هكذا يجب أن تكون المواجهة ..!

 

 

شبكة المنصور

د. فيصل الفهد

 

أدركت حكومة الاحتلال الصهيوني ومن خلفها إدارة بوش أن الأمن الإسرائيلي لا يتحقق إلا من خلال تهشيم الإرادة الفلسطينية عبر تحويل الصراع من فلسطيني إسرائيلي إلى فلسطيني فلسطيني، بعدما تم تجميد الصراع العربي الإسرائيلي، وهذا ما طفا على السطح وشكل الخلاف بين القيادات الفلسطينية حول آليات العمل الأمني وحجم الصلاحيات وتسلم السلطة ، وغيرها من المسائل التي أسهمت في إذكاء الخلافات ثم أخذت أبعادها الأكثر خطورة عبر الموقف من حركات المقاومة وبالذات حماس والجهاد الإسلامي واللتين أصبحتا الآن هدفاً ليس فقط للصهاينة بل للأمريكيين الذين بدؤوا يعلنون صراحة معاداتهم لهذه الحركات، عدا تأليب السلطة الفلسطينية لتجريد أسلحة المقاومة وهذا ما تسبب بحرب أهلية داخل البيت الفلسطيني وهذه أهم الأهداف التي سعت لها حكومة أولمرت وإدارة بوش والتي كانت بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير الفلسطيني.
 
إن هذه الإشكالية لم تغيب عن دائرة الضوء بالنسبة للأطراف الفلسطينية التي تدرك أن المأساة الحقيقية في واقعنا العربي هي غياب تصور عربي رسمي واضح ومحدد،حيث جعلوا كل قطر عربي يعيش في أتون مشاكله وهمومه الداخلية الأمر الذي يجد فيه أغلب الحكام العرب مبرراً وسبباً أساسياً لابتعادهم عن القيام بما يفترض أن يقوموا به إزاء أشقائهم في العراق وفلسطين، وهذا ما جعل أبناء هذين القطرين يعانون الأمرين ليس من جراء ما تقوم به سلطات الاحتلال الأمريكي والصهيوني من قمع وقتل وتخريب بل بسبب تنكر أبناء جلدتهم لهم ومساهمة بعضهم في تنفيذ المؤامرات عليهم.
 
إن الوضع العربي جد خطير ولابد من تضافر جهود عربية رسمية وشعبية كبيرة وفاعلة ليس في إيقاف التداعي في الجسد العربي بل ومواجهة التحديات وتجاوزها وفي مقدمة ذلك تقديم كل أسباب العون لأبناء الشعب العراقي والفلسطيني في نضالهم المقدس ضد احتلال بلديهما وهنا لابد من قيام الأحزاب والهيئات العربية بما يجب أن تقوم به من أدوار يمكن أن تشكل عوامل وجهوداً مضافة تدعم الجهود الرسمية العربية إن كانت هناك جهود؟!.
 
إن نظرة تقويمية يمكن أن تعطي انطباعاً بأن الشعب العربي قد أصابه الإحباط إلى درجة أنه غاب تماماً عن الساحة وكأن الجماهير العربية التي كانت تخرج وتزلزل الأرض تحت الأقدام لم تعد تملك الدافع والحافز للتعبير عن إرادتها وأمانيها التي استلبت منها بفعل تلاقح السياسة العدوانية للغرب الأمريكي مع تقاعس الأنظمة العربية.
لقد أصبح واضحاً تناغم الأحداث التي ترمي في النهاية إلى إجهاض كل المساعي التي علق فيها الساعون إلى السلام مع إسرائيل آمالهم وكلما حاولت   القوى الفلسطينية تجاوز عقبة الخلافات (مؤقتاً)  فجرت حكومة العدو الصهيوني قنبلة جديدة ضد القوى الوطنية الفلسطينية، وهذا ما جعل جهود الجميع تتجه إلى محاولة ثني الصهاينة عن الاستمرار في جرائمهم التي جعلت أطرافاً عربية تحاول أن ترمي الكرة على مجلس الأمن  أن هذا المجلس لم ولن يكون سوى أداة أمريكية محسومة الولاء والتصرف لصالح إسرائيل وهذا ما دفع هذه الأطراف وغيرها إلى أن يجربوا حظهم هنا وهناك إلا أن الاستجابة جاءت مشوهة بعدما تدخل الأوروبيون وجعلوها بلا رائحة ولا طعم ومع ذلك فإن الإسرائيليين مازالوا يستخفون بكل هذا الجهد. إن السياسة التي يتبعها أبو مازن لن يقدر لها أن تنجز ما تخطط له من مهام وتؤديه من وظائف حتى وإن حظيت بمباركة  بعض الأطراف المعروفة بعدائها للفلسطينيين فالحكومة الإسرائيلية التي تريد أن تنهي شرعية الوجود الفلسطيني  والانتفاضة والمقاومة، ستضع كل العراقيل وتخلق الأزمات لأية جهود فلسطينيه لإجهاضها أو دفع  المواجهة لان تكون بين المنظمات الفلسطينية.
 
والغريب في الأمر أن كل هذا يحدث وإسرائيل تستمر بعدوانها على الشعب الفلسطيني وتمنع عنهم ابسط الحاجات الانسانيه في حين أن ما يسمى بخارطة الطريق أصبحت في خبر كان سيما وأن أصحابها قد نفضوا أيديهم منها لأنهم بالأساس ليسوا جديين في لعب دور عادل متوازن بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وهم الذين تعودوا أن يتعاملوا بتحيز فاضح لصالح إسرائيل.
 
لقد أصبح لزاماً على الجانب الفلسطيني سواء كانت السلطة أم حماس والجهاد الإسلامي أم الشعب أن يتجاوزا الكثير من الأسلاك الشائكة التي زرعها الصهاينة ويقووا عضدهم ووحدتهم لمواجهة المؤامرات وأن لا ينسوا أن الواقع العربي والدولي سيدفعهم للاعتماد على أنفسهم أولاً وأخيراً.


 كما حصل بالنسبة للشعب العراقي ومقاومته الباسلة التي اعتمدت على الله وعلى إرادة العراقيين الشرفاء بعيداً عن الأنظمة العربية والمجتمع الدولي كل هذا بفضل إصرار الشعب العراقي وقواه الوطنية ألمجاهده وثبات وقدرة القيادات الميدانية إلى تحويل ذلك إلى آليات عمل استطاعت أن تجهض المخطط العدواني الأمريكي البريطاني وأن تدق الإسفين به في خطوة متقدمة لتحقيق النصر المؤزر القريب إن شاء الله....فالخير كل الخير بالشعب العربي ولتكن صورة البطل منتظر الزيدي نموذج للشجاعه المعهوده للمواطن العربي الذي  يرفض الذل والهوان والاحتلال بكل أشكاله وصوره أمريكيا كان ام صهيونيا ام غيره.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٢١ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٩ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م