الولايات المتحدة الأميركية  بين  تاريخين  ؛ تاريخ ما قبل  الحذاء  وتاريخ ما بعد الحذاء ,  والهالكي  حامي ' هدف '  وكشوان  سيء  فشل في  إبعاد الأحذية عن  رأس سيّده

 

 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

 

صور  فريدة  ونادرة  ستتمتع  بنشرها  وسائل  الإعلام العالميّة وستتفنن  بطرق  عرضها  سنين وربما  حقب  طويلة  وخاصة  في  المناسبات  السياسية الكثيرة  التي سيستقبلها  مكتب  الرئيس  في البيت البيضاوي  وستكون  مادّة  هذه الصور  القندريّة  بأن  ذكراها   سوف  لن  تغيب  عن رأس أيّ  رئيس أميركي  مقبل  ,  بعدما  شهدت  أرض بغداد قلعة الأسودِ  بغداد الرشيدِ  أوّل إهانة  بهذا المستوى الثقيل   تلقاها  رئيس أكبر  دولة مسلـّحة على وجه الأرض  وبما  لم يشهد له  التاريخ  الأميركي  مثيلاً فاقت  كل  التوقعات  وكأن الزمن  قاد  قدمي  بوش  نحو هاوية  المهانة  هذه  لتوصم   بالعار  جبهة  أكبر  قوّة  طاغوتية  عرفها الجنس  البشري  ولتبقى  إلى الأبد  علامة على أول  انهيار  فعلي  لأعتى إمبراطورية  عرفها التأريخ ...


فترة حكم  بوش الإبن  للولايات المتحدة  الأميركية المجرمة   تعتبر  وبكل  المقاييس  من  أغرب  الفترات  التي  شهدها  التاريخ الأميركي    بحلوها  وبمرّها منذ تأسيسها ولغاية  الآن , بل وتعتبر  من  أشدّ  الفترات حراجة وقتامةً وتعاسةً مرّت  بها الولايات المتحدة  الأميركية   خاصة  بعد  تتويجها  لمآسيها  بإقحامها  اختياريّاً لجيوشها صريعة  بين  أنياب  قوّة المقاومة العراقية العظيمة ومستنقعها النهم ...


شجاعة  ما  أقدم  عليه  ابن العراق البار المقاوم  ألزيدي من  فعل  بطولي   يعادل  فعل  لواء  متجحفل  بكافة  صنوفه  وأفواجه  وفصائله  وسراياه وآليّاته ,  فمئات الملايين  في جميع أنحاء العالم شهدت تصويبته  التاريخية  الدقيقة التي فاجأ بها  بوش  وعبيده  أثناء ما كان هؤلاء العبيد  يبيعون العراق تحت  مسمّى الاتفاقية الأمنية  لهذا المجرم  الكذاب الأرعن  قاتل  نساء وأطفال وشيوخ  الشعب العراقي  ومدمّر  نهضته وكمكافئة منهم إليه  وعربون  محبّة  لإجرامه  ودمويّته !..


مع  مرور الزمن ومع  توالي الشهور والسنين , وبعد  دخول  عصر  الاستبداد  الأميركي  مرحلة اضمحلاله  وأفوله  بعد  أن  مرّغت المقاومة العراقية  جبروت أميركا بوحل  العار  والهزيمة  وبعد  الصولة  الزيديّة المباركة العزوم  التي أطاحت بآخر  أعمدة  الأنفة والكبرياء الأميركيين , سيلوح  في أفق  كشف  المكنون , أسرار وخفايا عن ما جرى ويجري خلف  كواليس البيت  الأبيض  الأميركي زمن هذا  الرئيس  الكذاب  الأرعن  وزمن  حكم  أبيه الغبيّ الجاهل  ما  لم  تنشره من قبل وسائل الإعلام  المسيطر عليها صهيونيّاً , لأسباب  عدّة ,  يقف على رأسها قوانين تحديد الحريّات الإعلاميّة التي أصدرها هذا الرئيس  الدجال في هذه  المرحلة  أو الحقبة  أو الفترة  التي غاصت  في  مخاضها  الدموي أسوأ  إدارة  سياسية  حلت  بالبيت الأبيض  منذ تأسيس  الولايات المتحدة  ولغاية اليوم  شكّلت  في  حقيقتها  انعطافاً  حادّاً  في  عموم  مسار التاريخ  الأميركي , وقد  لمس  ذلك الشعب الأميركي  بكافة  مشاربه , وما انتخابه  لأوباما  الأسود  إلا  تعبير  عن  فداحة  ما  يعانيه هذا الشعب  من  انكسارات  في أفقه الاجتماعي  ومن  مشاعر قلق  عنيف على مستقبل أصبح يلفه  المجهول فبات  مشوّشاً أكثر  من  ذي  قبل  مما  دفعهم  لأن يستسلموا  لعواقب  الزمن  بانتظار  رصاصة الرحمة التي  لابد  وسيطلقها كائن  من  يكون  على  عذابات انتظارهم  القاتل بعد سراب أحلامهم الورديّة التي  نثرها فوق  رؤوسهم بوش وإدارته  المجرمة  حين  وعدوهم بمستقبل  حالم  مترف وجديد !  وبعدما  وضع بوش  يديه القذرتين  على ممتلكات  أغنى  بلد  في هذا الكون  , فكانت النتيجة  ما  كانت  أن الشعب الأميركي  بات  على  يقين  من  أن  حكم  القدر   فوق  حكم البشر وأن ثروات العراق وشعبه  سر  من أسرار الوجود  لا يملك  أيّ لص  مغامر  من  التقرب  منه  إلاّ  ونال  حتفه  ...


أميركا بإدارتها  العنصريّة الغارقة في  الزيف , شكّل    لها  حذاء  الزيدي  بمثابة  رصاصة الرحمة التي  وكأنها  كانت تنتظرها شعوب أميركا منذ  مدة  طويلة  لتصحوا قسراً  وجبراً من  حلمها  على  صدمة الواقع الحقيقي  المتمثل  بالانحدار  الأخلاقي  المهين  الذي  أوصلها  إليه  عاملان ؛  عامل  القوّة  المفخمة التي  داعبت  خيالات  ساستها  عندما  وجدوا أنفسهم  وكأن مفاتيح قرارات العالم وثرواته باتت "تحت أقدامهم" وما عليهم  سوى  البصق  على جميع  ميراث  القيم الإنسانية  التي  كافح  الجنس  البشري طيلة  وجوده  وجاهد على ترسيخها كمسلمات وكأعراف  متفق  عليها  بحكم  تجارب التاريخ , فكان  أن  أصبحت  هذه القوّة الغاشمة التي  توعّدت العالم وشعوبه  هي  نفسها بحاجة  لمن  يحميها  بعشرات التريولونات من الدولارات    بعد  أن  غاصت تلك القوّة  وغرقت  في أعماق  مستنقع  عميق  قد  أعده  لهم  قادة العراق  الشرعيّون  إعداداً  تأريخيّاً  أمثلا  بسواعد  قادة عراقيّون مقاومون أولوا بأس  شديد  أصبحوا  قدوة  ومضرب للأمثال في العالم  أجمع ..


أما العامل  الآخر الذي أوصل إدارة الشر والفجور إلى ما  وصلت  إليه من  وضع  مزري يتندر  به الجميع , هذا العامل  هو   "رئيسها"  الذي   أصبح مثالاً للنكسة الأخلاقيّة  وللعبثيّة   المطلقة  وللسفاهة  القياديّة  ولِلّلا أباليّة  بكامل  رعونتها  وصفاقتها , وقد  بات  الشعب  الأميركي  ينام  ويصحوا على هذا  البلاء  المتمثل  بهذا  النموذج من الرؤساء  والذي  سقط  على رؤوسهم  كالكِسف المكسوف  فأخذ   يقود  بلادهم  شعباً  وثروات وقوّة , من سيء  إلى أسوأ ومن  نكسة  إلى  نكسة  فلم  يجد  نفسه  هذا الشعب  ألاّ  ومنقاداً  لهذا الرئيس الغريب  عن  كل  شيء  له  صلة   بمحيطه  الخارجي انقياداً لا فكاك منه إلاّ  برميه  في ثقب الذاكرة الأسود ! , حتى أصبح  التفريط  بجميع  مقدرات شعوب  الولايات المتحدة  الأميركية   التي  حصلت  عليها  عبر قرون  طويلة  من  الجهد  والعذابات  وحروب  مستمرة  ضد  شعوب العالم  لها  أول  وليس  لها  آخر  ,  ليجد  الشعب الأميركي نفسه  أخيرا  يغرق  وسط   أمواج  متلاطمة من  أكداس  الدولارات  التي  لا تملك  أي  رصيد  يسندها سوى ثمن  ورقه وألوان  طباعته ! ليصحوا  هذا الشعب أخيراً وهو يرى  بعينيه  ,  ولأول  مرّة  وسط  ذهول  مطبق  ,  يرى  رئيسه  تنهمر  عليه  أحذية  وشتائم  في  بلد  من المفترض  أنه  يخضع  بالكامل   لأميركا  بعد  ذلك العناء من النزيف  المالي  والبشري القاسي  طيلة  أكثر  من  نصف  عقد  من السنين  دفعها تضحيات  وضرائب  من عرقه  ودمائه ..


الآن  أدركت  الولايات المتحدة الأميركيّة  أن ما حصل أمامها  اليوم  وشهده العالم  هي  رصاصة الرحمة  "المنتظرة" التي  فجّرها البطل  "اللواء" الزيدي  وكمفترق  طرق  بين أميركا  وأميركا , أميركا  قبل  الحذاء  وأميركا  بعد الحذاء  فمن  المؤكد   بعد  هول ما  حدث أن الشعب الأميركي   ودون أدنى  تردّد ,  هو  وساسته ,  باتو على قناعة  تامة  اليوم ,  وبعد  الصفعة الزيدية البطوليّة الفذّة  التي  نادرا  ما  يجود  الزمن  بمثل  فعلها  , أن  من  أتى  بهم ساسة  بلادهم  لحكم العراق  ليسوأ  سوى مجموعة كذابين متخصصين  في زرع المتفجرات في الأسواق  والجامعات  وبين التحشدات العامة  وتسميم  أحواض  مياه الشرب ,  ولا  يحسنون صنعة  سوى صنعة  صناعة المسيرات  والتحشدات  العزائية الكاذبة  وانتظار  مواسم  الطبخ  والنفخ  وقراءة الأدعية  وعمل التمائم  والتعاويذ  أو الجلوس  على  عتبات الأضرحة  لجمع  أحذية الزوّار ! ,  حتى  هذه  لم  يفلح  بها  صنيعة  بوش  المالكي  رغم أنها  من  صلب  إحدى اختصاصاته المهمة  التي  يحسنها  جيداً  وله  بها  رسالة !  إلاّ  أن  طريقته  في التصدّي  لحذائي  البطل الزيدي  وهما  ينطلقان  بالتعاقب  السريع  نحو رأس  سيّده  بوش الكذاب  الأرعن  أظهرته  وكأنه  حارس مرمى فريق  ناشئ  تنقصه  اللياقة البدنيّة  بحكم  تعوّد  يديه  على ممارسات  أخرى  غير الدفاع  عن النفس  وعن الجار !  فبدا  وكأنه  يذود  عن رأس  سيّده  يهش  بإحدى  يديه عنه  مخافة  أن  يفقد  الذاكرة  في  حالة  أصاب  أحد  الحذائين  رأسه وعندها  سيظن  به  بوش مجرّد  حذاء  من شحم  ولحم  يتكلم  ويوقـّع  ولكن  ليس  كتوقيع حذاء  الزيدي الذي  نسف  ذاكرة  كل  شيء !   ...

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ١٨ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٦ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م