البلطجة الامريكية في العدوان على سوريا لا تشرف دولة عظمى

المقال الافتتاحي لهيئة تحرير صحيفة القادسية الجزائرية

 

 

شبكة المنصور

صحيفة القادسية الجزائرية

 

العدد 42 الصادر في الاول نوفمبر 2008


يبدو ان الرئيس الامريكي جورج بوش لم يتعظ بدروس خطاياه في العراق وفي افغانستان ومواقع عديدة من العالم. وفي العدوان الاخير على مدينة البوكمال السورية أراد أن يترك البيت الابيض وعليه آخر لطخة دماء عربية لمدينة عربية، جريمتها انها تعيش على ضفة وادي الحضارات نهر الفرات وتتنفس أخبار ضربات المقاومة العراقية وتستقبل الاف المهاجرين الذين شردهم الاحتلال.


هل تستحق الحماقة الامريكية بقتل ثمانية من الضحايا أربعة منهم ابناء القتيل الخامس. اضافة الى عدد من النساء والاطفال. هكذا إختتمت ادارة بوش صفحتها المخزية وهي الغاربة في افولها وسقوطها وترجمت كيف تفهم حقوق الانسان وسيادة الدول والتعاون الدولي.


العدوان على سوريا فيه من الدروس للعرب من الفوائد أكبر من التباكي على دفن الضحايا واللطم على الصدور وارسال برقيات التعازي. والدرس المفيد هنا يعلمنا ان لا أمان لمحتل ولا أمان لعهد استعماري ولا أمان لدولة شقيقة او مجاورة تضع أراضيها تحت تصرف الغزاة وتمنحهم قواعد وتسهيلات وتوقع معهم معاهدات مهما كانت تسمياتها. ولا امان لسفارات العرب المتهالكة في الحضور في المنطقة الخضراء بجنب القيادة العسكرية للاحتلال.


ربما كان العدوان على مدينة البوكمال الدرس الاخير كي نفهم منه دروس هامة مرت دون ان نتعظ منها ،  منها كان غزو واحتلال العراق من قبل القوات الامريكية قد انطلق من اراضي ومياه واجواء عربية واسلامية. وقد يتكرر هذا السيناريو مع اي بلد عربي آخر.  فلا عهد لمحتل اجنبي عندما يعد بالامان لمن يوصف بالاعتدال .

 

والدرس الثاني ان العمليات التي تقوم بها القوات الامريكية والناتو في قصف المدن الباكستانية الخاضعة لنشاط طالبان باكستان تمت بالطائرات الموجهة من دون طيار تفاديا لحراجة الموقف الامريكي مع حليفه النظام الباكستاني.

 

ولكن في حالة العراق فان الهجمة الامريكية على مدينة البوكمال تمت تحت حماية المروحيات الامريكية مباشرة في الجو ومعها تم الانزال العسكري على الاراضي السورية رغم ان الدولة السورية دولة عربية ذات سيادة وعضوة في الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي فأين كل هذه المنظمات من البلطجة الامريكية واستهتارها بمنظومة القيم الدولية والقانون الدولي.


واذا كانت أمريكا هي المهزومة دوليا وعسكريا في أطراف عديدة من العالم فلماذا تظل تستأسد على العرب من دون غيرهم من الامم. ان معاهدات ما يسمى بمعاهدة الدفاع العربي المشترك والتضامن العربي اصبحت لا تساوي ثمن اوراقها البالية في  منقوع الدم العربي المنسكب في كل مكان.


الكل يتسائل عن دوافع القصف الامريكي لمدينة البوكمال وما هي الرسالة الامريكية الموجهة سواء لسوريا او ايران الحليفة معها او روسيا الساعية الى الحضور العسكري في اللاذقية وبناء قواعدها البحرية في المياه الدافئة. لا احد يجيب والصمت سيد الموقف واذا كان الوضع العربي من الحراجة بحيث لات احد من الناطقين الرسميين للحكام العرب لم ينبس ببنت شفة فلماذا سكتت روسيا مرتين. في المرة السابقة قصفت اسرائيل عمق الاراضي السورية بموافقة امريكية وكان التبرير ضرب منشئات نووية سورية لم يرتفع بنائها عن متر وعند الاسس الارضية. والكل يعرف لامنشئات نووية ولا بطيخ نووي هي محاولات جس النبض لقياس ردود الافعال لاغير لاجل وضع الاستراتيجيات وفق ردود الفعل العربية والدولية. وزير خارجية سوريا وليد المعلم رد من لندن ان سوريا سترد على اي عدوان، ولكن الرد ظل مجمدا في كل مرة. ان الرد جاء البارحة على لسان القوى المقاومة للاحتلال من قلب العراق المقاوم ومن بغداد الصامدة باعلان اسبوع للعمليات الفدائية التي ستثأر لضحايا البوكمال واعلان قطاعات واسعة من أبناء سوريا تطوعهم في صفوف المقاومة العراقية.


وعلى سوريا ان تجذر موقفها في الرد على العدوان وتترك المراوحة بين إبتزاز سيف امريكا على رقبتها وبين سكوتها الواضح  والمعلن من الموقف من  دعم المقاومة العراقية والاعتراف بها ممثلا شرعيا ووحيدا لشعب العراق، وتدرك ان مسايرة النظام العربي الرسمي وفتح سفارة لها في المنطقة الخضراء لا يوقف هجمات قادمة  من امريكا وحليفها النظام العراقي على دمشق نفسها.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٢ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٣١ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م