قيّم  الركّاع  بوش  ؛  من ديرة   ' عفج ' الزيدي

 

 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

 

العراقي  يتعرّى  ويسير  حافي  القدمين  ويتجرّد  من أي  متاع من أمتعة الدنيا  ولا ترتجف إرادته  ببيع  أرضه  أو عرضه  أو  ماله  ولا  يقبل  بأن  تهان  كرامته  أو  يمتطى  عليها   شذاذ  الآفاق  واللصوص  وفاقدوا  الأصل  والنسب وكل  من  هب  ودب , فالعراقي  مستعد  لأن  ينزع  حذاءه ويمشي حافياً  ولا  أن  ينحرف أو يمد  يده  أو  يبيع  ضميره  ,  فالعراقي  الأصيل  ابن  عشائر  هذه  التربة  الطاهرة سبق  وأن  تعرض لأنواع  الضيم  والتسلط  والقهر ولكنه   لم  ينحني  لها  أو تنثنى  لها  قامته  إلاّ  لخالقها  , ومدينة  "عفج"   الخالدة   بعمق  التاريخ  الإنساني الحضاري  تبقى علامة متميزة  لمزاج  الشعب العراقي  الحاد والطيّب  شديد الطيبة  في  نفس   الوقت  عندما  عبّرت هذه المدينة التاريخية البسيطة  عن  ولع العراقيين بضرب  الخونة  والمتجاسرين  على حياتهم  والمتطفلين  عليها  بالأحذية  التي  يلبسونها  حتى ولو تحفى الشعب العراقي  بأكمله  فذلك  عنده  لا يهم  , المهم  انه  عبّر  بقدميه الحافيتان  عن  رفضه   المطلق  لأن ينتعل  أو يلبس  حذاءً في قدميه  بينما  تعتلج  في قلبه الحسرات أن يرى  بعينيه  أفاك  متطاول  يضمر الشر لأرضه  ولأهله  من  دون  أن  ينتزع  حذائه  ويرميه  به   ويرميه  بكل  ما تطاله  يده  من أحذية   يستشعر العراقي  حضورها  الفاعل  في معناها  المهين  لعدوّه  والتي  تحمل  أقصى  درجات الاستخفاف  بلغة  يقول  له  فيها (  أنت  وما   أوتيت  من قوّة  وسلطة  ومال  تحت  قدميّ الحافيتين هاتين  إلاّ من الطهر الذي  يضيء تعفـّرهما  بعبق  طيب تراب أرضي ) ...

 

لذلك  فقد  ترك  الركّاع  بوش  "عفك"  منذ هذه اللحظة  , منذ   أن  تحفـّى  له  اللواء  البطل  ابن العراق  ابن  "عفك"  الأصيل  الزيدي  ... اللواء  الزيدي  أثبت  لبوش  أن   المالكي  وبقية  من  سلّمهم  مقاليد  الحكم  وسلمهم  رقاب العراقيين  ومقاليد  أمورهم   هؤلاء  ليسوا  بعراقيين ,  إنما  هم   مجموعة  "ركّاعون"   لصوص  أتوا من دولة الجار القذرة  في غفلة من الزمن  مستغلين  طيبة العراقي الحقيقي  ونخوته  وكرمه الزائد  عن  حده  فخانوه  على الدوام مع  كل  فرصة  تسنح  لهم  لأن طباعهم   بنيت  على  الانحدار  والوضاعة  والسفالة والغدر إلى ما  تحت   أقدامهم , لذلك وجد العراقي  في الحذاء كسلاح  شافي  يضرب  به   رؤوس هؤلاء لعلمه  بخوائها  بعد  أن  نزلت أدمغتهم  إلى تحت  أرجلهم ,  فجاء  تعبير  اللواء الزيدي  ليقول  لبوش  (  إنما العراقي الحقيقي هو الذي  يضربك   على رأسك  بالحذاء إن  لم  يتوفر  لديه  سلاح  آخر لأنه  ابن  أرضه  نبت  منها  وعاش  على ترابها  ودافع  عنها  واستشهد  في  سبيلها  فهذا  هو العراقي  الذي  لم  ولن  تدنس  يده  حبر  اتفاقية  خيانية  يبيع  بواسطتها العراق , فالعراق  ليس  للبيع  ,  إنما الذي  يبيع  فهو  من  لا  يملك  أن  يبيع , والدليل خذ  هذا التوقيع على اتفاقيّتك  منّي  إليك ؛ خذ يا  كلب خذ ...

 

ولا  يهمني بعدها  أن  أتحفى  فذلك  "دين"  أجدادي حفاة القدمين مملوؤوا الرأس بأسس وينابيع  حضارات يقتات  منها العالم دوماً  وأبداً  بأجمعه ويبني  على قواعدها ما  وصل  وسيصل  إليه من علوم ومن أخلاق ومن شرائع ومن رقيّ !)

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ١٨ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٦ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م