الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

نظام الملالي في أيران .. وسلة التناقضات

 

 

شبكة المنصور

صلاح أحمد

 

انشغلت قناة المستقلة خلال الأيام المنصرمة بعرض حلقات برنامج عن الدور الأقليمي لكل من المملكة العربية السعودية وأيران ، وانعكاسات هذا الدور على كل من العراق ولبنان وفلسطين ، وبعيدا عن ماأشتملت عليه حلقات البرنامج من تفاصيل وأراء تباينت وأختلفت في توصيف أهداف ومنطلقات كلا الدولتين تبعا لتباين وأختلاف رؤى كل من أشترك في هذه الحلقات وهو أمر طبيعي لانجادل فيه ، الا أننا نجد أنفسنا مطالبين بأن ندلي بما لدينا من ملاحظات وأراء وعلى النحو التالي :

1-  أن أيران مابعد الشاه تكونت على خلفية مايسمى بالثورة الأسلامية التي أندلعت ونجحت خلال فترة وجيزة!! في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي ، وهذه الثورة حملت في جنباتها كم من نزعات الشر والعدوان ،و جاءت ومن خلال كل المعطيات لتكرس أخطاء الشاه وتزيد عليها من خلال سعيها المحموم والمبكر لتوسيع دائرة نفوذها وسيطرتها عبر محاولاتها تنفيذ شعار تصدير الثورة ، وهو الأمر الذي  لم يكن منطقيا على الأطلاق من حيث أنها ثورة فتية كان من المفترض أن تنحصر أولوياتها في تثبيت الدعائم وأرساء الأسس والعمل على تخليص المجتمع الأيراني مما لحق به من أضرار بسبب سياسات الشاه الداخلية والخارجية ، وكان باكورة ما أنتجته الثورة من أنجازات هو تحرشها المستمر بالعراق والأجتهاد في أثارة الفتنة الطائفية داخل نسيجه الأجتماعي الموحد وزعزعة أمنه ومشاغلته عسكريا على الحدود وهو الأمر الذي تطور لاحقا ليتحول الى أعتداءات على المدن وخروقات مستمرة للأجواء ثم توﱢجت بحرب أستمرت ثمانية أعوام عجاف ، وهو أمر لم يكن مبررا ً من النواحي القانونية والمنطقية ، ولكن يبدو أن مخزون الحقد الفارسي على العرب كان أكبر بكثيرمن متطلبات الحكمة لثورة في بداية الطريق. وثمة سؤال مهم جدا يطرح نفسه في أطار تقييم العلاقات العراقية- الأيرانية ، وهو سؤال بسيط دلالاته عظيمة ،مفاده ،مَن مِن  الطرفين كان ولايزال يطمع في الآخر!!؟؟ وجواب السؤال يأخذ أبعادا ً جغرافية وتاريخية في آن معا ً ، وكلنا يعلم أن أيران هي من تحتل الأراضي العربية (عربستان والجزر الثلاث ) ،وفي ذات الوقت لم يسجل أي أعتداء عربي عبر العراق أو غيره ضد أيران لا الآن و لا في الماضي ، والعكس كان يحصل دائما من حيث الأعتداءات المباشرة من قبل أيران أو من خلال عملاؤها الذين تبثهم في كل المناطق التي تعتقد بأنها تشكل حاضنات جيدة لهم.

2-   أن أيران كانت ميكافيلية النزعة والمنهج في صراعها مع العرب عموما والعراق على وجه الخصوص ،فهي قد تغشت ببرقع الأسلام وأشهرت عداؤها للكيان الصهيوني وحليفها الشيطان الأكبر أمريكا ، و جل مايقع منها في الواقع يؤشر لحقائق أخرى تتسع لها سلة المتناقضات الأيرانية :

أ‌-   كلنا يتذكر الأسلحة الصهيونية التي عثر عليها لدى القوات الأيرانية أبان حربها ضد العراق والتي عرفت قضيتها بأيران غيت المشهورة ، والتي كانت بمثابة دليل قاطع على وجود علاقة وثيقة تربط نظام أيران المللي بأمريكا والكيان الصهيوني على حد سواء ، وهي علاقة لم تنجح الشعارات المموهة في حجبها .

ب‌- بعد أنتصار العراق الحاسم في معركة دفاعه المشروع ضد المد الصفوي الذي تبلور من جديد في هيئة نظام الملالي الأيراني ، وتحديدا ً في الفترة التي أعقبت أعلان الأنتصار في 8/8/1988، تنبهت القوى الأمبريالية والصهيونية الى حقيقة تكامل القوة لدى العراق خلافا ً لما كانت ترجوه من حربه الدفاعية ضد المشروع الأيراني الصفوي ، الأمر الذي دفع بها الى الشروع في تنفيذ مشروعها التآمري ضده ، والجميع يتذكر ماحصل من تواتر لمراحل تنفيذ هذا المشروع ،وبعد تيقن النظام الوطني في العراق من حتمية تنفيذ العدوان الثلاثيني ضده بدعوى ( تحرير ) الكويت عمد الى أيداع عدد كبير من طائراته الحربية والمدنية على سبيل الأمانة لدى أيران بعد أن أستشعر التحسن في نواياها أتجاه العراق وأظهارها لهامش عريض من التأييد للعراق في مواجهة جهد العدوان الثلاثيني بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها تمسكت أيران بما لديها من أمانات لتثبت أن أسلامها الخاص الذي شرعته لنفسها لايقضي بأداء الأمانة ، وهم بذلك لم يلتفتوا الى أحد أبرز الأمثلة التاريخية في أداء الأمانة ذلك الذي يتصل بموقف سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في أعادة مابعهدته من أمانات لرجالات قريش وهم من ضربوا على داره الحصار بقصد قتله ليلة الهجرة الى المدينة وكان قد أمر سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه باعادة هذه الأمانات ، ولكن البون شاسع بين من الأسلام الحقيقي وبين من يدعيه ، وهذا تناقض آخر يطبع منهج نظام الملالي في طهران .

ت‌- بعد أن أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية نار حربها العدوانية ضد العراق ومن طرف واحد في نهاية شباط (فبراير) من عام  1991على خلفية حصار قواتها من قبل قوات الحرس الجمهوري البطلة جنوب العراق ونزعت الى المغادرة خارج حدوده ، عمد نظام أيران الى بث قطعانه مما يطلق عليهم بالحرس الثوري ليتصدروا تنفيذ صفحة الغدر والخيانة بالتعاون مع مجاميع من العملاء وشلل من ضعاف النفوس  ، وكان ذلك بمثابة تأكيد لحالة التوافق العدائي الأمريكي الأيراني ضد العراق ولاسبيل لفهم الموضوع بغير ذلك ، وبعد أن أجهض الشعب والجيش العراقي هذه المؤامرة البائسة التي أسقطت الأقنعة عن الوجوه الكالحة المستترة خلف شعارات دينية مريضة ، عادت أيران لتنكفأ داخل حدودها في محاولة لأعادة حساباتها صوب مؤامرة جديدة ضد العراق .

ث‌- لم يظهر نظام الملالي في أيران أية ملامح لمواقف أيجابية أزاء العراق خلال فترة الحصار الظالم ، في ذات الوقت الذي شرعت فيه قيادة النظام الوطني في العراق الى ترميم العلاقات العراقية الأيرانية بهدف المحاولة في صنع جبهة مواجهة عريضة للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة ، وعلى ذات العادة التي درج عليها نظام الملالي في التظاهر بخلاف مايبطن أستمر في تنسيقه ودعمه لعملاؤه من حاملي الجنسية العراقية لغرض تقويض النظام الوطني وبكل الوسائل ، وهو من يعلم أن هؤلاء قد غرقوا من رأسهم الى أخمص قدمهم في وحل الخيانة والعمالة للمخابرات الصهيوأمريكية وقبضهم للمئة مليون دولار ثمنا ( لنضالهم الشريف !!؟؟) ضد النظام الوطني في العراق . ونحن نتساءل ،لماذا لم يجن جنون نظام الملالي في أيران بسبب تحالف عملاؤه مع الشيطان الأكبر الذي يتظاهر بالجهاد ضده . وهذا ما يؤكد حقيقة التوافق وأحيانا حتى التطابق في رؤى ومناهج العدوان لدى كل من نظام الملالي والولايات المتحدة الأمريكية إزاء العراق .

ج‌-  أن ما حدث من صمت أطبق على كل مواقف نظام الملالي في إيران إزاء كل ما لحق بالعراق من تهديدات ، وتطور هذا الصمت إلى تواطؤ أبان الحرب الأنكلوصهيوأمريكية والتي انتهت باحتلال العراق، يؤكد تجافي الصدق عن ادعاءات هذا النظام بجهاده ضد الشيطان الأكبر،وهو من سهل له وقبل مجاورته ومنافسته على تقاسم النفوذ داخل العراق .  

ح‌-  أن العراق ونظامه الوطني كانا يمثلان آخر قلاع الصمود والتصدي لمواجهة المخططات الأنكلو صهيو أمريكية والشعوبية على حد سواء ، ولذلك تقاسمت إيران والولايات المتحدة الأمريكية أدوار فعل العدوان بموجب تنسيقات وتفاهمات على خلفية ما لديهم من مشتركات إزاء العراق ، وما يعزز هذه الفرضية سياسة غض الطرف المستمرة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية إزاء كل سياسات وتجاوزات إيران وتدخلها السافر في الشأن الداخلي لدول مثل لبنان وأفغانستان والخليج وغيرها فضلا عن تمسكها ببرنامجها النووي وتحديها لما يسمى بالمجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ، في حين أن العراق تم حصاره ومحاربته واحتلاله استنادا إلى مزاعم بوجود نوايا افتراضية لبناء مشاريع نووية ونحو ذلك من الأكاذيب التي سوقتها الولايات المتحدة لشن حربها على العراق والتي انهارت ولم يثبت صحتها ،ومع ذلك يستمر الأحتلالين الأنكلو صهيو أمريكي والإيراني ويستمر معهم تنفيذ مشروعهم لتخريب العراق على نحو تفصيلي .

خ‌-  أن نظام الملالي في أيران حرص على دعم كل الأحزاب والميليشيات الطائفية الصفوية في العراق فضلا عن دعمه لحكومات الأحتلال المتعاقبة وهو أول من بادر إلى الاعتراف بها وفتح سفارة وبضعة قنصليات وهو من يعلم أن العراق محتل من قبل الشيطان الأكبر الذي يتظاهر بمعاداته ، فأين يكمن ما يدعي من التضاد لهذا الشيطان ،أليس التعامل مع الشياطين تحت أية ذريعة هو اعتراف وتصريح بمشروعيتها !! ، وهذا ربما يجيزه أسلام نظام الملالي في إيران ..

د‌-   أن دعم إيران لحزب الله في لبنان يعتبر مثار للجدل وتشوبه الكثير من التساؤلات وهو أيضا غير بعيد عن دائرة التناقضات ، فهذا الحزب الذي يشهر عداؤه للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ويتبنى مشروعا مقاوما لهما نجده في ذات الوقت غارقا في صمته إزاء ما ترتكبه الأحزاب الطائفية التي تهيمن على العراق من جرائم بحق الشعب فضلا عن تنفيذها لبرامج الاحتلال الصهيو أنكلوا أمريكي والاحتلال الإيراني ،أليس في هذا ازدواجية في معايير النظر إلى المواقف !!؟؟ ،ثم أليس هذا ما يؤكد نزعة التناقض لدى هذا الحزب وهي ذاتها الموجودة في نظام الملالي في إيران . ونحن نتساءل من يحكم اتجاه البوصلة عندهم هل هي الثوابت أم المتغيرات !!؟؟.  

3-  نحن لا نرى أن هناك فرقا حقيقيا بين الأحتلالين الصهيو أنكلوا أمريكي والإيراني ، ولذلك لا ضرورة في ترتيب أولويات المواجهة من خلال مشروع المقاومة الوطنية ، لأن هناك توحد كبير في منطلقات ووسائل كلا الأحتلالين ، فضلا عن أن خندقهم واحد و لا جدوى من إهمال أو تأخير الضرب الموجع لأيا منهم سعيا لتطويق ضررهم على وحدة العراق وسلامة هويته الدينية والقومية والوطنية ، وسيكون من جراء ضربهم على حد سواء تآكل لمرتكزاتهم وقطع طريقهم في الإيغال في بناؤها من خلال تثبيتهم لعملائهم ولثقافاتهم الفاسدة المفسدة .

أن نظام الملالي في أيران لا ينطلق في منهجه وسياسته من ثوابت دينية وأخلاقية ، وجل ما يهيمن عليه هو نزعته العنصرية التوسعية التي تضرب جذورها في عمق التاريخ ،ولم يساعد اعتناقهم الظاهري للإسلام في تحررهم منها ، ويتوهم من يعتقد بأن الشعارات التي تحتجب خلفها الآيات الإيرانية لها أي نصيب من الصحة ، ومن يراقب سياسة هذا النظام لن يعجزه الجهد في اكتشاف كم هائل من التناقضات بين ما يظهر ويبطن وسلته تتسع للمزيد منها .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس /  08  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   12  /  حزيران / 2008 م