الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

افتتاحية ( طليعة لبنان الواحد ) عدد حزيران 2008
المقاومة الوطنية العراقية
تثأر للخامس من حزيران
وتستأنف مسيرة 17 – 30 تموز

 

 

شبكة المنصور

 

 

لقد ودَّعنا الذكرى الحادية والأربعين للخامس من حزيران، ونستعد لاستقبال الذكرى الأربعين لثورة 17 – 30 تموز، وما بين الذكريين من ترابط وعلاقات فكرية وسياسية وثيقة.

لقد كانت أهداف حرب حزيران وأداً لكل أمل قومي في الوحدة والتحرر، بينما جاءت الذكرى الثانية لتستأنف مسيرة العمل القومي وتعيد إحياءه، وتمنع عن الأمل وأداً محققا.

لقد أصبح من قبيل التكرار، ولكنه التكرار المفيد، أن التآمر على أهداف الأمة العربية، لخطورتها في لجم أهداف أعدائها، والحيلولة دون نفاذها، كان من أولويات المشروع الاستعماري – الصهيوني قبل أن تتعمق مسيرة الثورتين: الناصرية والبعثية، ومسيرة المقاومة الفلسطينية وتشب وتكبر. بحيث إذا حصل ذلك فسيكون مخطط سايكس بيكو نسياً منسياً.

أما بالنسبة للثورة القومية، بجناحيها الناصري والبعثي، فقد وُضعت أمام اختبار سياسية الاحتواء ففشلت طوال خمسة عشر عاماً. وأما المقاومة الفلسطينية فقد كانت تزداد عمقاً واحتضاناً من قبل الجماهير العربية بعد أن تمَّ احتضانها وحمايتها من قبل طرفيْ الثورة القومية. الأمر الذي دفع بالمخطط المعادي إلى إحباطهما بعمل عسكري نظامي، فكان عدوان الخامس من حزيران من العام 1967 انتقالاً معادياً من سياسة الاحتواء إلى سياسة الاحتلال.

وإذا كانت نتائج الثورة الناصرية قد تآكلت بعد وفاة جمال عبد الناصر في عهد أنور السادات إلاَّ أن الثورة البعثية في العراق في 17 تموز جاءت رداً على نتائج عدوان حزيران، كما جاء احتضان جماهير لبنان للمقاومة الفلسطينية رداً على اقتلاعها من الأردن.

وباستئناف الثورة البعثية مسيرتها في العراق، وبصمود المقاومة الفلسطينية في لبنان، تآكلت نتائج عدوان حزيران، ووضعتا المخطط الاستعماري – الصهيوني أمام امتحان عسير، وبهما تمَّ إحياء مسيرة العمل القومي من جديد. ومن أجلهما رسم المشروع مخططاً جديداً لضربهما فكان افتعال الحرب الأهلية في لبنان وسيلة لضرب المقاومة الفلسطينية، والتخطيط لضرب ثورة العراق بشتى الوسائل والسبل.

أما ضرب المقاومة الفلسطينية فلأنها شقَّت طريقاً استراتيجياً جديداً في الكفاح الشعبي المسلح كرد على فقدان التوازن العسكري النظامي، وهذا لا طاقة للمشروع المعادي بمواجهته. وأما ضرب الثورة البعثية في العراق فلأنها رسمت لنفسها مهمة بناء السلطة السياسية لحماية الثورة العربية ومشاركة كل فصائلها ومساعدتها ورفدها بالإمكانيات. فلهذا السبب وظَّفت عائدات الثروة النفطية العراقية، بعد تأميم النفط، من أجل توظيفها في ثورة التنمية البشرية والمادية باتجاهات قومية عربية.

كانت ثورة 17 – 30 تموز، عصية على الاحتواء، وكانت مصرِّة على وضع إمكانيات السلطة في خدمة الثورة العربية، فقابلها المشروع المعادي بأساليب ووسائل جديدة، وانتقل من مرحلة احتوائها إلى مرحلة احتلالها. فابتدأت المؤامرات من العام 1980 في افتعال الحرب الإيرانية – العراقية، مروراً بالعدوان الثلاثيني في العام 1991، وحيث إنه لم ينفع استخدمت وسيلة الحصار والتجويع التي فشلت أيضاً، وانتهت باحتلال العراق في التاسع من نيسان من العام 2003.

لقد نص مشروع احتلال العراق على مراحل اعتبرها كافية لتتويج العدوان العسكري وقطف نتائجه سياسياً، بحيث كان مطمئناً للنتائج النهائية.

لم تكن ثورة 17 – 30 تموز، بقيادة صدام حسين، تتوهَّم أن تردع العدوان بمواجهة عسكرية نظامية، فوضعت البديل بالإعداد لمقاومة شعبية طويلة الأمد. وبمثل هذا الأمر تكون قد اعتبرت السلطة أحد أدوات الثورة. ولهذا لم تضحي بالثورة، بل حافظت عليها، وكانت فعلاً على حق.

لقد جمعت الثورة، ثورة 17 – 30 تموز بين مستويين: المستوى النهضوي الحضاري، والمستوى الدفاعي الشعبي. فكانت أهم أنموذج جمع في سلة متكاملة عوامل الارتقاء بالنهضة الداخلية محمية بإستراتيجية الدفاع عنها. وإذا كانت النهضة الداخلية قد تعرَّضت للهدم والتخريب بفعل الاحتلال، فإن حماية الوطن وسيادته كانت من مهمات إستراتيجية الكفاح الشعبي المسلَّح.

وعلى تلك الأسس كانت مبنية إستراتيجية المقاومة الوطنية العراقية، فبفعلها أحبطت نتائج حزيران العراقي في العام 2003، كما أحبطت نتائج حزيران العربي في العام 1967. ففي حزيران العربي منعت الأمة من الانحدار والانكسار في تموز 1968، وفي حزيران العراقي منعت الأمة من الانحدار والانكسار في العاشر من نيسان 2003.

وبمثل تلك المقدمات ثأرت المقاومة العراقية من حزيران 1967، عندما لم تدع الاحتلال الأميركي ينهي المعركة العسكرية ويقطف نتائجها السياسية والاقتصادية. بل لا تزال الحرب دائرة ومستمرة ووضعت الاحتلال في أعلى سقوف مآزقه. واستأنفت مسيرة 17 – 30 تموز بصفحتها الثورية القائمة على الخروج من متاهات الحروب النظامية، وأغرقت الاحتلال في حرب شعبية لا طاقة له بحمل أعبائها.

فأما الحرب لا تزال دائرة، وهي تصب في غير مصلحة الاحتلال، فلأن أهدافه الخمسة التي وضعها لمرحلة ما بعد الاحتلال، كانت تنص على ما يلي:

-نقل السلطة إلى العراقيين.
-الأمن: يكمن في تمكين العراقيين من تولي زمام القيادة في مجال الدفاع عن أنفسهم.
-إعادة «إعمار» البنية الأساسية للعراق.
- حشد الدعم الدولي.
- الحكم الذاتي في العراق.

ونحن بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الاحتلال، نتساءل: كم هدف من الأهداف الخمسة قد تم تحقيقه؟
لقد نقلوا السلطة إلى العراقيين في حزيران من العام 2004، ولكن إلى العراقيين العملاء، وهم ظل الإمبراطور الأميركي على أرض العراق. وعن الأمن فحدِّث ولا حرج خاصة وأن التقارير الدولية والأميركية تشير إلى أن وضع العراق تحت سلطة الاحتلال وعملائه يُعتبر من أسوأ الأوضاع فوضوية في العالم، يخرج العراقي من بيته ولا يعرف إذا كان سيعود إليه مرة ثانية. ولا تسل عن خدعة إعادة إعمار العراق فلأنه يعمَّر بالفساد والسرقة والنهب بالتواطؤ بين الاحتلال وعملائه من جهة، والتواطؤ بين الاحتلال وإيران وعملائها من جهة أخرى. أما حشد الدعم الدولي، فيا ويلاتاه على الدعم الذي لم يحصل منه شيئاً، فالعالم لا يريد أن يدعم مشروعاً فاشلاً مأزوماً، فالاحتلال لم يحصل على دعم الشعب الأميركي فهل يمكنه أن يحصل على دعم من غيره؟ وهل يستطيع جورج بوش أن يحافظ على دعم من عملائه الدوليين الذين شاركوه في مغامراته، ولكنهم تركوه يتخبط بمآزقه تائهاً في سراب صحراء العراق، يتبعه فلا يدركه وقد أصيب بالوهن الشديد، الأمر الذي دفعه إلى أن يرقع وضعه البالي بالحصول على توقيع عملائه على سلة من الاتفاقيات النفطية والعسكرية والأمنية، متناسياً أن تلك الاتفاقيات لن يساوي ثمنها بعد خروجه من العراق، وهو خارج لا محالة، وزن الحبر الذي كتبت به، ووزن الورق الذي كتبت عليه.

لن تدع إيديولوجيا البعث في العراق، حزيران العراقي، يصل إلى اتفاقية كامب ديفيد الجديدة، فقد رفضها في حزيران العربي، وهو يقاتل من أجل منعها من النفاذ في نيسان العراقي.

وهذه إيديولوجيا البعث، بعد احتلال العراق في العام 2003، تستأنف مسيرة ثورة تموز في الكفاح الشعبي المسلح، وتثأر لحزيران الحرب النظامية العربية في العام 1967.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس /  22  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   26  /  حزيران / 2008 م