موقف العمائم من اتفاقية توزيع العراق غنائم

 

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس  / أكاديمي عراقي

 

نحن من الذين يرون ان العمامة ليست للسياسة بل لأعمال اخرى يعرفها اهل العراق عموما واهل المدن المقدسة كالنجف الاشرف وكربلاء وبغداد وسامراء بشكل خاص. احدى الصور التي التصقت بالعمامة بفعل تصرف من يرتدونها على مر العصور والازمنة ( وحاشى لعمامة رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء والصحابة وآل البيت ممن حباهم الله بخصال وشخصيات تقف على النقيض تماما من النماذج التي نتحدث عنها في هذا المقال )، انهم اناس يحترفون مهنة سلبية هي الارتزاق على النذور والعطايا التي يقدمها زوار العتبات المقدسة والتي يقومون هم بالتوسل الى الزوار لتسليمها لهم مباشرة بدلا من القاءها في الضريح المعني حيث تصبح ملكا لدائرة الاوقاف وتجمع وتوزع بطريقة معروفة في زمن الدولة العراقية الوطنية او تذهب الى من سيطروا على المراقد من عمائم المليشيات في مرحلة ما بعد الغزو. ويعرف الناس عن المعممين صورا اخرى منها الارتزاق على المنابر الحسينية التي كانت ولا زالت احدى محطات الثقافة التجهيلية التي عملت طبقة المعممين على نشرها وكأنها ركن من اركان الدين عند الشيعة البسطاء الاميين او انصاف المتعلمين ويتبارى هؤلاء على اقامتها لينفتح سوق العمل لطبقة المعممين التي تمارس هذا الدرب من دروب الارتزاق السهل والطفيلي والذي يهدف الى ترسيخ  التخلف وتوطين الموروث البليد والجاهل والدخيل على مجتمعنا العربي المسلم والذي يستخدم عادة لغة ركيكة ووقائع محرفة تسيء لأهل البيت سلام الله عليهم وتسيء للخلافة الراشدة وللسلف الصالح وامهات المؤمنين سلام من الله عليهم جميعا, بل وتثقيف الناس على كل ما هو شاذ ومنحرف ولا يمت الى الدين الحنيف بصلة. يعني انهم طبقة من الدجالين والمرائين والمدلسين. ويعرف الناس عنهم غير هذا جشع غرائزي للمال وللجنس بحيث ان العديد منهم مصابون بامراض انحراف مختلفة وان رد علي احد بكلمة واحدة غير مؤدبة فاني سانشر ما املكه من صور ماجنة وخليعة لآيات يدعون انهم ائمة عصرهم مع نساء وصبيان  ولا يمنعنا من نشرها سوى حياءنا وتمسكنا باخلاق الاسلام الحقيقي الحنيف.

 

المعممون ... رجال يستخدمون الدين والمذهبية طريقا لتحقيق اغراضهم الشخصية .. هذه حقيقة ساطعة يعرفها اهل العراق .. وهم يستثمرون روح التعاطف والمحبة التي يحملها الناس لآل البيت سلام الله عليهم لتحقيق غاياتهم تلك والتي ظلت تحوم في اطارها الفردي حتى بدأت سموم الحزبية الطائفية تأخذ طريقها الى المجتمع العراقي مصدرة من ايران في زمن الشاهنشاهية لتكون ذراع ايران في الداخل العراقي وتصاعدت بشكل لافت تاريخيا بعد وصول الخميني الى السلطة فانتقلت حينئذ لتشكل الاطار العام لمناهج عمل احزاب المعممين. والمؤكد ان كلا العصرين الشاهنشاهي والخميني الصفوي كانا يتاجران بقضية مظلومية اهل البيت لتشكل الجسر الاقوى والستار الثخين الذي يوصل ويحجب المناهج والاهداف الحقيقية للاحزاب الطائفية الايرانية كحزب الدعوة والمجلس ومنظمة العمل الاسلامي وحزب الله العراقي وحزب الفضيلة والتيار الصدري المتمثلة باقامة الامتداد الطبيعي والتوسع الافقي لدولة ولاية الفقية الايرانية في العراق. والمؤكد ايضا ان صورة المعمم او رجل الدين الاولى التي وصفناها هنا قد تداخلت بطريقة مقصودة لاغراض الاخفاء والتستر مع اتجاهات الفعل الطائفية الصفوية المتجددة وظلت ادوات التنافذ مع المجتمع هي ذات الادوات المتمثلة بالاميين والجهلة وذوي النوايا الحسنة من محبي آل البيت والمنتفعين من تأطير القضية الطائفية بكل انواعهم وصولا الى صور الانتفاع التي رأيناها في مرحلة ما بعد الاحتلال ومنها توزيع موارد الدولة ووزاراتها بطرق مبتكرة من طرق الفساد والتحايل على عناصر هذه الاحزاب التي جاءت محتمية ببسطال المارينز الامريكان مسجلة اسوأ عملية فساد مالي واداري عرفها تاريخ الدول والشعوب وهي تعبير اصيل عن الجشع والانانية والفساد المتأصلة في تركيب هذه الشريحة الطفيلية البليدة الكسولة المترهلة.

 

كيف يمكن لمثل هؤلاء البشر الذين لا يجمعهم جامع سوى كل ما هو فاجر واناني في الذات البشرية ان يدير دولة ويضع مصالح وطن وشعب لتتقدم على غاياته ومصالحه الذاتية وربما وفي ابعد تقدير مصالحه الحزبية المتخذة من المذهب حجابا ولا يجيدون ولا يعرفون أي شئ في علم السياسة وعلوم ادارة الدولة؟. أظن ان الاشكالية كبيرة وقد عبرت عن نفسها اصدق تعبير في تعاون هذه الطبقة واحزابها الخائنة العميلة مع اميركا لتسهيل غزو واحتلال العراق مقابل تمكينها من استلام مقاليد الحكم تحت الادارة الامريكية ومن ثم فشلها المخجل والمثير للشفقة في ادارة امر من شؤون الدولة. ان اهداف اميركا ومصالحها الاستراتيجية في العراق والمنطقة ليست خافية على احد وليست هي سرا في طي الكتمان. وعليه فان الاحزاب والقوى والاشخاص الذين وقعوا مبادئ العمل مع اميركا تمهيدا للغزو وتنفيذا له وفي مقدمتهم المعممين والاحزاب الممثلة لهم ولمناهجهم السياسية قد غادرت والى الابد خانة الوطنية وشرف الانتماء لها وشرف الاخلاص للاوطان التي تتمسك بها و تتغنى بها جميع شعوب العالم دونما استثناء حيث باعت العراق مقابل اغراض شخصية ومصالح لا تتجاوز مصالح المعممين واحزابهم الخائنة العميلة.

 

تأسيسا على الحقائق الواقعية والمنطقية اعلاه يصير توقيع عقد التحالف الابدي بين اميركا المحتلة الغاشمة وبين هذه الطبقة واحزابها مجرد محصلة حاصل وتطوير آخر وخطوة اخرى في طريق تنفيذ بنود عقد الشراكة الاصلي الذي بدأ مع بداية الدخول الامريكي المباشر في حلقات تنفيذ خطة اميركا والصهيونية والامبريالية لتقويض اركان الدولة العراقية البعثية العروبية القومية المسلمة. والسؤال الاكبر الآن هو ... هل يعي المعممين واحزابهم ما قاموا به كما يعيه تماما شركاءهم العملاء الاكراد؟ ام انهم لم يفكروا ابعد من ارنبات انوفهم ولم تخرجهم تجربة استلام الحكم تحت سيطرة الاحتلال للسنوات الست المنصرمة من اطار سياقات التشكيل والتكوين التاريخي لهذه الطبقة واحزابها والذي اشرنا لجوانب منها اعلاه؟

 

الاجابة على هذه التساؤلات بديهية ولا تحتاج الى عميق تفكير لان ما قاموا به من ممارسات الفساد والافساد على مستوى الدولة بعد ان كانوا يقومون بها في ابعد تقدير على مستويات تجمعاتهم في المراقد المقدسة والحوزات تدل على انهم قد سقطوا في متاهات الخيانة التاريخية لانهم يجهلون السباحة في بحار السياسة وكانت اندفاعاتهم الهوجاء والمستميتة لاستلام السلطة تحت ضغط سيدتهم وولية امرهم دولة الولي الفقيه ايران وسقوطهم في قبضة اميركا عملاء اجراء مستفيدة من عمى عيونهم وبصائرهم واستماتتهم من اجل الوصول الى السلطة ... ودليلنا على تهالكهم الذي اوقعهم في كل المحظورات ما يأتي:

 

1- ان قيامهم بالتعاون مع الاحتلال والغزو للعراق العربي المسلم قد اوقعهم في خانة الخيانة العظمى الازلية والتي سجلها عليهم تاريخ اميركا وايران قبل ان يسجلها تاريخ العراق وشعبه المذبوح. اي تاريخ اسيادهم الذين استخدموهم كأدوات رخيصة في تدمير العراق وذبح ابناءه بعد ان حققت اميركا وايران مرحلة الاحتلال حيث من المعروف ان السيد يسجل كل خطوات عبيده.

 

2- ان توقيعهم لاتفاقية توطين الاحتلال في العراق قد اسقطهم في خانة الجهل والغباء الاستراتيجي الذي لم يسجل له تاريخ السياسة مثيلا جمعيا كالذي سجله للطبقة المعممة واحزابها لان هذه الاتفاقية تجعلهم بين مطرقة الاحتلالات ومصالحها الاسترايجية وبين سندان المقاومة العراقية الوطنية الباسلة. يعني انهم قد فقدوا تماما أي قيمة اعتبارية او معنوية انية او مستقبلية .لقد فقدوا بوصلة العمل السياسي الذي تمتلكه كل الاحزاب في العالم الامر الذي يؤكد آنية وجودهم الحياتي وصاروا محض عصابات يوكل اليها القتل والتخريب قبل ان تلقى في مكبات القمامة.

 

3- ان دخولهم عملاء للاحتلالات وتوقيعهم اتفاق الخيانة قد قطع أي طريق للتواصل بينهم وبين قوى العالم الحرة وخاصة على مستوى الوطن العربي والاسلامي والمؤكد ان كل من يتعامل الآن معهم فانه مرغم غير مخير والمرغم لا يعول على العلاقة معه ولا يركن لها ابدا. بل نجزم انهم قد فقدوا أي تأهيل لاتصال مع القوى الاسلامية الاخرى كأحزاب ومع كل المذاهب الاسلامية الكريمة ان تجرئوا على تقديم انفسهم كمذهب.

 

4-  ان العالم الاسلامي كله ما عدا الاستثناء الوحيد المعروف وهو ايران قد وضع هؤلاء في خانة تجار ومستفيدين وقصيري نظر لا يجيدون حسابات ونتائج اللعب باوراق السياسة التكتيكي منها والاسترايجي لان تصرفهم بقضية وطن كامل تحت الاغراء والتخويف الامريكي والايراني هو الذي ساق موقفهم الشائن وادى فورا الى خسائر تاريخية جسيمة لهم قبل غيرهم ولكن جهلهم السياسي وبلادتهم قد حالت دون ان يبصروا أو يفكروا.

 

5-  ان المعممين واحزابهم قد قدّموا انفسهم الى العالم كله عبر توقيع الاتفاقية على انهم عصابة من الانتهازيين الذين لا يقيمون أي وزن للشرف والاعتبار الوطني والمستعدون للمساومة المستندة الى مصالح حزبية وشخصية ضيقة ولا نقول فئوية لان هؤلاء المخبولون لا يمثلون غير انفسهم واحزابهم التي هي الاخرى احزاب من غير ارصدة جماهيرية حقيقية, على حساب الوطن والوطنية, أي ان العالم كله يقيمهم على انهم محض عصابات من المقامرين والمجازفين والمغامرين. 

 

ان طفيلي العمامة واحزابهم وهم يسيرون في طريق تنفيذ اجندات الصهيونية والامبريالية الامريكية لتفتيت العراق تحت ولاية ايران واميركا الى كيانات فدرالية وكونفدرالية عرقية وطائفية انما يسقطون انفسهم في فخ الغباء والجهل والعبودية الازلية والتي لن تدوم ازلا طويلا لان العراق سيحرره ابناءه البررة الشجعان ولن يسمحوا تحت أي حال من الاحوال من تنفيذ مخططات الاحتلال البغيض فضلا عن ان قناعاتنا وقناعات العالم كله راسخة على ان الفعل البطولي المقاوم قد اجبر اميركا على اعلان خطة الانسحاب من خلال الاتفاقية هذه لضمان بياض الوجه وان خطة الانسحاب وفق تقديراتنا لن تمتد باكثر من المدة التي اقرها الرئيس المنتخب اوباما مع كارتل الحكم واللوبيات المتعاونة معه غير ان ابرامها كان يحمل اهدافا امريكية سبق وان تحدثنا عنها ومنها الضحك على هؤلاء الجهلة  .

 

ان انقسام العمائم واحزابهم وميليشياتهم الى ثلاث مواقف متباينة بين مؤيد ولا رأي له ورافض، ان هي الاّ جزء من عملية الاستحذاء التي وضعت فيها ايران عملاءها لكي توزع عليهم الادوار الخيانية والمسرحية غير انه قد يعني ايضا انهم يقرئون المشهد السياسي بطرق مختلفة غير انها كلها تقع في خانة ضمان البقاء في سدة السلطة العميلة كهدف يعلو على الشعب والوطن والدين .. وهنا مقتلهم الاستراتيجي وسقوطهم المدوي مهما موّهوا ومهما تحذلقوا ... ان رفضهم ممثلا بعمامة بيضاء لليعقوبي لعبة انتخابية انتهازية رخيصة لان حزبه ونوابه اعلنوا انهم مع الحكومة رغم انهم تغيّبوا عن مؤتمر الغربان لكي لا يسجل عليهم اعتراضهم .. والصدريون رفعوا السواد حزنا غير انهم اكدوا انهم يرفضون لفظيا مع بقاءهم مع الحكومة والبرلمان .. اما كبيرهم فقد ضيّعها على العالم فلا هو مع ولا هو ضد. كموقف معلن .. غير انا نعلم يقينا ان المالكي ما كان له ان يعبر ولي الفقيه في قراره ولا عبد الزنيم يفعل.

 

لقد خسر هؤلاء كل مستقبلهم السياسي وكل ما انجزوه انهم اثبتوا صحة ومصداقية وموضوعية نظرة وتقييم حزب البعث العربي الاشتراكي لهم من انهم ليسوا احزابا سياسية، بل جوقة مرتزقة وعملاء وخونة.

 

عاشت المقاومة العراقية البطلة

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٠٥ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٣ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م