الاضداد في الفكر و السلوك وماعلاقته بما يجري في العراق

﴿ الجزء الثاني ﴾

 

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

 

الغرب النموذج ومجتمعاته مرت بمنعطفات حادة فغيرت من مسيرة تطورهم وهذه المنعطفات نتيجة لافعال تضادية فكرية ودينية وسياسية و اقتصادية وكل هذه التضاددات من لا يضعها في حساباته عند استخدام محصلات (الشكل الديمقراطي) لا يمكن ان يفهم اولاماهية هذه المتغيرات التي حصلت في الغرب وفي  نفس الوقت سوف يفقد القدرة على الاستفادة من هذه المتغيرات وكيفية استثمارها في الواقع و الوسط الذي يعيش فيه.

 

ان الاشكال الديمقراطية للنظم السياسية في الغرب لم يتم استيرادها كافكار و ايدلوجيات وهي  ليست تخرصات بل هي نتاج فكري ومستمد من معاناة هذا المجتمع ومجموعة الخلاصات من  الواقع الغربي وبامتداد زمني لقرون تجاوزت الخمسة قرون.والانسان الغربي بشكل عام و المفكرين منهم بشكل خاص يعتزون بكل الطروحات الفكرية والنظريات المختلفة وحتى التي اختلفت معهم جزئيا او كليا وبالرغم من هذه التضاددات الفكرية فهم يوعزون التطور الذي هم عليه .كان واحد من اسباب تطورهم هو الاختلاف والتضاد والذي ولد عندهم هذه الاندفاعات الفكرية و التي تحولت الى تطبيق وممارسات على الواقع وتجسد بشكل انظمةسياسية وديمقراطيات قد تختلف في اشكالها وصيغها ولكنها تلتقي بمضمون واحد اي فلسفة واحدة.

 

ومن المهم ان نذكر وللتاريخ ايظا كما يقولون انهم بالرغم من الاختلافات في الروءيا فهم يعترفون بالاخر و يقرون له اسهاماته ومهما كانت حجم هذه المساهمة وباي زاوية اثرت في تكوين البنى عندهم و يعدون كل مايتعلق بالاختلافات و التضادية في العمل و الفكر هواولا حق و ثانياهو جزء من مسيرتهم في التطور ..


والان بعد هذه الاسترشاف السريع في النظرة والتعامل مع التضاد الفكري و التركيبي في الغرب  كيف يمكن ان نستوعب هذه الاطوار وان نلعبها في شرقنا وبالتحديد في بلادنا العربية.انا اقول ان كل  المعنيين بشان التحولات الديمقراطية يصبون جل اهتمامهم نحو رصد التاثير الذي تبديه القوى السياسية وكذلك الى دورها في عملية التطور السياسي سواء كان هذا الدورعن طريق الضغط على النظام و التضاد معه في اكثر المواقف  او علىالاقل في بعضها. او عبر اتفاقيات معه و بفترات مطاطية و تعتمد هذه الاستطالات في اكثر الاحيان على قدرة النظام في مجاتهة التحديات .فان اهتز النظام فمستقبل التحالفات الانفراط وتحت اي شكل من اشكال المبررات.

 

والخيار الاخر هوان تكون التضادات بالمعارضة وهو امر لا يمكن ان يستهان به فهو ايظا عاملا قويا في دعم المسار الديمقراطي و تطويره.و ان مجموعة التحالفات بين القوى السياسية و تكوين الجبهات واعادة تشكيلهاومن خلال دخول اقطاب و خروج اخرى ومجمل هذه الحركة الامبية ايظا تصب في تطوير الحركة الديمقراطية في البلد الواحد ولكن من المهم جدا ان اقول ان هذه احركة الامبية (ان صح التعبير) تكون بموجب مصلحة البلد و ما تقتضيه الضرورات و كذلك ما يفرزه الواقع من معطيات وعلى سبيل المثال لا الحصر(سلوك الديمقراطيات في الغرب تجاه الازمات المالية و من ضمنها الاختلاسات.


والفشل في تحقيق جزء من البرنامج الانتخابي وايظااذا ما تعرضت البلاد للعدوان وفشل الحكومة في التصدي المطلوب).وبشكل عام ان دخول اقطاب او نخب سيا سية في ديمقراطية ما وبصيغة تحالف وجبهات في مجتمعاتنا يكون نجاحها مرهون بقدرتها على الدفع باتجاه انجاز اصلاحات حقيقية في توزيع السلطات بين النخب الحاكمة و النخب السياسية الاخرى . في نفس الوقت عدم التعامل ولاي سبب كان او يكون مع القوى او الاقليات اوالطوا ئف ومهما كان حجمها الكمي او التاثيري اي التضاد مع الاخر لا يعني الا  تهميشا او اقصاءا .اي ان الكل يجب ان يظهر في الصورة السياسية وبعكسه ستختل التوازنات وتصبح العملية كلها صورة لا ديمقراطية ولكنها مؤطرة كذبا بالديمقراطية.وهنالك اجراء اساسي وهو الفصل بين السلطات ان هذا الفصل سيمكن النظام من التحرك وبخطوات موزونة و محسوبة و مراقبة من قبل من  يمثل المجموع لا من يمثل النخب الحاكمة و المتخالفة معها او المختلفة معها.اما في موضوعة مشاركة النخب في السلطة فيضبطها اتوافر رؤية واضحة مدعمة بالبرامج للاصلاح فدخول اية قوة سياسية في السلطة اواستلامها بالمنح و التنصيب مما يحرجها ويجعل من شعاراتها مستحقة التطبيق وهنالك سيكون الخناق يشتد او بالاحرى الحرج من القدرة على تحويل كل او بعض الشعارات الى فقرات تطبيقية فهي اساسا قد اعطت لنفسها حجما اكبر والقوى الجماهيرية بقادرةعلى انجاز المرفوع من الشعارا ت وهي بذلك اما تعلن عجزها او تتكئ على قوى اجنبية وهي معاضدة قد تكون في فترة قوية ولكن هذا الشد سيرتخي بحكم الزمن.

 

وهذا يفقدها تلقائيا  عنوانها السياسي وقاعد تها الجماهيرية و ينقلها وتلقائيا الى عنوان اخر هو التبعية والاستئثار بالسلطة وبمغرياتها وهكذا تموت الحركة السياسية. وبفقدان هذا العنوان  يصبح الحزب او التشكيل السياسي فاقدا لوجوده وشرعية استمراره بعد ان تخلى عن اهدافه و مطاليبه عندما كان في المعارضة. ويبداء  بتوفير الاغطية الدينية و السياسية لتصرفاته وتصرفات الحكومة التي هو مشاركا بها. وتتحول قدرته التاثيرية و باتجاه الاصلاح (ان كان حقيقة او شعارا)  عندما كان في المعارضةالى ان التمتع   بالسلطة و كانه الثمن الذي استحقه تجاه الخدمات التي اعطاها عندما كان في صفوف المعارضة.هذه هي احد اهم صفات الحركات او الاحزاب الانية في وجودها و الانتهازية في سلوكها و الضيقة والمحدودية في اهدافها وهي عندما تصل الى حد العقم في العطاء لجماهيرها تبدا با لانشطارات و تتقسم بين مجتهدين يبحثون عن اضافات تعطي الاستمرارية وقد تكون هذه الاضافات على مستوى الفكرة او الشخصيات .وهكذا تنتهي الىقمامات الاحزاب والحركات. وقد  تبحث  عن اندماجات مع بقايا اخرى من باب العنجهية وتلتصق بحركات وقتية متحللة وعلى شاكلتها في امكانية الديمومة و الاستمرار بعد ان تكون فاقدة لابسط القواعد الجماهيرية.وهنا تبداء هذه الفتافيت الحزبية ترفع كل من شانه ان يخلق اي  تضاد كانت ترفعه بوجه الحركات والاحزاب  الاصيلة .

 

انذاك يفهم من كان يتبعها ان الحركة التي انتمى اليها هي اما قصيرة الرؤية اوضيقة  ومحدودة في هدفها وهذا النوع يكون سهلا للاستخدام الاجنبي ومنفذا كاداة لاارادته وينتهي برحيل الدعم الاجنبي . وهذا النوع من التضاددات الذي يحمل عوامل تحلله في لحظة تكونه واضح في العراق بعد الاحتلال الامريكي للعراق في عام 2003 ... والان كيف يمكننا نقراء الذي يجري في العراق الحبيب على ضوء الذي قلناه ...

 

الى الجزء الثالث

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢٧ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٦ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م