الاضداد في الفكر و السلوك وماعلاقته بما يجري في العراق

﴿ الجزء الاول ﴾

 

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

 

1. في مجموعة الخزائن التي تضم النشاطات الفكرية المطروحة في الفكر الانساني والموجودة  منذ ان نشاء الوعي لدى الانسان و وجدت الافكار و الايدلوجيات وحتى النظريات ان كانت علمية او اجتماعية او سياسية او اقتصادية  ومعها او بعدها اومن رحمها نشاءت التي تضادهاوتختلف معها وتعاكسها في   بعض الاحيان. و كانت الظاهرة التضادية هذه هي حاسمة و فعالة  في تطور الافكار و النظريات اي بمعنى من  معاني الجدلية .والامر ينتهي في اكثر الاحيان بالقفز بالنشاط الفكري والتطبيقي نحوالامام ..

 

وكانت حركة التضاد هذه تدخل في كل نواحي الحياة الانسانية نظرة الانسان للخلق في الدين وكذلك في نظريات  السياسة والاجتماع والاقتصاد وكلما تطور الانسان تطورت هذه النشاطات نوعا وتطورت معهاطرائق التضادات ومحتواها وترتقي في شموليتها وبالتالي يكون القادم اكثر رقيا في الكم و النوع. وموضوع بحثنا هو في النشاط الانساني السياسي واما النشاطات الاخرى فيحتاج الولوج بها الى اختصاصات و ظرف زمني يفرض طرحها ..

 

في البدء ا ريد ان اقول ان التمازج بين الافكار العقائدية و الانشطة السياسية للانسان و التحدث عن اي منهما لا بد من الاتكاء  على الاخر اي ان  الموضوعين متداخلين   .

 

الصراعات بين الدول وخاصة العظمى كان ترجمة حقيقية للتضادات الفكرية والتي كانت والحروب هي الطريقة المعبرة  عنها و نحن نؤمن  بالتبادل الحضاري وهذا المصطلح بتقديري تجميلي للحقيقة و التي هي صراع الحضارات فعلى سبيل المثل لا الحصر ان صراع الدولة الرومانية في روما مع مثيلتها في القسطنطينية لم يكن اساسه الا فكريا ومذهبيا والدولة العباسية والاموية بنفس السبب اعلاه وفي القرن العشرين الحرب العالمية الاولى و الثانية لو تم التدقيق في اسبابها لوجدنا ايظا سبباايدلوجيا والحرب هي الوسيلة التعبيرية عن هذه التضادات. .  ولوتمعنافي التاريخ الماضي و القريب لوجدنا ان بعد كل هذه التصادمات يولد وضع او واقع جديد يفرض حالت تطويرية جديدة وعالم اكثر تقدما وينزع نحو فهما واضح و لوجوديته  بشكل عام وبعيدا عن الخصوصيات لبعض المجتمعات يصبح اكثر تطورا .وهذه الحال ينطبق على التغيرات التي تحدث في الدولة الواحدة  وعندما يراد احداث تغيرا ما في البنيان السياسي لا بد من يراعى درجة وعي المجتمع  للتغير الجديد مع وعي المجتمع حتى يكون الناتج ( التغيير) ايجابيا في خدمةو تطور المجتمع وهنا لابد من مراعاة  عامل قوي هو الكيفية التي سيسلكه التغير ووقعه عاى المجتمع لكي يصل التغير لكل مفاصل المجتمع وبانسيابية كانسيابية نفوذية الماء في التشققات الصخرية.

 

وهذه يحتاج الى وقت لان اي استخدام للقوة يعني احداث تشققات مضافة وقد يصل الى بعض الهدم في جوانب اخرى وخسارات مؤذية بلاضافة الى ان القوة قد تسبب اختناقا في بعض التشققات و حرما ن البقية ..نعم هذه هي حالة فرض بالقوة التغيرات  ولكن ان توفرت الدراية الناضجة لحالة المجتمعات وباسلوب الموازنة بين الضغط و التروي يمكن الوصول الى مجتمع يتطور مطورا صحيحا.

 

هذاماهو حدث لكثير من المجتمعات الانسانية .فاوروبا بشكل عام تطورت مجتمعاتها خلال 5000 سنة وكانت  المحطات التي احدثت هذه الطفرات قوية وعنيفة ولكن الضغط كان مصدره داخلي فقيام حركة الاصلاح الديني ومبادئ( روسو) و( كانت) و(الثورة الفرنسية) كلها نتاج اوروبي احدث تغيرا كبيرا في حياتهم .


فحركت الاصلاح الد يني وبقيادة مارتن لوثر كانت تضادية لتسلط الكنيسة الكاثولكية و (روسو) صاغ دينا اسماه ب(الدين المدني).و (كانت) وضع و صاغ دين بديلا اسماه (الدين الوضعي). والثورة الفرنسية التي حافظت على المبادئ الاخلاقية للدين كلها نتاج اوروبي ! وهي تشكل اضدادا للافكار السابقة  و رافضة للاوضاع التي انبثقت منها.. 

 

اذن التضادية حالة صحية .. ولكن لها مستلزمات لتصبح كذلك و من اهم هذه المستلزمات هو توفرالعقلية و الارادة اللتيين    تستوعب التغير وتمتلك الرغبة بذلك وهذا ما يجرنا الى ان نتحدث عن احد صور التضاد هو بين الديكتاتورية و الديمقراطية وهو الذي يعنينا في بحثنا هذا لان التضاددات الاخرى في المعرفة الدينية وخاصة فيما يخص وجود الخالق وفي موضوعة اشكالية النظام الاكثرتطورا والافضل ما بين الاشتراكين و الراسمالين والنظريات القومية في موضوعة القوميةوتكوينة الامة والى اخره من التضاددات يمكن ان تبحث لاحقا..ان رجحان الكفة في صراع يحتمه صلاحية الالية المستخدمة ونوعيتها اي بمعنى لا يمكنك ان تستخدم اسلاك معدنية في ربط اي دائرة كهربائية بدون تغليفها لغرض السلامة اي القيام بتحوير الاسلاك من درجة الخطرة إلى درجة الامان. وهكذا هو الحال في التغيرات الحياتية الاخرى.


وموضوعة حرية الانسان و المجتمع وبهدف الوصول لحالة الرفاهية هي مادة الصراع ما بين الديمقراطية و الديكتاتورية فبادئ الامر لابد من فهم صحيح للديمقراطية وكذلك للدكتاتورية وماهية المجتمع الذي يراد اختيار هذه الاشكال من الانظمة وهل المجتمع مهئ للتعامل مع اي منهم ونذهب للخصوصية عند الاختيار نعم الخصوصية ودرجة النضوج المجتمع عاملان اساسيان لاقرارشكل النظام و الاسوف نكون كمن يحشر قطع معدنية في قالب معدني فاما بالطرق القسري والصهر يتم او  العمل  العلمي وذلك بتكييف القطع مع القالب وتسخينهما الاثنين معا وعندها سوف نتجنب الخسارات وبهذه الطريقة يكون القالب و القطع متكيفين سوية وقد تاثرا معا في وقت وكيفية واحدة..وهنالك تساؤل باخذمشروعيته من مضمون جوهر الديمقراطية وهو هل ديمقراطيةالغرب هي النموذج وهل تصديرها بوسائل اعلامية وبهرجة خادعة للتاثير على قناعات المجتمعات البشرية هو اسلوبا ديمقراطيا ؟ ..الايمكن اعتبار هذا الأسلوب سرقة للحيز الفكري للانسان في هذه المجتمعات ويندرج تحت اساليب الفرض  اي فرض القناعا ت على الاخرين وهواسلوب غير ديمقراطي ؟ اماماذا يمكن ان نسمي فرض نموذج من ديمقراطيات الاخرين على مجتمعات تختلف في خلفيتها  بالكثير من التركيبات  التكوينية وفي طريقة تبلور حياتها ورسم  معالم مستقبلها!

 

لماذا يكون النموذج الغربي وبكل التفاصيل هو الحل لكل مشاكل العالم مع اقراري بان النماذج الغربية سواء في البناء الاجتماعي أو النظم السياسية هي حالة متطورة في الغرب ويمكن للشرق ان يستفيد منها في الانطلاقة الاولى ويصيغ فلسفة البناء الاجتماعي و السياسي له منها   ولكن ليس بالضرورة ان تفرض عليه . نعم تفرض اعتقد من المهم ان نقف عند مصطلح الفرض لاني اعتقد اولا ان البعض سوف يعترض عليها . فانا أقول عندما تقوم كل الوسائل الاعلامية الجبارة  المتعددة الادوات بالترويج لثقافة الغرب بشكل عام ولثقافة ديمقراطيات الغرب و تصورها بانها الخلاص الاكيد من وضعية و اشكالية العقد مع اشكال النماذج السياسية في بلدانها و لا تتيح لانسانها ان يرى كل الجوانب الاخرى و بحرية الا يسمى هذا سلب للارادات وهو ما يدعي من يدعي من سماسرة النماذج الغربية  يسمونه اللاديمقراطية ..

 

واما فرض النموذج الغربي و بالقوة فان الامر و في تصوري لا يحتاج لاي توضيح اي كمن يقتل ويبرر جريمة القتل بانها لانقاذ القتيل نفسه من ذاته القاتلة . وهو لا يختلف من حيث الجوهر عن عقيدة السلفية و من كان يريد و لايزال تصدير افكاره فاشعل حربا طحنت الملايين من البشر وجعل من 8 سنوات ظلاما عاى هذه البلاد وزرعت الما نتذكره كل مع ذكرى كل شهيدا .وهذا ايظا جزءا من التضادات الحادة وبين فكر يهدف لبناء الانسان و ينزع بعقلية نحو الامام ويدفعه حبه للانسان وفهمه للتطور وبين عقلية تريدسحب  الحاضر إلى الخلف ولا تحترم الانسان و قيمته بل عميت بصائرهم بعمايمهم...

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢١ شـوال ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٠ / تشرين الاول / ٢٠٠٨ م