غضب الله سبحانه .. ولعنة العراق !

 

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

 

من قولنا المتداول نحن معشر المسلمين ....ان الله سبحانه لا يرمي بحجر ...  الباري جل شأنه وعقابه يظهر بصور مختلفة منها كوارث طبيعية كالزلازل والاعاصير والبراكين والسيول والفيضانات والاوبئة .. ومنها ما يظهر بصيغة (احباط عمل) مهما وظفت لانجازه من امكانات مادية وبشرية وتقنية وحتى لو تصدت لانجازة اعظم القوى الدولية واغناها واعظمها قدرات في السلاح والاكثر تطورا في العلوم والتكنولوجيا .. فنحن نمتلك ايمانا راسخا ان الفشل الذي يكتب لهكذا اعمال مرده حتما لاقدار ربانية وليس مجرد صدفة او عبث. ونحن بيقين لا ينقطع نرى ان فشل اميركا وعملاءها في العراق يقع في خانة احباط العمل التي توعد بها الله سبحانه في كتابه العزيز المجيد اولئك الغاشمون المعتدون من ارباب الطاغوت والشر المستطير الذي لا يتوافق مع ما جبل الله عليه خلقه من الركون الى السلام والمحبة ونبذ الاجرام وسفك الدماء وتدمير اسس الحياة الاجتماعية المستقرة الرشيدة المتعقلة كما فعلت اميركا المجرمة عبر غزوها لبلدنا الحبيب.

 

بعض مظاهر الغضب الرباني ولعنة العراق على اميركا :

 

يمكننا ان نلتقط علامات ودلائل كبيرة لغضب الله على اميركا حيث احبط عملها واهدافها في العراق. فاميركا التي وظفت احدث واعظم قدراتها التقنية وكل آلتها العسكرية في البر والبحر والجو .. مئات الآلاف من الجنود والمخابرات والمتعاقدين الامنيين والشركات الامنية وتساندها في حلف غير مقدس عشرات الدول بقوات عسكرية مختلفة واسناد مالي واقتصادي واعلامي .. لم تتمكن الى اللحظة من بسط سيطرتها ولا حتى على قرية عراقية منذ بداية غزوها للعراق عام 2003 والى الآن. واميركا التي اعلن رئيسها المجرم انتهاء العمليات العسكرية بعد شهور قليلة من بداية الغزو عام 2003, لم تتمكن الى الآن من وقف العمليات العسكرية حتى ولو لساعة واحدة الى اللحظة. اميركا التي دخلت مرحلة تنفيذ الغزو المجرم في اجواء متفائلة جدا مؤسسة على معلوماتها المخابراتية وتقارير عملاءها من قردة المعارضة العراقية السابقة من انها لن تخسر رجالا في المنازلة طالما ان ميزان القوة العسكرية بمجمله يميل لصالحها بواقع مليون بالمئة وانها ستحقق نصرا خاطفا في غضون ايام او اسابيع قليلة, قد وجدت نفسها بعد حين قليل من دخولها الى بلدنا خاسئة مجرمة غاشمة وبعد مضي هذه السنوات الخمس وجدت اميركا نفسها وقد خسرت في المنازلة مع جند الله في العراق ما يزيد على270 ألف من الاميركان اخرجوا من ساحات القتال بين قتيل وجريح ومجنون ... وغير ذلك عدد يعلمه الله من الهاربين الذين يشكلون الآن ثقلا وعبئا على عدد من دول العالم مثل كندا التي تحتار ماذا تقرر بصددهم .. ابقاءهم ام اعادتهم الى اميركا.

 

خسائر اميركا في البشر اكبر من ان يحجبها حجب او تعتيم اعلامي ولا حتى تعمية اعلامية لانها وقائع متحركة على الارض تجوب الشوارع في كل المدن الامريكية بصيغة معوقين ومقعدين تراهم كل عين وتتداولهم كل الالسن ... وقد تكون اميركا قد وفقت في اخفاء عدد القتلى الحقيقيين من المرتزقة وطالبي الجنسية من الذين اغوتهم ودفعتهم ظروفهم فتعاملت معهم باستخدام احط اسلوب واخبث توجه عنوانه (من يحب اميركا يقاتل ويموت من اجلها) حيث ترمى جثثهم في الانهر والبحيرات العراقية او تدفن في مقابر جماعية في الصحارى غير الماهولة, غير انها لا تستطيع اخفاء الموتى الاحياء من المعوقين ومن المجانين والفارين من غضب الله ولعنة العراق.

 

كل انواع اللعب المخابراتية وباستخدام احدث تقنيات الرصد والتجسس والملاحقة جربتها اميركا وحلفاءها غير انها لم ولن تتمكن من ايقاف نزف الدم الامريكي واستنزاف الآلة العسكرية باسلحة بسيطة تمتلكها المقاومة او تقوم بتصنيعها في البيوت ودكاكين البقالة ومكاتب الصيرفة ومحلات بيع الملابس وفي سيارات النقل الخاص ومراكز الشرطة والجوامع والحسينيات واضرحة اهل البيت وتحت مواقد السمك المسقوف في ابو قلام بالكرادة داخل والاجزاء المحررة من ابو نؤاس ... في الاحياء السكنية والاحياء الصناعية وفي المدارس والمعاهد والجامعات .... فوق الارض وتحت الارض ... وفي كل هذا كان الله سبحانه يمنح رجال امن ومخابرات المقاومة البطلة قدرات خارقة على التمويه والافلات والاختفاء جعلت جهد اميركا المخابراتي في جله محض سذاجات وبذلك ظلت خسائر المارينز تصيب الاحتلال بالشللية والانهزام.

 

غضب الله ولعنة العراق ... فرقت حلف الغزو المجرم فانسحبت دول العدوان من العراق واحدة بعد الاخرى ولم يبق الاّ القليل جدا في طريقهم للانسحاب لتبقى اميركا لوحدها لأن دول العالم كلها ادركت الخطأ التاريخي الفادح الذي وقعت به وهذا كله بفضل الله سبحانه وايقنت ايضا ان اهداف اميركا في العراق لا تمت باية صلة لاي قيمة انسانية سياسية او اجتماعية او اقتصادية .. واكثر من هذا فان المنظومة الدولية بكاملها قد ادركت تماما ان وجود اميركا الاحتلالي في بلدنا يشكل كارثة حقيقية على اميركا ذاتها وان النتائج لهذا الغزو لا تجنيها سوى ايران الفارسية والصهيونية.

 

اللعنة والغضب الرباني على العملاء والخونة :

 

وجه آخر لسخط رب العالمين على اميركا هو الفشل المخزي للعملية السياسية التي فرختها بعد تدمير الدولة العراقية وعولت عليها في التاسيس لحالة الامن المطلوبة لقواتها بالدرجة الاساس وفرض البديل على العراق وفق المعايير الاستعمارية الامبريالية الصهيونية والفارسية. والسبب الجوهري والاساس لهذا الفشل المريع هو اعتماد اميركا على عملاء وخونة ينتمون الى اجندات سياسية مختلفة لا يجمعها جامع سوى الشراهة والاندفاع الاهوج لعناوين السلطة ليس حبا بالسلطة كاداة خدمة للوطن واهله بل كطريق للنهب والسلب والاغتناء على حساب كل قيم الشرف والاخلاق والوطنية .. لذلك تاسست دولة الفساد الاولى في العالم وليس بوسع احد الاّ ان يقول انها لعنة العراق العظيم التي جعلت كل الاوباش العملاء يتيهون في خضم الفوضى العارمة فيفعلون كل ما هو منكر ودنئ ويتنافى مع اعراف بناء دولة معاصرة الى مسالك الرذيلة والسقوط والبنيان الفاسد .. ليس بوسع احد ان يقول شيئا غير انهم ضاعوا وتاهوا وافلتت من بين ايديهم حتى بوصلات اميركا الراعية لخطواتهم وتحركاتهم ... فتحولوا جميعا دون استثناء احزابا وكتلا وافرادا الى لصوص وقتلة وتجار دم ورقاب ... وهذه بعض علامات سقوطهم المدوي:

 

1-  سنوا دستورا صهيونيا فارسيا اسقط عنهم امام الله وشعبنا العظيم ورقة التوت فانكشفت كل عوراتهم دفعة واحدة وانكشف ارتباطهم المسير من قبل دول وجهات غير عراقية مثل الكيان الصهيوني وايران لتفتيت العراق عرقيا وطائفيا وانهاء وجوده كدولة عربية مسلمة .. فبان غضب الله عليهم في غضب شعبنا عليهم ورفضه لهم رفضا شاملا.

 

2-  اجروا انتخابات تحولت الى مهزلة لافتقارها الى ابسط حيثيات الانتخابات الحقيقية كونها تجري بدون شرعية ولا قانونية ببساطة لانها اجريت تحت حراب الاحتلال والشعب والوطن فاقد لحريته وسيادته تحت الاحتلال وفوق هذا زوروها على رؤوس الاشهاد..

 

3-  اقاموا برلمانا وحكومة لا تقوى الاّ على تحريك المليشيات الطائفية المجرمة لقتل شعبنا ولا تقوى الاّ على سرقة اموال العراق ونهب ثرواته وتعتدي على مقدراته مع افتقار تام لأي نوع من انواع الخدمة التي تقدمها عادة دول العالم لشعوبها.

 

وبعد اكثر من خمس سنوات على الاحتلال تفتتت التجمعات والتكتلات التي شكلوها لخداع الناس واللعب على حبال الديمقراطية الزائفة .. تفتت الائتلاف الصفوي الفارسي واقتتلت اطرافه التي تعرف كل شئ غير انها لا تعرف معنى الديمقراطية والوطنية والشرف وتصارعت وما تزال على توزيع محافظات العراق ككانتونات واقطاعيات ضمن مشروع الحكم اللا مركزي الذي يقتضي تطبيقه كتجربة ادارية ان يكون البلد مستقلا ومستقرا وعنده تقاليد واعراف سياسية واقتصادية وتربوية وصحية وليس بلدا محتلا تجوبه جيوش الغزو وفرق الموت والشركات الامنية ومخابرات معظم دول العالم ناهيك عن تضارب مصالح الدول المجاورة فيه في ظل هذه الفوضى غير الخلاقة.

 

العملية السياسية هي محض ميلودراما وكوميديا تلعب على مسرح غارق بالدم والدموية ويرقص عليه عتاة الاجرام والتبعية الذليلة لامريكا وايران والصهيونية من الاحزاب الكردية والاحزاب الفارسية الصفوية (الدعوة _المجلس _ بدر _الفضيلة _المهدي _الصدرية ...الخ)، ومعهم الحزب اللا اسلامي الطائفي الخائن ... وعلاوى العميل لاكثر من طرف والافاك احمد الجلبي.

 

لقد اعتقد الامريكان انهم يمارسون لعبة ذكية اسمها (الفوضى الخلاقة) ..غير ان هذه اللعبة قد انقلبت كما ينقلب السحر على الساحر .. فصارت المليشيات التي شرعنها بريمر خناجر في خاصرة عمليتهم السياسية وتحولت صحوات اميركا الى عتلات في طريق تجميع الرعاع على قرار مشترك.

 

فشل ذريع في كل شئ لا يمكن ان يحصل الاّ بارادة الله سبحانه وغضبه جلت قدرته الذي اظهره بصيغة نحن نطلق عليها لعنة العراق .. وهو غضب, وهي لعنة هيأ لها رب العزة سبل التطبيق الواسع على ايدي صفوة شعبنا رجال المقاومة العراقية الوطنية والقومية والاسلامية الاسود.

 

فشل في العملية العسكرية ... فشل في العملية السياسية ... وتخبط لم يعرف فى كل التاريخ القديم ولا الحديث ولا المعاصر للقوى العميلة التي استلمت كراسي السلطة كبيادق شطرنج بيد الاحتلال وكواجهات متعفنة له ... و كل ذلك قاد الى الكارثة .. كارثة اميركا .. غضب الله ولعنة العراق على اميركا التي ادت الى تداعي اميركا ماليا واقتصاديا كما لم يحصل في كل تاريخها من قبل ... ولم ينفعها تفوق ولا قدرات مخابراتية ولا تفوق في التخطيط ومنه التخطيط لاستثمار النفط العراقي في تمويل الحرب ..

 

لأن لا راد لارادة الله سبحانه حين يغضب .. ولأن دم البشر ليس ماء بحر مالح .. فالله ينتقم ويمكر وهو خير الماكرين.

 

اميركا الآن تسير نحو الحضيض وغيرها من دول العالم يرتقي ..

 

وحتى لو ظلت اميركا واقفة على اقدامها ... فانها لم تعد قادرة على الجري ولا حتى على الهرولة ... بل نحن

 نرى انها غير قادرة على ادامة الوقوف في زمن منظور.

 

شواهدنا على غضب الله ولعنة الدم العراقي والوطن العراقي المدمر كثيرة .. وكثيرة جدا ... وهي على نقيض تام على ما يدعية بوش واعوانه من الصقور الذين تحولوا الآن الى دجاج .... فنحن نقول ان الله سندنا وعوننا في دفع العدوان وسبل الدمار عن بلدنا وشعبنا ...

 

وهم قالوا ان الله اوحى لهم بالغزو والتدمير ...

ها نحن نرى الآن .. ويرى معنا كل العالم ..

من هو الرب الحقيقي القادر المقتدر ... ربنا الله العلي السميع المجيب سبحانه  ... أم ربهم الذي لايعرف احد من هو اذ قد يكون ..الصهيونية ليس الا ؟؟؟.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ١٢ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١١ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م