الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

العراقي الذي لا يقاتل المحتل الأميركي  يجب عليه أن يغرب عن وجه العراق إلى الأبد

 

 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

 

لا أريد أن أعفي نفسي  من واجب يأتي في مقدمة أولويات الذات البشرية , الدفاع عن الوطن ,  بينما  نخاطب الآخرين من أبناء نفس الوطن ونحثهم على تحمل الأعباء المصيريّة ! , وبينما يقتضي الواجب علينا جميعاً , وبالأخص المهاجرون العراقيون "والعرب أيضاً" لأسباب شتى , أن نعمل  بكل جهد مستطاع , يقترب ولو بحدود "تجهيز مقاتل مجاهد في سبيل الله"  وذلك للدفاع عن  مركز العرب وعمودهم  الرئيسي  ( العراق ) , وفيما عدا ذلك فالجميع مشمولون بمغادرة الوطن الأم  مغادرة  لا رجعة فيها وإلى الأبد ....

صدام حسين  وقيادته الشرعية  لم يغادرا العراق أو أن  يفرّوا  منه  , بينما كان العراق وشعب العراق  في أحلك  ظروف القتال ضد محتل مهيمن على العالم , خاصة  وكان هذا المحتل ساعتها , وقبل غزوه العراق , ومنذ تفكك "الاتحاد السوفييتي" قد  أدخل جبروته المتضخـّم  بإمكاناته الكونية , قطبي العالم الآخرين  "الدب الروسي والتنين الصيني" , وحشرهما في جحريهما , من دون أن ينبسا ولو ببنت شفه ! , ومع كل ذلك , فقد ثبت صدام بقدميه على تراب العراق  ثبات عظماء التاريخ , رغم أن صدام , وبسبب  إرادة الله في خلقه  وفق سنة  الطباع والتطبّع في الحياة  لدى جميع المخلوقات  ومن بينها جنسنا البشري  , كان من المفترض  أن صدام  , ومع طول مدّة حكمه ,  سيكون  قد  تطبّع على "كرسي الرئاسة"  وبما  لا يمكنه  بعدها  أن  يطيق  أو يذوق طعم  للحياة  من دون أن  "يمشي على أربع قوائم" هنّ عدد قوائم "كرسي الحكم"! , بعد أن يكون  وقد غاص إلى أذنيه في لذة الحكم التي أطبقت على حياته طيلة 35 عاما كان طيلة تلك الحقبة  فالآمر الناهي  فيها  الذي لا يعصى له أمر, كما يفترض! , بل  وكان صدام  فيها  وقد  أصبح لا يعصى له أمر خليجيا وعربيا وإقليمياً" ! ,  ومع ذلك فقد  ضحى بحياته بولديه وبحفيده وبتشريد عائلته في منافي الأرض , في سبيل تراب العراق وشعب العراق وحضارات العراق" وقد أعلن كل ذلك  صراحة بعد الأسر!" وبملئ فمه  وأمام انظار وعيون جميع شعوب العالم !  راغباً عن أن يكون ملصقاً بكرسي له أربعة أرجل , سيجعل منه التاريخ , إن باع  صدام  وصحبه ضمائرهم  , سيصنفهم على أنهم  من ضمن "ذوات الأربع" كما هم عيه الآن ما يسمون بحكام العرب "المعتدلون" الذين ارتضوا , رغماً عن مكونات  ذاتيتهم ,  أن يكونوا عبيداً أذلـّة  , هم وشعوبهم الجاهلة , تحت أحذية مطرقة الصهيوأنكلوسكسونية  , من أجل نرجسية  قاتلة  ظنوها ستغطي على مشاعر النقص الرهيب التي تؤرقهم منذ الصغر !..

ما الذي سينتظره  العراقيّون  , وبعد كل الذي رأوه  ويرونه يملأ سمعهم وأبصارهم  وبصائرهم  من تدمير لبلادهم  ..

ما الذي  سينتظره العراقيّون  أكثر من  الذي سينتظرهم  من ذالك  الذي أصبحت تردده وسائل الإعلام العالمية كافة وتبشر به العراقيين  بقرون أميركية طويلة واعدة ! , سيكون فيها العراقيّون  , هم  وأجيالهم  , جيلاً بعد جيل  رهن إرادة الميركي الذي بعد  عنه عشرات الألوف من الكيلومترات ! ..

ما الذي  سينتظره العراقيّون , وأبناءهم وأحفادهم  وأحفاد أحفادهم  ,  سيُستعبدون  جيلا  بعد  جيل تحت سياط قرارات الولايات المتحدة  وتحت ذرائع "اتفاقيات أمنية" ....

ماذا سينتظره العراقيّون بعد الآن  , والصهيوأنكلوسكسونية , وتحت حرابهم وتحت "رحمتهم" سيصبح العراقيّون  ممسوخي  الذات  وليسوا   أكثر من أرقام لأشكال  آدمية , قد  تكون "سمينة"  في أحسن حالاتها , والعياذ بالله , أشكالها  أقرب للعجول منها للأشكال  الآدمية , خاصة  كالتي , للمتفحّص المدقق ,  نشاهد  مثيلاتها  ونماذجها  في البلدان العربية  التي تمتلئ  أراضيها حد التخمة  , بأنواع القواعد الغربية ! ...

خمس  سنوات من الاحتلال , بكل معاناتها  الساحقة التي عانا منها العراقيّون ما عانوه  , والتي تعمل بالضد من كيانه الاجتماعي العراقي الخالص الذي سبق وأن جانسته وصقلته  له حضاراته المتعاقبة  ,  وبجميع أبعاد تلك المعاناة التي  لازالت مستمرة طيلة هذه الخمس  سنوات , ومن قبلها الحصار الكوني عليه , ومن قبلهما أطماع خميني , والبرزاني "الأب" ومن بعده ابنه , لابد وأنها جميعاً  قد جعلته , وبما فيه الكفاية , أن  يقع تحت تأثيرات  صدمات الآلة  الإعلامية الغربعربصفيونية  الطاحنة  , وخصوصا   في المدّة  المنحصرة  لما قبل  الـ 21 عاماً  قبل الغزو الأخير للعراق , والتي كانت قد  تغلغلت تشويشاتها غياهب خلايا وعي الذات العراقية  "الكثير منهم" ,  وخامرت مزاجه  بألوان الاستثارات المخدّرة  ومن جميع ألوان وصنوف  التضليل والكذب والتدجيل التي  ما انفكت تلاحقت , وبتزييف خبيث ,  الداخل العراقي  خصوصاً , وبالضد من سمعة  القيادة  العراقية الشرعيّة وكل ما يمسها ,  فهذا الإنسان العراقي "المضلل" لا بد وأنه قد أفاق أخيراً من صدمته  ,  إن لم  يكن قد  أفاقته أصوات المدافع والانفجارات المرافقة  للغزو , فإنه من المؤكد  قد استفاق  أخيراً على  وقع الإيقاع اليومي  المنتظم  لمشاهد الأشلاء , وهي بمئات الآلاف ,  من جثث  العراقيين المنتشرة  وسط مقابر الشوارع  ووسط مشاهد المقابر الجماعية التقليدية! , ووسط ملايين المهجرين , في داخل العراق وفي خارجه , ووسط تأوهات وصرخات وتضوّر ملايين اليتامى والأرامل , ووسط  مشاهد  مروّعة  من غير ذلك ,  من مشاهد عمليات خطف وقتل وتمثيل بالجثث , ووسط مشاهد لأمراض قاتلة , اجتماعية ونفسية طائفية , ووسط نهب  عام لأمواله ولمخزون ثرواته  ولمكوّنات إرثه , وبجميع ألوانها وصنوفها  ...

فلا بد  بعد كل الذي جرى , ويجري ,  أنه قد  توصل إلى  حقيقة منابع هذا الأجرام الذي  سبق وأن كان له  وأن  قد عرّض لوقعها  دماغه وجعله  تحت وصاية تلك الآلة الاعلامية , الغربعربصفيونية الساحقة , طواعية ! , ومن دون  أن يرى "طحينها" !  من هذا  الذي تحقق فعلاً  ويراه بعيني رأسه الآن  رأي العين ! ...

ولا بد وأن العراقي الآن  قد  أحسّ  أخيراً أن  دماغه كان قد احتل قبل بدنه وقبل أرضه  من قبل الغزو الأخير لبلاده ! ..

ولا بد وأن العراقي قد ادرك أخيراً  أنه قد تعرّض لعملية الغسيل المعاكس  لدماغه  طيلة أيّام تلك السنين , ومن قبل أن  يحتل العدو  بعدها  بدنه  ودماغه  معاً ! ...

ولا بد  وأن العراقي  قد أدرك الآن   أنه قد استفاق  أخيراً , ولا بد وأنه قد عرف  أخيراً , أن كل الذي جرى ولا زال  يجري , إنما متأتية مصادره  من نفس مصادر التضليل "السابقة" التي قامت بخداعه وتضخيم الصغائر بعينيه  طيلة أكثر من ثلاثة عقود  ونصف العقد من الزمن ...!

العراقي الآن  من المفترض أنه قد اكتسب كل  خبرات وتجارب حقب التاريخ السابقة  ,خاصة وأن الزمن قد  اختصر له  تلك الحقب  التاريخية  واختزلها بهذه الخمس من السنوات ! بل وعرف الآن كيف كان تأثير تشويشات"حكي النسوان!" والتي جاست  فكره  وشوشت على عقله وضيّعته وسط "الهوبة"  كما  تقول المفردة العامية  العراقية !

ليس للعراقي بعد الآن أية حجة لكي يتنصل أو يتملّص , حتى ولو  تحت ذرائع مختلف الأسباب  الحقيرة التي كان يتدرّع بها "أيّام الجهل!" ..

أنت  أيها العراقي تقول  أنني عراقي ولي وطن , فها هو من خدعك  عقود من الزمن  قد  عمل بأقاربك  وبأخوتك  وبعشيرتك  وبأنسابك  وبأصهارك وبأحفادك  كل مقتل  وكل تشريد  وكل جرم وكل نهب  وسرقة وكل اغتصاب ...

تقول يا عراقي , انك  سليل مجد  الرسالات  ووريث الأنبياء والأوصياء والأولياء , وتقول وتفتخر حين تدعي  بأنك  تسير على قدمك  عشرات ومئات الكيلومترات  لزيارة ضريح ولي من أولياء الله  الذين  ضحّوا بأنفسهم من  اجل إعلاء كرامة الإنسان ! ...

فها هو مجدك  يا أيها العراقي  وها هو تراثك  وكل خزينك  وإرثك الحضاري  وقد  استباحته أقدام  من ضللك  وكرّهك بكل ما كان  فعلاً يقض مضجع أعداء مجدك وإرثك الحضاري  ويقف كالرمح في عينيه ...!

ما الذي ستترجاه  أيها العراق وما الذي ستتوقعه  من عدو  لئيم  سبق لأجداده  وأن قطـّعوا  يدي وساقي "جعفر الطيّار ع" وسبق له  وأن استعبدك ذلك العدو , العدو الماضي الحاضر ,  العدو الذي  اتعبدك من قبل  , ومن بعد , واستعبدك أنت وأبنائك  وأجدادك ...! ..

أنت أيها العراقي ...  إن لم تكن  عراقي  عراقي ومن أصلاب ذلك  العراقي ذو المجد العظيم , فأنت لست بعراقي , فاغرب عن وجه العراق وإلى الأبد .. فكن بعدها ما تكون ,  إيرانيا أو غربيا ,  واذهب والجأ إليهما أو إلى كل دول الإغراء الحسّي   أو عبر دول التخدير الجمعي من تلك الدول  التي  تبيع الجنة والنار بوعود "الآيات وحجج آخر زمان" ! ...

فالعراق , يا أيها العراقي , العراق  ليس "فندق" توزععن كريقه  ولاءاتك  إلى هذه الدولة  أو تلك ! ,  بينما  تنسى أنك  عراقي  ذو  كيان عراقي  أسّسه أجدادك وليس أجداد  أعداء أجدادك  وأجداد أعدائك ! ...

العراق  درّة العالم ومعلـّم الشعوب , وعبره , وعبر جميع  مكونات  إرثه الحضاري ,  بنيت  جميع إمبراطوريات  جميع الأمم , فإن لم تكن بمستوى المسؤولية يا أيها العراقي  , وقد  شهدت أخيراً , بعينيك ,  بياض  الفجر الناصع  من حالك الظلام  وأصبحت تتلمس واقعك  الحقير المذل الذي وصلت إليه على أيد من ضننت بهم خيراً ! , فغادر العراق وابحث لك  عن  "ضريح" آخر  اسمه  تعنونه  على باب  "صحنه"  في بلاد المهجر  مكتوب  ومزخرف  "هنا يرقد العراق" واسعى إليه بقدميك  عند كل مناسبة , وانذر له النذور وأقم له العزاءات  والطم عليه ودق له طبول "الزناجيل" على ظهرك  واطبر رأسك "مع كل استهجان موجه إليك من شعوب أصحاب البلد الأصليين!"  واضرب رأسك  بالسيف وبالجدار ! ,  مع  كل موعد مناسب لموعد  حرق "خِيَمك" قبل المغادرة العظمى , من العراق إلى العالم الآخر !  ,  وبعد  أن كنت  قد  ضيعت العراق  من بين  يديك , كما ضيّعت  "الحسين" من بين  يديك عندما قلت  له "تعال!" فَسَكَتّ  عن قتله "إن لم تكن قد  ساعدت على قتله!" كما تساعد  القتلة اليوم على ذبح العراق , لتبدأ  "مسيرة" جديدة في وعيك  المخدّر الجاهل , لتحلف "وتتجتـّف"  للعباس من جديد  لعل "مهدي"* جديد  سيظهر في وجدانك بعد أن يأست من "مهدي" السرداب ذو الألف ومئتي عام غربة ومهجر! ,  والذي ظهر أخيراً  وفجأة ! , ولكنه  مهدي بعكس التوقع ! , له لحية طويلة وعمامة مذهّبة بالسواد ودشداشة  عند الكعبين بإمكانه أن يُسرى به منحسينيّته القمّيّة  التي هو فيها إلى حيث  المسجد "الأبيض" ! ....

*أيضاً  لدى "السلفية"  مهدي   حاضر لديهم !, ولكنه لازال , ومنذ أكثر من ألف ومئة عام , لازل في غرفة الانتظار, وليس في السرداب ! , ولذلك  تنتظر شعوب الجزيرة والخليج , ومن لف لفهم , كما بعض العراقيين والإيرانيين وبقية الجهلة , رغم وجود آلاف القواعد العسكرية , ومئات القواعد المالية المستوطنة بأسماء صريحة ومتخفية ,  للكفرة  وللمشركين على أراضيهم  وبما تكفي وتستحث  لخروج ألف مهدي  ومهدي ! , ولكنهم , ومع  كل ذلك ,  وبصلافة جهل مستوطن في عقولهم  لا مثيل له ! , فهم لازالوا ينتظرون  خروج المهدي ! الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا  كما ملأت جورا وظلما ! .. ويا سبحان الله , فهم متفقون على كل شيء من "أصل" الدين! , "سعوديّون وفرس" , وكلاهما كانا ضد  نهضة العراق وضد "البعث" أبان السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي , ولا زالوا ! , وكلاهما كان قائديهما إبن باز في "السعودية" وغيره من وعاض السلاطين من جهة , و خميني  ورهطه  في إيران من جهة اخرى  ,  فكلاهما سبق لهما وأن  "أفتيا"  بكفر البعث وبكفر صدّام !

فنعم  "الكفر"  ونعم  شرف الكفر  لنا ولك يا صدام  ذلك الذي يصدر من أفواه هؤلاء وأولئك المجرمون الجهلة عبيد ما أسموه  وأطلقوا عليه  أسم "أهل الكتاب!" أو "المأتمنون من أهل الذمّة" وادعوها  على محتل يحتل بلدانهم منذ مئة عام  زورا وبهتانا ! ....

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  07  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   11  /  حزيران / 2008 م