الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

التيار الصدري ..بعيون عراقية

 

 

 

شبكة المنصور

صلاح أحمد

 

منذ فترة غير قليلة ، دأبت على متابعة قناة المستقلة وخصوصا برنامج المنتدى الديمقراطي . والسبب الرئيسي الذي يقف وراء هذا الشغف في المتابعة ،هو رغبتي في تكرار النظر بالعقل والقلب إلى حوار عراقي لسياسيين عراقيين ، معظمهم وطنيين ،مجتهدين في التعبير عن وطنيتهم.تتنوع آراءهم وتتباين مواقفهم ،ولكنهم جميعا مشتركين في قاسم أساسي،ذلك هو تمسكهم بثوابت العراق الوطنية والقومية والإسلامية، وكلنا يعلم أن هذه الثوابت هي انعكاس حقيقي وتعبير صادق عن هوية العراق الأصيلة التي ينتظم داخلها كل الشرفاء من أبناءه وهم السواد الأعظم أن شاء الله.

هذه المقدمة أسوقها لتكون بمثابة توطئة استشعرت أهميتها قبل الخوض في موضوع أستحوذ على حوار المقدم والضيوف في معظم حلقات برنامج المنتدى الديمقراطي،والموضوع هو التيار الصدري وزعامته المتمثلة بالسيد مقتدى الصدر وذراعه العسكري المسمى بجيش المهدي . وهي التركيبة التي أنتجتها الظروف التي رشحت عن تنفيذ جريمة الاحتلال الصفو أنكلوا أمريكي. والجدل حول هذا الموضوع بدا كبيرا وواسعا وربما حتى معقدا،فالقضية العراقية تكبر كل يوم وتكبر معها كل مفرداتها وتداعياتها..وعى أية حال فثمة ملاحظات أود عرضها وفقا لما يلي:

1- أن السيد مقتدى الصدر شخصية ظهرت على المسرح العراقي عقب الاحتلال، ولم تؤشر هذه الشخصية حضورها استنادا إلى كفاءة أو قدرة ذاتية ، وإنما اعتمدت على عوامل موضوعية متصلة بانتسابه إلى عائلة الصدر المرموقة لدى قطاع واسع من أبناء شعبنا ،وهذه العائلة كثيرا ما توصف بالعربية من غير دليل يؤكد هذا الانتساب بالوثائق أو حتى من خلال الأفعال والمواقف،وعلى أية حال فأن مرحلة التحول الآني التي عاشها العراق بعد 9/4/2003 ، وهي المرحلة التي شهدت حالة من التخبط والفوضى ارتبكت فيها بوصلات الكثير من أبناء شعبنا إلى درجة تعذر معها تلمس الطريق إلى الاتجاه والهدف الصحيح.ساعدت في ظهور السيد مقتدى الصدر كأحد الشخصيات المحورية في العراق مدعوما بشريحة واسعة من الأتباع والمريدين والمقلدين لوالده وأجداده،على الرغم من عدم وضوح فلسفة ومنهج وأهداف هذا الرجل ، الذي بدا حريصا في الإعلان عن نفسه عبر الكلام العام الذي لم يكن يخلو من التلميح باستجابة ضمنية لقرارات المرجعيات في النجف القاضية (بضرورة اعتماد أسلوب مقاومة الاحتلال عبر الوسائل السلمية!!) على الرغم من شروعه في ذات الوقت بتأسيس ما يسمى بجيش المهدي الذي هو الآخر لم تتضح له معالم في فلسفة وأهداف التأسيس.و خلاصة مواقف وسياسات السيد مقتدى في هذه المرحلة يمكن أجمالها بعدم وضوح الرؤية ،تشكيل ميليشيا بقصد صنع حالة من التوازن مع الأذرع العسكرية لأطراف شيعية أخرى وربما مع غيرها،رد فعل بطيء لا يكاد يحس اتجاه الاحتلال مع ثورة عنيفة عارمة بالكلام وبغيره ضد النظام الوطني الذي حكم العراق لغاية 9/4/2003، عدم مباركة المقاومة الوطنية التي كانت قد انطلقت في هذه الأثناء لتنفيذ الصفحة الثانية من المواجهة العسكرية .

2- بعد مضي سنة تقريبا على الاحتلال وتحديدا في شهر نيسان من عام 2004 ،انفجرت ثورة أشبه ما تكون بالفقاعة رفع فيها السيد مقتدى وأتباعه صوتهم ضد قوات الاحتلال ، وكان الأمر مستغربا ، خصوصا وأن الاحتلال كان قد مضى عليه قرابة العام، أرتكب فيها جرائم لا حصر لها في أطار برنامجه لتدمير بنية العراق الفكرية والمادية والبشرية من غير أن يحرك السيد مقتدى ساكنا إزاء ما كان يجري ، فما الذي حدث !؟ تبين أن هذا الخروج المدوي عن الصمت الذي أطبق على مواقف السيد الصدر وتياره وجيشه وعلى مدى عام كامل كان بسبب مذكرة اعتقال أصدرتها سلطة الاحتلال بحقه (أي السيد مقتدى) على أثر اتهامه بالضلوع في اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي ،وعليه لم تكن لقضية العراق أي دور في هذا التحول بالموقف!!؟؟. ملابسات هذه القضية رافقها تحول في خطاب السيد الصدر صوب ضرورة مقاومة الاحتلال وإخراجه ، مع توجيه انتقادات متأرجحة إزاء صمت المرجعيات بشأن ما يجري في العراق ، وهذا الأمر كان بمثابة الحجة التي تذرع بها البعض في تسويقهم لمبررات اعتبار السيد مقتدى وتياره وجيشه على أنهم واحد من أهم فصائل المقاومة ضد الاحتلال!!؟؟. وباستثناء مواجهات النجف الآنية في العام ذاته والتي هي الأخرى غمرها الغموض بسبب عدم وضوح دوافعها وأهدافها ، فأن التيار الصدري وذراعه العسكري لم يتصدى للاحتلال من خلال مثلا شن حرب عصابات أو تنفيذ عمليات قتالية أو هجمات منتظمة كما هو حال كل فصائل المقاومة الوطنية العراقية.وإذا كان هناك من يعتقد بأن الخوض في مواجهات محلية مع منافسين له على المصالح أو قيامه بعمليات التهجير والاعتداء على المدن والأحياء والمساجد بدوافع طائفية واضحة نوع من العمل المقاوم فعلينا أن نجد تعريف جديد لمفهوم المقاومة !!؟؟.

وعلينا أن نجد تفسير لقيام جيش المهدي وعلى نحو متواتر بتسليم سلاحه إلى أجهزة حكومات الاحتلال الثالثة والرابعة عقب كل صراع وأزمة تجمعه بأقرانه وأمثاله من الميليشيات التي فرخها الأحتلالين الصفوي والأنكلو أمريكي، فهل يمكن لمواقف من هذا النوع أن تستقيم مع فكرة اعتبار جيش المهدي فصيل مقاوم ، خصوصا وأن الاحتلال الذي يعتبر السبب الرئيس في حمل السلاح لم يزول أو يغادر بعد !!.

ولو صدق التيار الصدري فيما ذهب إليه من إدعاءات بشأن وصفه لنفسه على أنه تيار مقاوم هدفه تحرير العراق لكان ذلك بمثابة مدخلا كبيرا وسريعا إلى بوابة التحرير والنصر الحاسم،و لكن واقع الحال كان دائما يشير إلى أن ما يقوم به التيار الصدري وتشكيلاته ينتظم في المسار المضاد لمشروع المقاومة والتحرير.

3- أن التيار الصدري كان من الفاعلين في تنفيذ مؤامرة إصدار الدستور (المسخ) وأجراء ما يسمى بالانتخابات (المهزلة) في ظل الاحتلال!! وهو من المشاركين الأساسيين في ما يسمى بالعملية السياسية التي تمثل واجهة رئيسية لفعل وإرادة الاحتلال في العراق ، فضلا عن أن هذا التيار حرص في المحافظة على علاقة متينة مع إيران شأنه في ذلك شأن الآخرين من أصحاب المواقف المزدوجة (العلاقة مع الأحتلالين الصفوي والأنكلو أمريكي) .ومثل هذه الأمور هي من فضحت حقيقته وجعلت المسافة جلية واضحة بين ما يدعي عبر الأعلام الضال المضلل وبين ما يقع منه على أرض الواقع .وهذا الأمر ليس مستغربا أذا ما استحضرنا حقيقة النهج الإيراني في التعاطي مع كل القضايا الإقليمية ،فإيران تظهر تعارضا شديدا للإدارة الأمريكية ، وواقع الحال اثبت ما تبطنه من توافق يصل إلى حد التفاصيل الدقيقة في تنفيذ الخطط والأهداف الأمريكية في المنطقة،و ما حصل في أفغانستان والعراق ليس ببعيد عن الذاكرة فضلا عن ما يحصل في لبنان الآن ، وهذا النهج يطبق على نحو دقيق وتفصيلي من قبل كل الأحزاب والميليشيات المرتبطة بإيران ومنها التيار الصدري من حيث الإدعاء بخلاف ما تفعل .

4- الآن تم الإعلان عن الاتفاق بين التيار الصدري والائتلاف بشأن حل كل المشكلات العالقة بين الطرفين ، وطبعا هذه المشكلات لا تتعدى في حقيقة الأمر نتائج تتمخض عن سعي كل فريق لتثبيت نفسه في دائرة المصالح المتنازع عليها،وهؤلاء لا يمكن وصفهم بالفرقاء العقديين بل هم رفقاء اختلفوا على تقاسم الغنائم وأدوار الهيمنة ،وهم متنافسين على خطب ود أسيادهم في الأحتلالين (الصفوي والأنكلو أمريكي) ولا شأن لهم بقضية تحرير العراق ،لأنها القضية الوحيدة التي ستقضي عليهم قضاءا مبرما وتقتل أحلامهم المريضة.

أن إيران وكل أذرعها السياسية والعسكرية المتفشية في العراق لم يعد لديها من سبيل في مواصلة خداعها وتضليلها للشعب العراقي ، فقد سقطت عنهم الأقنعة و أنفضح أمرهم ولن يستطيعوا ستر عوراتهم ، وإذا كان قد أصابهم الغرور من سير بعض الرعاع خلفهم ، فهؤلاء لم ولن يفلح من يراهن عليهم ، لأنهم تعودوا السير خلف من يضمن لهم مصلحة حتى ولو كان الشيطان بعينه.

أما السواد الأعظم من أبناء شعبنا الأفذاذ الأصلاء فلن يهدأ لهم بال قبل أن يلفظوا كل الدخلاء والعملاء وينجزوا بعون الله عملية التحرير ومن بعدها عملية التطهير واستعادة عافية العراق وهويته الوطنية والقومية والإسلامية وإجهاض كل المشاريع الصهيو أنكلوا أمريكية والصفوية في المنطقة.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                       الاربعاء  /  09  جمادي الاول 1429 هـ   ***   الموافق  14  /  أيــــار / 2008 م