الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

العلاقات العراقية الكويتية ... العبرة فيما حدث ؟

 

 

شبكة المنصور

سعد الدغمان

 

تشوب العلاقات العراقية الكويتية الكثير من المنغصات منذ سايكس بيكو والى يومنا هذا؛وقد فشلت دبلوماسية البلدين على مر التاريخ المعاصر في خلق أجواء الأطمئنان في السياسة المتبادلة فيما بينهما على الرغم من فترات الصفاء التي مرت على تلك العلاقات في فترات قصيرة لاتحتسب في عمر الزمن؛والتي كان أبرزها أبان الحرب الإيرانية العراقية والتي بدءها النظام الإيراني بشن هجمات مختلفة على الاراضي والمخافر العراقية ومحاولته لزعزعة الأمن في الداخل العراقي حين شن مرتزقته هجمات عديدة داخل العاصمة بغداد طالت إحداها نائب الرئيس العراقي السيد طارق عزيز مستهدفة حياة الرجل حين كان يحضر تجمعا طلابيا في الجامعة المستنصرية؛ وهي موثقة ومسجلة في وثائق الأمم المتحدة الرسمية والتي كان العراق قد أبدى شكواه منها بمذكرات رسمية عن وزارة الخارجية العراقية أنذاك؛ناهيك عن تعطيل الملاحة في شط العرب المنفذ الوحيد للعراق الى الخليج العربي؛وأسر العديد من العاملين المدنيين ومنتسبي الجيش وقوات الحدود قبل بدء الرد العراقي في 22/أيلول/1980.


هذه الفترة التي أحتضنت الحرب لثماني سنين طوال كانت قد شهدت أعلى مستوى من العلاقات فيما بين العراق والكويت وتميزت بدعم واسع من قبل الكويت للحكومة العراقية أنذاك وأختلف هذا الدعم بصيغه منها المادي ومنها المعنوي؛حتى كانت الاراضي الكويتية تعتبر الساحة الخلفية للجهد الحربي العراقي؛ناهيك عن تسخير القدرة الكويتية الأقتصادية لمصلحة العراق في حربه التي فرضها عليه النظام الإيراني والتي تمثلت بأستخدام المؤاني الكويتية(الشويخ؛الأحمدي؛الشعيبة) لمصلحة الجهد العسكري العراقي مثلها مثل الأردن والسعودية وغيرها من دول الخليج ؛حيث وضعت الأردن ميناء العقبة تحت التصرف العراقي؛فيما قدمت السعودية دعما لايقف عند حد معين طوال السنين الثمانية.


ونتيجة تلك التوترات الحاصلة في العلاقات بين البلدين الجارين نرى أن الأتهامات تتصاعد فيما بينهما حول مايثار دائما من تبعية الأراضي الكويتية الى محافظة البصرة العراقية والمطالبة بأسترجاعها وضمها الى الوطن الام؛ولم تكن تلك الدعوات مقتصرة على نظام صدام حسين (رحمه الله) أو النظام البعثي كما يسمونه؛بل سبق وأن دعى لها الراحل الزعيم عبد الكريم قاسم(رحمه الله) ومن قبله كان قد طالب بنفس المطالب الملك غازي (رحمه الله)؛وإذا كان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قد طالب بالكويت ووصف تصرفه عند أحتلالها بأنها مغامرة غير محسوبة العواقب وغلطة فادحة وتهور؛فما هو نصيب الزعيمين العراقيين الراحليين(قاسم ؛وغازي) رحمهما الله عند محاولاتهما ضم الكويت آبان أيام حكمهما؛وهل كان هؤلاء الثلاثة على باطل والكويت وحدها على حق؛ذلك ماهو مشكوك فيه ويحمل عدة علامات أستفهام.


نحن لانريد أن نثير أي موضوع حول تلك القصة ؛في وقت تمر فيه الامة العربية جمعاء وليس العراق لوحده بمحنة كارثية لاتوصف تهدد أمن البلدان وإستقرارها ووحدة أراضيها؛إلا أن الموقف الكويتي الاخير بمساندة الاحتلال ومساعدته قد شكل الجزء الاكبر من عملية إنحدار الامور الى هذه الدرجة من التشاؤم أفضت الى تأزيم المواقف والدفع بها نحو الأشتعال بل الأحتراق.


إن عملية أقتحام الأراضي الكويتية وأحتلالها من قبل الجيش العراقي عام 1990 وبقرار من لدن رئيس الجمهورية الذي كان يشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة؛كان قد شكل على خلفية أموركثيرة كان لابد للباحث المنصف أن يأخذها على محمل الجد وأن لايتجاوزها مهما طال الزمن وتثبيتا للحقيقة وليس لغيرها والتي طال العراق وأهله منها جراء التخريب الاقتصادي المتعمد فور أنتهاء الحرب الثمانيية والذي تمثل في ماقامت به الحكومة الكويتية من حرق كميات هائلة من العملة العراقية (الدينار) في الساحات العامة وسط العاصمة الكويتية؛وعملية أغراق السوق النفطية بالمنتوج وفتح أبواب التصدير خارج نطاق الحصص المقررة بالأوبك ما أدى الى أنخفاظ أسعار البترول عالميا؛وهذا بدوره يعني حرمان العراق من عائدات كبيرة وبالعملة الصعبة كان معول عليها لسد العجز الذي ولدته الحرب الطويلة في ميزان المدفوعات العراقي؛ثم التجاوزات الكويتية على أبار النفط العراقية في منطقة الرميلة الغنية بالنفط والتي تكون بطبيعتها منخفضة عن المناطق الكويتية في تلك البقعة؛وكانت تلك التجاوزات قد تمت خلال أحداث الحرب الإيرانية وقد تجاوزها العراق حينها لأنشغاله بقضايا الحرب حينها؛ثم الأراضي التي أستولت عليها الكويت في تلك الفترة أيضا؛وكانت الطامة الكبرى أن طالبت الكويت بالديون والمستحقات كما تسميها فور إعلان وقف إطلاق النار في تلك الحرب القذرة التي شنها الإيرانيون ودارت رحاها لثمان سنين ؛وهو ما تم توثيقه ومناقشته في القمة العربية أنذاك في محاولة من العراق لتجاوز الأزمة وإيجاد الحلول لها عربيا ؛إلا أن التعنت الكويتي والمواقف المشبوهة لبعض الحكام العرب حال دون ذلك؛وما مبادرة الملك فهد ملك السعودية( رحمه الله) بتبني الموضوع وتبرعه بقيمة الدين المفترض وسداده للكويت بعيدا عن المشاكل وما تخلفه من أمور لاتحمد عقباها على البلدين إلا مثالا على ذهاب العراق بهذا الباتجاه ؛لكن الموقف الكويتي المتشنج هو ما قاد الموقف الى التصعيد نتيجة عدم قبوله بالحلول المطروحة وعدم القدرة على أتخاذ القرار الفردي البعيد عن التأثيرات الخارجية ماأدى الى تأجيج الحالة والجنوح بالأمور الى ماوصلت اليه.


أن الديون التي يتحدث عنها الكويتيون كانوا قد قدموها هبات أو مساعدات في تلك الحرب التي دافع العراقيون عن الجميع فيها وليس عن الكويت فقط؛وما حدث هذه السنين وبمساعدة الكويت حين أدخلت القوات الغازية لأحتلال العراق لشاهد على كلامنا من أن النظام الإيراني كان يخطط لما هو أبعد من العراق وأحتلاله بل أتسعت مطالباته حتى وصلت مملكة البحرين؛ وإننا إذ نناقش ذلك الوضع لانعفي القيادة العراقية من المسؤولية فيما حدث بقدر تعلق الامر بالأحداث حينها ؛كما إننا لانبرأ الجانب الكويتي منها أيضا؛إن لم نقل أنه الجزء الأكبر والمتسبب بألأزمة منذ بدايتها.


ثم أن تلك الهبات لادليل على أنها ديون كما يزعم الكويتيون ويدعون بل كانت هذه الاموال قد قدمت من الكويت كما أسلفنا مثلها مثل البلدان الخليجية الاخرى ؛حين أحست ان الخطر الإيراني قادم لامحالة وأن التهديدات الإيرانية قد تطال الجميع والدور التخريبي الإيراني فيها واضح؛ومما يعزز ذلك الدور التخريبي على الأمة العربية ؛مضافا اليها دور الاجهزة التخريبية الإيرانية التي تحاول زعزعة أمن وأستقرار الكويت بواسطة عمليات أرهابية جرى تنفيذها داخل الكويت وراح ضحيتها العديد من الأخوة الكويتين الأبرياء والذين لاذنب لهم سوى أنهم كانوا ضمن المناطق التي خطط لها لضربها من قبل الأرهاب الإيراني الذي تمثل بخطف الطائرة الجابرية واحتجاز مواطنين أبرياء فيها؛ثم محاولة أغتيال (أمير الكويت الراحل جابر الأحمد الصباح رحمه الله ) خلال سير موكبه في شارع الخليج العربي من قبل عناصر حزب الدعوة وبتوجيه من قبل المخابرات الإيرانية والذي افرد له الرئيس العراقي الراحل صدام حسين (رحمه الله) يوما للرد الحاسم المؤثر أسماه (يوم الكويت) وهو ما لاينكره الكويتيون؛ناهيك عن محاولات زعزعة الأمن والأستقرار داخل الشارع الكويتيي عن طريق التفجيرات العديدة التي طالت المقاهي الشعبية بالكويت وهذه مازالت ماثلة أمام الانظار وغيرها الكثير؛كل تلك الأحداث كانت قد شكلت حيزا كبيرا في عامل تصعيد الأجواء في الحرب الإيرانية العراقية والتي خرج منها العراق منتصرا لكنه مثقل بالديون على الرغم من أن الحرب ليس فيها طرف رابح كما يقولون؛كل تلك العوامل وغيرها دفعت بالكويت حكومة وشعبا الى دعم المجهود الحربي العراقي نحو منع تقدم الارهاب الإيراني بأتجاه الخليج والذي كان (العراق)يشكل في ذلك الوقت الدرع الواقي للمنطقة العربية في الخليج وصمام الامان الذي يضمن سلامة المنطقة ووحدة أراضيها والحفاظ على كياناتها عربية مستقلة لاتصلها التهديدات الإيرانية الفارسية التي كان مخططا لها السيطرة على الخليج وإحتلال أراضيه؛إلا ان العراقيون كانوا لتك التوجهات بالمرصاد مما جعل الحلم الإيراني الشرير أن يتحطم على بوابة العرب الشرقية.


إن عملية مساندة المحتل الامريكي ومساعدته وفتح الأبواب مشرعة لدخول القوات الغازية المحتلة للعراق وتدميره من قبل حكومة الكويت في عام 2003؛ومساعدة ومساندة الحكومات التي نصبها المحتل الامريكي؛ومحاولات زرع الفتنة والفرقة والأشتراك بعمليات قتل المواطنين العراقيين في ظل الإحتلال وبواسطة المرتزقة الذين وظفتهم الدوائر الكويتية داخل العراق وخصوصا في البصرة؛ودعم وتشجيع وفتح القنوات الطائفية مثل (القيحاء) والصحف الأخرى المدعومة من الكويت والتي تخدم التوجه الطائفي العنصري وتنمي روح الانتقام فيما بين أفراد المجتمع وزعزعته لهي محاولات تخريبية دأبت الكويت على إتباعها منذ الإحتلال والى يومنا هذا كمنهج إنتقامي حاقد لايريد للعراق خيرا؛كما إنها تاتي في سبيل إبقاء الحالة العراقية على الفرقة والتشرذم.


وما مطالبة الكويت بما تسميه الديون ومستحقاتها اليوم إلا صفحة من صفحات التخريب والإنتقام على خلفية هذا المشهد في الوقت الذي يغازل المسؤولين الكويتين النظام الإيراني ويتوددوا اليه بمناسبة أو من غيرها وعلى الرغم من الأهوال التي ذكرناها والتي حدثت في الكويت وكان من يقف ورائها النظام الإيراني؛وكي لانذهب بعيدا أن رفسنجاني أوصى الرئيس الراحل صدام حسين بعدم الخروج من الكويت والأحتفاظ بها وبارك له عملية ضمها؛كي يعي الكويتين موقف حكومة طهران الصريح تجاه كل ماهو عربي مسلم؛


أن موقف الحكومات التي نصبها الإحتلال منذ ان وطأة أرجله القذرة أرض الرافدين بمساعدة الكويت لايعبر عن حقيقة الموقف العراقي الشعبي؛بل هو موقف أملته الإدارة الامريكية على من عينتهم في تلك المواقع ولاعلاقة للشعب العراقي به كما أنه غير ملزم بما يصدر عن تلك الحكومات؛وأن عملية التبرع التي قامت بها وزارة الخارجية التي يديرها هوشيار زيباري للأراضي العراقية لصالح الكويت هي أيضا غير ملزمة للعراقيين مثلها مثل القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة والتي أستقطعت فيها دون اراضي عراقية ومنحتها للكويت دون وجه حق؛والتي فرضتها تلك المنظمة بدفع أمريكي في سابقة خطيرة تنتهجها المنظمة الدولية التي من المفترض أن تكون حيادية في تعاملها مع الدول الأعضاء فيها بل المؤسسين لها؛لقد فرطت الأمم المتحدة بوحدة العراق وأراضيه لترضي الكويت على حساب العراق ثم لتغرق أهله الذين أنهكهم الحصار الذي فرضته أمريكا وبريطانيا بديون ظالمة على مشكلة يعترف العالم أجمع بان الشعب العراقي لم يكن طرفا فيها وقد فرضت عليه فرضا.


المطلوب من السياسة الكويتية اليوم أن تكون أكثر حكمة وتعقل وأن لاتختلق الحجج التي تنمي روح الحقد والضغينة فيما بين مواطني الشعبين الشقيقين؛وأن تبادر الى كل ما يدفع تلك الهواجس بعيدا وأن تتخذ من الماضي القريب العبر والدروس؛فالجغرافية قائمة شائت الكويت وحكومتها أم ابت ولاسبيل لتغيرها أو الخروج منها؛وعلينا أن نتعامل وفق الواقع الذي لابد أن تقدم فيه الكويت التنازلات ليتم تجاوز المحنة وإلا فواقع السياسة الكويتية يفرض نمطا من التعامل يعيد الى الاذهان صورة الثاني من أب طال الزمن أو قصر على أعتبار أن الزمن متغير وغير ثابت وان لااحد يبقى قوي وسط عالم مليء بالمتغيرات فلا القوة دائمة ولا الضعف مستديم وأن أمريكا عارض زائل وراحل؛وان الغلبة للشعوب مهما طغى غير ذلك على السطح وبان ولاعنصر يمثل القوة سوى إرادة الله عز وجل التي هي فوق كل شيء؛والإحتلال لابد له من زوال إن لم يكن اليوم ففي الغد وهذا الغد قريب لناظره فلا نفوت العبرة ونعود لتأجيج المواقف ونركن الى غير الحكمة مهما كان من يقف ورائنا.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٢ شعبان ١٤٢۹ هـ

***

 الموافق ١۳ أب / ٢٠٠٨ م