خرج من المعتقل ليقاوم من جديد

 

 

شبكة المنصور

كلشان البياتي / كاتبة وصحفية عراقية

 

شاءت إرادة الرحمن (عز وجل) أن يقع في قبضة القوات الأمنية العراقية التي بادرت وعلى الفور إلى تسليمه إلى القوات الأميركية، لم يستسلم بسهولة لكنه وقع في الآسر بعد مقاومة عنيفة أصيب في إحدى ساقيه ...

 

انتاب الحزن كل من كان يعرفه أو يسمع عن بطولاته وصولاته مع قوات الاحتلال.اعتقال أي مقاوم بطل يبعث الشجن في النفوس ليس خوفاً من الاعتقال وما سيترتب عنه من تعذيب فالاعتقال والتعذيب للرجال لكن ساحة المقاومة تفقد مقاوماً وخسارة المقاوم خسارة لا تعوض..

 

مرت الأيام ، وشاءت إرادة الرحمن (جلّ شانه وعلا) وليس إرادة المحتل ولا عملائه أن يطلق سراحه ويسترد حريته ..

 

في أول لقاءٍ معه بعد خروجه من المعتقل كان ُمدهشاً، فأجأ كل الذين التقو به ، كان الجميع يتخيلونه محبطاً ، أطال لحيته متراً ، ملامح وجهه لا يفسر ، مكتئباً ، معتزلاً الناس، متخذاً قراراً بالسفر خارج العراق.

 

في أول لقاء معه ، قال لصديق له ، جئت لأسلم عليك ، ولأكلفك بمهمة ... استغرب الصديق من الطلب كما استغرب من رؤيته إمامه واستفسر منه عن نوع المهمة فلم يكن يدر بخلده أن تكون المهمة عملاً من أعمال المقاومة، قال له ، لنعود إلى العمل ، تأخرنا كثيراً.

 

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يعتقل فيها ، بل اعتقل مرات ، مرة من قبل قوات عراقية ومرات من قبل قوات الاحتلال  ، وفي كل المرات التي اعتقل فيها وأطلق سراحه ، يعود ليسبب الصداع لقوات الاحتلال وأعوانه.

 

الاعتقال يزيد المقاوم اصراراً على مواصلة المقاومة ولاسيما المقاوم المؤمن بعدالة قضيته وتحرير الوطن من الاحتلال والدفاع عن الإعراض والمقدسات واسترداد حق مغتصب اعدل قضية في الكون..

 

قلماّ تجد مقاوماً عراقياً دخل المعتقل ولاقى من التعذيب ما لاقى ، وخرج منه يائساً ، مكتئباً ، اقسم على ترك المقاومة ..

 

المقاومون العراقيون نمط خاص من الرجال لن يصل اليأس إلى قلوبهم كما لن تصل العمالة والخيانة إلى عقولهم. أشداء، أقوياء ، يتحدون الصعاب والشدائد ..

 

المقاوم العراقي يزداد قوة وايماناً وبأساً في الشدائد والصعاب...

 

السجن صلاح وتهذيب للمجرمين ..

 

لكن السجن للمقاوم ، إصرار على مواصلة المقاومة بهمة ونشاط وحماس وإيمان...

 

مقاومة المحتل إدمان عند بعض الرجال لا يستطيعون التخلي عنها بسهولة مهما حدث ، وإذا كان المحتل وأعوانه يعتقدون بأن اعتقال المقاوم وتعذيبه هو العلاج  من إدمانه على المقاومة فهم واهمون ...

الاعتقال يزيد من شراهة المقاوم العراقي على المقاومة ..

 

قالت لي إحدى الأمهات بعد زيارة ولدها في معتقل بوكا أن ولدها المعتقل منذ ثلاث سنوات اقسم انه سيجرع قوات الاحتلال السمّ حين يغادر المعتقل، وسيفعل ما لم يفعله قبل اعتقاله.

 

اغلب الذين يقاومون اليوم ، اعتقلوا وأطلق سراحهم  ، لم  يتخلوا عن المقاومة لان التخلي عنها صعب ، والتخلي عنها خيانة عظمى لن تغتفر ..

 

وقالت أحداهن بعد اعتقال زوجها وابنها: نحن اخترنا أن نكون مقاومين ، ومن يختار طريق المقاومة ، يتوقع أن تصادفه في الطريق : الاعتقال أو الاستشهاد.

 

أن سبب في إبقاء الآلاف من  العراقيين من قبل قوات الاحتلال الأميركي وإبقائهم رهن الاعتقال لسنوات عديدة  يعود إلى أن أمريكا وأعوانها من العملاء واثقة  ومتيقنة أن المقاوم العراقي لن يتخلى عن مقاومتها وإذا أطلقت سراح الذين اعتقلتهم سيعودون ليقاوموها من جد وجديد.

 

عاشت المقاومة الوطنية العراقية أعظم المقاومات

 

 
 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ١٢ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١١ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م