الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

خواطر في الثورة الدائمة

 

 

شبكة المنصور

محمد عبد الحيّاني  / مناضل بعثي

 

رمضان كريم .. وفيه قامت عروس الثورات

 

تراوح دوائر دولة الاحتلال في العراق، خصوصاً ذات المهام الإنتاجية، في مكانها منذ بدء الاحتلال ولغاية هذا اليوم.. فالحكومات البلهاء والغبية تتحرك كما (الخنفساء في الصوف) على قول المثل العراقي، خصوصاً وأنها استلمت منشآت قامت هي وغوغائها بتدميرها وتفكيكها لتنقل أجزائها المفككة إلى جارة السوء التي لا تحرّم عمائمها سرقة الجار الذي أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) خيراً. وكانت هذه السرقات بمساعدة ورعاية (شيطانيّ العمائم الأكبرين) أمريكا والكيان.

 

لقد عمد الاحتلال إلى تمكين الأغبياء من عملائهم المزدوجي الولاء في الجنوب والصهاينة في الشمال والانتهازيون في الوسط ليتولوا دفّة الحكم في بلدٍ وصل إلى الذروة في إعداد العلماء وأمهر المهنيين الذين بنوا العراق بعقولهم وعرقهم ودمائهم ورفضوا إلاّ أن يكون العراق النموذج الجماهيري وطريق الأمة الصاعد إلى المجد من خلال بناء نظامه الاجتماعي والاقتصادي والعسكري، ومن خلال بناء الإنسان تربوياً وعلمياً ليكون قادراً على النهوض بصرحٍ يتجاوز الزمن والاتكاليّة على الكبار من دول العالم الذين لا يقدمون خدمة لأي شعب إلاّ بثمن أغلى منه بعشرات المرات مع إهدار الكرامة.

 

خمسة سنوات مرت فارغة من أي شيء إلاّ القتل والسرقات التي تجاوزت حدود الملايين من الدولارات إلى المليارات.. غرق العراق في سياسة الضحك على الذقون في حملات ما أسمته حكومة الاحتلال (حملات حفظ القانون) وهي في الحقيقة حفظ امن الاحتلال وقوّاته من ضربات المقاومة الباسلة..وأي قانون ذلك الذي صمّمته عقول الصهاينة والأمريكان ليكرّس الفوضى والتمزّق في نسيج الوطن الواحد، ويثير النعرات بين شرائحه ويفتت أجزاءه إلى كانتونات مجهريه حقيرة لا يجرؤ أبناء المدينة الواحدة الانتقال من محلة فيها إلى الأخرى... وبات بعض من أفراد الشرطة والجيش يتنقّبون في نقاط التفتيش خوفاً من انكشافهم أو خجلاً من أصدقائهم بعد أن جعلت حكومة المنطقة الخضراء مهمة الجيش لا ترتبط بالدفاع عن الوطن تجاه الاعتداءات الخارجية بل سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب (يتحولون به شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً) يضربون به إرادة التحرير لأبناء الشعب.ويعتقلون ما شاء لهم حقدهم الفارسي على أبطال الرافدين، حتّى أصبح العراق البلد ذات العدد الأكبر من السجون (قياساً إلى عدد سكانه)في العالم. مما انعكس ذلك على ما يسمونه الخطط التنموية (ذات المشاريع الوهميّة) فأصبح الجزء المهم الذي ينفذ منها هو بناء السجون.. كما استنزفت الشركات الأجنبية وفي مقدمتها  الشركات الأمريكية والصهيونية التي استنزفت المليارات من الدولارات من أموال الشعب في إطار تنفيذ هذه الخطط التي لم تقدّم للشعب أي شيء على أرض الواقع.. ويرافق الفوضى والغموض تنفيذ هذه الخطط وهي مبنية على الأسس المقلوبة في كل المقاييس (الاشتراكية والرأسمالية).. أما اللصوص الذين انتفخوا على هامش هذه الخطط فحدّث عنهم ولا حرج متروكين بلا محاسبة أو رقابة.

 

ولكي نبين للمواطن العراقي والعربي وللعالم مقدار انحدار هذا النظام نحو أسفل درجات الدونيّة والانحطاط إضافة لخيانته وعمالته لابد أن نذكّر بما كان عليه الأمر قبل الاحتلال وما هو الأمر فيما بعده وكما يلي :-

 

التعامل مع الوضع المالي وعائدات النفط

 

1- حينما استلم البعث السلطة بعد ثورته في 17تموز من عام 1968 لم يجد في خزينة الدولة غير (1,5) مليون دينار ((قيمة الدينار العراقي آنذاك يعادل (3,3) دولار )) أي أن ما استلمته حكومة البعث بحدود (6) ملايين دولار. وقد بنيت موازنة الدولة آنذاك بحدود (16,5) مليون دولار ،أي بعجز قدره (10,5) مليون دولار... كان سبب هذا التدنيّ في الميزانية ومعادلتها يعود إلى أن الأنظمة التي سبقت نظام البعث كانت تستلم حصتها من العائدات النفطية من الشركات الأجنبية التي كانت تسيطر على هذه الثروة وتحتكرها لا تشكّل إلاّ النزر القليل من قيمة الأرباح الهائلة التي تجنيها تلك الشركات من نفط العراق.. هذا وإذا عرفنا أن الحكومات المتعاقبة كانت ليس لها الحق في الإشراف على الإنتاج والتصدير لهذه الشركات مما يشكل ذلك نقصاً في سيادة البلد في إشرافه على ثرواته.

 

وفي اجتماع مناقشة هذه الميزانية تحدث رئيس الجمهورية المرحوم (احمد حسن البكر) مع وزير المالية وهو يمسك بين سبّابته وإبهامه قطعة نقدية قيمتها فلساً واحداً ((والفلس هو اصغر وحدة نقدية للعملة العراقية حيث أن الدينار يساوي(1000 فلس) كما انه مصنوع من سبيكة نحاسية صفراء غابت صورتها الجميلة عن أنظار هذا الجيل بسبب التضخم الذي أصاب الاقتصاد العراقي بالإضافة إلى انخفاض قيمة الدينار العراقي بعد الحصار على العراق الذي نفذته حكومات بلدان الجوار نيابة عن أمريكا)). لقد خاطب المرحوم احمد حسن البكر وزير المالية قائلاً له : أبو جميل .. أريدك أن تفرك هذا الفلس هكذا .. لتصنع منه (6 فلوس) قالها وهو يفرك هذا الفلس حرصاً منه على أهمية التدبير وعدم التبذير في أموال الدولة.

 

استمرت حكومة البعث على سياسة التقشّف وهي تعد العدّة لإعلان تأميم النفط. وفي هذا المجال قام الحزب ببرنامج خاص للندوات بإسم (الشعب يسأل والحزب يجيب) وفي إحدى هذه الندوات التي قادها وأدارها شهيد العصر الرئيس صدام حسين (رحمه الله) في (ساحة الكشّافة) طالبت جماهير الشعب المحتشدة في هذه الساحة (بتأميم النفط) وكان جواب القائد هل انتم على استعداد لــِ ( شد الأحزمة على البطون..؟؟ ) فكان جواب هذه الجماهير بصوت واحد ملأ أجواء الساحة بــِ (نعم) وكانت نعم كبيرة وعظيمة.. وفتح التأميم عام 1972 الآفاق الرحبة لأضخم ثورة تنموية شهدها العالم في العراق... وبهذه المناسبة نذكر وبكل امتنان موقف رئيس وزراء اسبانيا (فرانكو) الذي ساهم بفك الحصار الذي فرض على العراق من قِبل أمريكا وشركاتها الاحتكارية على تسويق النفط العراقي المؤمم.. وكان ذلك بإجبار (فرانكو) الشركات الاسبانية التي صنعت للعراق ثلاث ناقلات نفط بحرية، بعد أن أغرتها الشركات الأمريكية بمبالغ مضاعفة على أن لا تسلم هذه الناقلات للعراق، حيث كان العراق آنذاك بأحوج ما يكون لهذه الناقلات بعد أن منعت أمريكا كل شركات النقل النفطية العالمية من نقل نفط العراق المؤمم إلى العالم.. (ذلك الدكتاتور النبيل) الذي سموه دكتاتوراً لأنه رفض أن يشترك في الحرب العالمية الثانية بجانب الحلفاء ضد المانيا وايطاليا متخذاً موقف الحياد، كما أصبح دكتاتوراً بنظر الشيوعيين لأنه أدى الوصاية على ولاية عهد عرش اسبانيا بكل أمانة وسلمها إلى ولي العهد بعد بلوغه السن القانونية رافضاً تسليم السلطة للشيوعيين.. كما أصبح دكتاتوراً بنظر الصهيونية العالمية وما يتبعها من محافل ماسونيه لأنه رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني الذي اعتبره سارقاً لأراضي الغير بالقوة.. وفوق كل هذا فقد أصبح دكتاتوراً لأنه أحب العرب واعتز بامتداد أصوله العربية في اسبانيا...!!!)

 

وبعد كل هذا نتسآئل عمّا فعله العملاء الذين جاءوا على ظهور دبابات الاحتلال بأموال الشعب..!! وكيف كان تعاملهم معه بعد أن نصّبهم المحتل حكّاماً على العراق؟؟.

 

وحسب تقارير وإحصائيات الأمريكان ذاتهم سواء على المستوى الرسمي أو الإعلامي ، فأن عائدات العراق خلال عامي (2005-2007) بلغت (96)مليار دولار، وتتوقع التقارير حسب (الهيرولدتربيون) أن (حصة...!!!) العراق من عائدات النفط (86,73) مليار دولار في عام (2008) وذلك بسبب الارتفاع الهائل في أسعار النفط .. ولا ادري لماذا جاءت عبارة (حصة العراق) في الهيرولدتربيون..!! فهل أرادت الإيماء للقارئ أن هناك شركاء مع الحكومة العراقية وإن الأمر في توزيع الحصص بيد هؤلاء الشركاء..!!؟؟ أم أن هناك عودة للشركات النفطية الأمريكية في الإنتاج النفطي العراقي بدون إذن من حكومة الاحتلال؟ وبكل الأحوال فإن (التأميم قد أصبح بحكم المنتهي) بعد أن دفع الشعب دماء غزيرة في انجازه وتحقيقه.. كما أن توقعات العائدات النفطية للعراق منذ بداية الاحتلال لغاية نهاية هذا العام (2008) ستكون 156مليار دولار وسيكون الفائض منها (76) مليار دولار منها (29) مليار دولار في البنوك العراقية و(50) مليار دولار محجوزة في صندوق المصرف الاحتياطي الفدرالي في نيويورك (للمساومة به على بيع حرية العراق واستقلاله)... هذه الأرقام الملياريّة هي التي رغب الاحتلال اظهارها (كحصة) للعراق، اما حصة الاحتلال وشركاته فحدّث ولا حرج،وبدون (مكيال ولا رقيب على ذلك من حكومة الاحتلال).. ومع كل ذلك فأن الأمريكان يكذبون على العراقيين وعلى المواطن الأمريكي وعلى العالم اجمع إذ يدّعون أنهم صرفوا على التنمية في العراق وعلى إعادة إعماره مبلغ (48) مليار دولار...!!.

 

أنهم يأكلون ثروة العراق (كمنشار الثلج في صعوده ونزوله) كما يقول المثل العراقي.. ورغم كل هذه الأرقام (الملياريّة من الدولار) فأن الحكومة لم تصرف على التنمية وعلى إعادة أعمار البنى التحتية التي دمرها الاحتلال وعلى إنعاش الحياة الاجتماعية للمواطن إلاّ ما يوازي اقل من 3% من الإيرادات النفطية بدليل أن ما صرف خلال عام (2007) وحسب التقارير الرسمية التي نشرتها الصحف الأمريكية لا تزيد عن (896) مليون دولار في عام (2007).

 

لا نريد بعد كل هذا أن ندخل القارئ الكريم في متاهات هذه الأرقام بل نريد أن نتوصل إلى الاتجاهات الضبابية والمتاهات التي يسير فيها الاقتصاد العراقي في ظل غباوة ولصوصية حكومات الاحتلال العميلة وسيطرة الاحتلال على ثروات العراق في السرقات والمشاريع الوهمية التي لم يلمس منها المواطن العراقي غير تدنّي مستواه المعاشي وعودة شركات النفط الاحتكارية لتسيطر على هذه الثروة بقوة الاحتلال... والأدهى من ذلك أن عملاء الاحتلال في هذه الحكومة لم تكفيهم سرقات العائدات النفطية بل ذهبوا في سرقاتهم إلى ربط حركة اقتصاد العراق ومستوى الرواتب والأجور والتنمية في القطاع العام بإرادة صندوق النقد الدولي الذي يسيطر عليه الرأسمال اليهودي بسبب نزوة (حرامي بغداد) احمد الجلبي في سرقة ما يقرب من نصف مليار دولار استدانها من هذا الصندوق بإسم الدولة العراقية التي تمتلك أول احتياطي نفطي في العالم...!!!

 

2- بعد التأميم أي بعد أربع سنوات من قيام الثورة بدأت معركة الثورة مع الزمن في بناء العراق. وكان الأمر في بدايته بلا كادر وطني. وكان المرحوم شهيد العصر القائد صدام حسين هو الذي يترأس مجلس التخطيط ، وكان من توجيهاته المركزية للوزراء المنفذين أن لا يكون اتفاقهم مع الشركات الأجنبية التي يتعاقدون معها على أساس استلام (مفتاح) المشروع بعد الانتهاء منه كما هو معمولاً به في الدول النامية، بل أن يكون للكادر العراقي الهندسي والفني حضور فعّال أثناء التنفيذ كشرط أساسي في العقد، وكان يبتغي من ذلك (رحمه الله) أن تكون فترة التنفيذ مدرسة واقعية لتدريب الكادر العراقي على انجاز مثل هذه المهمات الضخمة بمعزل عن الشركات الأجنبية في المستقبل. وكان له ما أراد وبوقت اقل من القياسي، حيث تولى كادرنا الوطني تنفيذ العديد من المشاريع بقدراته الذاتية التي تعلمها في السنوات الأولى من انطلاق الثورة التنموية التي وصفت بالانفجارية.

 

3- وفي استعمال النفط كسلاح ضد أعداء العراق والأمة العربية فقد أدار العراق معركته بالاعتماد على جماهير العراق والأمة العربية من خلال تنظيماتها الجماهيرية، عمّال وفلاحين ومهنيين عرب، تلك الجماهير التي ضغطت على حكّامها لتقوم بإجراءات شبه مماثلة لما قام به العراق من تأميم ولكنها اتخذت منحى المشاركة مع الشركات كما اعتمد على التنظيمات العمّالية العربية لتضغط على الوفود العربية في مؤتمر منظمة العمل الدولية في منتصف السبعينات من القرن الماضي باستصدار قرار إدانة الكيان الصهيوني في معاملة العمّال الفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني.. حيث هدد الوفد الأمريكي في هذا المؤتمر بالانسحاب من هذه المنظمة الدولية إنْ صوّت المؤتمرون لصالح الإدانة.. وكان هذا التهديد يعني حرمان هذه المنظمة من مقدار مساهمة أمريكا في تمويل ميزانية المنظمة وهو مبلغ كبير يؤدي انقطاعه عطل في هذه المنظمة واستغناءها عن الكثير من العاملين فيها (وهذه هي إحدى الطرق التي تضغط فيها أمريكا على المنظمات الدولية وتبتزها لاتخاذ المواقف التي تريدها). ولكن تعهّد الدول العربية من خلال وفودها في هذه المنظمة (بعد أن دفعت الحركة العمالية العربية حكوماتها في استعمال النفط كسلاح وكان ذلك كلّه بتأثير تأميم نفط العراق) أدى إلى أن تنسحب أمريكا من المنظمة بِراً بتهديدها. وبعد أن عوّضت الدول العربية خسارة المنظمة في ميزانيتها... ثم لم تجد أمريكا من حل إلاّ العودة إلى المنظمة في السنة اللاحقة (بخفّي حنين) وبعد أن ذاقت مرارة الهزيمة والعزلة العمّالية. كما ذاق وتجرّع خميني السم الزعاف بعد هزيمة إيران بضربات أبطال الرافدين في 8/8/1988.

 

التعامل مع الشعب والقضايا الوطنية والقومية

 

1- تركت فترة ما بين ثورتي (1958-1968) ضغائن وثارات ما بين البعث والقوى السياسية الأخرى (وطنيون وقوميون وإسلاميون وشيوعيون).. وكان ما بين هذه القوى وبالأخص منهم الشيوعيون والبعث دماء المحاكم القصابية في الموصل والمذابح التي قام بها الشيوعيون في الدملماجة، ودماء البعثيين التي سالت أثناء ردّة تشرين، مما دعى أن يطالب بعض من كادر الحزب في أول اجتماع لهم بعد الثورة بالثأر للرفاق الذين استشهدوا في هذه الأحداث وغيرها. وكان يرأس هذا الاجتماع الشهيد صدام حسين (رحمه الله) ،وقد جاء ردّه (رحمه الله) سريعاً و واضحاً ،حيث قال: ((إننا لم نقم بالثورة من اجل الانتقام، بل من اجل أن نتسامح لنحكم بسلامة نيّة. ولكي يساهم كل الشعب معنا في بناء نموذج العراق الذي يستقطب كل العرب)).. وبالفعل، فقد دعى الحزب ممثلي القوى المذكورة أعلاه للاشتراك في الحكم. وقد تم ذلك من خلال الوزراء القوميين والشيوعيين والمستقلين من الوطنيين الذين استوزروا في أول وزارة شكّلت بعد الثورة.

 

ولسنا هنا في مجال المقارنة بين العفّة والعهر ولكن الشئ بالشئ يذكر.. فحينما جاء خونة العراق على ظهور الدبابات الأمريكية، لم يأتوا ومعهم أخلاق العرب المتميزة بالتسامح و (العفو عند المقدرة) بل جاءوا بحقد مجوس الفرس واليهود وليثاروا لآبائهم المجوس الذين اندحروا بضربات قادسية صدام، وليعيدوا العراق إلى القرون الوسطى كما قالها اليهودي جيمس بيكر لطارق عزيز(فك الله أسره).

 

2- كان للبعث في العراق باع طويل في قيادة المنظمات الجماهيرية من نقابات وجمعيات عمّالية ومهنية وفلاحيّة.. وقد سبق ثورتيه (8 شباط 1963 و 17-30 تموز 1968) أحداث جماهيرية قادها البعث وكانت اسباباً لسقوط النظامين القاسمي والعارفي.. ففي الأولى كان إضراب البنزين (بعد أن قامت حكومة عبد الكريم قاسم بزيادة أسعار البنزين) والتي قامت به تنظيمات العمّال والطلبة وبالأخص منهم (سوّاق السيارات) ثم تلاه إضراب الطلبة بسبب حملة اعتقالات الطلبة التي قام بها عبد الكريم قاسم في آخر أيامه بعد أن فاز البعثيون في رئاسة اتحاد طلبة العراق .. وفي الثانية قاد البعث جماهير المعلمين ليفوز بنقابتهم رغم وقوف السلطة العارفية بوجههم واعتقال الكثير من قادة نقابة المعلمين.. ثم قيادته للمظاهرات التي قامت اثر هزيمة مصر في الخامس من حزيران عام 1967 ضد موقف حكومة عبد الرحمن عارف المتخاذل في نجدة الشقيقة مصر. وقد قاد هذه المظاهرات كل من الأب القائد المرحوم احمد حسن البكر وشهيد الحج الأكبر صدام حسين (رحمه الله)...

 

وفي هذه المناسبة لابد من ذكر موقف يخص شيخ المجاهدين عزّت إبراهيم الدوري الذي كان يحضّر للامتحان النهائي للدراسة الإعدادية في إحدى مقاهي الدراسة في ساحة الشهداء (ساحة عدنان) في الكرخ... فهو عندما سمع بالهزيمة، وبأسباب إيقاف القتال بعد عبور القطعات الصهيونية قناة السويس واحتلال سيناء، والتي قال فيها المرحوم جمال عبد الناصر بأنه لو لم تتم الموافقة على إيقاف القتال لوصل جيش العدو الصهيوني إلى القاهرة.. وهنا صرخ المجاهد عزّت الدوري: إنها خيانة.. ولم لا يترك جيش العدو ليغرق وسط الشعب العربي المصري الذي كان كفيل بإبادتهم عن بكرة أبيهم..؟؟. ثم أغلق كتبه صارفاً النظر عن أداء الامتحان لذلك العام لينشغل في هموم التنظيم تحضيراً مع رفاقه للثورة .. وبعد عام ونيف من ذلك قامت الثورة كَرَدْ فعل لهزيمة العرب في الخامس من حزيران..

 

مما تقدم نتبين أن ثورات البعث لم تكن مجرد انقلابات عسكرية بل هي ثورات جماهيرية ذات أهداف رسالية عرفها العراقيون والعرب وثوّار العالم وهي مستمرة لغاية هذه الساعة رغم الاحتلال الذي يخوض معركته الخاسرة مع ثورة الشعب، تلك المعركة التي أصر أبطال الرافدين على تكسير قرون الثور الأمريكي الهائج على صخرة عراقهم العظيم .. وبدت معالم خوار هذا الثور وهو يلهث وتزداد ضربات قلبه غير قادر على مد يَد المساعدة العسكرية لحلفائه في القوقاز ... وسيدور (فلك) الزمان كما بدء في بداية القرن الماضي ليتمحور العالم على أقطاب دولية كثيرة سيكون أضعفها طبعاً القطب الأمريكي بفعل ضربات أبطال المقاومة العراقية (إن شاء الله).

 

3- وفي مجال خلق الإنسان العراقي القادر على بناء العراق على أسس علمية قويمة ، فإن ثورة البعث قامت منذ أيامها الأولى ببناء أسس التعليم والزاميته بعد أن قامت بمحو أمية العمال وفي القطاعات الأخرى للشعب، وتوسعت أفقيا وعمودياً في نشر التعليم العام والمهني والجامعي ، حتى أصبح العراق من البلدان التي يشار لها بالبنان. كما جعلت من السجون مدارس يتعلم فيها السجين العلوم والمهن المختلفة، والشواهد على ذلك باقية لحد الآن ومنها أسوار حديقة الزوراء في وسط بغداد .. وكم من سجين أكمل دراسته الثانوية وهو في السجن ..

 

كما تشهد بذلك المنظمات الدولية مثل العمل واليونسكو التي منحت العراق جائزة (كروبسكايا) لأحسن تجربة لمحو أمية العمال في العالم .. ويبقى نجم الثورة يلمع في سماء المجد في حين سيكون مصير أعدائها في مزابل التاريخ.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٠٣ رمضــان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٠٣ / أيلول / ٢٠٠٨ م