وضع جدول زمني  لانسحاب الشعب العراقي من العراق ؛ مهمّة  ( بوش ) التي يحاول جاهداً إنجازها

 

 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

 

قد  يحسب الغالبية العظمى  من الشعب العراقي ؛ تناوب  الدول الأوروبية  وتوزيعها  أدوار  أبواب الإستقبال  فيما بينها  لاحتواء  "اللاجئين" العراقيين  "يتصاعد التنافس  بين هذه الدول  أو ينخفض  أو تلغى مؤقتاً  تبعاً  لشدّة  مصادمات   قوى الفتن  والشحن الطائفي  في العراق  أو فتورها  أو مع  ازدياد  شدّة  تصاعد  هجمات جيوش التحرير العراقية  ضد جيوش الولايات المتحدة الأميركية المحتلة للعراق" قد  يحسب  الكثير من العراقيين أن هذه  المواقف من دول الغرب  تجاههم   متأتية  من  "إنسانيّة"  تعاني  منها  هذه الدول  واحترام ورهافة أحاسيس تنضح  من ضمائرهم وتطبيق لحقوق الإنسان تتسابق أنظمتهم من أجل  تحقيقه ! ناسياً أو متناسياً  هذا العراقي  أن مصائب العراق  والعرب بشكل عام  والمسلمين وجميع شعوب الأرض  الفقيرة  ومنذ ما بعد  العصر الأوروبي  الوسيط على وجه الشمول  , مضاف له بالطبع الجهل والتخلف والحروب الطائفية المتاجرة باسم الدين والصدامات العرقية التي  لفت  هذه المناطق العربية والإسلامية  وبقية  شعوب  الدول  المحيطة بها , بسبب  همجيّة ووحشية  هذه الدول الغربية  المتعطـّشة  لثروات مناطق الشرق  وبسبب كذبها  ودجلها  وفتنها الشيطانيّة  التي  ملأت صفحاتها السود  مئات كتب  ومئات مجلدات تاريخ الجنس البشري  بما  لم يأت بمثله أيّة أمّة  أو قبيلة  أو أيّ تجمع بشري  طيلة  مسيرته  التاريخية عبر جميع عصوره  ,  وقضية "منح اللجوء لشعوب الدول المغلوبة"  هي إحدى أحابيل  حيل  هذه الدول  ,  والشراك والفخاخ المنصوبة لدول  هذه الشعوب ,  كـ"اللجوء"  مثلاً  ,  تستخدمه  دائماً  مع كل  حرب  تخوضها  دول الغرب ضد  "الضحية"  , وخاصة  عندما  يخوضها  رجلها  القوي الولايات المتحدة الأميركية   بما يزرع  من  حروب  هنا أو هناك  في العديد من مناطق  العالم    فستسارع جميع  دول المنظومة الغربية  هذه  بتهيأة  "مخازنها البشرية"  من أجل  امتصاص زخم التشظي البشري المتطاير من منطقة الصراع  كوسيلة من  وسائل  "التنظيف"  ومحو آثار  الهجمات التدميرية الوحشية التي  تسببها آلة الدمار الأميركية !  لذا  فإن غايات وأهداف  منح اللجوء  ومراميها  وأهدافها  نستطيع أن  نجملها  بقائمة طويلة من  النتائج التي تصب أولا وأخيرا في صالح  هذه الدول  الإستعمارية ؛ أدنى تلك النتائج  النجاح بشك  أو بآخر في  إبعاد  مكوّنات من المهاجرين الذين سيشكلون في نهاية الأمر حزام  جماهيري شعبي  ناسف  لجهد المحتل يحيط  بحدود بلدهم الجغرافية  ومساند لمقاومة بلده  ,  ومن ثم تفتيت  ذلك الحزام  ... 

 

المتتبع  لخط  سير عمليّات  "اللجوء"  المشرعة أبوابها  أمام  العراقيين على وجه الخصوص  , سيجد  أن   جدول  سير  ذلك الخط البياني قد  ابتدأت حركته منذ ما بعد  احتلال القوّات الأميركية وحلفائها  "33 دولة  بشكلها العسكري  المباشر ومعها  معظم دول العالم  بدعم  لوجستي"  لمحافظة الكويت العراقية  ثم  انسحاب  الجيش  العراقي من هذه المحافظة  في الصفحة  الثانية من حرب الخليج  ( أم المعارك )  بعد تعرض جميع محافظات  العراق من  "زاخو"  في أقصى شمال العراق إلى أقصى جنوب الكويت  لأعظم  كثافة  نيران   لم  يشهد  لها الكون من قبل مثيلا , منذ الخليقة ولغاية الآن , والتي  تستمر  رحاها  لغاية هذه اللحظة في صفحتها الملحمية  الثالثة ( الحواسم )  العظيمة , وقد  تسارعت  مؤشرات  ذلك الخط البياني  لأعداد  اللاجئين العراقيين المتجهين صوب أوروبا وبلاد العم  سام  مع اشتداد  وتائر الحصار  المطبق  بشدة  على رقبة العراقيين ؛ حتى بلغت أعداد  طالبي اللجوء من العراقيين  للدول  "المانحة"  هذه   ما قاربت  أعدادها  الأربعة ملايين  عراقي   لغاية  ما قبل  "سقوط"  بغداد  "عدى  عشرات الألوف من  العرب  من غير العراقيين  الذين  طلبوا اللجوء  باسم العراق !  "أحدهم  من السودان الشقيق , من بين أشقاء سودانيين كثر , حصل  على  منحة اللجوء  باعتباره من أهالي  مدينة البصرة !  بعد أن درّبه  بعض العراقيين على كيفية التصرف  أثناء  مقابلة الجهات ذات الاختصاص ! أما من الأشقاء المصريين واللبنانيين والسوريين والأردنيين  اللذين حصلوا على منحة اللجوء باسم العراق فحدث ولا حرج ! "  ولهذه الحكايات  مقالات من مجلدات وأطنان من الورق بإمكانها أن  تسجر نيرانها "تنانير"  ومخابز ومواقد وأفران العراقيين  جميعاً  ولسنوات طويلة !.....

 

أعداد العراقيين في  المهجر , سواء  المهجر الأوروبي أو في تفرعات  أوروبا ؛ كندا نيوزيللندا استراليا أميركا , ولغاية ما قبل الغزو الأميركي للعراق  بلغت ما يقارب الأربعة ملايين من العراقيين , وهذا الرقم تم الإعلان  عنه  ( قبل الغزو ) في أكثر من مناسبة , بينما  استحوذ على هذا العدد  الهائل من اللاجئين  ليتاجر  باسمهم في المناظرات التلفزيونية  الفضائية المصطفة  قبل الغزو  , وبأجمعها , ضد النظام الوطني العراقي العديد من سكنة المنطقة  "الخضراء"  سواء المتواجدون منهم  الآن أو الذين غادروا هذه المنطقة والعراق  بعد  انكشاف وافتضاح أهداف الغزو الحقيقية  أو من هرب  بجلده وبما  سرق  , واستخدم  هؤلاء الخونة  "المعارضون!" تلك الأعداد المليونية من العراقين  التي  غادرت العراق هرباً من الحصار  وجيّروها  إعلاميّاً  لصالحهم  كأحد وسائل الكذب الجاهز آنذاك ضد النظام العراقي الوطني  حين كانوا  يعدون كل  طالب  لجوء أو مهاجر  عراقي خارج الوطن العراق  هو مطارد  أومطلوب رأسه من قبل "صدام"  أومن  قبل نظام البعث , وليس  مطارد  نتيجة  الحصار  الأميركي ـ  الغربي ـ الإعرابي  الإجرامي  الذي  لم  يشهد  له التاريخ  مثيلاً ! وعندما  كنا  وقتها نواجه  مثل هؤلاء المدّعين  بسؤال  نوجهه  لهم   قائلين  :

 

"وكيف حصل  هؤلاء الأربعة ملايين على جواز  السفر العراقي الذي مكنهم  من اجتياز  الحدود العراقية  إذن  إذا كانوا  فعلاً  مطلوبون ومطلوبة رؤوسهم  من قبل السلطات العراقية !" 

 

فكانوا  ساعتها يلوذون  بالصمت  أو يحاولون تغيير  اتجاه الحديث ! وينسون  أو يتناسوا نتائج الحصار  الكوني الظالم  الذي ضرب  ظلماً على العراق والذي أدّى بطشه الساحق إلى  تغيير في عمق يكاد  يلامس جدران البنيان المثيولوجي الذي يرتكز  مجمل تصور المجتمع العراقي  عليه وكاد  أن  يكفر  به إن  لم  يكن  قد  كفر به  فعلاً ! حيث  لم  يألف العراقي  أو يخضع لمثل  هذه الأوضاع  الاقتصادية الخانقة من قبل ,  يضاف إلى كل  ذلك  مما  ساعد  أعظم المساعدة في الهجرة المضاعفة للعراقين وترك  بلدهم  هو ذلك الإغراء المقصود غربيّاً  الموجه  لهم , ولا زال ,  بالامتيازات الاستثنائية  المجزية التي  تنتظره  في  بلاد الغرب , من شقـّة مؤثثة  ومن راتب  شهري مجاني  ومن أوراق  أو جوازات أو وثائق  سفر  أوروبية تنفتح  بواسطتها أمامه  جميع  بلدان العالم "عدا  بلده العراق!"  ... الخ  من امتيازات  يسيل  لها  لعاب  العراقي  المحاصر  من كل  جانب والمقطوع  عنه التواصل مع العالم  والخاوي المعدة  ما خلا  "الحصّة التموينية"  المجدبة والتي تمتلئ  بالحصى وبأنواع الشوائب  الخشبية والرملية !  ...

 

ومن  ضمن  ما هو يعتبر  بمثابة  إغفال  متعمّد  من قبل  القنوات الفضائية  هو  إعراضها  المستمر  عن حقيقة الأعداد  الفلكية   "قياساً إلى عدد  نفوس سكان  العراق"  من اللاجئين العراقيين ( المتواجدين  حالياً في أوروبا وفي غيرها )  هو  عدم  تطرّقها  إلى الرقم الحقيقي  الذي  بلغته أعدادهم في حقيقة الأمر, حيث  دأب هذا الإعلام إلى التطرق  فقط  للأعداد التي  غادرت العراق إلى الدول "المانحة"  في ضل الغزو الأميركي  للعراق ! وهي بحدود  أربعة ملايين أخرى ! طبعاً  عدى المهجرين في داخل العراق  الذين  بلغوا  المليوني مهجّر  بحسب الإحصائيات  التي  تعلنها  حكومات الاحتلال المتعاقبة  !  وبهذا  يكون  عدد  اللاجئين  العراقيين  لحد   كتابة هذه السطور  قد  بلغ  العشرة ملايين"  بعد إضافة الأربعة ملايين السابقة للغزو! والحبل  لازال عالجرّار" كما يقول المثل الشعبي العراقي ! وهذا  الرقم  المعلن هو عدد تقريبي  بالطبع ...

 

الدول الأوروبية , ومعها الولايات المتحدة الأميركية ,  لازالوا  يتسابقون  "بهواجسهم!"  فيما بينهم  وكأنهم   على موعد  من جبات  أخرى  كبيرة  قادمة من اللاجئين العراقيين ! , لربما  ستبلغ  مع  مرور الوقت , وبحسب تلميحاتهم ! , وبحسب تصريحات وزير الدفاع الأميركي  "غيتس ورايز"  وغيرهما  من القادة الأميركيين  والتي  يعلنون فيها   حاليّاً  وفي كل مناسبة  من المناسبات  بتوقعهم  انفجار  "الوضع الهش" في العراق  بين  لحظة وأخرى ! يعني  أن هؤلاء المسئولين  , وعلى ما يبدوا ,  يقيسون الوضع  في العراق  بين  درجة  تصاعد "العنف"  فيه  وبين  درجة  "استقراره"  من خلال  أعداد   العراقيين  الذين  يغادرون العراق  بغرض اللجوء ! وبما أن  أعداد   العراقيين الطالبين للجوء "في دُوَلِهِ"  قد أغلقت  بوجوههم  حالياً , ومعروفة هي أسباب الغلق المؤقت هذا  إذا ما  أخذنا  بنظر الاعتبار الترويج  الأميركي الذي  يروّج لتحسّن  أمني في العراق  بغية  إقناع الناخب الأميركي على ضوء ورطة الحزب الجمهوري  وبينما  المعلومات الحالية  تقول  بدخول  مراحل اللجوء في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية  , وعن  قريب , إلى صفحة  جديدة  من التعليمات  بغرض تقديم مزيد  من  التسهيلات  للاجئين العراقيين من خلال  تبادل التسهيلات  بين هذه الدول  ومن  ثم  التوسع  أكثر  نحو  قبول المزيد  من اللاجئين العراقيين  وخاصة   بالتوجه  نحو  "اللاجئين"  العراقيين المتواجدين حالياً  في سوريا وفي الأردن وفي مصر والذين  يقفون  طوابير أمام أبواب  مكاتب الأمم المتحدة  بغرض تسجيل أسمائهم  طلباً  لدولة من دول الغرب , إضافة لفتح  باب  الموافقة  على طلبات  المتواجدين في السويد  أو في غيرها  من الدول الأوروبية ,  في ترجمة  واضحة لإرهاصات غربية  توحي  بقرب  تفجّر الوضع في العراق   بصورة  كبيرة !"  ....

 

خطة بوش , وهي  بلا أدنى شك  خطة  "الصفيونية  المناطقية" الحقليّة  الغاية في السرّية  والتي فضحها "البيدر!"  والخطة  بملخصها العمل  على  تفريغ العراق  من سكانه الأصليين  "سنة وشيعة ومسيح ومنداء وصابئة عرب وتركمان  و"أكراد وطنيين" وسريان وأرمن وآشوريين"   لولا  ضربات المقاومة العراقية  الكونية  الماحقة  التي هرست  وجوه  المحتلين وأتباعهم وشويت جلودهم وكسّرت عظامهم  واستخرجت  أحشائهم  ولفـّت مصارينهم  برقاب دجّاليهم  ووعاظ سلاطينهم  وجعلتهم  يتوسّدون عشائر العراق  علـّها  تنقذهم  عبر "صحواتهم"  بعد أن يئست من  إشعال حرب  طائفيّة  عراقية ـ عراقية  كلـّفتهم  ضياع  إبنهم المدلل "الدولار"  الذي  لن  يعود  إلى  أهله  وإلى  الأبداً !

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١١ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٠ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م