الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

التي تحبل في الليل ...!

 

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس  / أكاديمي عراقي _ بغداد

 

مَن تحبل في الليل, ينكشف امرها في النهار ... مثل شعبي دارج كرره علي والدي رحمه الله مئات المرات، الاّ انني لم احفظه جيدا لعدم ادراكي ربما لمضمونه أو ربما، وهذا هو الارجح ان والدي كان يعرف الكثير مما لا اعرفه انا رغم اني احمل الدكتوراه وهو لم يكتب حرفا واحدا في حياته. وباختصار فان الدلالة العامة للمثل هي ان ما يحصل سرا في جنح الظلام لابد ان يُكشف ويظهر ويعرف عاجلا ام اجلا.

وسوقي لهذا المثل قد فرض حاله علي وانا افكر مليا بمصافحة جلال الطالباني للصهيوني باراك والتي تبعها وفقا لتقارير اخبارية اتفاقات سريعة على تعميق وتوسيع دوائر اللقاء والتعاون في كل المجالات .. خاصة وان تفكيري قد اخذني بعيدا من لحظة الزمن هذه التي نعيشها الآن وصولا الى ما هو خارج امتداد عمري الزمني الشخصي. والحديث الذي انا بصدده هو عن حركة التمرد الكردي في شمال العراق. لماذا  حصل ولم امتد وكيف انتهى؟

مقدمات يستدل منها :

اولا _ وضع المنطقة الشمالية تحت الحماية الامريكية منذ عام 1991. بعد فشل صفحة الغدر والخيانة وسيطرة الدولة على المحافظات التي تم الاعتداء عليها واحتلالها من قبل ايران بواسطة فيلق بدر والمليشيات المتعاونة معه والمسندة بقوات نخبة من فيلق القدس واطلاعات الايرانية والتي استغلت ظروف الانسحاب المعروفة من الكويت. تلك الحماية التي وفرت ارضيات التاسيس للدويلة الكردية الانفصالية.

ثانيا _ تطوير التعاون مع الغزو والاحتلال عام 2003 وانشاء كونفدرالية كردية تم تاطيرها بصيغة دستورية في الدستور الذي وضع من قبل الاحتلال، وأقر بصيغة ولادة قيصرية معروفة للجميع تحت اشراف قوات الاحتلال وبالتعاون مع الاحزاب الشيعية العميلة الخائنة التي عملت هي الاخرى ومازالت على خلق كانتون كونفدرالي في منطقة مظلومية الشيعة في جنوب العراق.

ثالثا _ اطلاق ممارسات سياسية واقتصادية وتربوية وجغرافية لا يمكن التعامل معها، الاّ على انها تكريس للدويلة الكردية الانفصالية. فضم مناطق مختلفة من المحافظات المجاورة وخاصة كامل محافظة التاميم النفطية واجزاء من الموصل وديالى، والعمل العلني وتحت خيمة البرلمان المركزي في عملية اقتتال سياسي لتحقيق هذه الاهداف بما يبدو عليه وكأنه عمل دستوري ديمقراطي توافقي شرعي هو في حقيقته تكريس ظاهر لتشكيل الدويلة الكردية.

رابعا _ ان اهم ما قامت به الدويلة الكردية لحد الآن هو ابرام عقود نفطية كدولة مستقلة واقامة علاقات دبلوماسية ظاهرة وخفية ضمن هيكل الدولة المركزية، غير انها مهيئة الآن للانفصال في اية لحظة كسفارات مستقلة تفرخ من بيوت السفارات العراقية التي يقودها الانفصالي العميل المجرم هوشيار زيباري (لاحظوا البلدان التي يتركز كادر او طواقم كردية في سفاراتها). واقامة علاقات مفضوحة وسافرة غير مسبوقة في تاريخ الدولة العراقية وخاصة مع الكيان الصهيوني والتي تكللت بلقاء جلال – باراك.

ان لقاء جلال _ باراك هو تتويج لانفصال الدويلة الكردية وتحقيق لكل مضامين العمل التخريبي المسلح وغير المسلح الذي قامت به حركة التمرد الكردي منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة والى يوم احتلال العراق، لمعاونتها على زرع كيان اغتصابي جديد في جسد الامة العربية يناظر تماما كيان الدولة العبرية ويستند الى ذات المقومات العرقية والى تشابه المظلوميات صادقها وكاذبها .!!! فالصهيونية استخدمت النازية وخرجت بمحصلة دموية استثمرتها في تحقيق دولتها الاغتصابية في فلسطين المحتلة على حساب الشعب العربي والامة العربية. والكرد كللوا تمردهم الطويل بوقائع تجعلهم في مواقع مظلومية تهبهم نفس الحق الصهيوني في تاسيس دولة تخرجهم الى الابد من احتمالات تكرار المظلومية وتضمن حقوقهم القومية كما ضمنت حقوق الصهاينة!.

مظلوميتين في العراق صممت واخرجت وغذيت فكريا واعلاميا وهيئت لها الاحزاب التي تتصدى لجني ثمارها اليانعة: دويلة كردية واخرى شيعية تحت خيمة الديمقراطية وحقوق الانسان وحراب الغزو ... هما مظلومية الشيعة في انتفاضتهم الشعبانية المفترضة والتي هي في حقيقتها غزو فارسي تم التعاون معه واعطاء دور البطولة فيه الى الاحزاب الشيعية العراقية الايرانية, وتكملتها الرديفة التي عرفت بالمقابر الجماعية ... ومظلومية اسقاط الكيمياوي على حلبجة وعمليات الانفال ... واعطي دور البطولة فيها للاحزاب الكردية  كقمة من قمم جبال الثلج التي وصلنا الآن الى نهايات تشكلها لانها اتت بأُكلها في اطار التخطيط والتنفيذ والذي استمر قرابة 80 عاما.

هذه هي الحقيقة, ولم نكن نحن مصابون بما اصطلح عليه المتحذلقون مصطلح عقدة المؤامرة .. المؤامرة قائمة ولم نكن واهمين او ضعيفي قدرة على الاكتشاف والاستشفاف معا واشتركت بها الصهيونية والماسونية والامبريالية والديمقراطية وحقوق الانسان .. و.. مؤتمر الاشتراكية الصهيونية الذي لا ارى فيه سوى ملتقا للقاء الصهيونية والصهاينة والمتصهينين ممَن تسقطهم بحبالها وتسحبهم من جذورهم موتورين كريشة في مهب الريح فتعطيهم وزنا بروتكوليا فارغا وتكبر كروشهم وتعمي ابصارهم فيغرقون في اليم الصهيوني دون ان ترى لغرقهم هذا هدفا ولا قيمة بل هو الانحدار نحو جهنم للغريق وفوز للصهيونية والدولة العبرية ..

نعم .. اكاذيب مظلومية الشيعة والمقابر الجماعية محض اختلاق كاذب وثورة لاعلام الزمن العاهر وانحطاط الكينونة هدفها تشكيل دويلة مظلومية الشيعة تماما كما شكلت دويلة مظلومية اليهود. ومثلها مظلومية الاكراد وقمة جبلها الثلجي كيمياوي حلبجه والانفال هدفها تشكيل دويلة مظلومية الاكراد الرديفة والصديقة والمعضدة لدولة بني صهيون ... وهذا هو معنى اللقاء بين زعماء التمرد الكردي وبين رموز الصهيونية الذي اعلن عنه جهارا جلال بعد ان كان يدور في ازقة الظلام لسنوات طويلة مضت .. فليس كيمياوي حلبجة والانفال سوى كذبة تشبه كذبة مظلومية الشيعة وكلاهما رديف بالمعنى وبالنتائج للمحرقة اليهودية.

اعطينا الاكراد حكما ذاتيا ومؤسسات تنفيذية وتشريعية كانوا يحلمون بربع ما اعطيناهم ... وبعد ان هضموا لقمتنا الكبيرة صاروا يصعدون الى الجبال بين حين وآخر، ومن هناك يقتلون ويخربون وينهبون ويسلبون ويغتصبون ثم يعودوا الى مقاعد الدراسة في جامعة بغداد والسليمانية واربيل وياخذون كل حقوق ابن الانبار وكربلاء والبصره وبغداد، بل واكثر ... ثم يصعدون الى الجبال من جديد ... فلماذا .. وألف لماذا؟

سالت احد الاكراد يوما وكان زميلي في الكلية والقسم وكان يخرب ويعود .. لماذا؟ فاجاب بيسر وعفوية .. لاننا نريد دولة قومية. الحكم الذاتي هدف تحقق ولا يكفينا .. قلت له لكنكم لم تحصلوا حتى على حق ثقافي بسيط من تركيا .. اجاب بنفس البساطة والاسترسال .. هي ذي سنة الحياة. كلما اخذت اكثر كلما تطلعت الى الاكثر!.

ولا واحد من قادة الكرد الخونة وضع احتمالا واحدا امام ضميره، إن كان عنده ذرة ضمير .. ولو واحد من ألف .. ان يكون كيمياوي حلبجة قد جاء من جهة ايران حيث المعارك معها في حلبجة في ذروتها وتداخل الخنادق حاصل والكر والفر في اعلى درجاته .. فكيف تاكد الاكراد ان الكيمياوي القته طائرات عراقية مع ان كلتا القوتين الجويتين مشتبكتان في سماء حلبجه؟

الاجابة واضحة .. انها مظلومية مختلقة من الصهيونية واميركا، ووظفت لها ولمظلومية الشيعة مئات الآلاف من الدولارات واجهزة الاعلام لكي تاخذ كامل مداها محليا واقليميا ودوليا لتكون مهماز الارتكاز لتقسيم العراق.

التمرد الكردي من لحظة انطلاقه وعبر سنوات فعله المدمر في الجسد العراقي كان هدفه تكوين دويلة صهيونية اخرى ... وها هو ذا يلتقي معها معلنا عن حقيقة تمت حياكتها واستنزفت الجسد العراقي لسنوات طويلة في زوايا الظلمات .. وها هي ذا تعلن عن نفسها ... تماما كتلك التي تحبل في الليل منتشية بنزوة فاسدة عاهرة ثم لا يلبث النهار القادم ان يفضحها لان مصير الحمل  محكوم بالافصاح عن وقوعه لا محال.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد /  03  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   06  /  تمــوز / 2008 م