على مدى اكثر من عقد انتشر على طول القنوات
الفضائية ، و عرضها ، رجال يتحدثون في الدين
بعضهم يرتدي اللباس التقليدي ( العمّة ، و
القفطان ، و لحية مختلفة التشذيب ) او على
الطريقة الخليجيّة ( ولحية مختلفةالطول ، و
الكثافة ) أو باللباس الغربي ( من حليق اللحية
، الى كثّها ( ، و لابأس اذاما خرج علينا
احدهم بزي باكستاني او افغاني ّ للتجديد ، و
تغيير الجو ، و هؤلاء جميعا هم " دعاة ، فقهاء
، محللين دينيين ، منظرين "
ذهب الحال عند بعضهم الى تقديم برنامجه
الديني ، على طريقة القساوسة الغربيين ،
مستنسخا ، و على طريقة معظم برامج الفضائيات
العربيات .
و على مدى هذا العقد ، كان للدين أكثر ما
للسياسة في كثير من البرامج ، عبر اللقاءات
التي تجري مع عدد كبير ممن يسمي نفسه داعية ،
او من خلال برامج " التولك شو " على طريقة "
برنامج حجر الزاوية " ، و كان تناول الرؤساء
والشخصيّات ، و الاحزاب يقع في نطاق الدوائر
الحمراء ، و خيرا كان يفعل هؤلاء و من
يستضيفهم ، الى أن اختارت قناة " ام – بي - سي
" أن تغرد خارج السرب ( مع الاعتذار من موقع "
وطن " الالكتروني ) و من خلال شيخ يسمى
بامتياز ( داعية الـ ام – بي – سي ) ، و هو
الشيخ الدكتور سليمان العودة و بداءة ، و قبل
أن ندخل في هذا الموضوع ، و نحلله اريد ان
نفهم ثلاث امور :
اولا : ان الشيخ سليمان العودة كان له فتوى
مثيرة للجدل عند دخول الجيش الامريكي الى
عراقنا الحبيب حاول ان يظهرها على شكل تحليل
فقهي ، للهروب من نص فقهي حقيقي في الجهاد ،
فظهرت قريبة الى خذلان دعوة الجهاد ، و عدم
دعم المجاهدين ، و تسهيل عمل قوات الاحتلال ،
و على العكس تماما من هذه الدعوة التي كان
يقوم عليها من ينتسبون الى مدرسته ايام
افغانستان الشيوعيّة .
ثانيا : ان الشيخ سليمان العودة ، يمثل مدرسة
دينية لها ، و عليها الكثير مما يحدث على
الساحة الاسلاميّة من اقصى الى اقصى الارض ، و
هو منسجم تماما مع طروحات هذه المدرسة رغم
محاولته الظهور بشكل الداعية " المودرن "
المدافع عن حقوق المرأة ، و التقدم .... و هذه
المدرسة التي تحولت مع تطور الاعلام الى مدرسة
تلفزيونيّة ( تحاول غض الطرف عمّا يحدث في
بلدها ، بل في بعض الاحيان يصيبها العماء و
تضع امور غير بلدان تحت المجهر الالكتروني و
تدس السم في الدسم ) و هي تكاد ان تبارك مشروع
حكومتها ، فلا تنتقد و لا تفنّد و لا تشير
ثالثا : ان الموضوع الذي تناوله هو موضوع حزب
الله اللبناني ، بماله ، و ما عليه ايضا ، و
دون الدفاع أو الهجوم عليه ، و لكن كمثال
يبيّن كيف يتحول الداعية الاسلامي الى بوق
سياسي ، فالشيخ : "العودة "
كان ينقل هنا افكار ، و اقوال حكومته
مع سبق الاصرار، و دون ابداء وجهة نظر الطرف
الآخر ، و على واجهة الاعلام ، ان كان خدمة
للمشروع السياسي لبلده في لبنان و الذي يقف
على طرف النقيض تماما من مشروع حزب الله ،
وطنيا كان أم ايرانيّا ، دينيا ، ام اجتماعيا
، ام سياسيا ، أو كان تحسبا لمدّ شيعي اعتقد
به فهاجم هذا الحزب ، و هناك احزاب علمانية ،
و مسيحيّة على الساحة العربيّة ليست بأقل
خطراولا كفرا من وجهة نظر مدرسته ، و نحن في
تحليلنا هذا لن
نتحدث عن أي احقيّة او عدمها لأي من المشروعين
، و لكن سنتحدث عن الطرح الدعوي " للشيخ
العودة "فقط ، و فقط ، و فقط ....
أ - : البس الداعية " الشيخ سلمان العودة "
حديثه المتدفق السلس لبوس النصيحة في الاسلام
في حين انه كان يصفع حزب الله بكل مايصفه به
اعداؤه السياسيون " امريكيّون _ اسرائيليون _
عرب _ اطراف داخلية لبنانيّة .... الخ"
ب – : ان حزب الله نشأ على خلفيّة دعم
الايرانيين له ، و انّه كان في البداية حزبا
راديكاليّا و هنا يشير الشيخ " العودة " بشكل
مباشر ، و صريح الى علاقة حزب الله اللبناني
بـ ايران
1 - الموّصفة بالداعمة للأرهاب بتوصيف حليف
بلده امريكا ، فهو اذا حزب ارهابي ، اكدها بـ
راديكاليته التي تحدث عنها .
2 - الموّصفة على حسب مدرسته الدينيّة (
شيعيّة – رافضيّة – فارسيّة ) ، فهو رأس مشروع
فارسي و بذلك يكون الشيخ العودة قد ( رسم
الخلفيّة الدينيّة ، و السياسية ) و بالتالي
فهو بدأ بالتمهيد لقصف حزب الله اعلاميّا
ثانيا : حاول الشيخ سليمان العودة " تشليح حزب
الله اسمه " على اساس انّ هذا الاسم " يحتكر
صفة مليار ، و نصف مليار مسلم و لابأس يآية
قرأنيّة مشفوعة بالتباس " مشروعيّة الاسم " في
بداية قيام الحزب ، و ممهورة
بتوجه الحزب وطنيّا الى الداخل في الوقت
الحاضر ، أي أن الشيخ " العودة " يريد أن ينزع
الغطاء الديني عن حزب الله ، و بالتالي فان
المدفعيّة اصبحت جاهزة للقصف ، و بانتظار
الأمر مع ملاحظة ان عدد 1،5 مليار يتضمن
المسلمين سنّة ، و شيعة ، و مذاهب اخرى.
ج - : تحدث الشيخ " العودة " عن اسباب حرب
لبنان بشكل مطابق تمام التطابق مع الرواية
الاسرائيلية ، و هي قضيّة الأسيرين ، فكأنما
وضع نفسه في موضعها لاخفاءه الاسباب الرئيسيّة
للحرب ، و عدم الاشارة اليها مع انكشاف الكثير
من التباسات الحرب ، و خصوصا بعد عامين ، و هو
وقف هنا موقف الخصم ، ثم
تحدث عن نتائج هذه الحرب ، من دمار ، و
خراب ، و تقتيل ثم فسر حديث حسن نصر الله بشكل
ملتبس ، وبشكل متطابق تماما مع تفسير " سمير
جعجع " قائد القوات اللبنانيّة ، و هو من خصوم
حزب الله اللدودين ، و حليف اساسي لأسرائيل في
لبنان ، كما اخفى الشيخ العودة ارتدادات هذه
الحرب على اسرائيل و نتائجها السياسية ، و
أخفى الدور المشبوه لبعض السنّة اللبنانيّة في
هذه الحرب و الممولون من دولة هذا الداعية ، و
الذين نهبوا المساعدات ، و الامدادات و يكون
الشيخ " سلمان " عند هذه النقطة قد بدأ قصف
حزب الله بشكل مباشر و في اكثر من مقتل .
د - : و بذات الطريقة السلسة في حواره انعطف
الشيخ سلمان الى احداث " ايار 2008 " في لبنان
وقد تبنّى وجهة نظر تيار المستقبل اللبناني ،
المدعوم بالمال السياسي لدولة الشيخ " سلمان
"، و الممولة قواعده " الدينيّة ، و السلفيّة
" منها بذات المال ، و الشيخ هنا يشير الى
استخدام حزب الله لهذا
السلاح في الداخل " أي اسقط عن هذا
السلاح " دوره المقاوم بحسب رأي حزب الله ، و
من يقف وراءه و حوّله الى سلاح زواريب مشبوه ،
وهنا يكون الشيخ " سليمان " قد اتم قصفة
المدفعي ، و شفعه ببعض القنابل العنقودية ، و
بعض القنابل منضبة اليورانيوم .
فاذا كان الشيخ " العودة " يتحدث بشكل دعوي
كما خيل له ، فانه اما مشتبه ، او ملتبس ، و
اذا كان يتحدث كبوق لسياسة بلده ، فهو يفضح
عدائية بلده لهذا الفصيل " كما يوصفه " ،
ويظهر رأيها في حزب الله .
و في كلا الحالتين فانه كان يتحدث بالسياسة (
الملبّسة ثوب الدعوة ) و التي خرجت فجّة ، و
منحازة ، و بشكل متطابق مع روايات سياسيّة ،
بحيث ظهر انه قد تبنّاها ، أي أن الشيخ " عودة
" قد طرح هذا الموضوع بشكل سياسي مخالف لوجهة
نظر حزب الله ، و خالف حياده ، و اظهر نفسه
كخصم سياسي يجوز الرد عليه بذات الطرق التي
يرد بها على اي خصم سياسي، و لا ادري اين
الاسلام في هذا ، و لن اقبل بتبرير ان الشيخ
يحق له أن يقرأ الامور السياسيّة و يحللها على
هواه ، بسبب زي يرتديه دون ان يكون الرد عليه
سياسيّا يصيب العمّة و اللحية و لا يترك حرمة
لدين ، او لباس، سواء كان من يرد شيعيّا ، او
مناصرا لحزب الله .
فاتقوا الله بنا يا شيوخ ... يا دعاة ... يا
مسلمين ، و اتقوا الله في الاسلام !!!!
|