الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

هنيئا" لصدام بمصير ناصع البياض

 

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس  / أكاديمي _ عراقي

 

قال أهلنا في دارج كلامهم (حب واحكي .. واكره واحكي) .. وما يقوله اعداء صدام حسين عنه هو ما متوقع ان يقوله عدو حاقد ممتلئ بالضغائن السوداء ... غير ان ما يقوله التاريخ شئ آخر مختلف. ولنكن دقيقين ونؤكد على حكم التاريخ وليس حكم كاره ومحب، فكلاهما الى زوال غير ان الخالد هو رأي التاريخ لان التاريخ يؤسس على معطيات وجدل وثوابت قد تتعدد فيها الرؤى والاجتهادات غير ان الجوهر يظل يفضي دائما الى ما هو مستقر وبمنأى عن هوى النفوس الامارة بالسوء كخط عام.

لماذا هذا العداء لصدام حسين ؟

لان صدام حسين امة في رجل. حمل بين جوانحه وفي خفق قلبه تطلع الامة لتحقيق ذاتها في زمن خطأ بما يكتنفه من ارهاصات الداخل والخارج. وظف كل الممكنات وطوع جل الظروف ليؤكد حقيقة تتعارض مع زمن البحث عن اقرار لها، الاّ انه اقرها رغم كل التحديات. لقد وصل صدام حسين الى توكيد حقيقة الامة المنتجة المبدعة القادرة على رسم ملامح دورها الانساني بعد ان ولدت من مخاضات التخلف والقهر والاستلاب. واثبت قطعيا اننا لم نخلق كي نبقى خاسرين, بل ان بوسعنا ان ننتصر. اثبت قطعيا ان بوسعنا ان نواجه التحدي بامكاناتنا الذاتية الصرفة، وان نواجه متطلبات تكوين الذات بكل اقتدار.

صدام حسين حول الاماني الى وقائع تعانق الارض ببهاء وشمم. ومن يدخل الى بغداد الآن يجد ان صدام حسين موجود في كل زاوية من زواياها حقائق ماثلة للعيان. صدام الامة موجود في قصور شتموه لانه بناها وهاهم الآن يختبئون خلف جدرانها التي تحفظ مجدا" بناه صدام حسين, وهو موجود في جسور وجامعات واحياء ومستشفيات انتشرت في كل بقعة من ارض العراق بل وامتدت خارج قلب الرافدين ايضا وكتب فوق حاضرتها ابناء العراق (التاريخ) اسم صدام حسين واعترافا ضمنيا من الغزاة والعملاء بتفرد البناء والانجاز سرقوها وشطبوا خط التاريخ ليكتبوا عليها اسماء من كانوا يضاجعون العاهرات حين بناها صدام وشعبه ويتاجرون بشعب العراق في اسواق النخاسة. لكن هيهات ان تدوم حروف لاسماء لا يعرفها تاريخ العراق بل هي زائلة ببصاق اطفالنا.

صدام حسين, اثبت للامة ان بوسعها ان تغلب سباتها وتتفوق على قيودها وتسجل النصر تلو النصر. لقد نجح ببراعة القائد الفذ الملهم ان يجمع الامس ويداخله مع اليوم ويصوغ من كليهما رسمة هي خارطة طريق لطالما تطلعت الامة بلهفة لقراءتها لتستقر في الضمائر مصداقا لتحقق المستقبل الذي نريد. كل هذا يحصل في زمن يراد فيه للامة ان تعلن يأسها وقنوطها وتستسلم رافعة رايات الموت. واللاعبون عكس ارادة الامة في صدام ليسوا رعيان ابلنا في رمال الجزيرة بل هم صناعيوا البتروكيماويات وقنابل النوى والذرات وبوارج المدن وعبيد الدولار والكراسي.

صدام حسين مسك البوصلة كما لم يمسكها عربي من قبل .... وفوق هذا فان الرجل وجه البوصلة صوب ارادة الامة التي تمنتها اجيال واصطرعت من اجلها ارادات وافنيت من اجلها احزاب وتيارات ودفنت من اجلها نعوش ونعوش وصدرت من اجلها فتاوى دينية وسياسية ونشرت من اجلها كتب ومجلات واطالس اكاديمية .. ونزيدكم من البيت شعرا ... وفوق هذا وذاك .. نزعم انها كانت اسبابا مادية وروحية ليرسل رب العزة سبحانه وتعالى  انبياء ورسل ويوحي برسالات وكتب مقدسة كانت كلها تعانق ثرى هذه الامة كيما ترتقي بها الى مستويات الاختيار الرباني العزيز .. وعسانا نبدأ فورا بادراج كل ما قاله وكتبه صدام حسين لنتيح للعالم الاطلاع على عبقرية الرجل وقدراته الاستثنائية في رسم ملامح طريق انبعاث الامة.

فما هو الخلل في مصير آل اليه الرجل؟ انا اجزم ان حسني مبارك والملك فلان والامير علان والرئيس لحود والرئيس عباس والقذافي وابن علي وملوكنا خلف آل البيت الاطهار .. واجزم ايضا ان بوش ورامسفيلد وتشيني وشيراك .... وسواهم الكثير .. يمنّي النفس حين يخلو الى نفسه بمصير كمصير صدام حسين.

ماهو مصير صدام حسين :

استشهد الرجل واقفا شامخا يسخر ويحط من رجولة ومرجلة من اغتالوه ... وسواه سيموت مهما طال به العمر لكن كما تموت النعاج. سيدفن سواه في ارض لاتطأها قدم غير اقدام امرأته لبعض الوقت ثم تبحث لنفسها عن رجل آخر يتزوجها. غير ان ضريح صدام حسين صار مزارا وسيبلغ عدد زواره ملايين حين تسمح بذلك الديمقراطية.

سوى صدام من كل حكام ووزراء ومديري مصارف العصر الحديث سيموتون وقد يكتب عنهم التاريخ صفحة او فصلا. لكن التاريخ كتب وسيكتب عن صدام فصولا وكتبا شاءت الديمقراطية ذلك ام ابت لانه حارب وانتصر في زمن غير مسموح للامة ان تنتصر ولانه بنى وعمر في زمن غير مسموح للامة ان تعمر لانه كان مفكرا في زمن اريد للامة ان لا تنجب غير البلادة والبلداء وغير خيول العربات. لانه امتلك نواصي القرار العربي العراقي المسلم في زمن يستلم فيه حكام الخيلاء نصف قراراتهم من اسطبل داوود.

ما مات من انجب او ترك علما ينتفع به او صدقة جارية .. بل انه مخلد بارادة الله ... وصدام ترك وراءه مجدا تليدا .. تاميم النفط .. الحكم الذاتي. الزامية ومجانية التعليم. مجانية العلاج والتطبب. مصانع ومزارع لا تعد ولا تحصى. انهار وجداول ومبازل، مراكز بحوث وجامعات، علاقات دولية تحني ظهر العدى وتسر الصديق، دولة قانون تشتغل كخلية نحل، علماء وباحثون في كل الاختصاصات، معالم مدنية تغزو البصر من قصور وفنادق وجسور وانفاق وشوارع معبدة صارت شرايين لبلد متمدن، آلاف المدارس في كل شبر من ارض العراق، آلاف المراكز الصحية في كل ارض العراق. شعب ينمي كل شئ وينمو في كل شئ، ودول يسيل لعابها حين يذكر اسم العراق تطلعا لعلاقات معه تؤسس على مصداقيات عالية فيها الاحترام المتبادل والمنافع المتبادلة وفيها نظرات تمجيد واعتراف بانجازات تتمناها كل دول العالم الثالث.

فما الخطأ في مصير صدام؟ وما ذا يضمر من يرددون هذا القول في زمن السقوط وعاهر الازمنة؟

من يعيب على محمد صلى الله عليه وآله وسلم غار حواء؟ مصير صدام في الغار فبركة مخابراتية مقضوحة ... وإن صحت .. فما الخطأ في ان يفكر صدام باقتداء مثل سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله وسلم في خداع الكفار؟

صدام حسين الأقرب الى الله لاعمال خدمت شعبه وامته وقربتها من حقيقتها المبدعة الخلاقة. فلقد انتصر في ثمان سنوات حرب قاد فيها شعبا وحدتْه الانجازات وبناء القيم والتطلع للمستقبل فقاتل من الفاو حتى دهوك بقبضة رجل واحد فسجل النصر الذي اغاض اعداء الامة. وبعد ثمان سنوات فشلت فيها ايران من تنفيذ مآرب اسرائيل وخادمتها اميركا تحركت طوابير الجيوش والاساطيل وجحور العملاء والخونة لتستقر في ارض الكويت مؤسسة لجبهة جديدة اختلفت واجهاتها لكن جوهرها واحد. فانقض الصقر على اوكار الافاعي في الكويت فمسح بها الارض ومزقها اربا .. وحين اقفل عائدا الى ربوع الاسود مع جيش صار عنوانا للانتصارات .. حاروا في كيف يتدبرون امرهم .. تحركت تل ابيب مع حسني والملك وامريكا وايران ومع الجامعة غير الجامعة في سرع البرق ليوجدوا مسوغات الانقضاض على صدام وجيشه الراجع بعد ان طهر الكويت من اوكار الخونة والعملاء ومعسكرات الغدر التي غذتها ملايين الدولارات المعلنه واحاطت بها مشاريع قطع الارزاق المعروفة والتي نادى بها صدام من لا آذان لهم او ان لهم آذان اصمها واطرشها هوس اسرائيل وايران واميركا لذبح العراق الحر.

جيش صدام قاتل ايران ثمان سنوات وقاتل اميركا فوق الارض اكثر من خمسة عشر عام .. ثم انتقل يقاتل بحرب المدن والعصابات فأذاق اميركا وعملاءها الذل والهوان ومنكر الهزائم وما زال.

شعب صدام ليس فيه ما يعاب عليه. انه شعب مبادئ غرست كما تغرس اشجار النخيل واثمرت بذات الصفات .. ولا ضير إن كان من بيننا من اغواه فجور النفس فشذ وخان فتلك طبيعة الناس مذ خلق الله سبحانه الخليقة.

صدام انتج وبنى وكتب تاريخا حافلا بما اعز الامة واهلها ومنحها فرصة تاريخية لتاكيد ذاتها. ومثل هذا الفعل الراجح يخلق اعداءه فكيف بهم وهم موجودون اصلا يتربصون بكل عروبي شهم عنده رسالة ... تماما كما ذبحو جيش الرسالة العائد من الكويت في اضخم عملية غدر عرفها التاريخ الحديث.

لينظر من يحب ماذا حل بالعراق من طوفان بعد صدام ..

لينظر الكاره ماذا فعلوا بالعراق بعد صدام

وهل يعاب على نوح عليه السلام ان الله اراد لقومه الطوفان وكيف لنا او لسوانا ان يوقف ارادة الله العزيز الجليل؟

اغتيل علي ابن ابي طالب وعمر بن الخطاب وعمر المختار والحسين ابن علي ... فما لهم بلداء الامة لا يرون سوى بلادتهم ... فصدام ليس اكثر شرفا من علي والفاروق والحسين .... ومن يعيب مصير صدام الشهيد فليعلن على الامة انه يعيب استشهاد المختار وابن ابي طالب والحسين ... والاّ فان صدام شهيد مثلهم ومعهم في جنات الخلد ومعهم في صالح الاعمال .. ومن يريد ان يكون زعيما للامة او احد اقطارها فليتمثل بصدام وجيشه وشعبه وانجازاته.

ومن يكلمنا عن اخطاء رافقت تجربة صدام وشعبه وحزبه فاننا نحيله الى عصر ما بعد صدام .. ونعيده الى قول مأثور وعبقري ... من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ...

هنيئا" لصدام الشهيد وابو الشهداء وقائد جحافل الشهداء.

وهنيئا لامة سجل لها صدام حقبة مشرقة صارت نموذجا ترنو اليه .

ما يعيب العرب او المستعربين او العملاء اليوم ان يتمنوا او يعملوا لمصير يشبه مصير العراق لاقطار الامة. مصير العراق الذي آل اليه شئ ... ومصير صدام حسين شئ اخر ...صدام حسين اخذ المجد وشرف الانتماء والموقف والبطولة واستشهد رافضا ان يعطيهم بيده اعطاء الذليل .. او ان يقر لهم اقرار العبيد ...صارخا بصوت الاسود المجلل ..هيهات منا الذله .. تماما كما فعل الحسين بن علي والمختار رضوان الله عليهم جميعا  وانا والله نتمنى لكل زعماء الامة مثل هذه النهاية السعيدة.

لكن مصير الامة او أي من اقطارها فاننا لا نريد له ابدا ان يكون مثل ما آل اليه مصير العراق بعد صدام حسين. وهو مصير خلقه الغزو والعمالة والطائفية واحزاب الطوائف وليس صدام حسين.

 

 

Victory.come@yahoo.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  07  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   11  /  حزيران / 2008 م