الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

ثقافة الخداع إلى أين ستقود أمريكا ؟

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

لن تعد أخطاء الاداره الامريكيه مسألة خاصة بل باتت مسألة رسمية بعد أن توالت اعترافات جهابذة هذه الاداره السيئة،وليس أدل على ذلك من اعتراف واحد من ابرز أعضاء الدائرة الضيقة لإدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وهو"سكوت ماكليلان" المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض خلال الفترة 2003- 2006 بأن حرب العراق كانت خطأً استراتيجياً فادحاً، وأنه قد تم تسويقها من خلال الغش والخداع، وعبر كونجرس مذعور، لشعب كان لا يزال يترنح جراء صدمة الحادي عشر من أيلول في وقت لا يزال فيه بوش يغلق آذانه رافضا الاستماع إلى أي صوت عاقل، ويرسل قبل استعداد كافٍ، وبقدر لا يغتفر من اللامبالاة، مئات الآلاف من أبناء بلده، إلى محرقة لا طائل من ورائها، أدت حتى الآن إلى مصرع آلاف الجنود ألأمريكان عدا ملايين العراقيين…. وستكلف الولايات المتحدة أكثر من 3 تريليونات دولار، والتي تتواصل حتى الآن دون أن تلوح لها نهاية قريبة في الأفق، إنها فضيحة وجريمة في آن واحد، حتى لو تأخر "سكوت ماكليلان" أو غيره من الذين صحت ضمائرهم بعد مغادرتهم المسؤولية بعض الشيء قبل أن ينبهوا إلى فظاعتها.

أن الشيء الأكثر أهمية من تأملات هؤلاء المتأخرة عن هذه الجريمة المستمرة، من مجرد إبداء غضبهم المتأخر على احتلال العراق، هو التحذير الذي قدمه أركان الاداره السابقين بشأن "ثقافة الخداع" التي لوثت جو السياسات الوطنية الامريكيه، والعمل الحكومي …لقد أضحى البيت الأسود مصدراً لحملة دائمة، و لعبة مستمرة من المناورات الحزبية القائمة على إساءة استغلال الحقائق، وإبراز الحقائق المتحيزة، واستخدام أساليب التلفيق...إنها لعبة أصبح فيها الحكم ملحقاً بالسياسة وليس العكس... لعبة يُتخذ فيها الانتصار الانتخابي والسيطرة على السلطة مقياساً للنجاح وليس شيئا آخر يتحدثون عنه كذبا أمام الناخبين.

أن إدارة بوش كان يجب أن تكون من الشعب ومن أجل الشعب، وأن عليها أن تحترم الحقيقة التي يجب أن تكون مهمة دائماً، إلا أن بوش وأركانه راحوا يوجهون التهم والنقد لكل من يتعرض لسياستهم حتى أصبح هؤلاء يوصفون في إطارها بأوصاف ليس أقلها الخيانة ومن قِبل من؟ من قبل تلك الطائفة نفسها من المسئولين الذين قبلوا بثقافة الخداع، والذين يعتقدون أن الولاء الأساسي للمسئول الحكومي يجب أن يكون للرئيس وليس للشعب.... إن هذا النمط من التفكير تحديداً هو الذي يستنسخ عادة الحماقات غير المحسوبة وفي مقدمتها الحروب غير الضرورية، كغزو العراق، وهنا المأساة الكبرى.

لقد أصبح أكيدا إن الرئيس، الأميركي القادم سيرث أعباء كبيرة أبرزها وجود مئات الآلاف من الجنود الأمريكان في العراق، دون أن يكون لديه أية خطة محددة واضحة المعالم بشأن ما يفعله تجاههم. هذا الشيء ورد كخلاصة لتقرير أعده القائد العسكري الأميركي الأول في العراق ديفيد بتراوس رغم أن ما يفكر به الجنرال هو سحب 120 ألف جندي بحيث يصبح عدد القوات الأميركية، في العراق مساويا لما كان عليه قبل الأخذ بسياسة التصعيد التي رسختها عقلية الرئيس بوش، تم التوقف بعدها عن سحب أي مجموعات أخرى ويبقى السؤال ثم ماذا بعد ذلك ؟

إن الفلسفة التي يتمحور حولها تفكير المجموعة المتحكمة بأمريكا الآن هو إبقاء الأمور على ما هي عليه حتى موعد الانتخابات القادمة مع ملاحظة إن كان هناك نجاح مشكوك فيه من المنظور العسكري يصاحبه الشلل الذي تعاني منه حكومة الهالكي التي فشلت في تحقيق أي انجاز حقيقي في مجال جلب الأطراف العراقية نحو تسويات وحلول مقبولة فكل طرف وخاصة الأحزاب المشاركة في ما يسمى بالعملية السياسية تصر على مواقفها في الوقت الذي يغرق الجيش الأميركي في مستنقع العراق بشكل مفزع ومتزايد رغم كل محاولات التعتيم والتجميل عما يجري في العراق فعليا ومنها العمليات العسكرية المحكمة ضد قوات الاحتلال.

إن العوامل التي يتحدث عنها الأمريكان بادعاء أنها ساهمت في تخفيض مستويات العنف واهنة ووقف إطلاق النار الذي أعلنته الميلشيات التابعة لإيران أنما تدلل بما لا يقبل الشك أن كل ما كان يجري من عنف ضد المواطنين هو من فعل الاحتلال ومن شاركوه في جرائمه من المليشيات وان كل ما يسمى بالتحسن الأمني يمكن أن يتلاشي في أية لحظة ليعود العنف والقتل والتدمير إلى العراق وبصورة أسوأ من السابق.

إن المرشحين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية الأميركية ليس لديهما أي خطط محددة للتعامل مع قضية سحب القوات الأميركية من العراق باستثناء ما حاول اوباما التركيز عليه من عزمه على سحب اغلب القوات في موعد لا يتجاوز نهاية 2010 فخطط هؤلاء تركز على عدد القوات التي سيسعون إلى سبحها أو الإبقاء عليها ولكنهم لا يركزون على حل المشكلة نفسها ألا وهي القضية العراقية التي هي في الأساس مشكلة خلقتها الولايات المتحدة بغزوها للبلاد.

إن المرشح الجمهوري ماكين تعهد بالبقاء في العراق لمائة عام إذا كان ذلك ضروريا ويقول انه لابد من ضرورة التزام عسكري أميركي طويل الأمد إذا أرادت أمريكا تحقيق النجاح ومن المؤكد إن بتراوس وكروكر يتفقان مع ماكين في الالتزام نفسه، ولكنهما لن يتكلما عن تحقيق نجاح حسب مواصفات الأهداف الأميركية الأصلية لإقامة ديمقراطية نيابية في العراق لا يزال أمرها محط شكوك حتى عند اقرب المقربين لدى سيد البيت الأسود.

إن من خطط لاحتلال العراق ومن دعمهم بعيدون عن ملامسة المشاكل الجوهرية التي خلقوها في المجتمع العراقي ومنها المسألة الطائفية التي لم يكن لها أي حضور قبل اجتياح العراق فهناك القليل من النقاش حول الشروخ الطائفية داخل العراق وماذا يمكن للولايات المتحدة أن تفعل لإصلاح تلك الشروخ من جهة يقر باراك اوباما بالمشكلة ولكنه يقول أن أفضل طريقة للضغط على القادة العراقيين من اجل أن يتحملوا مسؤولية مستقبل بلادهم هي أن نوضح لهم بجلاء بأننا مغادرون. إذا لم ينجح مثل هذا التهديد فما الذي يمكن فعله؟ يقترح اوباما أيضا أن يتم الأخذ بأكبر مجهود دبلوماسي ممكن من اجل التوصل الى حلف جديد للاستقرار في العراق وفي الشرق الأوسط.

إن قضية التدخل الأميركي النشط في شؤون المنطقة لم يعد مرحبا به حتى من أؤلئك القادة الذين جيروا مواقفهم ومستقبلهم داخل البودقة الأمريكية بالكامل رغم أن لهم نظرتهم ومواقفهم الخاصة بهم وهم لن يرحبوا بالتأكيد بأن يسعى البعض ولو أميركا إلى فرض مواقف معينة عليهم، مثل هذه الأقوال هي للاستهلاك المحلي لا أكثر وهي لم تجد أي صدى في الشرق الأوسط.

لقد تميز موقف اوباما بحرصه على إعادة القوات الأميركية إلى بلادها وإرسال أقوى رسالة ممكنة لحلفاء أمريكا المشاركين في عمليتها ألسياسيه في العراق بأنه يتوجب عليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم، ولكن كيف وهم غير قادرين على تحمل مسؤولية أنفسهم وهذا لا يأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي ستحيق بمصالح بالولايات المتحدة بعد سلسلة الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها إدارة بوش منذ نيسان 2003 ,ويحق للمرشحين إنهما لا يريدان تحمل مسؤولية المأزق الأميركي في العراق ولكن الذي سيفوز في الرئاسة سيتوجب عليه التعامل مع هذا الملف في النهاية شاء أم أبى مع ملاحظة أن ا يا منهما لا يقدم أي وعود واضحة للناخب الأميركي حول عدد القوات الأميركية التي ستبقى في العراق بسبب شدة تعقيد الوضع العام في العراق وهو أمر يدركه القائد العسكري جيدا في العراق .

من جانب أخر تستمر إدارة بوش في محاولاتها لتجميل صورة صنائعها في العراق حيث يثنى بمناسبة وبدونها على الأداء الاقتصادي لحكومة نوري الهالكي، معتبرة أنها نجحت في استثمار ثروات العراق لصالح تطوير البلاد ولا ندري عن أي تطور يتحدثون ربما عن التطور والإبداع بالفساد والسرقات والرشاوى وهذا ما يعتقد الأمريكان انه سيجعل بقدرة قادر الإصلاح الاقتصادي الكاذب "تقدما ملموسا" للعراقيين.

إن أسلوب استغلال ثروات العراق واقتصاده لصالح تطوير البلاد، خصوصا في المجال الاقتصادي يدخل في خانة السرقات أكثر بوضوح من إمكانية الادعاء بكون ذلك إصلاحا اقتصاديا في العراق وهذا ما ينفي القدرة على تحقيق أي تقدم ملموس بأي مجال للعراقيين ألان وفي المستقبل طالما بقى الاحتلال جاثما على صدور العراقيين.

أن العراق بوضعه الشاذ الحالي غير قادر على تجاوز الخلافات الطائفية، إضافة إلى ان القوانين التي شرعت مؤخرا حول الانتخابات تزيد الأمور سوءا وتعقيدا رغم كل محاولات التمويه والخداع والكذب على أعلى مستوياته الذي تعودت عليه حكومة ألهالكي بمساعدة الأمم المتحدة، منذ عقد مؤتمر العهر الدولي الأول في منتجع (شرم الشيخ) المصري، خلال شهر أيار من العام الماضي.

وتدعي حكومة ألهالكي انها تحقق تقدم لاسيما خلال العام المنصرم، في المجالات الأمنية والسياسية والمصالحة الوطنية، وإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية وفي المجالات التنموية، وكيفية التعامل مع التحديات المقبلة.

ولا احد يعلم أين يقع كل هذا الكذب أمام صدمات أولا وأخيرا حاجات المواطن العراقي، المفقودة شكلا ومضمونا.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة /  06 شعبان 1429 هـ

***

 الموافق 08 / أب / 2008 م