الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

اوباما وعد .. اوباما تراجع .. ما هو وجه الاستغراب ؟

 

 

شبكة المنصور

عوني القلمجي

 

مرة اخرى يطل علينا الحزب الديمقراطي الامريكي بصورة الحمل الوديع من خلال مرشحه للرئاسة باراك اوباما،الذي رفع شعارات وادلى بتصريحات اوحت حينها بان الرجل مقدم على اصلاح سياسة بوش العدوانية وما انتجته من حقد وكراهية ضد الولايات المتحدة الامريكية. واذا به يكشف عن حقيقته قبل وصوله الى البيت الابيض، ويثبت بان الحزبين الديمقراطي والجمهوري من طينة واحدة ويجمعهما قلب واحد.

لا نريد في هذا المجال الضيق احصاء سكنات وحركات اوباما مثل وقوفه عند حائط المبكى لكسب اصوات يهود امريكا، ونكتفي بذكر تراجعه عن شعاراته الانتخابية في قضيتين رئيسيتين، وهما قضية احتلال العراق والدعم الكامل وغير المحدود للكيان الصهيوني على حساب شعب فلسطين بكامله.ففي بحر شهر واحد تخلى الرئيس المنتظرعن وعده بسحب القوات الامريكية المحتلة من العراق،متخذا نفس تبريرات بوش ومستخدما نفس عباراته الممجوجة، فهو قد قال لمجلة نيوزويك يوم السبت الماضي، بان العراق بحاجة لدعمنا اللوجستي وان تكون لدينا قوة ضاربة وإن حجم القوة الأميركية المقاتلة في العراق يرتبط تماما بالظروف،واقترح جدول زمني للانسحاب يبدا بعد 16 شهرا وربطه بالظروف ايضا والتي قد تستمر عقودا من الزمن،الامر اسعد خصمه جون ماكين، الذي وصفه توكر بوندز المتحدث باسمه، بإن باراك أوباما عبرعن نفس الموقف تماما الذي يتمسك به جون ماكين منذ فترة طويلة.

اما على الجانب الفلسطيني فقد لحس اوباما تصريحاته حول ما سماه ايجاد حل متوازن للصراع العربي الاسرائيلي، على الرغم من ان ليس لليهود حق في سنتيمتر مربع واحد من فلسطين،فهو قد تغزل بالكيان الصهيوني اكثر من خصمه جون ماكين حيث شدد على العلاقة العضوية بين امريكا والكيان الصهيوني مؤكداً أنها من النوع الذي يتعذر كسره بل يجب دعمه، اضافة الى تاكيده على ان القدس عاصمة موحدة لـ إسرائيل غير القابلة للتقسيم. ثم قال إن إسرائيل تواجه أعداء مصممين على تدميرها، لكن لديها أيضاً صديق وحليف هو الولايات المتحدة.

تراجع اوباما عن وعوده وعودته الى الحضيرة كتلميذ مجتهد امرلا يدعو للاستغراب،فالرجل مُنتَج النظام السياسي الأمريكي، ومهما كانت معتقداته وآراؤه فانها لن تخرج عن جوهر السياسة الأمريكية التقليدية، خاصة وان صناعة القرار السياسي في أمريكا لا يخص اوباما او جون ماكين وحدهما، وانما هناك مجموعات ضغط لديها اليد الطولى بصناعة القرارالامريكي .ولا نقصد هنا فقط دورالمجمعات العسكرية والصناعية والبيوتات المالية والشركات العملاقة والكارتيلات النفطية،ولا دور الصحافة ومعاهد الدراسات المتخصصة التي توحي برسم سياسة الحكومة،وانما نعني ايضا دور اللوبي الصهيوني في هذا الخصوص واخر تجلياته منظمة ايباك والذي اسميها الحزب الثالث والاقوى في امريكا الى جانب الحزبين العتيدين.

دعونا نضرب مثلا بانتخاب الرئيس،فعلى الرغم من ان نسبة اليهود تبلغ 3% من مجموع السكان،فان دورهم في انتخاب الرئيس او اعضاء الكونغرس يعد دورا حاسما، جراء تاثيرهم على اكثر من عشر ولايات امريكية تعد الاكثر اهمية واستراتيجية من بين الولايات الامريكية الاخرى، من بينها نيويورك، ماساشوستس، نيوجرسي، بنسلفيا، كاليفورنيا، ، فلوريدا، ميتشيجان، تكساس وأوهايو. ناهيك عن امكانياتهم في التاثير الكبير على الراي العام الامريكي من خلال سيطرتهم على اهم وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية. ويضيف الكاتب اليهودي الأمريكي لين برينر، ان نسبة اليهود بلغت 23% من مجموع المحامين الأمريكان وحوالي 20% من الأطباء ، وحوالي 25% من العاملين في قطاع الإعلام والصحافة، اضافة الى ذلك ومن المصدر ذاته،فان اللوبي الصهيوني تمكن من زراعة موظفين مقربين من كل مراكز صناعة القرار الأمريكي،خصوصا أولئك المعنيين برسم السياسات المالية،والشأن المتعلق بالشرق الأوسط.

اما فيما يتعلق بانتخاب اعضاء الكونغرس الامريكي، فنجد نموذجا عنه في الانتخابات النصفية التي جرت في نهايات عام 2006، حيث فاز ففوز الديمقراطيون بالاغلبية بفضل اللوبي الصهيوني،حيث ذكرت بعض المصادر المعنية،بان هؤلاء قد تم اختيارهم بعناية ودقة من قبل القادة الجدد البارزين في الحزب الديمقراطي وعلى رأسهم راحم امانويل،الذي كان مستشارا سياسيا للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وأحد المطالبين بتوسيع الحرب العالمية على الإرهاب،كما كان والده عضواً أساسياً في منظمة “أراجون” الإرهابية ، وشارك راحم الاختيار ، تشارلز شومر المحسوب ايضا على اللوبي “الإسرائيلي ، وكلاهما أسهم بدور أساسي في اختيار المرشحين الديمقراطيين في هذه الانتخابات بذكاء منقطع النظير. وفي كتاب (عام الإفلاس) يذكر الكاتبان بأن عضو الكونجرس يتقاضى ستة رواتب من جماعات الضغط إضافة للراتب الذي يتقاضاه من الحكومة الفيدرالية ؟

وعن مسالة صنع القرار داخل المؤسسات الامريكية،فقد ذكر الكاتبان سيمور ليبست و إيرل راب المعروفين على نطاق واسع في كتابهما الموسوم اليهود والحال الأمريكي الجديد،على أن اليهود احتلوا المناصب العليا والحساسة في امريكا ، وشكَّلوا خلال العقود الثلاثة الماضية 50% من أفضل 200 مثقف و 20% من أساتذة الجامعات الرئيسية و40% من الشركاء بالمكاتب القانونية الكبرى بنيويورك وواشنطن و59% من الكتاب والمنتجين للخمسين فيلماً سينمائياً التي حققت أكبر إيراد وأيضاً 58% من المديرين والكُتاب والمنتجين لاثنين أو أكثر من المسلسلات بوقت الذروة التلفزيوني.اما دور الارهاب الصهيوني في صناعة القرار الامريكي ، فإن النائب السابق «بول ماكلوسكي» قال صراحة في مؤتمر رسمي:«إن أيباك ترهب الكونجرس الأمريكي».. في حين ذكر عضو اخر وهو بول فندلي في كتابه الشهير من يجرؤ على الكلام:«ما أن يذكر أيباك أمام عضو في الكونجرس حتى يمتقع وجهه.. فقد أصبح اسم أيباك مرادفا للسلطة الباغية المرعبة»..

فليس غريبا والحالة هذه ان يتصدر اليهود الصهاينة المراكز المهمة في الادارة الامريكية في عهد كلنتون مثل مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية ووليام كوهين وزير الدفاع ودان جليكمان وزير الزراعة وجورج تينت مدير وكالة المخابرات الأمريكية السي اي ايه وراهم إمنويل المستشار السياسي للرئيس ودون سوسنيك مستشار الرئيس ومارتن أنديك وكيل وزارة الخارجية للشرق الأوسط وروبرت ناش رئيس الشؤون الخاصة للرئيس وستيف كيسلرمستشار البيت الأبيض وصموئيل لويس و ستانلي روس عضوين في مجلس الأمن القومي.وإذا كان كل هذا الكم من الشخصيات الصهيونية يُسير الإدارة في عهد الرئيس كلنتون الذي قيل أنه متعاطف مع العرب والمسلمين، فماذا عن تواجد مثل هؤلاء في إدارة بوش الابن الذي يكره العرب والمسلمين؟ اليس امثال ديك تشيني ورامسفليد وولفيتنز وهيث وريتشارد بيل وعشرات غيرهم خير دليل على ذلك؟

قد يعتقد البعض بان ذلك لا يكفي لادانة الرجل وحزبه بهذه القسوة وربما يكون في حقيقته حملا وديعا او مصلحا كبير، ترى هل بامكان هذا البعض ان يضرب لنا مثلا باي رئيس ديمقراطي اتصف بمزايا حميدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى اخر رئيس ديمقراطي؟

الرئيس هاري ترومان الديمقراطي استخدم السلاح الذري لاول مرة ضد مدينتي هيروشيما ونكازاكي يومي 6 و9 أغسطس/ آب 1945 بعد اعلان اليابان استسلامها وحصدت أرواح مئات الآلاف من البشر وما زالت إشعاعاتها تؤثر سلبا على الإنسان والبيئة، وهو الذي دخل الحرب ضد كوريا التي بدأت في يونيو/ حزيران 1950 وانتهت في يوليو/ تموز 1953. وقد حصدت فيها أرواح ما يناهز أربعة ملايين شخص ثلاثة أرباعهم من الكوريين، وهو الذي اعترف بما يسمى دولة اسرائيل بعد إعلانها بعشر دقائق يوم 14 مايو/ أيار 1948،وهو الذي اعلن ميله إلى إنشاء دولة خاصة باليهود،وهو الصديق الحميم لأول رئيس إسرائيلي حاييم وايزمان، وهو الذي بلغ نفوذ اللوبي اليهودي في عهده درجة كبيرة.

اما الرئيس جون كندي ،ورغم ولايته القصيرة،اعتبر صاحب المواقف القوية في مواجهة السوفيت في كافة المجالات سواء العسكرية منها بشكل غير مباشر او السياسية من خلال مجلس الأمن أو الإعلام أو القنوات الدبلوماسية،وهو الذي اشرف على عملية جزيرة ام الخنازير لاسقاط نظام كاسترو الوطني، وهو الذي وضع البدايات الأولى لدخول حرب فيتنام.اما خلفه جونسون الديمقراطي، فهو الذي زاد من تورط امريكا في الحرب الفيتنامية وفي عهده وبدعم منه شن الكيان الصهيوني الحرب ضد مصر عبد الناصر في عام 1967 وماذا عن جيمي كارتر، الم يغير معادلة الصراع لصالح الكيان الصهيوني باخراج مصر منه باقناعه المقبور انور السادات للتوقيع على معاهدة كامب ديفيد التي ادت الى اعتراف اكبر دولة عربية بالكيان الصهيوني، بعد ان كان محرما على العرب حكاما ومحكومين مجرد الحديث بهذا الخصوص؟ اليست جل مصائبنا كان سببها تلك المعاهدة الخيانية؟

اما الرئيس بيل كلنتون الذي اعتبره البعض متعاطف مع العرب والمسلمين، فقد وضع المقدمات الاولى لغزو العراق، حيث صدر في عهده قانون تحرير العراق وترجمه بعد عدة اسابيع بعدوان عسكري تحت اسم ثعلب الصحراء تمينا بعدوان عاصفة الصحراء على العراق عام 1991. ولجهة القضية الفلسطينية قامت في عهده اتفاقية اوسلوا المذلة لتعقبها العديد من الاتفاقيات الاكثر اذلالا، ومع ذلك لم يكتف كلنتون بكل ما قدمه من خدمات للكيان الصهيوني، وانما بذل في اخر ولايته جهدا استثنائيا في اقناع الراحل ياسر عرفات بالتوقيع على معاهدة كامب ديفيد في عام 2000 والتي تضمنت التنازل عن القدس وعن حق عودة الذي اقرته الامم المتحدة.

امام هذه الوقائع فانه من غير المتوقع ان يستطيع اوباما في حال فوزه بالرئاسة،الخروج من هذا الطوق المحكم، بل على العكس من ذلك، فانه سيسايرالصهيونية العالمية ومنظماتها وعلى راسها ايباك في سعيها لجعل اسرائيل الدولة العظمى في الشرق الأوسط، والعالم بما فيه أمريكا ذاتها لكي يضمن فوزه في ولاية ثانية،بل وربما يذهب ابعد من ذلك ويعلن وقوفه الى جانب الحلم اليهودي التوراتي الأخطر، الحلم الذي أجتر من أساطير مسطرة في توراة محرفة، تقول: إن يهوه رب اليهود وحدهم، قد وعد شعبه اليهودي المختار سيادة العالم أجمع واستعباد كل الشعوب الأخرى، وجعلهم خدما وعبيدا لهم.

ان ما هو مطلوب من الشعوب ليست المراهنة على هذا الحزب الامريكي او ذاك او هذا الرئيس دون الاخر، وانما المطلوب التمسك بالاهداف الوطنية والقومية والكفاح بكل الوسائل، بما فيها الكفاح المسلح، من اجل تحقيقها،واملي كـ عراقي ان نستبعد من اذهاننا كل مراهنة على اي رئيس امريكي حالي او مقبل في تحقيق اهداف الشعب العراقي وفي المقدمة منها دحر الاحتلال بكل اشكاله وصوره والى الابد.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة /  29  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   01  /  أب / 2008 م