الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

المالكي وبوش ... من يكسب الجوله الاخيره ؟

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

لاتزال القضية الرئيسية المثارة في الحملة الانتخابية الرئاسية ، هي الخلاف حول فوائد  احتلال العراق، ومكاسب وخسائر استمراره في وقت ازدادت فيه مبررات إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق، وهي تكاد تكون أكثر إقناعا بحد ذاتها، لاسيما إذا ما ترافق هذا الموقف مع جهود سياسية ودبلوماسية كبيرة، يمكن أن تسهم في التخفيف من التداعيات الإقليمية الخطيرة التي خلقتها السياسة الهوجاء التي تعمّد الرئيس بوش -الموشك على مغادرة منصبه- إتباعها على أسس ومبررات واهية، ناهيك عن سوء إدارتها أسوأ إدارة.


وفيما لو سُئل الأمريكيون قبل ست سنوات من الآن، ما إذا كانت الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، تستحق مقتل آلاف الجنود ألأميريكان، وقرابة 70 ألف مصاب، إضافة إلى تريليونات الدولارات عدا عن ذكر الضرر البالغ الذي ألحقته بسمعة ومصداقية وشرعية أميركا دولياً وحتما لكانت إجابتهم عن السؤال بكلا قاطعة ... ثم إن تكلفة هذه المغامرة الطائشة لم تقف عند هذا الحد بل أنها ألهبت المشاعر المعادية للولايات المتحدة الأميركية ليس في منطقتي الشرق ألأوسط واسيا بل وفي كل أنحاء العالم ، وفي الوقت ذاته مزق الاحتلال أوصال المجتمع العراقي، وعزز النفوذ الإيراني في المنطقة.

 
لقد تسبب هذا الاحتلال في مأساة قومية وكارثة اقتصادية لأميركا، بينما أفرز أزمات إقليمية لا يُعرف مداها. ولذلك فإن وضع حد لها، هو من صميم خدمة المصالح القومية وهذا يتطلب أكثر من مجرد اتخاذ قرار عسكري. وضمن ما يتطلبه التوصل إلى ترتيبات تعالج مخرجات إنفاق أكثر من ثلاثة تريلونات من الدولارات على الاحتلال في وقت أصبحت فيه وجهات نظر الأطراف التي جاءت خلف الدبابات الأمريكية تتمحور حول جدوى استمرار بقاء قوة أميركية أصغر، لتقديم الدعم الطارئ للعناصر التي رهنت نفسها مع الاحتلال في حال تعرضهم لخطر من قبل إي طرف مناهض للأمريكيين، كما يتطلب كذلك إيجاد السبل المناسبة لمواصلة الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة للجيش الذي أوجده المحتل، الذي لا يزال يمارس اضطهاده ضد العراقيين الرافضين للوجود الأمريكي الذين تزداد مشاكلهم كلما طال بقاؤهم في العراق، وكلما تعذر قيام دولة عراقية حقيقية مستقلة بعيدا عن الاحتلال علما ان الانسحاب سيجرد "القاعدة" من مبرراتها في حالة كون أن الأمريكيين يدعون انهم موجودين لمحاربتها في العراق الذي لم يعرف شئ اسمه القاعدة والإرهاب إلا من خلال الاحتلال الأمريكي له .

 

ثم إنه لا مناص من أن يكون الانسحاب العسكري من العراق، مصحوباً بمبادرات سياسية دبلوماسية تهدف إلى تأمين العراق ضد أي مخاطر ومهددات محتملة. وهذا ما يستدعي أن نناقش قراراتنا مع القادة العراقيين، بمن فيهم أولئك الذين لا يقيمون في المنطقة الخضراء، إضافة إلى أهمية إجراء المحادثات حول الاستقرار الإقليمي في المنطقة، مع كافة الدول المجاورة للعراق، بما فيها إيران.

 

وعلى نقيض فزاعة كارثية الانسحاب التي يروج لها قادة الحزب الجمهوري، فإن من شأن الانسحاب الأمريكي من العراق، أن يجعله أكثر أمناً واستقراراً على المدى البعيد. وفي الواقع،  فإن المشاكل الطائفية والعرقية هي احد إفرازات الاحتلال الأمريكي  للعراق وبالطبع فليس في مقدور أحد أن يدعي أن الانسحاب العسكري غير المنظم لا يمكن أن يترك تداعيات، ولكنه مهما كان أمر اقل تأثيرا من النتائج المترتبة عن إطالة أمد بقاء الاحتلال فيه مع ملاحظة أن الأمريكيين شجعوا سئ وضمن هذه النتائج عدة أجزاء من العراق تمردها وإعلان شبه انفصال عن العراق كما يفعل الطالباني والبارزاني، في شمال العراق، وبعض المحافظات الجنوبية، إضافة إلى بعض المحافظات الوسط. وبخلاف ذلك يمكن أن يؤدي الانسحاب الأمريكي تشجيع العراقيين على انتهاء التنافس فيما بينهم لبسط سيطرتهم على المناطق التي تخصهم، وسيطفئ نيران النزاع الداخلي التي أوقدها المحتلين الأمريكي والإيراني  ولذلك أصبح الانسحاب امر لا مفر منه الآن، ولا سبيل له بإزالة الاحتلال للعراق .

 

إن من شأن الانسحاب الأمريكي من العراق أن يُسهل مضي المبادرات الأوسع نطاقاً إزاء كافة الدول الإقليمية المجاورة، طالما أن هذه الدول تبدي تردداً إزاء الدخول في أي عمل مشترك مع واشنطن، متى ما واصلت هذه الأخيرة احتلالها للجار العراقي. وتشير المعلومات ان من ضمن هذه المبادرات، الدعوة لانعقاد مؤتمر إقليمي - عقب الإعلان عن الانسحاب في وقت ما من العام المقبل- يهدف إلى حفز الاستقرار الإقليمي والسيطرة على الحدود وغيرها من الترتيبات الأمنية ذات الصلة، فضلاً عن مناقشة قضايا التنمية الإقليمية. وبما أن دول الجوار قد أصبحت أكثر عرضة من ذي قبل لتداعيات النزاع الطائفي العابرة لحدودها من العراق، فإن المرجح لها أن تبدي حماساً للمشاركة في مؤتمر كهذا. ويتضمن هذا الاحتمال مشاركة دول أبعد قليلاً من العراق، بما فيها المشاركة بتوفير قوات حفظ السلام، متى ما أصبح العراق خالياً من الاحتلال الأجنبي. وإلى جانب ذلك، فإن على مايسمى بالمجتمع الدولي إطلاق برنامج خاص بإعادة تأهيل العراق، يهدف إلى مساعدته على استعادة عافيته، إضافة إلى تخفيف العبء الذي تحمله الأردن وسوريا على وجه الخصوص، جراء إيوائهما  للملايين من اللاجئين العراقيين.

 

وإذا كان هناك نية  لإستراتيجية جديدة للولايات المتحدة ترمي لتصحيح أخطائها المرتكبة خلال الأعوام السابقة، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط بدلاً من صب الزيت على نيرانها، فإن من شأن إحراز تقدم ملموس في حل المشاكل التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، أن يسهم بقدر كبير في تحقيق هذا الهدف. على أن إحراز هذا التقدم يطالب واشنطن بدفع الطرف الصهيوني إلى تقديم التنازلات اللازمة المفضية إلى الحل المقبول وفيما لو تحقق هذا، فإنه سوف يكون خطوة كبيرة نحو الاستقرار الإقليمي في المنطقة ولئن كان بوش قد خاض هذه الحرب عن تهور وطيش، فقد حان الوقت أن يضع العقلاء من الأمريكيين حداً مسؤولاً لتورط بلادهم فيها.

 

ان الشغل الشاغل الآن لكل من بوش وخادمه الهالكي هو ا استنفاذ كل منها للأشهر الباقية من ولاية بوش فبوش يضغط على الهالكي لإجباره على توقيع الاتفاقية الأمنية مستخدما أوراق البارزاني الانفصالية وقضية كركوك وكذلك حجة التدخلات الايرانية في الشأن العراقي في حين يحاول الهالكي أن يقدم الاتفاقية هديه حسن سيره وسلوك للرئيس الجديد عسى أن يحظى بالرضى والقبول ويجدد له ولاية ثانية ولكن بسيناريو مختلف...والاهم من كل هذا وذاك أن للعراقيين الوطنيين الشرفاء وهم الغالبية المطلقة من الشعب رأي آخر وحكاية أخرى لابد وأنها أفضل حظا في ملامسة الواقع من خيارات الاحتلال ومن اصطفوا خلفه.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة / ٢٧ شعبان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٩ / أب / ٢٠٠٨ م