ماصرّح به ، محمد باقر ذو القدر ،
مساعد رئيس أركان العامة للقوات
الأيرانية ، مؤخرا يعدّ من أفضل
المداخل لفهم الرؤى الأيرانية
لقدراتها العسكرية المحاطة بما
لايحصى من التحديات الدولية
والأقليمية ، واذا ما إستثنينا
المبالغات الأيرانية المعتادة في
طرح نفسها ( قوة لاتقاوم ولاتقهر)
وأخذنا من رؤاها ماهو واقعي وقريب
من الحقائق الموجودة على الأرض
نجد ان لوحة الرؤى الأيرانية هي :
اولا : تشاؤم من وجود القوات
الأميركية على حدودها الدولية ،
من جهتي أفغانستان والعراق في وقت
واحد ، وهذا يعني عسكريا إمكانية
فتح جبهتين واسعتين جدا ضد أيران
في حالة حصول حرب ، لاقدرة لأيران
قط على مجابهتهما جوا وبحرا في
الأقل ، وهذا يفسر النظرة
المتشائمة التي وردت في قول ذو
القدر أنه : ( لايرى بصيصا في
الأفق لتسوية ) الحرب القائمة في
البلدين ، والتي تحتم بقاء القوات
الأميركية على الحدود الأيرانية
مباشرة .
الحماقة الأيرانية تتمثل في أنها
ساهمت وبفاعلية ، تباهت بها عدة
مرات ، لتسهيل إحتلال أفغانستان
والعراق ، على الظن انها ( رابحة
) من ذلك ، ولكن بمرور الزمن تبين
لها ان المقاومة في البلدين غيرت
موازين القوى كلها في الشرق
الأوسط ، ولكن ليس لصالح أيران
بكل تأكيد ، وهي ليست لصالح
أميركا في المحصلة النهائية ، لأن
الأخيرة لم تربح غير إزدياد
الكراهية لها ولحليفها الأيراني
الذي إنزلق على مبدأ عفا عنه
التأريخ وولت عنه الحسابات
الصحيحة في أن ( عدو عدوّك صديقك
) .
ثانيا : أيران وفي معرض مقارنتها
لموازين القوى العسكرية لاتجد
نفسها ندّا حقيقيا لأميركا
وحلفائها اذا ما نشبت حرب ضدها من
جراء طموحها النووي ، ومن ثم وجدت
ان الحل ّ الأسهل والأنجع هو سلاح
النفط ومفتاحه : مضيق هرمز . من
هنا تمر ( 60% ) من حاجة العالم
لشحنات النفط الخام . كعب ( آخيل
) الذي نسيته الآلهة الحربية
الأمريكية والعربية ، إذ لايتجاوز
عرض الممر البحري الصالح لمرور
سفن الشحن ( 7 ) كيلومترات ،
مقتلها الأكيد في طولها ، وتكفي
بضعة ألغام بحرية ، او حتى بضعة
زوارق مع قاذفات صواريخ محمولة
على الكتف ، ان تقلب موازين
العالم الإقتصادية الى نوع من
الجحيم ، حتى ولو لفترة محدودة .
خلال الأشهر القليلة الماضية
إزدادت اسعار الوقود في اميركا
ولأسباب ليست قتالية فساد القلق
الشديد في الشارع الأميركي،
وإنتقلت حيرة تلافي الحياة بلا
وقود للسيارت كل مفاصل الحكومة ،
وتحولت مسألة إرتفاع اسعار الوقود
الى همّ يومي في كل وسائل الإعلام
الأميركية ، وكذلك الحال في كل
الدول التي تستورد النفط من الشرق
الأوسط ، وتركت آثار هذه الزيادة
إنعكاسات حادّة على ذوي الدخل
المحدود ، وهم الطبقة العاملة كما
هم الأكثرية المطلقة في كل الدول
الغربية ، ولم يجد احد من هؤلاء
انه مستعد لشراء غالون النفط ب (
4 ) دولارات في اميركا ، فكيف اذا
بلغ سعر الغالون عشرة دولارات
وربما أكثر من جراء حرب جديدة قد
تطول ؟! .
ثالثا : أيران تقايض نفوذها في
العراق ، من خلال حكومة ( عراقية
) تابعة لها ، على شقها الأيراني
وشقها الكردي ، مباشرة مع أميركا
، على اكثر من دلالة معروفة لعل
أهمها : المفاوضات العلنية بين
الطرفين على ( أمن العراق ) ،
وكأنهما وحدهمها المسؤولين
المباشرين عن العراق المحتل ،
بدون اي حضور للقوى الوطنية
العراقية ، وبدون اي إعتبار للدول
العربية المعنية بعروبة العراق ،
وتسعى أيران من هذه المقايضة
للحصول على ( أمن ) لأيران نووية
تتحكم في نفط الخليج العربي ودول
الخليج كشريك لأميركا .
اي ان ايران في هذه النقطة ايضا
قد حسبت النفط سلاحا فعالا ضد من
يتظاهرون بمعاداتها ، عربا وأجانب
، على حسبة بسيطة جدا ، قد لاتخطر
ببال ( العباقرة ) العرب وهي : ان
نفط ايران ونفط العراق قادرين على
تزويد اميركا واوربا بكل حاجاتها
النفطية لعقود ، تتحول أيران
خلالها الى قوة فعلية مهيمنة على
كل المنطقة بما فيها تركيا ، حتى
بدون وجود نفط من دول الخليج ،،
وماعلى المغفل غير ان السكوت عن
خطيئة غفلته ، لأن القانون ، ومنه
القانون الدولي نفسه : لايحمي
المغفلين ، سواء أكانوا عربا أم
غير عرب ،، ولاشفاعة للحمقى في كل
حرب ، سواء أكانت عسكرية أم
إقتصادية ، أم سياسية . وتبدو
أيران في هذا المشهد قريبة من
هدفها على غفلة دول الجوار وغير
الجوار العربي بشكل خاص .
لوحة مضيق هرمز ملغومة من ثلاث
جهات :
إما أن تبادر أميركا بضربة جوية
للمنشآت النووية والعسكرية
الأيرانية في حالة عدم توصلها الى
صفقة تتيح لها شراكة ( الأسد )
الأميركي ( للثعلب ) الأيراني في
منطقة الخليج العربي ،،
أو أن تيأس و تفقد أيران سيطرتها
على أعصابها من جراء الضغوط
الدولية وإنسداد طرق المقايضة على
الخيلج فتبادر هي الى توجيه ضربة
عسكرية للقوات الأمريكية مع
إسرائيل ، مصحوبة بغلق مضيق هرمز
،،
وعندها سيتحول هذه المضيق الى ضيق
نفطي شديد يشتعل في كل أنحاء
العالم .
راقبوا مضيق هرمز في كل الصفقات
السرية والعلنية بين ايران
وأميركا تعرفون أن له أهميات أخرى
غير .. النفط !!. |