العراصنة

 

 

شبكة المنصور

جاسم الرصيف / كاتب عراقي مقيم في أمريكا

 

... ولا خطأ في (العراصنة)، لأنني نحتّها من مفردتي: عرب وقراصنة،، لمناسبة حربهم العالمية الأولى ضد قراصنة العالم الكبار في عالمنا المقرصن من قطبه الشمالي الى قطبه الجنوبي على أيادي الدول المزدوجة المعايير التي قرصنت لنفسها تسمية الدول (دائمة العضوية) في مجلس (الأمن!؟) الدولي، حيث قرصنت لنفسها فقط (حقّين) من أخطر الحقوق الدولية التي سوّغت كل مآسي الإنسانية في تأريخها الحديث مذ تأسست الأمم المتحدة وحتى اليوم، وهما: (حق) الفيتو، و(حق) السيطرة على (قناص) البند الحربي السابع .


حيثما تشاء، ومتى شاءت، تقرصن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ما تشاء، عنوة أو بالترغيب، وقد غاب (حق) الاستعباد هذا عن منظري العبودية الذي تنشره الأمم المتحدة عبر مجلس (أمنها) في العصر الحديث. لا أحد، دولة او فردا او شعبا، يستطيع مقاومة (حق) الآلهة الخمسة التي تتحكم بالعالم وفق مصالحها علنا ومن دون لف ولا دوران، وقدّمت دول القرصنة الدولية الكبرى للإنسانية بحارا من الدماء الإنسانية البريئة في آسيا وافريقيا، مرورا بالشرق الأوسط، في الدول التي استعمرتها، من دون ان تعتذر للشعوب التي ألحقت بها كل هذه الدمارات البشرية المخزية التي وثقها التاريخ الإنساني للدول الخمس الكبرى صاحبة (الحق) في القرصنة الدولية .


ولو نظرنا الى خريطة (الفيتوات) التي استخدمت ضد شعوب آسيا وافريقيا والشرق الأوسط لوجدناها اضعافا مضاعفة عمّا استخدم ضدّ ما يسمى العالم (المتحضر) الخاضع لأمريكا وبريطانيا وفرنسا، اذا ما اعتبرنا الصين وروسيا من خارج هذا العالم، الذي (يحق) له ما لا يحق لغيره من حقوق بشرية. ونصيب عالمنا العربي من الفيتوات المانعة لأبسط حقوقه الإنسانية، حق الدفاع عن أرضه ضد الاحتلالات الأجنبية، هي الحصة الكبرى والأكثر حقارة (أممية) في التأريخ المعاصر من القرصنة الأمريكية والبريطانية والفرنسية، والموضوع هذا بحدّ ذاته يطول الى كتب في تحليل أسباب المعايير المزدوجة للقراصنة الكبار في عالم اليوم .
 

حسنا ! .


عراصنة الصومال هم حصيلة الجوع والقهر في عالم الغنى والرفاهية الذي تقوده عواصم القرصنة الدولية الكبرى، بالتعاون مع قراصنتها في عواصم الدول الأصغر المحلّقة في ريحها. ويوم احتلّت أمريكا الصومال لم تستخدم الدول الكبرى (حقّها) في الفيتو ضد هذه القرصنة، ولم يقم مجلس (الأمن) الدولي باستخدام حقه الحربي في البند السابع لحماية فلسطين والصومال والعراق من قرصنة سافرة أسفرت عن قراصنة محليين يراهم المرء يسرقون كل ما تطوله أيديهم من ثروات ثلاث دول عربية في آن، وفي أوضح أعمال القرصنة المعاصرة، هذا اذا تناسينا عدد الفيتوات الأمريكية ضد اي قرار يمنح الفلسطينيين حقهم الطبيعي وحقهم الشرعي في استعادة بلادهم المحتلة .


بزوارق، أراهن أنها ليست (حديثة)، وأسلحة لا تقع في خانة (متطورة) أقلق عراصنة الصومال كل دول العالم. بضع بنادق وقاذفات محمولة على الكتف وزوارق شبه بدائية غيّرت موازين الأمان من بحر (العرب)، الذي كان للعرب، الى مدخل البحر الأحمر، الذي احمر خجلا من تبعيته للقرصنة الدولية الكبرى العاجزة عن حمايته وحتى قناة السويس، لا بل أعلنت المضبعة الخضراء في بغداد أنها قلقة هي الأخرى من احتمال ان تمتد العرصنة الى مضيق (هرمز) فتقطع رزقها .


الجميع مرعوب من هذه العرصنة خوفا على أموالهم، المارّة من هناك نحو مصارف دول القرصنة الدولية الكبرى، من دون أن يفكر أحد من المرعوبين في أسباب هذه العرصنة التي انتشرت كنتيجة طبيعية للجوع وفقدان الأمان من جرّاء القرصنة الأساسية التي شرعنتها دول القرصنة الدولية الكبرى على شكل حروب احتلال مباشر أو حروب بالنيابة كما يحصل الآن في الصومال المحتلة من قبل اثيوبيا بتكليف أمريكي، مع سكوت عربي مخز، عن مآسي (أولاد العم) الذين يتضوّرون جوعا في عالم الثراء العربي والأجنبي الفاحش، فما الذي ينتظره العالم من جياع؟! .


أعاد القراصنة الدوليون فلسطين والعراق والصومال الى (العصر الحجري) لأنهم يمتلكون (حق الفيتو) و(حق) استخدام البند الحربي السابع لمجلس الأمن الدولي، فما عاد من بدّ لعرب هذه الدول غير استعمال البند الأوّل من قانون الإنسانية: ردّ الصاع بصاعين وأكثر، ووضع العرصنة حقا إنسانيا مقابلا وندّا حربيا للقرصنة الدولية التي أسست لها دول ذات معايير مزدوجة لا ترحم أحدا مادام خارجا عن عرقها الجيني، أو خارجا عن الأجندات التي تديم عجلات قرصنتها الدولية من قطب عالمنا الشمالي حتى قطبه الجنوبي .


يا عراصنة الصومال !


عرصنوهم، سيفهمون انكم أيتام في مأدبة لئام ! .

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ١٣ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١١ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م