعين في مكاتبهم ومجمعاتهم بينما بسطاء الناس كانوا يسكنون في مناطق قاسية البرودة او شديدة الحرارة .


ويعرف الذين عاصروا تلك المرحلة اسم (( الشيخ ابو علي المولى )) عضو مجلس النواب كيف كان يبيع هذه المساعدات في شارع اسطنبول احد الشوارع التجارية في طهران .


ويعرف كذلك التركمان لكونه من المفترض ان يمثلهم في هذا السيرك حياة البذخ والترف التي كان يعيشها هذا المولى .


والشيء بالشيء يذكر يقول احد التركمان الذي كان من الناشطين في مجال القضية التركمانية الشيعية ان الشباب التركمان حين كانوا يذهبون الى منزل المولى فهم لايقصدون منزلا عاديا بل يقصدون مكان اشبه بالمعابد المقدسة لكثرة البهرجة والترف وكانه مهراجا هندي وللنكتة اكد ان احد الشباب التركمان ذهب الى منزل المولى وحين وصل الى الباب خر ساجدا على عتبة الباب لظنه انه مكان لولي من اوليا الله الصالحين حاشا لله ان يكون له هكذا اولياء .


بينما سؤل احد القياديين المطرودين من رحمة السادة عن سبب خروجه الى انكلترا واعتزاله العمل السياسي فاكد بالحرف ان سبب طرده هو ( جنوبيته ) لكونه كام من جنوب العراق وحاشية هؤلاء لايرغبون في ان يتحول شروكي مهما كانت اخلاقيته وثقافته الى قيادي بارز فالاولوية لتصدر المواقع القيادية (( للنجفي او الكربلائي )).


وبعد هذا يطرح السؤال المر كيف لمتاجر بقضيته مهما كانت حق او باطل يتسلم هكذا مواقع في السلطة الان في عراقهم الجديد المحتل وعن أي شرعية يتمشدق هلاء الذين عاشوا وسيموتون ليس من اجل قضية العراق بل من اجل قضية (( ولاية الفقيه )) وتصديرها الى الشعوب المجاورة .


وخدمة شخصيات تسمى جزافا دينية تتعامل مع هموم العراقي بفوقية وتعالي ؟.
كيف انتخب الناخبون من كان يبيع مساعدات الفقراء في المخيمات ويوزع الباقي منها على حاشيته ولا يرسل الا القليل القليل منها للعوائل الفقيرة .


كان التعاطفون ينتشرون في انفاق ومترو لندن ليجمعوا المساعدات المالية ولكن تلك المساعدات تتبخر بطريقة مذهلة
اين كانت تذهب كل هذه الاموال ومن كان المسؤول عن اختفائها فيما كانت النسوة لايملكن العباءة بينما كان المولى والجزائري والمرعشي ينعمون بدفيء بيوتاتهم ويقيمون افخم الاعراس في اضخم الفنادق .
ولم يسبق لهؤلاء ان جربوا معنى الجوع وتعرفوا على فلسفة ان تكون بلا منزل في غير بلدك .


ولا اعرف كيف يسمحون لانفسهم وهم يسمون انفسهم اسلاميون بالتطاول على جوع المحرومين سابقا والان عبر ممارسات غاية في الدونية .


كان احدهم لا يسكن الا في منزل فخم نموذجي ولا يأكل الا الاطعمة المختارة ولايركب الا اغرب واحدث السيارات فهو لديه سيارته الخاصة وزوجته كذلك واولاده لهم سائقهم الخاص ولم يتنازل ولا للحظة ليرى الجياع المحرومين في قم ومخيمات البؤس عن هذا المستوى الاجتماعي .


انهم يتصورون بان فلسفة البقاء تكمن في المنزل الفخم والسيارة الحديثة رغم موقعه كمنظر ؟؟ نعم منظر عقائدي حيث يصدر هؤلاء كراسا دوريا يوزع في فيلق غدر (بدر)
وتصوروا ماذا في طيات هذه الكراسات . دروسا في الاخلاق ؟؟؟؟؟؟


واذا حصل وتحدث احد القادمين منتقدا هذا الترف الخرافي بالقياس الى مايعيشه البقية من مهانة المهاجر والبؤس .اجابوه بردهم المعهود عن الفارق بالاسبقية والجهاد .


وبالفعل حدث هذا مع احد المغتربين ذهب الى ايران لتقديم المساعدات على سكان المخيمات فراى ما راى من بهرجة والحماية الامنية والفارق الاجتماعي الرهيب وحين سال عن هذا موجها سؤاله لاحد ( السادة ) اسود وجه السيد وامتعض


وبقدرة قادر انتقل هؤلاء من التعالي على الناس واعتزالهم الى رئاسة لجنة كتابة الدستور اللقيط . ان الصدفة الغبية جاءت بهؤلاء كي يكونوا قادة .


ان حظوة الموالي والمؤيدين اكبر بكثير من كفاءة الاشخاص الذيم مروا بايران ثم تركوها كيلا لا يقعوا في شرك المؤامرة ضد وطنهم والتصفيق الكاذب والهتاف الزائف.


ارباب الفتنة :
ثلاثة عقود هو عمر ما تسمى معارضة لكن هذه العقود الثلاث لم توحد هذه القوى ابدا ولم يصل حبل الود من احدهم الى الاخر على الاقل .


فكيف امكن للاخوة الاعداء من امراء الطوائف هؤلاء الذين ماجتمعوا يوما طيلة هذا الوقت ان يتوحدوا وان يشكلوا تشكيلا سياسيا والذي عرف فيما بعد بالائتلاف الشيعي .


كانت القاعدة الحزبية لهؤلاء يستغربون اشد الاستغراب اذا زار محمد باقر الحكيم المدرسي في احدى ليالي رمضان ويدركون باسرع وقت بانها كانت زيارة مجاملة لا اكثلا لكن الحرب فيما بينهم قائمة .
وفي ذات الوقت كان حزب الدعوة يعيش صراعا ابديا مع الحكيم وقتل الرجل وهم معادين له !!كان الخلاف كبير وواسع حتى انهم لم يلتقوا مع بعض في أي ندوة او حوار .


كان الااخلاف الحقيقي ليس خلاف لمصلحة العراق او الدين او المذهب ولكن الخلاف كان حول الزعامة وملحقاتها من مال ووجاهة.
ولهذا حاول الكثير الهروب من هذا المازق ولو كانت هناك أي احصائية للقتلى نتيجة الصراع بين هاتين الفئتين الضالتين لكانت النتيجة انها الضحايا اكبر بكثير من قتلى المعارك في الحرب .
كان صراعا مريرا بشعا ولطالما اعرب الكثيرين من نفس المعسكر اشمئزازهم ومللهم من الصراع باستثناء اقول باستثناء امراء الطوائف فهم يعتاشون على هذا ؟؟.


ادرك اقطاب الصراع استحالة التوفيق بين الدعوة والحكيم حتى ظهر ذلك في ادبيات المتصارعين , ومازاد الخلاف حدة تاكيدات الجعفري على عدم المشاركة في مؤتمر الخيانة في لندن بسبب اصرار الحكيم على الاستئثار بتمثيل الاحزاب السياسية الشيعية ناهيك حول الكلام المعسول الذي تبين كذبه فيما بعد عن عدم اعانة الامريكان في احتلال العراق .
لكنه عاد واقصد بكلامي الجعفري وتراجع عن كلامه حول عدم المشاركة فاجتمع بزلماي خليل زادة ليبلغة عن استعداده للانضمام لمعسكر المحتل وعملاؤه .


طبعا كان هناك القلة من من لم يرحب بقرار الجعفري لكنه استقل القطار الامريكي بتشجيع من الرجل الثاني في وقته الدكتور ولا يعرف من اين جاء بصفة الدكتور ( ابو اسراء ) الذي كان يريد المشاركة في غنائم الاحتلال .
اجتمع هؤلاء على خيانة وطنهم لكنهم افترقوا في توزيع المغانم , ان الدولة الديمقراطية التي تدعو لسيادة التعددية والاعتراف بالاخر يجب ان تكون متجانسة تماما أي ان لايكون القتل والتهميش والطائفية هي المقياس .


فما الذي حدث بعد الاحتلال ؟ , الذي حدث مثلا في حكومة الاحتلال الثالثة في عهد الجعفري كان هناك البغض والضغينة فيما بينه وبين وزراءه مثلا من جماعة الحكيم . فالجعفري يعرف هذا تماما ويعرف ان الحكيم وضع عادل عبد المهدي رقيبا عليه ولو كانت الاجواء الامنية متاحة لهم لراى العراقيون الاهوال والعجائب من قتل وتنكيل بين هاتين القوتين المتصارعتين . قد يقول قائل بان مصلحة الدين والمذهب جعلتهم ينشئوا هذا التكتل . واجيب الم تكن ماسي الشعب العراقي في فترة الحصار وبعد الاحتلال تهز ضمائرهم وماذا يبرر وضع يدهم بيد الاحتلال خلال احتلال العراق .


ان هذه الاحزاب الفارغة من الفكر والمحتوى ارباب ولكن للفتنة يتحدثون عن وحدة الموقف في الاعلام لكنهم يكيد احدهم للاخر وبشكل فتاك .

 

يتبع ....

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٩ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٧ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م