الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

الرمادي بين لصوص الدماء ولصوص الدولار

 

 

شبكة المنصور

احمد العسافي

 

الرمادي.. المدينة التي انفردت في كل شيء وكانت أيضاً بداية لكل شيء، حيث كانت الشرارة الأولى للعمليات المسلحة ضد القوات الأمريكية بعد احتلالها العراق، والتي شملت بعد ذلك كافة مدن العراق من شماله إلى جنوبه ، هذه المحافظة التي أجمع محللون عسكريون وسياسيون على القول إن السيطرة عليها تعني السيطرة على العراق وهي (مفتاح العراق) تجسّدت بالفعل ووضحَ ذلك جلياً للعيان، فبعد فرض الأمن في محافظة الأنبار منذ تشكيل الصحوات وطرد القاعدة منها بدأت هذه الحالة الجديدة بالسّرَيَان إلى المحافظات الباقية واحدة بعد الأخرى.


وأيضاً انفردت عن بقية المحافظات بزيارة الرئيس الأمريكي بوش لها ولقائه برئيس مجلس صحوة الأنبار الشيخ عبد الستار أبو ريشة الذي دفع حياته لهذا التحول بعد الزيارة بأربعة أيام، وأيضاً هي المحافظة الوحيدة التي يذهب منها وفد في زيارتين إلى واشنطن ولقائهم بالرئيس الأمريكي وعدد من المسؤولين في البيت الأبيض.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد وإنما حتى المتنافسين في الانتخابات الرئاسية للبيت الأبيض بدأوا يتوجهون إلى الأنبار، فالزيارة الأخيرة التي قام بها المرشح الديمقراطي السيناتور أوباما في 22 تموز الماضي ولقاؤه بشيوخ العشائر ومحافظ الأنبار جعلها أيضا تنفرد دون غيرها وكذلك فإنها انفردت بالقتل العشوائي الذي طال أهالي المدينة من قطع الرؤوس إلى الاختطاف والى الجثث الملقاة في الطرقات إلى القتل أمام الناس، وبعد كل ذلك وبين ليلة وضحاها يبدأ التَّغيُّر في كل شيء حيث أن طرد القاعدة لم يكن من خلال معارك أو قتال حصل بين طرفين وإنما الملاحظ لبعض الأمور والغريب أيضاً كأن ناراً مستعرة وخمدت فجأة لصب الماء عليها، وللوقوف على بعض النقاط المهمة في المرحلتين يقتضي الأمر بيان ما يأتي :


إن التشابه الكبير بين الدورين وخلال أكثر من خمس سنوات ونصف من عمر الاحتلال بدأ يثير العديد من التساؤلات، فنلاحظ خلال سيطرة القاعدة على المدينة وما حصل لها ولأهلها من قتل ودمار فأن الجميع كان يقول : إن مَن يقف خلف القاعدة هي جهات خارجية وخاصةً أنّ أصابع الاتهام كانت تشير إلى إيران وبهذه التهمة الموجهة التي كانت قريبة من مشاعر أهل المدينة , الذين هم من الطائفة (السنية) فان هذا الاتهام مباشرة يدغدغ مشاعر أهل هذه المدينة ويزيد من غضبهم وحقدهم على إيران وخاصة الناس البسطاء، وفي المقابل نجد أن اغلب الشخصيات التي تطل على وسائل الإعلام في كل مكان وتتصدر المشهد السياسي في المحافظة بعد أن كانت تتكلم على القاعدة مرتبطة بإيران ونرى اليوم علاقتهم بإيران المباشرة أو غير المباشرة ابتداء من الحزب الإسلامي الذي زار إيران زعيمهم طارق الهاشمي والتقى بالمسؤولين في طهران , ثم مرورا بالصحوة وقادتها وارتباطهم بالشخصيات الحكومية بدءا من رئيس الحكومة الذي كان يوصف بالطائفي وتلقيه الأوامر من السفارة الإيرانية من بغداد إلى مجلس الإنقاذ المرتبط بالدكتور أحمد الجلبي الذي يتمتع بعلاقات قوية مع طهران إلى عدد كبير من شيوخ المدينة المرتبطين بالسياسيين العراقيين الذين لديهم ارتباطات واضحة مع طهران .


القاعدة خلال فترة سيطرتها مارست القتل والدمار وحرّمتْ كل شيء، فقد كانت عملياتها منتخبة وكذلك القتل لعدد من الشخصيات البارزة في المدينة فأن هذه العمليات لم تكن عشوائية وإنما كانت مخططا لها . واليوم بعد زوال ( القاعدة ) فان هناك أيضا عمليات مُدبَّرة ومُنظّمة فالآن عمليات السرقة والنهب تحصل للمال العام وعلى (عينك يا تاجر ) يعني أما أنظار الناس فالمشاريع الضخمة التي تذهب إلى المنتفعين والمسيطرين على مقدرات المدينة والتي لا تنفذ إلا على الورق فقط , فإن هذه الطبقة التي ظهرت في هذه المدينة التي عانت الكثير ، تشبه أعمالها كثيراً أعمال القاعدة، فالقاعدة تقتل الناس وهؤلاء يسرقون أموال الناس ولقمة عيشهم، وفي كل الأحوال نجد أن الخاسر الوحيد هو المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة، ولا يستطيع عمل شيء غير الكتمان في نفسه وشعوره بالأسى والحسرة على بلده وإلى أين وصلت به الأمور، فالكل متكالب عليه، فالأدوار الأولى كانت للقتل واليوم الدور الثاني للسرقة والنهب المُنظَّم وابتلي أيضاً بسيطرة بعض الأحزاب وخاصة الإسلامية ونرى أن جميع الأدوار التي حصلت في المرحلتين بدءاً مِن مرحلة القاعدة والفتن التي رافقتها، إلى عملية طرد القاعدة وسيطرة الصحوات والسرقات التي ترافقها وتحصل يوميّاً.


إن الذين كانوا يقومون بقتل الناس وترويعهم أغلبهم اليوم موجودون في الصحوات والأجهزة الأمنية المرتبطة بالأحزاب المسيطرة. فالرمادي بعد أن تخلصت من (لصوص الدماء) الذين كانوا يسرقون الحياة نراها اليوم تعيش تحت رحمة (لصوص الدولار) الذين لا همّ لهم سوى جمع الأموال ونهب المشاريع والتسابق للارتماء في أحضان المحتل، فقد سرق هؤلاء اللصوص كل شيء ولا يقف أمامهم وأمام مصالحهم شيء، وقال أحد مثقفي المدينة وهو يصف الحال وما آلت إليه: ( إن الرمادي تعيش سيرك أيامها ولكن بالمقلوب واللا معقول).

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ١٧ شعبان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٩ أب / ٢٠٠٨ م