الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

انقلاب قيم يحدث في العراق

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد

 

سيدنا أيوب عليه السلام بقي في فراش المرض ثمانيةَ عشرَ عاماً فاشتدّ به   الوصب والنصب فالتمستهُ زوجته أن يدعو ربهُ ليشَفِيَه مما هو فيهُ فقال :يازوجتي العزيزة, كم سنة بقيت فيها معافى قالت سبعين عاما قال انا أستحي أن اطلب من الله ان يعافيني مالم تتساوى عندي أيام العافية وايام المرض..؟!.وبينما الزوجة الصابرة عند أحد جيرانها وكان بيد أحد اطفال الجيران رغيف من الخبز غفى الطفل وبقيت كسرة من الرغيف ولم ياكلها فأعطوها لزوجته لتطعم بها ايوب ,فلما قدمتها له وهوالفقيربعد ذهب ماله وولده وعافيته ويعيش  أقسى أنواع الجوع والمرض قال لها:من أين جئت بها؟ فحكت له ماكان قال: عودي بها الى الطفل فلعله يستيقض ويبكي ويطلبها فامتثلت الزوجة وذهبت بها فبينما هي في حديثها مع الجيران استيقظ  الطفل وأخذ يبكي فلما رأى كسرة الخبز كفَّ عن البكاء  فقال لها الجيران يرحم الله أيوب .. فدعا أيوب َربهُ قال: يارب مسني الضر وانت أرحم الراحمين فاستجاب الله له فجاءه جبريل وقال السلام يقرؤك السلام ويقول لك اركض برجلك وان الدواء تحت رجلك فنبعت عين ماء بارد فاغتسل منها وشراب فذهب عن ايوب المرض وتغير لونه فلما عادت زوجته وجدت رجلاً يصلي قالت أين ايوب قال اتعرفينه قالت كيف لا اعرفه وهو زوجي قال انا ايوب وقد عافاني الله ...

 

جزى الله الشدائد كل خير                   عرفت بها عدوي من صديقي         

 

بعد احتلال العراق وسيادة الفوضى كافة مناحي الحياة فيه واختلاط الحابل بالنابل ونودي بأشباه الرجال ليستلموا زمام الاموروليكونوا عونا مطيعاً صابراً على المهانات اليومية التي يتعرض لها من فلسف مشروعية الدولة في ظل الاحتلال ..

 

فتشكلت اول حكومة برئاسة السيد اياد علاوي .والرجل على ما كان عليه  إلاّ انه كان بعيدا عن الطائفية ويدعو للعقلانية ونبذ التهور,ينادي بوحدة العراق ولكنه واجه صعوبات كبيرة في احتواء معضلة الامن التي خلفتها قرارات بريمرسيء المقصدْ والصيت فعجزت الحكومة عن تشكيل وحدات من الشرطة والجيش فاضطرهم الظرف وضغط المحتلين بقصد واضح  للاستعانة بارباب السوابق  وكثير منهم قضوا محكوميات في السجون بِتُهَمٍ أقلها (الرشوة وخيانة الامانة والسرقة او حتى تهم التخابر مع دولة اجنبية) وهؤلاء بطبع الفطرة يحملون في قلوبهم العداء والانتقام على الشعب الذي لفظهم لسوء سلوكهم السابق فصبوا جام غضبهم على كل من تصوروا انه ساهم في (أذاهم) فلابد لهم من التشبث بهذه(المكاسب)والمحافظة عليها وأن يقبلوا أي أمر يصدر من المحتل ويقبِّلوا يديه  وآن الاوان لتأسيس دولة الانتقام وإبعاد وعزل كل الشرفاء واذا أقتضى الامر تصفيتهم جسدياً !!؟ إن اعترضوا ولم يرتضوا الحال الجديد ومن ذلك انه في يوم من أيام العام 2004 جاءني العقيد ب , م , ك  العزاوي  وأخبرني مانصه(السيد الوزير يسلم عليك ويقول عليه أن يلتحق الى الوزارة) قلت  أنا لا أعرف من يكون الوزيرقال:الاستاذ ن, ب قلت:   ياأخي أنا لا أعرفه رغم جلال موقفه ولكن هل هو حقاً قال لك أن تأتي اليَّ وسماني باسمي ؟ قال لا بل قال لي نريد أن يلتحق (الشرفاء من الضباط فقد طغى أعداد المسيئين وعم الفساد فنريد توازنا على الاقل لحين انجلاء الموقف) وفاتني أذكراننا لما أحسسنا ان خطر الفوضى الخلاقة لابد أن يحدث هذا قبل تشكيل الوزارة الاولى-أيام مجلس الحكم-  ولابد من ايجاد حل لهيكلة الوزارة كنا جلوساً في بيت أحد كبار ضباط الشرطة المخلصين هو اللواء (ح)الذي اصبح فيما بعد وكيلاً لوزارة الداخلية والذي طلب منا ان نرشح ضباط اكفاء مشهودٌ لهم بالنزاهة والكفاءة والوطنية فاستبشرنا خيراًفأخذنا نهيكل أقسام الوزارة ونضع لكل مديرية فيها رأساً ومعاونين وضباط ومن ثم عرجنا الى تسمية مدراء المحافظات الى ان وصلنا الى رتبة النقيب ووضعنا له منصباً ومن ثم يختار الضباط من يساعدهم من الافراد وبذلك ننهض بمسألة الامن ونكون قد قدمنا خدمة متواضعة للبلد الذي أغرقته الفوضى. لكن اتضح لنا  فيما بعد رغم أكاديمية الرجل ومهنيته العالية ووطنيته  انه لم يفلح في العمل بالهيكلية وسارت الامور كما يريدها البعض فوضى وشريعة غاب إلاّ استثناءّ العدد اليسير من  الشرفاء الذين اضطرتهم الظروف وسبل العيش ان يقتحموا حصناً كانوا هم حراسه بالامس واصبحوا اليوم يخضعون هم ووزيرهم لمشيئة  جندي امريكي خاضعين له خضوع العبد لسيده!!

 

قلت كيف أستطيع أن أعمل ويدي مغلولة الى عنقي فلااستطيع بسطها فأنا مكبلٌ المعصمين مغمض العينين لاحول لي ولاقوة وانتظر أوامر (العريف) الامريكي الذي يضع حذاءه بمواجة جبهتي التي تسجد لله خمس مرات كل يوم يشاركني منامي وطعامي ويرقب حركاتي وسكناتي خروجي عودتي أستأذنه في كل شيء بل حتى عند قضاء حاجاتي الانسانية. فنحن تربينافي بيوتنا ورضعنا العزة والكرامة وصقلتنا مدارس وكليات وأهّلتنا لكي نكون أُمَناء على حياة وممتلكات الناس وإذا الامر ينقلب رأساً على عقب  أصبحَ اللص المطارَدُ مُطارِدٌ لنا وهو يتقدم الصفوف واصبحنا نسمع منه ونطيع فرغم الرغم والجوع والهم إلاّ ان ثمن الكرامة وقدسية المهنة أن تنقلب انقلاباً جذرياً سيرةً وسلوكاً. والحال هذه لابد لي من  احترام ذاتي فلايمكن والحال هذهِ أن أكون (قردا) لم يقف الامرالى هذا وانما أصبحنا مطاردين من الحكومة بتهمة  خطيرة وجديدة على (النظام الديمقراطي ) هي تهمة عدم العودة الى الخدمة ,وظهر جيل جديد من الضباط الذين حلوا محل الضباط السابقين هم مجموعة من الاميين وباعة الخردة   ومن كانوا بالامس نزلاء السجون والمصحات وإذا بقدرة قادرة  اصبح بائع الشلغم مع الاعتزاز ضابطاً يحمل الرتبة  وهو غير مصدق  حاله الجديد واصبحت الرتب والنياشين توزع على اسس طائفية فكل من هو ..... يحمل رتبة نقيب وكل من كان يبيع  ..... يحمل رتبة عقيد واصبح الضابط الحقيقي حيران بين سندان الجوع ومطرقة وضعه الجديد ضائع بين الرتب التي تم شراؤها من علاوي الحلة وبين رتبة حملها استحقاقاً وأقسم ان يحافظ على ارض العراق وسمائه ومائه وبين آخرين ارتضوا أن يبيعوا العراق أرضاً وتاريخاً في سوق العهر الدولي .بعد العذابات النفسيةوالمادية صبوا جام غضبهم علينا فوجهوا اعلامهم وكالوا من التهم الجاهزة ما الم يصدقه عقل,  خطفوا ابنائنا من البيوت وجالوا بهم السجون والزنازين فأحدهم يسأل أحد ابنائنا الذي قضىّ ثلاث سنوات من عمره في سجون الداخلية بتهمة أحمد الله عليها واشكرُ المحقق عليها (ابوك وطني لايريدأن  يعمل معنا) فكان جوابه لهم:ّ أبي لا يعرف طريقة عمل شرطتكم الجديدة وليس له كلام الطائفية التي تدعون ولايستطيع ان يكون شاهداً لجرائم القتل على الهوية  والرمي على قوارع الطرق وحبس الناس الكيفي واقتحام الدور فقد كان ابي يعلمنا ان نحترم الاشارة الضوئية حتى وان خلت الشوارع من المركبات والمارة فكيف يستطيع الخوض في هذا الذي انتم فيه....

 

خمس سنوات عجاف مرة وأنا أرى الاولاد دون عباد الله ليس لهم عيد ولا ملبس  ضاقت بي السبل فالتجأت الى شخص يعرفني وعمل معي   قلت يا .... عبد الناصر- أريد وظيفة ولقمة عيش حلال اتجاوز بها ظروفي فاني وصلت الى حال لا أريد أن أشتكي حالي إلا لله ومن العقلاء الذين يعرفوني خوف شماتة الاعداء وانت تعرفني وتعرف سلوكي وقد عملت معك سنين تجمعنا دائرة واحدة واريد ان تساعدني بعمل انك قادر عليه أوعدني الرجل خيراً ,ومرت الايام والشهور وكنت كلما ألتقيه كان الامل الذي يؤملني به أعلل به نفسي والعائلة ولكن يوماً لا كأيامي وساعةً ياليتني لم أعشهاهي إنّ الرجل قد تغير وجرفه بريق الذهب والدولار فأسرّ لاحد ابناء اختي قائلاً له وبالحرف الواحد(مازال خالك يتحرى عن الحلال والحرام فقل له وأنا أتهيب من مصارحته وقل له لامكان له في هذا الزمان بيننا) فلما حدثني بالامر حمدت الله وأثنيت عليه وقلت ذلك سيزيدني إصراراً وتحرياً عن كل ما يدخل جوفي والله المستعان.قلت في نفسي هل اصبح الحلال عيبٌ والحرام فضيلة  ...

 

فاين نحن زمن كانت المرأة توصي زوجها قبل الخروج الى عمله يافلان اتقي الله فينا في لقمة الحلال فنحن نستطيع الصبر على جوع الدنيا ولا نستطيع الصبر على عذاب الاخرة قلت وما ذنبي وقد أصابني  الله بعاهة لا استطيع مفارقتها ولاهي تفارقني هي  تحري اللقمة الحلال وعدم الوقوع في شراك الذين أعطوا الضمير والكبرياء إجازة  وكلمة الحرام اصبحت غير متداولة وبعض الزوجات لاتكترث للامرسواء اكان سحتاً حراماً ام سرقة  .

 

نحمد الله ونروض انفسنا على شكرنعماء الله التي انعم ولم نركب موجة االسلب والنهب الشامل لكل متحرك وساكن تحت يافطة (الضرورات تبيح المحذورات).

 

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد / ٠٧ رمضــان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أيلول / ٢٠٠٨ م