الفواحش الكيمياوية الأمريكية في سياق الحرب النفسية

 

 

شبكة المنصور

أ.د. عبد الكاظم العبودي / جامعة وهران

 

"الاعلام الامريكي" المستعرب يعيد شن الحرب النفسية على المقاومين
[ عن حقيقة قنابل كيمياوية تحول جنود الخصم الى مجموعة من الشواذ جنسيا]

 

من جملة أساليب الحرب النفسية، تسرب الادارة الامريكية بين فترة وأخرى أخبارا عن طريق بعض المواقع الالكترونية والفضائيات العربية بغية اقناعنا اننا امة عربية غبية باعلامها وعلمائها. والغريب ان هذه الاخبار تروج وتحاول تأكيد مصداقية لها في الشارع العربي، وتطرح ظاهريا كما لو جاءت عفوية ومتسربة من بعض مصادرها بأسلوب يوحي بالبلادة لمروجيها ، وكأن البنتاغون يريد أن يحذر أعداءه قبل أن يقدم على استعمال هذا السلاح الكيمياوي الجديد ضدهم. ان النصوص ما بين الاقواس ننقلها كما كتبها أصحاب التسريبات فلابد من قراءتها قراءة متفحصة وحذرة وواعية. كما نجدها في ثنايا تسريبات الاعلام العربي في كثير من المواقع كالتالي وبصيغة اليقين من عدم اليقين :


[كشفت مصادر أمريكية أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تبحث فكرة إنشاء قنبلة كيماوية غير قاتلة، لكنها ستقوم بتحويل جنود العدو إلى مجموعة من الشواذ جنسيا]. نشر هذا الخبر على موقع العربية نت منذ فترة بعيدة بتاريخ 15/2/2005 ، ويعاد توزيعه دوريا، بين فترة واخرى وبأساليب وصيغ عدة . بطبيعة الحال فان صدى التسريب الاعلامي الامريكي المقصود يجد ضالته بتكرار نشره من خلال عدد من المنابر الاعلامية العربية كالصحف وارساليات البريدالالكتروني وغيرها وخصوصا الى أفراد وجماعات بعينها .


ولأن قضية الشذوذ الجنسي باتت قضية مستهجنة ومنكرة، وتمس بالمقدسات وقيم الشخصية العربية والاسلامية، فإن القصد من الترهيب بها كانت مدروسة أمريكيا في إطار الحرب النفسية. وهكذا نقرأ مثل هذا الخبر ونتابع طرق ووسائط تسريبه لكي يتضخم ككرة الثلج لكي ينقله الاعلام العربي ويردده لكي يصل الى هدفه البعيد المستهدف ، وهو الخصم المطلوب أمريكيا الممثل بقوى المقاومة والممانعة التي تواجه القوات الامريكية في هذه الجبهة أو تلك.


لنعيد قراءة الخبر بصيغة أخرى وبلغة العارف المطلع، كما روجت له أيضا مواقع الكترونية عربية اخرى ومنها صحيفة مثل الشرق الاوسط وموقع العربية نت:


[ ...نقلت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن وثائق سرية في البنتاغون كشفت أن القنبلة الكيماوية يمكنها جعل نشر الشذوذ بين جنود العدو كانتشار النار في الهشيم؛ بحيث تجعلهم لا يقاومون الميل الجنسي إلى بعضهم البعض].
هذه التسريبات جاءت مباشرة بعد فضائح كشف حالات واسعة من التحرش الجنسي بين أفراد القوات الامريكية رجالا ونساء، وما سجل من حالات الاعتداءات الجنسية التي مارسها حراس السجون الامريكية والضباط المحققون من قوات المارينز على السجناء في معتقل ابي غريب وبوكا وتكرر الحادث في عدد من السجون الاسرائيلية أيضا. ولا يهم الامريكيون مصدر التسريب لاكتشاف أسلحتهم الجديدة، حتى وان اتهمت بعض قطاعاتهم العسكرية بالخنوثة او الميوعة او الميل لاكتساب العلاقات المثلية بين الافراد والشواذ. وتعتبر الحالات وكأنها نتائج ذات صلة بالخبر، والتعامل معها كمعاملة الانحرافات الجنسية في صفوف القوات الاحتلالية ويتم الكشف عنها ببعض الارقام المحتشمة او المحدودة وفي قطاعات معينة دون غيرها، كما لو كانت عبارة عن اصابات عرضية ناتجة عن خطأ في التصويب او التجريب أو التعرض والاستهداف غير المقصود للبعض لمثل هذه الاسلحة الكيمياوية وتأثيراتها.


وكما تعترف بيانات القوات الامريكية في كثير من الاحيان بعدد من الاصابات القاتلة التي تتعرض لها قواتها في ميدان المعارك عند الاشتباك مع رجال المقاومة العراقية، لكنها توعزها غالبا الى ما يصرح به الناطق العسكري الامريكي بـأنها "إصابات ناجمة عن نيران صديقة" او "خطأ تقني للسلاح " او"إصابات لحوادث مرور وبسبب تعرض الافراد للاخطار والموت عندما يكلفون بمهمات غير قتالية"،... الخ وإنها وعلى نفس هذا المنوال يمكنها ان تتكتم على واقع وظاهرة إنتشارالانحرافات الجنسية بين افراد القوات الامريكية، تلك الناتجة عن ظروف تواجد هذه القوات لفترات طويلة خارج بلدانها، وفي المعسكرات المكتظة بالجنود اليائسين من جدوى البقاء خارج اوطانهم، ولجوء أفرادها الى الادمان على المخدرات او تعاطي الانحرافات الجنسية فان مبرر وجود واشاعة استخدام اسلحة كيمياوية تسبب استثارات جنسية بين الجنود أضحى هدفا يحقق للقيادة الامريكية هدفها بامكانية التمويه عن واقع تلك الانحرافات وما يرتبط بها من انحطاط الروح المعنوية والقتالية وتبرير وجود مثل هذه الفواحش ومعاملتها إعلاميا كأخطاء ناجمة عن تعرض جانبي لأفراد من تلك القوات لتلك الاسلحة الكيمياوية .


وأمام واقع مر كهذا لا يخفى على الاعلاميين ومراكز الدراسات يلاحظ تورط القيادات الامريكية بتسريب أخبارها عبر قنوات عربية وفضائيات كالعربية وبوساطة صحف ممولة ومرتبطة بدوائر الدعاية الامريكية كصحيفة الشرق الاوسط ومواقع ألكترونية اخرى تأخذ جانب التهويل والتحذير والتخويف بقصد إضعاف المعنويات لاغير.


ولكي تبرئ هذه الصحيفة أو تلك نفسها والقناة الاخبارية العربية ذمتها من مسؤولية ترويج مثل هذه الاخبار فهي تحتمي بالتمويه المقصود وبالتنصل عن خدمتها الاخبارية في الحرب النفسية بإيعاز الخبر الى "مصادر وعناوين علمية" للخبر، وغالبا ما تكون الاشارة الى مصادر الخبر الى جهات ومؤسسات غربية من دون ذكر رقم العدد للمجلة المسربة للخبر او تاريخ اصدارها كصيغة الخبر التالي:


[وحسب مجلة "نيوساينتيست" العلمية التي كشفت الموضوع دون ذكر تفاصيل التركيبة الكيميائية لهذا السلاح . أن من بين خيارات الأسلحة الكيميائية أيضا سلاح آخر يمكنه جعل رائحة الفم لا تطاق].


الجميع يعرف أن القوات الامريكية لا تتوانى عن استخدام الاسلحة المحرمة دوليا ومنها الكيمياوية والجرثومية ضد سكان المدن والتجمعات السكانية والمواقع التي يشك بوجود مجموعات من المقاومين بها. وقد إستخدمت قوات الولايات المتحدة العديد منانواع الاسلحة الكيمياوية والجرثومية ضد السكان العزل في مواقع عدة من العراق يشك بوجود مقاتلي المقاومة العراقية فيها. ونظرا لانتشار مظاهر مرضية كثيرة بات الناس يفكرون بغرابة وجدية ما يجري في مظاهر التدهور البيئي والصحي في العراق بعد كل اشتباك مع القوات الامريكية . ويدرك الفاطنون والمختصون ان الحرب الكيمياوية والاشعاعية والليزرية مستمرة و قائمة في العراق منذ سنوات الحصار وخلال الغزو وفي معركة مطار صدام، وبعدها خلال تقدم القوات الامريكية الى بغداد وبقية المدن العراقية، وحتى ليلة أمس 3/11/2008 فقد استخدمت قوات التحالف في إنزال لها في الناصرية اسلحة غريبة التأثير، وفي شارع الحبوبي، خلال احتفالات دينية وسياسية اقامها الصدريون هذا الاسبوع بمناسبة ذكرى وفاة الصدر.


ولا تخلو مظاهر جبهات القتال، سواء في العراق أو افغانستان وشمال الباكستان من دلائل استخدام الكثير من الاسلحة الكيمياوية. ان الخبر يراد له ان يكون أكثر مصداقية وبعيدا عن قضية التخنث الجنسي المروج لها فيسرب معلومات أخرى لزرع الشك في كل حركة، حتى وان كانت لحيوانات برية، او جرذان، مثل الخبر المسرب التالي:


[...كما أشارت المجلة إلى وجود خيارات أخرى من بينها نشر الجرذان الغاضبة "في حالة هيجان" في مواقع العدو العسكرية لجعل تلك المواقع غير صالحة مطلقا للسكن الآدمي.] ويتم التساؤل عنها بطريقة تبدو خبرية وبريئة القصد الإعلامي : [...ويعود تاريخ هذه المقترحات إلى عام 1994 في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، ولكن لا يعرف ما إذا قد تم إنتاج أي من هذه الأسلحة المفترضة أم لا]. كل الصيغ الإخبارية المسربة تسودها صيغة اللا يقين؟؟.


و هذا بالضبط هو مقصد الترهيب والتخويف والتشكيك بمحيط ألمقاومين الاجتماعي والبيئي والطبيعي لزرع الشك من احتمال استخدام القوات الأمريكية أسلحة كيميائية صعبة الكشف عنها في مواقع تواجد المقاومين أو أحيائهم السكنية. ولكن هذه الدعاية والحرب النفسية حول احتمالات استخدامات مثل تلك الأسلحة ليست لها مصداقية ودقة في حالة حرب العراق الجارية الآن مثلا: لأن وحدات ومجموعات المقاومة العراقية لا تتموقع في أماكن معينة ولا تمتلك مناطق محررة أو منعزلة عن بقية السكان او بعيدة عن جبهة تواجد العدو وتواجد معسكرات وقواعد القوات الأمريكية. ولأن مقاتليها يعيشون بين أهلهم في المدن العراقية، وفي مناطق غالبا ما تتداخل بها مواقع تواجد القوات الأمريكية ومعسكراتها والتي غالبا ما تكون قواعدها محتمية في داخل وبجوار المدن وبمعسكرات الجيش العراقي السابقة أو المدارس والبنايات الحكومية، وهي معسكرات وقواعد موجودة في النسيج العمراني للمدن العراقية أو حتى داخل الأحياء والمناطق السكنية العراقية. لذا فان احتمال اللجوء إلى استخدام أو تخزين أسلحة كيماوية في هذه المناطق محفوفة بالمخاطر نظرا لاحتمال تعرضها إلى القصف أوانها تكون في حالة تماس مع أفراد القوات الأمريكية أنفسهم. وغالبا ما تكون مخزونة في قواعد بعيدة ويستخدمها الطيرات في عمليات إنزال مدروسة ومحددة مسبقا وعلى يد قوات خاصة متدربة على أساليب الحرب الكيماوية والجرثومية لحراجة اكتشافها أو سقوطها بيد العدو.


ان دس الاخبار يجري بأشكال عدة ومنها معالجة تسريب مثل هذه الاكاذيب التي تم بالصورة التالية مثلا:


[...من ناحية ثانية كشفت منظمة أمريكية للدفاع عن حقوق الشواذ جنسيا عن تسريح عدد من المترجمين إلى اللغة العربية من الجيش الأمريكي بسبب شذوذهم الجنسي، وقال مركز دراسة الأقليات أن 20 شخصا يتحدثون العربية فصلوا نتيجة شذوذهم فيما تم فصل 6 آخرين يتحدثون الفارسية. وذلك بين عامي 1998 و2004. وقال المركز إنه حصل على هذه الأرقام من واقع سجلات وزارة الدفاع التي اطلع عليها بموجب قانون حرية الحصول على المعلومات].
والسؤال يطرح نفسه هنا منطقيا عن مدى مصداقية مثل هذه الفقرة التي روجها موقع "العربية نت" واهتمامه حول الارقام، واصابة المترجمين العرب، من دون غيرهم من المترجمين أو من الجنرالات والجنود والمساعدين والخبراء الامريكيين وحتى أفراد القوات العراقية التابعة لحكومة المالكي المتواجدة في حالة تداخل مع معسكرات القوات الامريكية؛ ومنها قوات متواجدة في معسكرات واحدة مع الامريكيين كالمنطقة الخضراء مثلا.


والغريب ان موقع "العربية نت" الذي سرب الخبر ويعلن عن حقه بالاحتفاظ في حقوق ألنشر لا يريد ان يتحمل مسؤولية تسريب مثل هذه الأخبار ومدى صدقيتها ولا تبعاتها الاجتماعية والخلقية، ولا الاهتمام بحق هؤلاء المترجمين المتهمين بالشواذ الجنسي، وهم الذين اصيبوا اصلا بالشذوذ العقلي عندما قبلوا مهمة الخدمة في صفوف الاحتلال ضد شعوبهم وبلدانهم.


لنتابع الخبر الذي يتم تسريبه بطريقة أخرى محكمة، وبالتناوب ما بين صحيفة الشرق الاوسط وموقع "العربية نت" ومنه الى مواقع الانترنيت المختلفة :


[...وكانت وزارة الدفاع" الامريكية طبعا" قالت في السابق إن سبعة أشخاص فقط من المتخصصين في اللغة العربية تم تسريحهم في بين عامي 1998 و2003 بسبب ميولهم الجنسية]. ويتابع الخبر:


[...وحسب صحيفة الشرق الأوسط قال "آرون بيلكين" مدير مركز دراسة الأقليات الجنسية، إنه يريد من الجمهور أن يتأمل في حجم التكاليف السلبية الناجمة عن سياسة «لا تسأل ولا تخبر» التي يؤمر باتباعها الجنود ثمنا لعدم تسريحهم من الخدمة إذا كانت لديهم ميول جنسية نحو أبناء جنسهم.]. ويتابع التسريب:[ ...وأضاف "بيلكين" قائلا في تصريحات صحافية "إننا عانينا وما زلنا نعاني من نقص في عدد المتحدثين باللغة العربية، وهناك وثائق تنتظر الترجمة منذ الأسبوع الأول لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، ومع ذلك فإننا نفصل الناس الذين يمكن أن يقوموا بالعمل".] . ويضيف: [...ولكن هناك من المحافظين، من بينهم "إليانا دونلي" عضو مركز الجاهزية العسكرية، يعارضون قبول الشواذ في الخدمة العسكرية.... وتقول "دونلي" (إن المفصولين من الخدمة، لم يكن من المفروض قبولهم في معهد اللغات العسكري من الأساس.... وأضافت قائلة: إن الموارد تهدر لتدريب مترجمين شباب ليسوا مؤهلين قانونا لأداء الخدمة)].


ان خلط الحابل بالنابل هنا حول انتشار الفواحش الاخلاقية بين المترجمين الذين ارتضوا العمل مع القوات الامريكية يراد به التخلص منهم بعد أن كثرت مطالبهم بحق الحصول على اللجوء والاقامة الدائمة في الولايات المتحدة والحماية من التصفيات الجسدية بعد أن إنقطعت بهم السبل بصعوبة العودة الى مجتمعاتهم وأهلهم ومعاملة الناس لهم كمنبوذين وكخونة وكشواذ جنسيا خصوصا بعد الاشاعات التي روجت عنهم .


ومن هنا يأتي تسريب الخبر عن هؤلاء المترجمين حتى أؤلئك الذين كانوا بعيدا عن مواقع استخدام الاسلحة الكيمياوية المسببة للخنوثة والانحرافات الجنسية ويجري التسريب بالصيغة التالية: [...يشار إلى أن خبراء أمريكيين أشاروا في تقرير لجنة الحادي عشر من سبتمبر إلى أن النقص في أعداد الناطقين بالعربية كان من ضمن الأسباب في فشل الأجهزة الاستخبارية في منع وقوع الهجمات].


ان الخلط في صياغة الخبر مقصود هنا في أساسه؛ فما بين إساءة لهؤلاء المترجمين من جهة الى إظهار الحاجة لخدماتهم والتعاطف معهم في محنة الهروب من بلدانهم يكمن الهدف من تسريب خبر إشاعة الفاحشة الكيمياوية المنتشرة ما بين المترجمين دون غيرهم من افراد القوات الامريكية وحلفائها. وهكذا يتم للخبر مقاصده من التسرب :[....وقد رفع 12 مفصولا من الخدمة العسكرية دعاوى قضائية الشهر الماضي على الحكومة الأمريكية بحجة أن سياسة منع الشواذ من الخدمة العسكرية فيها انتهاك لحقوقهم الدستورية]، وبطبيعة الحال ان أغلبهم كوفئ بمنحه البطاقة الخضراء أو الاقامة الدائمية في أحد بلدان اللجوء وبوساطة امريكية .


كان أحد اللغويين" المترجمين" المسرحين من الخدمة على وشك العودة إلى العراق لممارسة عمله، بعد أن خدم فيه ثمانية أشهر من قبل، لكنه قال لوكالة أسوشتيد برس إنه لم يعد يرغب في العمل مع مؤسسة لا تعترف بحقه في العيش بالطريقة التي يراها مناسبة. والجدير بالذكر أن نسبة كبيرة من مترجمي العربية في الجيش الأمريكي هم من أصل عربي، ولكن هناك آخرين من الناطقين بها كلغة ثانية من الأمريكيين أنفسهم.


ان التذكير بأخبار سربت اخرى بصيغ عدة منها عن مشروع إسرائيلي يسعى لإنتاج قنبلة جينية" وراثية" عرقية لقتل العرب دون غيرهم من الاقوام والاجناس ، وكأنه يريد اقناع هؤلاء المترجمين العرب بأنهم استهدفوا بسلاح ينشر في صفوفهم الديوثة والانحطاط الخلقي والشذوذ الجنسي والتخنث والى ميل اللواط ومعاشرة الرجال مع الرجال بممارسة العلاقات المثلية ويعيد تذكرتهم بالتقرير الذي نشرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية في ديسمبر 1998 : "عن أبحاث طبية إسرائيلية وصفت انها استطاعت أن تميز جينا" مورثة" معينة توجد في العرب دون غيرهم، ويتم العمل على هذا المشروع في معهد الأبحاث البيولوجية في "نيس تزيونا" الذي يعتبر المركز الرئيس للأبحاث المتعلقة بترسانة إسرائيل السرية من الأسلحة الكيماوية والجرثومية" وربما ستصل المفارقة ان يسمي الاسرائيليون او الامريكيون ذلك الجين" المورثة" بـ "مورثة الضاد" لأن المترجمين العرب مضطرون وحدهم نطق حرف الضاد العربي أثناء عمالتهم وعملهم في خدمة الاعداء لامتهم كمترجمين وأدلاء وجواسيس.


والغريب في الامر ان مواقع الكترونية عربية عدة، ومنها صحف ومواقع فلسطينية سقطت في فخ الاعلام الامريكي والصهيوني المعادي وتعيد تكرار ونشر وتوزيع عدد من التصريحات من مثل:


[...وأضاف "ريتشارد سن " بأنه لا شك لديه، أن إسرائيل قد عملت على إنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية منذ فترة طويلة،... مضيفا في تصريح من النادر أن يصدر عن مسؤول أمريكي "لا أعتقد أنه يمكنك أن تجد معلومات حول هذا الموضوع. يبدو أننا دائما كانت لدينا معايير مزدوجة ومتناقضة في التعامل مع إسرائيل مقارنة بالتعامل مع التهديدات البيولوجية التي تصدر عن دول أخرى. لا شك أن لديهم مثل هذه البرامج منذ سنوات، لكن جعل أي شخص يتحدث عن ذلك إعلاميا يبدو أنه أمر صعب جدا"]. ويتابع التسريب الاخباري:


[وأضاف "ريتشارد سن" بأن التكنولوجيا البيولوجية متطورة في إسرائيل بالقدر نفسه ؛ إن لم يكن أفضل- من أمريكا، وهم استطاعوا أن يطوروا اختبارات الحمل، واختبارات لرصد بعض الأمراض مثل الجمرة الخبيثة "الأنثراكس"، والذي اعتبر عند صدوره تقدما تكنولوجيا ضخما، حيث كل ما تحتاجه الآن هو شريط صغير يتغير لونه إذا كان هناك حمل أو فيروس الأنثراكس في الدم.]. ولأجل التخفيف من حالة الهول الناجمة عن مثل هذه التصريحات المفبركة نجد بعض الاستدراكات التي تناقض النصوص الاولى مثل:


[... من جهة أخرى علق الدكتور "دافني كاميلي" عالم الأحياء والميكروبات الأمريكي المعروف ، والذي عرف بمشاريعه في قضايا الأمن البيئي مع وزارة الدفاع الأمريكي، بأن هذه القنبلة أمر مستبعد جدا]. ويضيف: [...وأضاف كاميلي بأنه علميا حتى الآن لا يمكن إثبات أن شعبا معينا مختلفا عن غيره بجينات معينة... وقال كاميلي بأنه لا يدعي أن التقرير غير صحيح تماما لأن إسرائيل لديها مراكز أبحاث قادرة على إنتاج علمي مماثل للولايات المتحدة ؛ إن لم يكن أفضل، لكنه من جهة أخرى يصعب التصديق بأنه من الممكن إنتاج سلاح يتغلب على جهاز المناعة في الجسم في شعب كامل].


[....من جهته قال الدكتور "فيكتور ديلفيتشيو" ، العالم بجامعة سكرانتون الأمريكية، والذي كان قد طور أساليب عملية لرصد الغازات السامة: بأن إنتاج "قنبلة عرقية" أمر ممكن نظريا، لكنه لا يعتقد أنه توجد حاليا معلومات كافية عن الجينات البشرية ؛ بحيث أن أحد الأعراق البشرية لديه جين معين يمكن مهاجمته بأسلحة خارجية].


صحيح ان الحرب البيولوجية تحاول استخدام مكتشفات الهندسة الوراثية بعد تحديد الخارطة الجينية للانسان بفك الجينوم ؛ ولكنها لم تقطع ذلك الشوط البعيد الذي يقترب من استهداف العرب ليكونوا أول الاجناس المستهدفة للابادة في التجارب الحربية البيولوجية التي تجرى الان. لقد سبق ان استهدف السود في جنوب أفريقيا بدعايات البيض في عهد الميز العنصري لايقاف انتفاضاتهم وثورتهم من اجل حقوقهم وحريتهم، ومنها تسريبات واسعة، لا تقل فداحة وترهيبا، عما يسرب اليوم نحو العرب من مثل : [...وعلق د. "دان جوسين" ، أحد الباحثين السابقين في نظام جنوب إفريقيا العنصري السابق لشؤون برامج الحرب البيولوجية والكيماوية : بأن جنوب إفريقيا أجرت مئات الدراسات، بهدف إنتاج سلاح معين يقضي على السود دون غيرهم]، لكنها فشلت في ذلك تماما، وإن كانت في المقابل استطاعت أن تنتج من خلال هذه البحوث عدة أسلحة مميزة استخدمت في عمليات ألاغتيالات والتصفيات الجسدية للنشطاء السود مثل استعمال اصابع أحمر الشفاه السامة التي تقتل بمجرد استعمالها، أومثل تلك القنابل التي استخدمها الموساد في تصفية يحيى العياش وعند محاولة اغتيال خالد مشعل زعيم حماس في عمان قبل سنوات.


وانه من المضك ان تسرب اسرائيل أخبارا كهذه ويتطوع الاعلام العربي الى اجترارها اعلاميا ومن نشرها ، ومن المضحك أيضا، لو عرفنا أن إسرائيل تقول: انها تعتمد في بحوثها على واحد من هؤلاء الخبراء الجنوب إفريقيين، وهو الذي فشل في السابق في استهداف السود، ويجند الآن لاستهداف العرب. كما ينشر الاعلام العربي ببلادة قل نظيرها نقلا عن مصادر صهيونية.


نقول لمثل هذا الاعلام وأمثاله كفاكم عمالة
لا تقنعونا بأننا امة ضحكت من جهلها الامم

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس  / ٠٨ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٦ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م