الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

الاكراد – ملاحظات وحقائق

 

 

شبكة المنصور

محمد عبد الحياني / مناضل بعثي

 

مقدمة

ما كنت لأكتب في هذا الموضوع لولا ما وصلت اليه الاوضاع في العراق وبالاخص فيما يتعلق بالقضية الكردية واصرار من يتحكمون اليوم بمقادير شعبنا الكردي في شمال وطننا الحبيب ، اولاءك الخونة الذين باعوا العراق الى الصهيونية العالمية وامريكا والكيان الصهيوني لقاء ما سرقوا ونهبوا من خيرات العراق ........ لم اكتب بذلك لكي لايقال عني انني اتكلم بشوفينية لأني اعتبر الاكراد والعرب قبل ان يحملوا هاتين الصفتين هم عراقيون عاشوا منذ أقدم العصور سوية يدافع احدهما عن الآخر ويفرحون بفرح احدهما الآخر ويتألمون بألم أحدهما الآخر .وأوجه حديثي هذا الى العراقيين بكل محتوياتهم العرقية والطائفية قبل غيرهم ليتدبروا امرهم . حاولت ان يكون كلامي معتمداً العلم والدراسات التأريخية الموثقة.

ان الحديث عن الاكراد في العراق لا ينفصل عن الحديث عنهم في الدول المحيطة (ايران ، تركيه ، سوريا) وأن الكثيرين من المهتمين بالقضايا الكردية يتساءلون عن أصل هذه الاقوام . واصبح البحث عن أصلهم موضع خلاف الباحثين ... فالمؤرخون العرب يجعلونهم من أصل عربي ... وكما قال الشاعر فيهم :-

لعمرك ما الأكراد ابناء فارس          ولكنهم ابناء كرد بن عامر

ويضيف المؤرخون العرب انهم نزحوا من اليمن بعد انهيار سد مأرب الى الشمال ولم يجدوا ملاذاً لهم الا تسلق جبال شمال سوريا وتركيا والعراق . وبمرور الزمن توسع امتدادهم الى ما خلف جبال زاكروس وطوروس ، واختلطوا ببعض الاقوام الاجنبية فنسوا لغتهم . وفي ( مروج الذهب ) للمسعودي ، فهم اما من ربيعة بن نزار بن بكر بن وائل أو من مضر بن نزار وانهم من ولد كرد بن مرد بن صعصعة بن هوازن .

اما المؤرخون الكرد فيدعون انهم من ( العنصر النوراني ) أو من العنصر الآري ..... اما لجنة الاستفتاء الاممية المشكلة في عام 1925 من قبل عصبة الأمم فتقول في صفحة 27 من تقريرها :- ( ان البحث في منشأ الاكراد لايزال غامضاً ، وأن الآراء لا تزال متضاربة في أصلهم ومنشأ لغتهم ) ، وتذهب اللجنة المذكورة الى النطق بأنهم يمتـّون الى عنصر اجنبي فيما مضى ، وتغلبت عليهم الآرية بعد أن استولى الماذيون والفرس على بلادهم ...

وحينما تدرس التأريخ لما قبل 10 الآف عام نجد أن مناطق الاكراد الجبلية في العراق وايران وتركيا وسوريا لا تعطينا اجابة عن تواجد التجمعات السكانية ذلك ان هذه المناطق كانت تعيش نهايات العصر الجليدي الرابع الذي لم يكن ليسمح للانسان أن يعيش فيه الا كما نجده اليوم من حياة مناطق الاسكيمو في اقصى شمال الكرة الارضية ..... ولم تردنا من آثار سكان تلك المرحلة الا عن طريق بعض اللقى الاثرية في مناطق مثل (زرزي وهزارمرد) وهي توحي بأن الانسان آنذاك في هذه المناطق لم يعرف الحضارة الا بعد أن وصلته من سهول وادي الرافدين والهجرات القادمة من الجنوب ... وهم على كل حال قد وصلهم الدفأ المناخي قبل أوربا التي كانت الى ما قبل (4) آلاف عام تعيش حالة الانجماد طيلة أيام السنة ، حتى ان الجزر البريطانية كانت تتصل مع فرنسا والدول الاسكندنافية لأن بحار تلك المنطقة (الشمال،والمانش) متجمدة طيلة أيام السنة في ذلك الوقت .

ومع زحف الدفأ نحو الشمال زحفت معه الموجات البشرية من مناطق خط السرطان في كل من جزيرة العرب والهند بوقت مبكر ... ومن ثم وبشكل تدريجي زحفت الموجات البشرية من اواسط اسيا الى الشرق ثم الى اوربا .

ان انتقال العرب الاوائل الى شمال العراق كان عبر مرورهم في وادي الرافدين واستقرارهم في سهوله وعبر ازمنة متعاقبة وطويلة .


الاصول الكردية


لسهولة تصور تركيبه الاصول الكردية لابد من تقسيمها الى ثلاث اصول هي :

1- الاصل الأول :- وهو من وجدت آثاره القديمة بشكل لقى أثرية والذين كانوا يعيشون في المنطقة الكردية قبل الانصهار الجليدي ... اننا لانعول كثيراً على هذا الأصل ذلك لأن الموجات البشرية التي قدمت من وادي الرافدين والجزيرة العربية والهند والهضبة الايرانية كانت قد احتوت هذا العنصر وطغت عليه ، خصوصاً وانها جاءت بدفعات واسعة .

2- الاصل الثاني :- وهو الاصل الجزيري والذي يدعونه في الغرب بالعنصر السامي ، وما ندعوه نحن بالعنصر العربي لهجرته اساساً من جزيرة العرب ... هذا العنصر كون عبر التأريخ حضارات الكلدانيين والبابليين والآشوريين في وادي الرافدين وحضارة الفراعنة في مصر ، والفينيقيه (الكنعانيه) في الشام وشمال افريقيا وتميّز هذا العنصر بقدرته على نقل حضارة العرب الى العالم ... إذ يقول الدكتور احمد سوسة ان جزيرة العرب كانت قبل اكثر من (20) الف عام من اغنى بقاع العالم بالانهار والمزارع ، فهم عرفوا الحضارة بل بنوها منذ اكثر من هذا التأريخ ، وعندما بدأ التصحر في هذه الجزيرة زحفوا بموجات متعاقبة طوال هذه المدة وهم يحملون معهم علم الزراعة ومسببات التحضر نحو الشمال الى وادي الرافدين وبلاد الشام ووديان وجبال المنطقة الشمالية للعراق ، وشرقاً بأتجاه سهول عيلام والاحواز ووقفوا عند حدود جبال زاكروس ، اما غرباً فألى وادي النيل وشمال افريقيا .

3- الاصل الثالث :- فقد قدم من الهند والهضبة الايرانية وأواسط آسيا وهم اقوام خليط ، وجلهم من الاتراك والفرس والافغان والهنود والازبك وغيرهم .

الاكراد والعرب في شمال العراق

حدثني احد العزاويين (من عشيرة العزه) عن أن عدداً لا يستهان به من عشيرة العزه يسكن في مدينة السليمانية ، سكنوا فيها من مدة تتجاوز القرنين . وقد استكردوا بمرور الزمن ... وذكر لي في حديثه انه عندما كان صبياً في بداية الاربعينيات من القرن الماضي ابلغ الشيخ المرحوم حبيب الخيزران اهله وشباب العشيرة ومنهم صاحب الحديث ، بأن يتهيأوا لاستضافة ابناء عشيرتهم العزاويين الذين سيأتون من مدينة السليمانية . ويقول المتحدث ، هيأنا مستلزمات الضيافة وانتظرنا قدوم ابناء عمومتنا القادمين من السليمانية فتفاجأنا بوصول عدد من الباصات نزل منها اكثر من اكثر من مئتي رجل يمثلون العشيرة ويلبسون اللباس الكردي الخاص (الشراويل واللفات المعروفة من القماش حول الوسط ويعتمرون بها الرأس) كما تفاجأ المستقبلون لهم في مدينة الخالص بأنهم لايتكلمون العربية بتاتاً بل كان التفاهم معهم عن طريق المترجمين .

لقد بدأت حديثي عن هذا الموضوع بهذه القصة الواقعية عن (الاكراد العرب) في منطقة الاكراد في شمال العراق بأعتبارها شاهد حي لوجود العنصر العربي في التواجد الكردي في شمال العراق .

ان اكراد العراق يفتخرون بأصلهم العربي . ولعل الكثير منكم قد سمع قسم من اكراد دهوك يفتخرون اليوم بطائيتهم (نسبة لقبيلة طي العربية) ويقول الواحد منهم مفتخراً بنسبه (طياوي والنعم)... كما أن هناك من هم من العبيد وعشائر السادة (ومنهم البرزنجية والنقشبندية) وغيرهم من العشائر الاخرى التي استكردت بمرور الزمن واصبحت جزءً من المجتمع الكردي ... و أعتقد بأن عشائر السادة لا يمكن الا أن تكون عربية لأنهم يرجعون بالنسب الى الرسول محمد (صلّى الله عليه وسلّم) أو اعمامه او ابن عمه علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه)...هذا التواجد قد يكون ما بعد الاسلام ولكن الهجرات العربية التي سبقت الاسلام عبر وادي الرافدين في عهود العُبيد والكلدانيين والبابليين والآشوريين كانت منذ ما يقرب العشرة آلاف عام او اكثر (العُبَيد هنا ليست عشيرة العبيد المعروفة) وبهذا نجد ان الهجرات العربية قد سبقت هجرات الاقوام من اواسط آسيا بسبب ما ذكرناه في التغييرات الحرارية التي تلت نهاية العصر الجليدي الرابع ..

الكرد ... قومية ام ماذا؟!

كان المرحوم عبد الكريم الشيخلي عضواً في القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وعضو قيادة قطر العراق . وقد اغتاله احد الخونة من الصفويين المجوس في عام 1980 في حملتهم لأغتيال القياديين من حزب البعث وكان من محاولاتهم المشهورة محاولة اغتيالهم للرفيق طارق عزيز من قبل المجرم سمير غلام في الجامعة المستنصرية ومحاولاتهم لأغتيال الشهيد القائد صدام حسين (عليه رحمة الله وادخله فسيح جناته مع الانبياء والصديقين) في عام 1982 ...كان المرحوم عبد الكريم الشيخلي (كردي) وكان حينما يُسأل قبل ثورة البعث السؤال التالي :

(الاكراد قومية ... ام ماذا ...؟) فكان جوابه دائماً (ماذا...!!) كنا نريد أن نعرف عنهم كل شيء وقد حاولت أن اجد معنى لهذا اللغز الى أن تعرفت على الكثير من تأريخهم (الاكراد) وكما ذكرت جزءً منه فيما تقدم من موضوعنا هذا ... فالاكراد في شمال القطر وكذا حالهم بالنسبة لدول المحيط ... قرى متناثرة بين متعرجات الجبال ووديانها ، ومن اصعب الامور بالنسبة لهذه القرى تواصلهم مع القرى الاخرى بسبب وعورة وتعرج الطرق ذات النياسم الضيقة التي يصعب على الانسان الحركة والسير فيها بسهولة ... وقد لا يتصور الواحد منكم ممن لم يشاهد هذه القرى ولا يصدق أن القريتين اللتين تبعدان احداهما عن الاخرى اميالاً لا تتعدى اصابع اليد الواحدة لاتزور احداهما الاخرى الا بيوم واحد .....وخصوصاً اذا ما كان بين جبلي القريتين وادٍ من وديان المنطقة الشمالية ...

هذه الحالة ساعدت خونة الاكراد ممن يسيطرون الآن على زمام الوضع أن يتاجروا بهذا الشعب البائس وينهبوا ثرواته ويحولوها الى اموال وأرصدة في بنوك اوربا واميركا وحتى في بنوك الكيان الصهيوني مبهرين العالم بثلاث أو اربع مواقع سياحية ذات كثافة سكانية عالية نوعا ما في كل من اربيل والسليمانية ...

الاكراد هي صيغة الجمع لكلمة (كرد) وهي قطعاً ليس اسماً لقومية كما عرفنا فيما ذكرناه اعلاه ، حيث أن ما ذكرته المصادر الكثيرة ، وبالاخص منها تلك التي جاءت في التقارير الدولية ، بأنهم مجموعة من القوميات الرئيسية التي نزحت من محيط المنطقة كما ذكرنا آنفاً... ولذلك فأن لغاتهم تتكون من مفردات القوميات (التركية،الفارسية،العربية،ولغات اخرى من المحيط) مع التحويرات التي جرت عليها عبرالزمن ...

وبذكر اللغة عند الاكراد فأنهم لايملكون لغة واحدة بل ثلاث لغات متميزة عن بعضها البعض حتى ان قسماً منهم لايفهم لغة الآخر وهذه اللغات هي (البهدنانية ، والسورانية ، والايلجيه) ...(ان هذه الظاهرة لا تبرز في سكان المدن بل في القرى المنعزلة وسط الجبال) وقد قاموا مؤخراً وبعد حصولهم على الحكم الذاتي في منتصف السبعينات من القرن الماضي بشطب الكلمات العربية (كرهاً من الخونة لها) وابدلوها بكلمات لاتينية ، فعلى سبيل المثال (كلمة حزب استبدلوها بالبارت والمؤتمر بالكونغرس .. وهكذا ..!!) .. وكانت مهمة المجمع العلمي الكردي طيلة السنوات الماضية وشغله الشاغل هو الوصول للُغة موحدة ... ولا يفوتني هنا ان اشيرالى ان هذه اللغة لم تصل لحد الآن الى القرى والارياف بل انحصرت في دائرة التعليم والدوائر الرسمية .

معنى كلمة كرد

كان الاكراد من رعايا الدولة العراقية في العهدين البابلي والآشوري وكان الآشوريون يجندونهم في الجيش الآشوري وتسمى وحداتهم التي يقاتل الآشوريون بهم في المناطق الجبلية لآسيا الوسطى والقفقاس والجزء الشمالي من ايران بهذه الوحدات لتمرسها في تحدي المناطق الجبلية بالاكراد ومفردها كرد ، والتي تطلق عليها اليوم بالكراديس في الجيش العراقي العظيم الذي كسر هيبة اقوى دولة في العالم في هذا العصر ، ولربما من يسأل عن حرف ال(س) المضافة في آخر كلمة (كرد) إن ذلك ناتج عن (س) العلمية عند الأغريق حيث ان الأغريق قد اقتبسوا في وقتها اسماء الوحدات الآشورية بأضافة (س) العلمية فمثلا ً نلفظ اسم يوليو (يوليوس) ، و(رمس) الفرعون المصري ب(رمسيس) وهكذا ... وأخيراً اعود واقول ان من حفزني لكتابة هذا الموجز من الملاحظات ايماني بوحدة العراق بكل أطيافه ... ( والله من وراء القصد) .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  06  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   10  /  حزيران / 2008 م