الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

حفل افتتاح أم إعلان حرب ؟!!

 

 

شبكة المنصور

نبيل العربي

 

أكثر من 91 ألف متفرج جلسوا على مدرجات ' عش الطائر ' و مئات الملايين بل المليارات حول العالم شاهدوا عبر شاشات التلفزة حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الصيفية ' بكين 2008 ' ، و استمتعوا باللوحات الفنية الحركية و الإلكترونية التي قصت علينا تاريخ الحضارة الصينية ، و نقلت لنا رسالة هامة حرص الصينيون على إيصالها للعالم كله بصورة أنيقة و لطيفة .

لقد كان افتتاحاً تاريخياً بامتياز ، فهو الأول في عاصمة المليار و ثلاثمئة مليون نسمة ، والأكبر من حيث عدد الوفود الرياضية المشاركة ، فكان حفلا رائعا تمازجت فيه الثقافات الصينية القديمة مع خيال الإنسان و أمنياته ، و إمكانات التكنولوجيا الحديثة المبهرة ، في إعلان هام ، بل إنذار خطير يوجهه التنين الصيني لكل من يحاول الوقوف في وجهه .

قد يبدو التنافس في هذه التظاهرة رياضيا فحسب بين الوفود الرياضية المشاركة ، لكنه ليس كذلك بالنسبة للدولة المنظمة و رياضييها على حد سواء ، فبالإضافة إلى المنافسة الرياضية فهناك رسالة شديدة المعاني لطيفة العبارات توجهها لكل دول العالم ، و في مقدمتها الويات المتحدة الأمريكية ، بأن التنين الصيني قد افاق من سباته ، و على الجميع أن يخفضوا رؤوسهم له قبل أن يحرقهم بلهيب نيرانه ، و إن كانت هذه الرسالة تأتي في صورة منافسة رياضية يسعى فيها الرياضيون الصينيون إلى إحراز المركز الأول في عدد الميداليات ، و الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن بعيد ، في إشارة إلى سعي الصين لأخذ دورها على المستوى الدولي ، و إبعاد الولايات المتحدة عن التفرد في قيادة العالم بوصفها القطب الأوحد منذ انهيار المعسكر الشرقي .

و يمكن لمن يدقق في لوحات هذا الحفل الفني أن يلاحظ الرسالة الهامة التي أرسلها الصينيون على ورق ملون جميل ، و على أصداء الموسيقى الصينية الرائعة ، إنها رسالة الحضارة و الثقافة ، التي يصعب لأي قوة مادية أن تواجهها و تعترض طريقها ، فمن اختراع الورق إلى فن الرسم و الموسيقى إلى صناعة الحرير و التجاة الصينية التي غزت الغرب ، و أخيراً الوصول إلى الفضاء الخارجي ، مع تحليق حمامة السلام البيضاء التي تشير إلى أن الحضارة الصينية لم تعمد إلى هدم الحضارات الاخرى و هي في طريقها إلى التقدم و الإزدهار .

إن هذا الإفتتاح الرائع يقول للجميع ، و للولايات المتحدة ايضاً ، أن القوميات التاريخية _ أو قوميات الهوية كما يسميها الأستاذ صلاح المختار في ينابيع البعث _ هي التي تبقى و تزدهر لأنها قوميات إنسانية ذات رسالات حضارية ، أما القوميات الوظيفية كالقوميات الأوروبية ، فلا يمكنها أن تقدم رسالة إنسانية ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه فهي قوميات نشأت لتلبية حاجات رأس المال في سوق أكبر ، كي يستمر في توسعه و هيمنته ، و رأس المال لا يعنيه الإنسان و لا يعنيه التقدم البشري ، و أن مثل هذه القوميات و المشاريع لا بد و أن تزول و تترك المجال لأمم الأرض كي تقدم تجربتها و رسالتها الحضارية للبشرية جمعاء .

إن لهذا اليوم 8/8/2008 ما له من اعتبارات كبيرة لدى الشعوب الصينية ، و هي مرتبطة تاريخيا بالرقم ثمانية الذي يقال ان الصينيين هم من اكتشفه ، و هو اليوم ذاته الذي يتذكر فيه العراقيون الأباة و معهم شرفاء الأمة العربية ، ذلك اليوم التاريخي الكبير ، يوم النصر العظيم على العدو الفارسي ، في انتصار على من سولت له نفسه أن يعتدي على حضارة العرب ، و دفعه حقده الأعمى ليتجرأ و يحاول هدم بابل الجديدة كما فعل أجدادهم إنتقاما من بابل الأولى ، التي أغاظهم ازدهارها و تقدمها و حضارتها ، بدلاً من أن يدفعهم ذلك لصناعة تاريخ حضاري مماثل لها ، أو على الأقل محاولة ذلك بدلاً من هدم الحضاة العربية البابلية المزدهرة .

فهل يكون هذا الحفل البهي مجرد حفل افتتاح لتظاهرة رياضية فحسب ، أم أنه سيكون بمثابة إعلان حرب على أعداء الحضارة البشرية الإنسانية ؟ و إيذاناً ببدء السقوط الكبير للإمبريالية الأمريكية ، و كل من تحالف معها من الأشرار ؟ و ساعة الصفر لانطلاق طاقات القوميات الإنسانية التاريخية نحو التقدم و الازدهار لكل بني البشر ، اعتماداً على هوياتهم القومية و إرثهم التاريخي الحضاري ؟

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد / ٨ شعبان ١٤٢۹ هـ

***

 الموافق ١٠ أب / ٢٠٠٨ م