مغالطات البنتاغون ربع الفصلية

﴿ الحلقة الثانية ﴾

 

 

شبكة المنصور

جاسم الرصيف

 

وجاء الحريف الظريف في مغالطات تقرير البنتاغون ، ربع الفصلية ، المرفوعة للكونغرس عن الوضع في العراق المحتل في قوله : ( ان النفوذ الأيراني في العراق يبقى التهديد الأمني الرئيسي على المدى الطويل ) ، وانتبهوا لتعبير ( المدى الطويل ) ، واضاف البنتاغون : ( ايران تواصل بوضوح تمويل وتدريب وتسليح وتوجيه مجموهات خاصة للعمل على زعزعة الوضع في العراق .. من خلال دعم المجموعات الشيعية المتطرفة ) .

 

وفي تحليل ماجاء في هذه الجمل ، وهي ( كلام حق ّ يراد به باطل ) بامتياز مشهود معدود ، يجد المتابع إحتمالات لايمكن للبنتاغون ان يحيد عنها مطلقا :

 

إمّا : ان ( العباقرة !؟ ) في وزارة الدفاع الأمريكية يجهلون مع من تعاملوا قبل الإحتلال ، خاصة عبدالعزيز الحكيم واحمد الجلبي وابراهيم الجعفري وجلال الطالباني ، وكلهم نالوا تربية أيرانية معروفة حتى لمجانين قرانا ، ومن ثم يبدو ( إكتشاف!؟ ) النفوذ الأيراني بعد إحتلال العراق من قبل البنتاغون غباء موثقا جر ّ كل هذا النفوذ الدموي الخطير على اميركا والعراق وحتى الدول العربية ( الصديقة ) وغير الصديقة لأميركا ،،

 

أو : ان البنتاغون كان يعرف مسبقا ، وهذا هو الأرجح ، بأن المذكورين ايرانيين نسبا وحسبا وولاء يدعون انهم عراقيين ، ولكنه وظفهم حصان طروادة لغزو العراق من منطلقين لاثالث لهما قط : الأول ، بات اقدم من السلام عليكم و ( هاي ) ، وقد عفا عنه الزمن ، وهو ان ( عدو عدوك صديقك ) ،، والثاني ، هو ( أمل ) البنتاغون في تحويل هؤلاء الى أداة ضد أيران نفسها لاحقا ، ولكن ( المعجزة ) الأيرانية الشهيرة حصّنت هؤلاء من التدجين الأمريكي ، فتحولوا بفضل غباء البنتاغون الى : ( نفوذ ايراني يهدد الأمن ــ الأمريكي العراقي العربي التركي ــ .. على المدى الطويل ) في العراق .

 

أو : ان البنتاغون نفسه يريد لهذا ( التهديد الأمني ) و ( النفوذ الأيراني ) ان يبقى ورقة ضغط دموية ضد عرب العراق ، وضد دول الجوار العربي وتركيا في آن ، يساوم بها ايران على التخلي عن مخالبها النووية ضد اسرائيل مقابل استعمال انيابها ضد العرب والأتراك كلما تطلبت الحاجة وتحت اشراف امريكي ، لذا يخدع البنتاغون الكونغرس ، ودول الجوار العراقي ، ويخوّفه من نفوذ ايراني لايمكن ان يعالج الاّ باستمرار احتلال العراق ، وهذا الإحتمال الأرجح والأصح ّ والأوضح ، وعلى دلالة ان البنتاغون قادر وخلال ساعات قليلة على ( إجتثاث ) النفوذ الأيراني من العراق من خلال القبض على ( الرؤوس الأيرانية ) في حكومة المضبعة الخضراء وتسليمها الى الشعب العراقي الذي إدعت انه إنتخبها ، عندئذ سيرى العالم ومنه اميركا ، نوع الإستقبال الذي سيناله هؤلاء من العراقيين .

 

وحتى اذا إفترضنا ( حسن النيّة ) ، في الإحتمالين الأولين ، للبنتاغون الذي خصص ( 300 ) مليون دولار لتسويق مغالطاته اعلاميا مؤخرا ، ومنها ماتقدم من مغالطات ، فهذا لايعفي عباقرة اكبر وزارة دفاع في العالم ( ترى النملة السوداء في الليلة الظلماء ) من تهمة ( الغباء ) على مثل قديم يقول : ( جنت على أهلها براقش ) ، ولكن هذا لايعفيها قطعا من ( عبقرية ) حل ّ مشاكلها في العراق بالعمليات العسكرية ( الجراحية ) ، كما تودّ التعبير ، فتلقي القبض على كل الرؤوس أيرانية النسب والحسب والولاء في الحكومة الخديجة التي ترعاها في المنطقة الخضراء .

 

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه قبل وبعد كل هذه المغالطات هو :

 

هل ينجح البنتاغون ، اذا ما إستثنينا مواقف دول الجوار العراقي الموقعّة على بياض ، في مخادعة الكونغرس لإستبقاء قواته المهدّدة في العراق من قبل أيران ، ومن قبل المقاومة العراقية في آن ؟! .

 

كل المؤشرات في اميركا تشير الى ان فوز الحزب الديمقراطي برئاسة اميركا ، وبوجود أغلبية ديمقراطية في الكونغرس رافضة لإستمرار النزيف الأميركي ( طويل الأمد ) في العراق ، رافضة لفكرة القواعد العسكرية الأمريكية في العراق ، تحت تأثير اغلبية شبه مطلقة من الشعب الأمريكي ، سيكون له وقع تغييرات عاصفة كبيرة جدا في الشرق الأوسط ، لم يستقرئها العالم العربي بعد ، وربما إستقرأها ولكنه مرعوب من نتائجها وتأثيراتها اللاحقة ضدّه وفق حقيقة ( من حفر حفرة لأخيه سقط فيها ) ،،

 

واوّل من إستقرأها وجهّز نفسه لها هو إسرائيل التي خففت من غلواء كبريائها ضد الدول العربية المتشددة ضدها ، بعد ان ايقنت وهي العارف المقرّب بأن البنتاغون ومرتزقته المحليين يترنحون تحت ضربات المقاومة الوطنية العراقية ، ويتخبطون ، تخبّط حشاشين ، بين ( صحوة ) سنية و( غفوة ) شيعية وذيلية ( كوندية ) ، حتى بات البنتاغون يقرّ ضمنا بانه ماعاد يعرف صديقه حقا في العراق من عدوه صدقا ،، لذا سارعت اسرائيل لتحاور سوريا على سلام دائم حرصا منها على حدودها من ذات الشدّة التي تعانيها القوات الأمريكية في العراق ، والتي اذا رحلت فان هذا يعني فتح اوسع الأبواب للمقاومة العربية نحو مستوطنات الإحتلال الإسرائيلية .

 

ويبدو ان المتغيرات القادمة في اميركا ستضع حدّين لاثالث لهما لحشّاشي البنتاغون :


إمّا : ان يفوز الجمهوريون وهذا عيد لفرق الموت الدولية والمحلية ، واستمرار لنزيف اميركي عراقي عربي يشترك في ذات المأساة ،،


أو : ان يفوز الديمقراطيون وهذه نهاية ، أن لم تكن عاجلة فهي آجلة ، لتجّار الحروب الدوليين والمحليين في العراق المحتل والمنطقة .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١١ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٠ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م