في تقريرها ، ربع السنوي المرفوع
الى الكونغرس الأمريكي عن الوضع
في العراق المحتل ، إعترفت وزارة
الدفاع الأمريكية ، البنتاغون ،
بأن : ( المعالم الأساسية "
للصراع " في العراق لم تتغير ،
رغم التحسن الكبير في الأوضاع
الأمنية ) ، واضافت وصفا صحيحا ــ
على غير العادة !! ــ يفيد ان
الأوضاع الأمنية : ( هشة وغير
متماسكة ويمكن ان تتراجع ) ، ولكن
على تبرير مخادع مراوغ ، كالعادة
، يفيد ان العراق : ( عالق في "
نزاع " بين مختلف " المكونات "
على السلطة والموارد ) .
ماتعنيه وتحمله في طياتها هذه
الأوصاف الواردة في تقرير
البنتاغون هو :
اولا :
ان ( عدم تغيّر معالم الصراع )
الذي قصده البنتاغون هو : خديعة
اخرى للكونغرس ، والشعب الأمريكي
في آن ، وربما بعض الحمقى من حكام
الدول الصديقة للبنتاغون ، لتبرير
استمرار بقاء القوات الأمريكية في
العراق لأطول فترة يمكن ابتزازها
من قبل تجار الحروب الأمريكان من
جميع هؤلاء . وفي وقت اعترفت كثرة
من اعضاء الكونغرس الأمريكي بانها
( خدعت بمبررات هذه الحرب ) ، لم
تعترف الأكثرية المطلقة من حكامنا
المسلمين الذين آزروا الإحتلال
مباشرة ، أو غضوا النظر عنه ،
بأنهم من المخدوعين باكاذيب تجار
الحروب كما جلاّديهم وولاة امرهم
الأمريكان النادمين ، وهذا ما
يشجع البنتاغون على خداعهم مرة
بعد مرة ، لأن : ( السكوت من
علامات الرضا ) عن ( صراع ) دموي
بشع يجري في العراق ( يستلزم ؟! )
استمرار قوات الإحتلال على القتل
المجاني وإعالة فرق موت تابعة
لمكونات قوات الإحتلال .
كما ان هذا التقرير يوثق ويوجز
هدفا غاية في اللؤم والخباثة
الموجّهة من قبل البنتاغون ضد
الشعب العراقي ، وضد الشعب
الأمريكي في آن ، وحتى شعوب
المنطقة من خلال هذه التوصيفات
المغالطة الزائفة ،، لأن هذا (
الصراع ) الذي تعكز عليه
البنتاغون ماكان حاصلا قبل
الإحتلال ، وما كان سيحصل بعده ،
لو لم تقسّم ادارة مجرم الحرب بوش
الشعب العراقي الى حصص طائفية
وقومية ، على ابعاد عنصرية نقيضة
لكل ( ديمقراطيات ) الأرض قديمها
وحديثها ، أسست ( للنزاع على
السلطة والموارد ) لاحقا وفق
الرؤى الأمريكية البريطانية
الإسرائيلية ورؤى تجار الحروب
العراقيين من ركّاب دبابات الغزو
الأمريكي .
البنتاغون في هذه الأوصاف يدعو كل
الجهات المعنية بالعراق الى
خيارين لاثالث لهما : إما الخضوع
لرغبته الدموية في البقاء لأطول
فترة إحتلال ممكنة بحجة هذا (
الصراع ) الزائف المفتعل ، او ان
يشهد العراق ومعه دول المنطقة (
نزاعات ) على ( السلطة والموارد )
بين كل الطوائف والقوميات ، يأكل
فيها القوي الضعيف ، ويستقر
المنتصر في حضن تجار الحروب
الأمريكان وشركائهم من تجار
الحروب المحليين ،، ومن ثم لايبدو
غريبا ، ولا مضحكا ، لعاقل ان يجد
علاقة مستحدثة مستوردة بين المذهب
الفلاني ، او القومية الفلانية ،
وبين مجرى النهر هذا ، وبئر النفط
تلك ، ومنجم البوتاسيوم ذيّاك ،،
لأن هذا الربط السلطوي والمواردي
الشخصي ، دون سلطة الوطن والوطنية
، صار من اهم متطلبات ميلاد (
الشرق الأوسخ الجديد ) ، الذي أسس
له البنتاغون صراحة ودون لف ولا
دوران وفق ( خارطة الدم ) الشهيرة
المنشورة عنه ومنه .
ثانيا :
من المعروف ان ( المعالم الأساسية
) التي قصدها البنتاغون هي :
المعالم التي أسسها بنفسه لنفسه ،
من خلال استيراد ايرانيين ، كانوا
لاجئين في العراق فرّوا الى ايران
بعد ان عضّوا الأيادي التي آوتهم
واطعمتهم ، ومن خلال اكراد وعرب (
عراقيين ) لاوطن لهم ولاقيم
اخلاقية غير كهوف تجارة الحرب ،،
ووضع البنتاغون كل هؤلاء قوة بطش
و تهديد ارتزاقي للشعب العراقي
وبقية شعوب الأرض في المنطقة بشكل
خاص و العالم الإسلامي بشكل عام
،،
البنتاغون نفسه هو من استنسخ عن
غباء موثق قاعدة ( الحضارة
الغربية !؟ ) في ( فرق تسد ) في
كل الدول الإسلامية ، واولها
افغانستان ثم العراق ثم السودان
والصومال بعد فلسطين ،، ولكنه وجد
نفسه أضعف مما كان يتصور عن نفسه
أمام حركات مقاومة تعد من (
الحفاة العراة ) قياسا الى
امكانيات البنتاغون الخرافية ،،
ولم يشعر البنتاغون بورطته حتى
وهو يعدّ التقرير للكونغرس ، لأنه
لايفكر بمصلحة اميركا ، ولا
بمصالح شعوب الأرض كلها ، إزاء
رغبات ومصالح تجار الحروب الذين
سيطروا عليه ،،
ووجه حماقة البنتاغون ، اذا ما
افترضنا حسن نواياه وهو يعد هذا
التقرير ، في انه : لم يفهم كيف
ومتى ومن ( يفرق ) وضد من ،، كما
لم يفهم متى وكيف ومن ( يسود )
اذا نجح في التفرقة ،، ولم يقرأ
تأريخ العراق ، ولاعادات وتقاليد
شعبه ، ولا تأريخ المنطقة العربية
والروابط بين أهلها ،، وفضلا عن
كل هذا جاء على الظن ان شعوب
المنطقة سترضى بكل مايصدر عن
البنتاغون لأنه مجرد .. امريكي !
.. قادر على الفتك بأعدائه الذين
يختارهم اعداء ، وحماية اصدقائه
الذين ظن ّ فيهم القدرة على
الاجرام بحق الشعوب .
نعم ، عثر البنتاغون على أعوان له
ومرتزقة من العرب ( شيعة وسنة )
ومن الأكراد والتركمان وبقية
القوميات ، وهؤلاء نجحوا بدورهم
من خلال حكومة المضبعة الخضراء في
ذبح مليون وتهجير ستة ملايين
عراقي خلال اقل من ست سنوات !! .
نعم ، نجح البنتاغون في التأسيس
لفرق موت طائفية وقومية عنصرية(
كردية ) ، بعضها ( صاح ) وبعضها (
غاف ) ،، كما نجح في إذكاء الفتنة
حتى بين عملائه لكي يؤسس ( لسيادة
) على الجميع لأطول فترة ممكنة !!
. نعم ، نجح البنتاغون في إستئجار
مليون مرتزق ، عراقيين ، بعد
تجويع شديد بحجة ( الإجتثاثات )
الشهيرة ، ونجح في استيراد مرتزقة
اجانب بعد إغراءات منهوبة من
ثروات العراق نفسه ،،
نعم نجح في كل هذا !! ،،
ولكن هل نجح في السيطرة على
الأوضاع الأمنية ؟! .
البنتاغون نفسه يجيب بأنها : (
هشة وغير متماسكة ويمكن ان تتراجع
) ! .
ولكن احدا لم يسأل البنتاغون عن
سر ّ هذه ( الهشاشة ) و( عدم
التماسك ) ، لأن الإجابة ستؤدي
الى الإعتراف : بوجود مقاومة
عراقية وطنية ، تمثل اكثرية صامتة
صامدة مطلقة من الشعب العراقي ،
رافضة لكل ( المكونات ) التي أسس
لها الإحتلال . |