هذا هو طريق الخلاص للعراقيين

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

لاتزال الأوضاع الحالية في الولايات المتحدة تعاني من الأزمات الخانقة أضافه فشل داخلي وخارجي خاصة في مجالات التعليم والبيئة والهجرة بالإضافة إلى الفشل في العراق وأفغانستان الانهيار الأمريكي في ظل استمرار سياسة بوش الارتفاع الصارخ في الضرائب وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وارتفاع الدين الداخلي وتراجع القيم الأخلاقية، والمبالغة في الثقة بالنفس، والمبالغة في إرسال قوات عسكرية إلى الخارج، وحالة اللامبالاة التي تنفق بها إدارة بوش الأموال ناهيك عن ضعف العلاقات والروابط التي تجمع الولايات المتحدة بأوروبا والانفجار السكاني الذي تشهده الكرة الأرضية  وهذه تمثل جانب من المخاطر الإستراتيجية الكبيرة التي تهدد مستقبل أمريكا خلال القرن الحالي لاسيما وان أمريكا استنفدت كل الشعارات البراقة الكاذبة ابتداء من الديمقراطية والحرية وانتهاء بحقوق الإنسان، بقتلها المدنيين العراقيين وفظائع سجن «أبو غريب» والسجون العراقية التابعة للاحتلال واستعمالها القنابل العنقودية،  والأسلحة المزودة باليورانيوم والفسفور الأبيض، والقنابل النووية الصغيرة، والأسلحة الكيماوية".


كل ذلك يتم ضمن إطار أمني دموي وجو من العنف الدائم لإبقاء الوضع الأمني والسياسي في العراق ضعيفا هشا يكون فيه كل العملاء ضعاف وكل هذا لإبعاد أي تهديد  لمستقبل وجود الاحتلال ..ضمن هذه الأجواء تمارس إدارة بوش  ضغوطها بكل الوسائل لتوقيع الاتفاقية ألاستراتيجيه طويلة الامد مع حكومة الهالكي ، تحت حجج الحفاظ علي مصالح العراق وحمايته من تدخلات دول الجوار....كما إدارة بوش تريد تمرير الاتفاقية لاستبدال وصاية الأمم المتحدة التي تنتهي صلاحيتها في نهاية العام الجاري بحيث يتم شرعنة الاحتلال الا ما لانهايه وتتعلق الاتفاقية بتعريف وحماية الوضع القانوني للجيش الأمريكي ومسؤولياته في العراق السماح للقوات الأمريكية بالقيام بعمليات عسكرية أحادية الجانب، واعتقال عراقيين، ومنح حصانة من الملاحقة القانونية في العراق للمتعاقدين المدنيين مع الولايات المتحدة.


فهي اضافه الى انها ذات اطار استراتيجي طويل الأمد، فان الإدارة الأمريكية تطمح الى تضمينها فقرات تشدد من القبضة الامريكيه على العراق في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.وتتضمن (ضمانات امنية والتزامات تجاه جمهورية العراق لردع أي عدوان خارجي ينتهك سيادة البلد ووحدة أراضيه ومياهه وأجواءه إن هذه الاتفاقية تؤكد هدف إدارة بوش في اظفاء الشرعية على استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق وشرعنه السرقة والنهب بترتيبات دولية من الصعب تجاوزها كونها خارج الأطر القانونية التقليدية،في وقت تبقى فيه قوات الاحتلال تتمتع بحرية الحركة والحصانة القانونية والمرتزقة والمتعاقدين الأمنيين ينهبون ويقتلون، خفية أو علنا، بلا رادع او مساءلة.

 

ان الملفت للانتباه حول هذه الاتفاقيه هو ذلك التجاذب بين الاداره الامريكيه وخصمها الدعائي ومنافسها على ثروات العراق (النظام الايراني) والمثير في الامر هو ان القوى التي توافدت على العراق وتصدرت المشهد السياسي فيه وفقا لارادة المحتل وحلفائه تتقاسم في ولائها بين المتنافسين الامريكي والايراني ومن هنا نسمع ونرى كل يوم مواقف تبدو لغير المطلع انها متناقضه او انها مع هذا الطرف ضد الاخر ....في حين هي لاتعدو ان تكون جزء من السيناريو الذي اتفق عليه المحتلين الامريكي والايراني ومن هنا نؤكد ان النظام الايراني لايقف ضد الاتفاقيه بمعنى الرفض القاطع لها بل لان هذا النظام يريد ان يقبض الثمن بحيث تتحقق لايران ما لم تكن في الحسبان او حتى في الاحلام المبطنه للفرس قبل احتلال العراق حيث كان النظام الوطني فيه قد قطع اوصال تلك الاحلام وقضى عليها في مهدها ومن هنا كان الاتفاق بل والتحالف بين الاداره الامريكيه والنظام الايراني للتخلص من النظام الوطني الشرعي في العراق ليصل كل منهما الى مايبتغيه في هذا البلد الذي اصبح مسرحا للقتل والموت والدمار والخراب والارهاب بعدما كان من افضل الانظمه في المنطقه رغم كل التآمر والحصار عليه طيلة عقود من الزمن.


اما القوى التي ربطت نفسها ومصيرها الاسود بالاحتلالين الامريكي والايراني وفي مقدمتهم الاحزاب الايرانيه المنشأ والامريكيه الهوى وكذا الحزب الاسلامي وهو الاخطر والاسوء لانه يغطي مواقفه بشئ من عدم الوضوح وقدرته على تغيير لونه ومواقفه بسرعة البرق ناهيك عن جماعات اياد علاوي واحمد الجلبي ومايسمى بالتوافق وقرقوزات مجلس النيام ورئيسه محمود المشهداني الذي باع نفسه بابخس الاثمان ووزع ولائه بين ايران وامريكا والنتيجه التي تنتظر هؤلاء تنحصر باحد الاحتمالين احلاهما مر:


الاول اذا وافقوا على الاتفاقيه بعد التوافق عليها بين ايران وامريكا فان جميع هؤلاء سيفقدوا اخر ماتبقى لهم من تأييد بسيط لاسباب طائفيه وبسبب مايسمى بالمرجعيه التي ورطت نفسها بهذه المواقف وما سيترتب عليها من نتائج وخيمه ليس على عملاء الاحتلال المشاركين في اللعبه السياسيه سيئة الصيت بل على علاقة العراقيين بمرجعياتهم الدينيه التي خذلتهم وساعدت من احتلوا العراق على تحقيق اهدافه الشريره لاسيما في تمزيق لحمة العراقيين.


اما الاحتمال الثاني فان الهالكي ومن في حكمه من ذيول الاحتلالين الامريكي والايراني ان رفضوا توقيع الاتفاق فان الامريكيين سوف يمسحون الارض بهم ويقصونهم ويحرمونهم من كل مانعموا به طيلة السنوات الست العجاف من عمرالاحتلال وسيلقون بهم في اقرب مزبله ب ولانستبعد ان يكون الانقلاب العسكري عليهم احد ابرز الخيارات الامريكيه والخطه معده سلفا وجاهزه للتطبيق.


ويبقى السؤال الاهم وهو اذا كانت هذه خيارات اعداء العراق فما هي خيارات احرار العراق؟
وللاجابه نقول ان الايام والاحداث والوقائع اثبتت منذ تدنيس الاحتلالين ارض العراق الطاهره في 9 نيسان 2003 ان المقاومه الوطنيه بكل اشكالها وعناوينها هي الخيار الذي لابديل عنه وفي المقدمه والاساس منها المقاومه المسلحه بعنفوانها وشجاعة رجالها الافذاذ اما الخيارات الاخرى فهي ليست سوى مكملات للاساس فالامريكان لم يقدموا على اية خطوه الا بعد ان ذاقوا الويل من عمليات المقاومه الوطنيه العراقيه ولم يبقى امامنا سوى الاطباق النهائي على الاحتلال لاخراجه بالقوه لانه لايفهم ولايتقبل ولايستوعب ولايدرك سواها لغه وعندها سيجن للسلم...


ان الاحتلال في وضعه الراهن وبعد ان استطاع بعض المغامرين وقطاع الطرق من الذين باعوا انفسهم والوطن بحفنة دولارات ان يغيروا بوصلة الكفاح المسلح ضد الاحتلال وعملائه ليوجهوه ضد رفاقهم في المقاومه تحت لافتة لعينه اسمها الصحوات التي نفذت صلاحيتها وهي في طريقها الى حيث ينتهي مصير كل العملاء ومن باعوا ضمائرهم للمحتل....نقول ان الامريكيين والايرانيين ليسوا في حاجة ماسه للحوار المباشرالان مع من حملوا السلاح ضدهم لسبب بسيط وهو ان جماعة الهالكي وفيلق غدر والحزب اللااسلامي والتحالف الكردي العميل وكل من ساروا وراء مشروع الاحتلال يقدمون لاسيادهم المحتلين اكثر مما يطلب منهم وهذا هوفي حد ذاته مايبغيه ويتمناه المحتل أي نجاحه فيخلق مجموعه تقوم بتسهيل مهمته على افضل وجه ومن هنا فان وجود هؤلاء الثلل الفاسده العميله تساعد كثيرا على جعل المحتل واثقا انه قادر على البقاء وقت مايشاء مع غياب المقاومه العسكريه الفاعله ضد قواته وضد عملائه ومن هنا لابد من العوده الى اساليب العمل المسلح قبل عامين واستحداث اساليب جديده شكلا ومضمونا تنهك المحتل وتشل حركة عملائه اضافة الى اختراق صفوفهم والعمل داخل صفوفهم وتحطيم ماتبقى من الروح المنويه والقتاليه للاعداء عبر اسلوب مدروس من الفعاليات والعمليات النوعيه والمقاومه قادره عليها بشكل فعال وضرورة التوجه لاعادة الوعي والرشد والثبات للمقاتلين الذين انخرطوا مع الصحوات واقناعهم ان المحتل وعملائه زائلين وان العراق واهله الشرفاء باقون وهذا امر لن يكون بعيد المنال بل هو قاب قوسين او ادنى من الان.


ومن الامور الملحه الان على القوى الوطنيه الرافضه للاحتلال اضافه الى الجهد العسكري الفعال اللجوء لاستخدام ذات القنوات والوسائل التي طالما استخدمها اعداؤنا ضدنا ومنها الامم المتحده ومجلس الامن ومحكمة العدل الدوليه ولما كاننت الامم المتحده ومجلس الامن تحت الهيمنه المطلقه للولايات المتحده الامريكيه فاننا نستبعد امكانيه اللجوء اليهما لاستعادة حقوقنا وانصافنا ومن هنا لابد من التوجه الى محكمة العدل الدوليه لانها السبيل الاهم الان للمقاضاة من تسببوا في احتلال وتدمير وقتل العراقيين...


ويجب ان تنصب جهودنا حول ماجاء في نصوص اتفاقية( منع ومعاقبة جريمة ابادة الجنس البشري) لعام 1948 كون العراق وامريكا طرفان في هذه الاتفاقيه وتنص الماده التاسعه من هذه الاتفاقيه على( كل نزاع بين الاطراف المتعاقده في شأن تفسير وتطبيق او تنفيذ هذه الاتفاقيه بما في ذلك المنازعات الخاصه بمسؤلية الدوله عن اعمال ابادة الجنس البشري او أي من الافعال المنصوص عليها في الماده الثالثه يحال امره الى محكمة العدل الدوليه وذلك بناء لى طلب الدوله ذات الشأن) ، أي ان الاتفاقيه نصت بوضوح على عدم اشتراط موافقة طرفي النزاع على عرضه امام المحكمه والاكتفاء بطلب يقدم من الدوله التي تعتقد ان دوله اخرى طرفا في الاتفاقيه انتهكت التزاماتها بموجبها.


ان اللجوء الى محكمة العدل الدوليه بموجب اتفاقية 1948 تسوغه حقيقة ان العديد من الافعال التي اعتبرتها الماده الثالثه من الاتفاقيه جرائم اباده للجنس البشري ارتكبتها الولايات المتحده في العراق منذ غزوه وهي الاعمال التي يقصد منا التدمير الكلي لجماعه قوميه او اثنيه او عنصريه او دينيه بصفتها هذه او الاعتداء الجسيم على اعضاء الجماعه جسمانيا او نفسيا او اخضاع الجماعه عمدا الى ظروف معيشيه من شأنها القضاء عليها كلا او بعضا...والجدير بالانتباه هنا ان الولايات المتحده الامريكيه سبق وان اتهمت العراق مرات عديده قبل احتلاله بارتكابه جرائم الاباده البشريه!!!؟؟؟


ان الاسراع باقامة الدعوى ضد الاحتلال الامريكي امام محكمة العدل الدوليه استنادا الى اتفاقية منع ومعاقبة جريمة ابادة الجنس البشري لعام 1948 يمكن ان يحقق  لنا العديد من الاهداف اولها اعلان مسؤلية امريكا وادانتها على افعال تعاقب عليها الاتفاقيه اضافه الى الزامها بالتعويض عن مجمل الجرائم التي ارتكبتها بحق العراقيين منذ الاحتلال...كما ان هذه الدعوى يمكن ان تشمل اعمالا اخرى قامت بها امريكا قبل احتلالها العراق كون هذه الافعال لاتسقط بالتقادم ومنها جرائم الحصار منذ عام 1990 الذي ادى الى موت مليون وسبعمائة الف من المدنيين العراقيين واستخدام اليورانوم المنضب ( ألف طن حسب تقديرات الخبراء) والذي تسبب في كوارث بيئيه وصحيه ستستمر في العراق لالاف السنين ومن نتائجها انتشار الاوبئه والامراض السرطانيه ويضاف الى كل ذلك مقتل الاف المدنيين نتيجة فرض مناطق الحظر الجوي على شمال وجنوب العراق والقصف الجوي اليومي هناك واغلب هذه الجرائم موثقه برسائل من وزير خارجية العراق الى الامين العام للامم المتحده قبل الاحتلال هذا عدا التدمير الشامل عن القصف الصاروخي والجوي الامريكي واللبريطاني للاراضي العراقيه خلال الحملات المركزه في الاعوام 1993 مرتان وعام1996 و  1998 وعام 2001.


لقد حان الوقت كي نواجه اعدائنا بنفس اسلحه التي انوا يتبجحون بها ضدنا ورغم اننا  لانتوقع من الامريكيين ان ينصاعوا لما يجب ان ينصاعوا اليه ضمن مؤسسات طالما استخدموها ذريعه ووسيله ضد كل من يقف بوجههم ومنها موقفهم من الرئيس السوداني ولكن هذا يجب ان لايثنينا من التوجه وبقوه لكل المحافل لمواجهة العنجهيه الامريكيه ومقاضاتها ومطالبتها بالتعويضات عن الخسائر البشريه والماديه فالغزوالامريكي للعراق شكل سابقه خطيره في العلاقات الدوليه المعاصره والمتضرر من ما يحدث ليس العراقيين فقط بل كل العالم وصحيح ان قوة القانون لابد وان تتقدم على سياسات القوه وان الحق والحقيقه لابد لهما وان ينتصرا ان هذا الانتصار يحتاج الى رجال حقيقين يدافعون عنهما واول من يتوجب عليهم ذلك العراقيين والعرب وكل من يريد للبشريه الخير والسلام والاستقرار والمحبه.


وعهدنا بالعراقيين انهم اصحاب نخوه وغيره عدا كونهم ضحية العدوان والغزو ومن هنا فهم اهل للتحدي ولتقدم الصفوف والله ناصر الحق واهله ومريديه.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ٢٦ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٥ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م