العـراق العـروبي

 

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس  /  أكاديمي عراقي

بعد ان فجر البعث ثورته الخالدة عام 1968، كان عليه ان يهيء الارض المناسبة لخارطة التغيير الثوري الجذري والشامل التي تفجرت الثورة من اجلها, وأولها ترصين الوحدة الوطنية وتنظيف ساحة العراق من الجواسيس واعطاء الفرصة للقوى السياسية التي تدّعي وتزعم بانها وطنية وتهمها مصلحة البلاد في ان تثبت ذلك عمليا من خلال اقامة ائتلاف ديمقراطي حكومي شمل كل هذه القوى بعد اقامة الجبهة الوطنية والقومية والاشتراكية, تلا ذلك اعلان التعبئة الوطنية الشاملة للبناء والاعمار من خلال حملات العمل الشعبي في طول العراق وعرضه وكلّل ذلك كله بثورة التأميم العظيمة التي كرست الاستقلال الاقتصادي والسياسي ووضع ارادة الامة في التحكم بثرواتها لاول مرة موضع التطبيق.

 

وبعد النجاحات الهائلة والتاريخية في ميدان الوضع القطري الداخلي واجهت قيادة الحزب معضلات رسم السياسة الداخلية بما لا يفترق ولا يتقاطع مع قومية اهداف البعث والتي تعني بديهيا ان الابعاد القومية في أي بناء داخلي يجب ان تصب في خدمة هدف الوحدة العربية ولا تتعارض معه باي شكل من الاشكال ذلك لان التقوقع القطري في الاعمار والبناء مهما كان البناء جليلا وواسعا فانه يظل جزءا صغيرا من كل اوسع واعم واشمل ولا قيمة لهذا الجزء ان لم ياخذ اطاره العربي الاوسع وكذا الحال في تطبيقات البعث الاشتراكية التي هي ضرورة حاسمة في تجربة العراق القطرية غير ان النظرية البعثية وتطبيقاتها الميدانية يجب ان تجد حلا" ملائما للتنفيذ في قطر العراق مع ايجاد السبل الكفيلة باعطاء التجربة الاشتراكية هي الاخرى افقها القومي المطلوب.

 

ولكي نكثف الدلالات والمعاني في اطار المساحة المقبولة لاغراضنا هنا فاننا سنلخص الاجراءات القومية التي نفذتها قيادة البعث وعبقريها الخالد صدام حسين رحمه الله لتعطي للتجربة البعثية في العراق اطارها القومي:


1- انطلاق اول نظرية عمل بعثية في الميدان تصدى لها القائد الملهم صدام حسين وركزت من بين ما ركزت عليه ايجاد جسور الصلة الفكرية والتنفيذية بين ساحة القطر العراقي والساحة العربية الاوسع.


2- استقبال العمالة العربية في العراق الثائر واعتمادها في ميادين الصناعة والزراعة والبناء والانشاءات والتعليم والصحة وقد وصل عدد المصريين الى اكثر من خمسة ملايين والسودانيين الى اكثر من مليونين وهكذا بقية العرب من المغرب العربي ومشرقه.


3-  اعتماد صيغ مستقرة ودورية ضمن خطط التنمية العراقية تخصص فيها مبالغ للاستثمار في الاقطار العربية وخاصة ذات الامكانيات الاقتصادية المتواضعة. وقد نفذ ضمن هذا البرنامج مئات الانجازات في اليمن والسودان والصومال وموريتانيا وتونس والجزائر ومصر والاردن وتنوعت بين معونات مالية ودعم لوجستي في التسليح وامدادات تربوية وتعليمية ضخمة ومعونات صحية وغذائية كبيرة وانجاز مشاريع عمرانية مختلفة.


4-  فتح ابواب عمل قيادي في قنوات الدولة المختلفة بحيث كنّا نجد عربا من مختلف الجنسيات ضباطا كبارا في الجيش وفي مراكز قيادية في ألوية الجيش العراقي الباسل وخبراء في مؤسسات البحث العلمي والاكاديمي كالطاقة الذرية ومنشآت الصناعة والتصنيع والجامعات ومدراء عامين في مختلف دوائر الدولة فضلا عن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي و الكادر القيادي المرتبط بها.


5- فتح ابواب الدراسة في الجامعات العراقية للحصول على البكلوريوس والماجستير والدكتوراه للطلبة العرب من مختلف الجنسيات حيث تخرج الآلاف منهم في مختلف حقول العلم والمعرفة.


6- تنازل العراق عن المنطقة الحدودية الغنية بالنفط والفوسفات الى الشعب الاردني حيث قال الرئيس الخالد صدام حسين ( ليأخذوها .. هي حصة الاردن في ثروات العراق ) ,تنازلة ايضا عن قطعة ارض حدودية مع المملكة العربية السعودية.


7-  مشاركة العراق في معارك الامة ضد الكيان الصهيوني وعلى مختلف الجبهات السورية والمصرية وبمختلف صنوف القوات المسلحة العراقية. والدعم غير المحدود الذي قدمه العراق للقضية الفلسطينية في مختلف المحافل والدعم المادي والتسليحي للمقاومة الفلسطينية وللفدائيين وعوائلهم.


لقد كانت القوة العسكرية الضخمة والبناء الاقتصادي الرصين ومظاهر البناء والعمران والتنمية البشرية كلها موظفة لصالح الامة وتصب في قنوات صيرورتها. وقدم العراق اروع صور البطولة والتضحيات الجسيمة في قادسية صدام المجيدة التي تصدى فيها للعدوان الفارسي الطامح للتمدد على حساب العراق والخليج العربي. لقد كان العراق قلعة العروبة وقبلة احرارها وملاذ المظلومين والملاحقين من ابناءها والبقعة المحررة في ارض الامة التي منها انطلقت عشرات المبادرات القومية التي هدفت الى لم الشمل العربي وتوحيد الارادة السياسية في مواجهة التطبيع والاستسلام والخنوع للامبريالية والصهيونية وتوحيد اتجاهات التنمية في الامة وتكامل انشطتها الصناعية والزراعية والتجارية ومنح الاولويات لهذه الانشطة العربية العربية. وكلنا يتذكر ان العراق قد استورد الغذاء والدواء من مصر وسوريا والاردن وبقية اقطار الامة عندما اقر برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء ابان فترة الحصار الجائر المجرم، ورفض وهو تحت ذاك الظرف العسير ان يستورد من الغرب المجرم.

 

ان ما قلناه هو غيض من فيض فلقد كانت تجربة 35 عاما من البناء الوحدوي الاشتراكي التحرري ليس للعراق وحده بل لكل الامة وكانت اهم مسوغات استهداف التجربة البعثية واغتيالها هو تطبيقاتها الوحدوية على ساحة العراق العظيم.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢٤ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٢ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م