الابعاد السياسية لأستهداف المسيحيين واليزيدية والشبك في العراق

 

 

شبكة المنصور

محسن خليل

 

شهدت مدينة الموصل العربية الواقعة في شمال العراق ، اخطر حلقة في سلسلة المخطط الصهيوأمريكي لتقسيم العراق ،الذي تنفذه ميليشيات جلال الطالباني ومسعود البارزاني في أطار أقامة كيان أنفصالي يستحوذ على أكبر قدر من المناطق بذرائع أنها (متنازع ) عليها بين الكيان الانفصالي وبين حكومة الاحتلال في بغداد (المركز) .فمنذ يوم السبت (11/10/2008) شهدت أحياء عديدة في الجانب الايسر (الشرقي ) من المدينة مداهمات قامت بها ميليشيات البيشمركة التابعة للموساديان جلال الطالباني ومسعود البارزاني رافقها تفجيرعدة منازل لعوائل مسيحية في حي السكر أمام أصحابها ، وقتل أكثر من 20 من سكانها ، وسبقت عمليات التفجير قيام ميليشيات البيشمركة بحملة أرهابية في الاحياء التي يسكنها مسيحيون أتخذت شكل توجيه نداءآت بمكبرات الصوت ، وتوزيع منشورات على نطاق واسع تطالب المسيحيين بأحد ثلاثة أمور :أما أعلان أسلامهم أو تهجيرهم أو قتلهم ، والمنشورات مذيلة بأسم ( الجبهة الإسلامية للدفاع عن حقوق المسلمين ) وهو اسم وهمي لأبعاد الانظار عن الميليشات الكردية ، والهدف من ورائها أجبار المسيحيين على مغادرة منازلهم والتوجه الى مناطق خارج مدينة الموصل تتكون من قرى وأقضية فيها اغلبية مسيحية .


المشروع الكردي يسعى للأستحواذ على مناطق واسعة خارج أقليم كردستان . يتكون الاقليم من ثلاثة محافظات هي السليمانية واربيل ودهوك .القيادة الموسادية تريد أن تتوسع في خارطة الاقليم وتتمدد في مناطق تعود لمحافظات كركوك ،ديالى ، نينوى ومركزها مدينة الموصل ، أضافة الى بعض مناطق تابعة لمحافظة الكوت .وكلها مناطق لا علاقة لها بالاقليم الكردي ، وتشمل المناطق المشمولة بالتوسع الكردي من محافظة نينوى أقضية ونواحي تسكنها أقليات : الكلدوآشور المسيحيون ، اليزيديون ، الشبك ، التركمان .. الكلدوآشور يسكنون مناطق مثل الحمدانية وبرطلة وبحزاني ،والمطلوب أظهار هذه المناطق بأنها تتعرض لأرهاب العرب والمسلمين من خلال متطرفي القاعدة والتكفيريين ليتم لاحقا ضمهم الى أقليم كردستان وصهر هويتهم الخاصة وتكريدها .ونفس الشيء طبقته ميليشيات البيشمركة على قرى الشبك،ومناطق اليزيدية في سنجار ، والتركمان في تلعفر ، أذ تعرضوا جميعهم لأعمال قتل وتهجير لأجبارهم على الاعتراف بأنهم اكراد ، وهم ليسوا كذلك ولهم هويتهم الخاصة.


يرفض التركمان والكلدوأشوريون واليزيديون والشبك، ان يكونوا جزءً من المشاريع الكردية التوسعية لأنها تلغي خصوصيتهم القومية ،والسنوات الخمس الماضية كشفت لهم حقيقة السلوك العنصري لدى حزبي جلال ومسعود وأصرارهما على تكريد كل الاقليات التي تعيش داخل أقليم كردستان أو تلك الموجودة في محافظات الموصل وكركوك وديالى والكوت . أن هذا السلوك العنصري هو الذي يوضح لماذا تمددت ميليشيات البيشمركة في محافظات خارج أقليم كردستان ونشرت قواتها ورفضت وما تزال ترفض أن تغادر هذه المناطق مثل خانقين وجلولاء والسعدية وقرة تبة في محافظة ديالى ،ولماذا أصر جلال ومسعود على سحب قوات الحكومة من هذه المناطق ،وابقائها بيد البيشمركة وحدها ..


يعارض التركمان والآشوريون واليزيديون والشبك بشدة المشروع (الكردي) لكونه يريد أبتلاع مدنهم وقراهم، وتجاهل خصوصيتهم القومية، وتذويبها بمختلف الطرق، فمن الترغيب وشراء الذمم الى انواع القتل والخطف والتهديد والتفجير ، الى الترحيل والتهجير القسري، واخلاء المدن من سكانها، وأحلال اكراد جدد فيها كما يحدث في كركوك وتلعفر وسنجار . ويرى هؤلاء ان المشروع (الكردي) يدفع نحو أثارة فتنة بين العرب والاكراد وقد يسبب حروبا أقليمية ،لأنه قائم على أساس عنصري وعدواني ويستخدم العنف والارهاب والاستيطان على الطريقة الصهيونية ،بينما تتفق غالبية الطوائف والاقليات وخاصة الكلدورآشور والتركمان أضافة الى العرب أن محافظتي أربيل ودهوك وهي من محافظات أقليم كردستان لم تكن موطنا للأكراد الى منتصف القرن التاسع عشر وكانت غالبية سكانها من العرب والتركمان والكلدورآشور ولكن الحروب بين الدولتين الفارسية والعثمانية سمحت للفرس بدفع أعداد كبيرة من اكراد أيران وتركيا للأستيطان في شمال العراق .


لقد مرت عملية الاعتداء على المسيحيين في الموصل من دون أن يكون لحكومة الاحتلال في بغداد رد فعل ينسجم مع مسؤوليتها عن حماية مواطنيها المسيحيين من الاعتداء المنظم عليهم . بل أن المتحدث بأسم قيادة عمليات نينوى العميد خالد عبد الستار قال أن (من المحتمل أن تكون قد حدثت حالة او حالتي تهجير قسري للمسيحيين ولكن أحدا لم يبلغنا بأنه مهدد أو مستهدف كي نوفر له الحماية اللازمة ) مما يشير الى تواطئه مع ميليشيات البيشمركة رغبة أو رهبة .


وكانت الادلة المادية وشهود العيان تتفق على أن جرائم تفجير المنازل وتهجير أكثر من 1400 عائلة خلال اسبوع قامت بها ميليشيات البيشمركة.


أن العراقيين جميعا وفي مقدمتهم المسلمين لا يميزون بين بعضهم البعض على أساس الدين أو المذهب أو القومية وعاشوا بأنسجام ومحبة ، وكانت الدولة الوطنية قبل الاحتلال ترعى رجال الدين المسيحيين وتتولى صيانة كنائسهم واديرتهم من ميزانيتها العامة أسوة برعايتها لمساجد ومراقد المسلمين.التمييز الذي حصل ضدهم مصطنع من البيشمركة ولأهداف سياسية تخدم هدف توسيع كيانهم الانفصالي في شمال العراق.


أسامة النجيفي أبن مدينة الموصل والنائب في البرلمان عن القائمة العراقية التي يرأسها أياد علاوي ،هو الوحيد الذي أنتخى من بين أركان احزاب الاحتلال الحاكمة ومؤسسات حكومة الاحتلال لفضح جرائم البيشمركة ضد المسيحيين ،وكان له من الشجاعة والجرأة ماجعله يوجه مسؤولية ماحصل الى الاحزاب الكردية التي أتهمها بأنها تحاول ( فرض هيمنتها على المدينة وتغيير هويتها لاهداف توسعية ويراد منها حصر المسيحيين في اقليم خاص بهم، للتهيئة الى الحاقهم باقليم كردستان مشيرا الى ان ذلك يتماثل مع ما تتعرض له الاقليات الاخرى مثل الشبك واليزيدية ).


وأكد النجيفي ان حكومة بغداد غائبة تماما عن مدينة الموصل، متهما الكتل الكبيرة بعقد صفقات سياسية تهدف الى عدم تمكين الحكومة المركزية من فرض السيطرة على محافظة تابعة للمركز في بغداد .


أثارت صراحة ردود فعل عنيفة لدى الاحزاب الكردية وأعلن النائب عن التحالف الكردستاني محسن السعدون ((ان التحالف الكردستاني قدم طلبا الى هيئة رئاسة مجلس النواب لتشكيل لجنة تحقيقية حول التصريحات التي اطلقها النائب اسامة النجيفي والتي اتهم فيها الاكراد بالوقوف وراء عمليات قتل وتهجير المسيحيين في الموصل)).وأكد السعدون على ان التحالف الكردستاني سوف يتابع عمل اللجنة لحين الوصول الى قرار برفع الحصانة عن النجيفي والغاء عضويته في مجلس النواب،


وعلى الطريقة الصهيونية ،قامت عناصر من حزبي جلال وأجهزة اعلامهما بشن حملة أعلامية مكثفة ضد النائب النجيفي أتهمته فيها بالعنصرية والعمل على تعريب الموصل مع ان الموصل مدينة عربية لا تحتاج الى تعريب ولكن يخشى عليها في غياب الدولة الوطنية من التكريد ...


يوم بعد آخر يتأكد الدور الموسادي لجلال ومسعود ، يعاونهما في ذلك أحزاب مماثلة ترعاها أيران وهي حزبي المجلس الاعلى والدعوة وكل هؤلاء شركاء في تدمير العراق وتمزيق نسيج مجتمعه ..


أزمات الاشهر القليلة الماضية كشفت أن جلال ومسعود يرفضان تسليح جيش حكومة الاحتلال ، ويمنعانه من الوصول الى المناطق التي تحتلها قوات البيشمركة ، ويسعيان لأبقاء مايسمى الدولة الاتحادية مجرد كيان هزيل لا حول له ولا قوة في مواجهة أقليم كردي قوي ومستقل ويتسلح ويبني مؤسساته الانفصالية ويقيم علاقاته مع دول العالم بمعزل عن الدولة الاتحادية ، ويتدخل في شؤون الدولة الاتحادية بقوة ولا يسمح للدولة الاتحادية أن تتدخل في شؤونه .. كل هذه الامور عبارة عن معايير واضحة على المشروع الانفصالي ... وعلى الوطنيين العراقيين والدول العربية وجامعة الدول العربية أن يتصرفوا بسرعة وجدية لوقف هذا المشروع وتجريده من أسنانه المسمومة قبل أن يستفحل أمره ... وعلى المقاومة الباسلة أن تعطي هذا المشروع أهتماما اكبر وأن تتصدى لأدواته وتقهرها ، لأنها لا تختلف عن أدوات الاحتلال من حيث تأثيرها وخطورتها ..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢١ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٠ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م