الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

في ذكرى النكسة
بوش يرقص على أنين شعبنا

 

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري

 

لم يعد يخفى على احد في العالم كله وليس في الوطن العربي إن امتنا تعيش مجموعة من النكسات وتقع فلسطين في قلب المأساة منها , فإذا كانت الأقطار العربية قد سعت بشكل فردي او بالتعاون فيما بينها في أواسط القرن الماضي الى التخلص من الاحتلال البريطاني والاحتلال الفرنسي الذي ظل جاثما على صدرها لفترة ليست بالقصيرة ونجحت الى حد ما فان فلسطين ظلت محور النضال العربي في تلك الفترة, وإذا كان الجيل الذي سبقنا قد نجح في تحرير اكثر الوطن العربي فإننا لم نستطع الحفاظ على انجاز آبائنا فأضعنا نصرهم وتحررهم ليس بالفعل او الارادة الشعبية وإنما بالقهر وتسلط حكام يفتقرون الى أدنى درجات الوطنية او المواطنة الصالحة التي كنا نتعلمها في المدارس الابتدائية ونحن صغار .

إذا كانت امة العرب قد أرغمت قوى الاحتلال العظمى على لملمة فلولها من أراضيها وولت صاغرة فان حكامنا حولوا انتصارات شعبنا الى نكسات كانت أولها نكسة فلسطين من خلال عمالتهم للأجنبي الذي نصبهم على رقاب شعبنا ووفر الحماية لهم وإذا كان آبائنا قد ثاروا على واقعهم فحققوا الانجاز المطلوب فان قوى الاحتلال قد نجحت في الالتفاف على الثورات العربية المجيدة وإفراغها من محتواها فأصبحنا نعيش النكسات قطرا عربيا اثر آخر . فهل تعب المد الوطني وانحسر النضال القومي فنجح رواد السياسة الحالين قادة الشعب العربي في الانقلاب عليها فأصبح تكريس القطرية هدفها الاول وهل نجحت فيه ؟

في البدء لنلاحظ أي من الأقطار العربية لا يتمتع بكامل سيادته على تراب وطنه وإرادته السياسية في اختياره لقراره فبمجرد إن تزور المنطقة السيدة كوندليزا رايز تجد حكامنا على السمع والطاعة , أما الجيوش الامريكية فإنها تحتل بإرادة الحكام او بدونها كامل المشرق العربي وحتى من يعتبر نفسه منهم مشاكسا فانه يغازل البيت الأبيض من بعيد وانه ملبي مطيع لكل أوامره وإلا فهو غير قادر على تصور ما يحل له من مصير .

إن من الإنصاف إن نؤشر إن الشعب العربي من المحيط الى الخليج يعيش في وادي والحكام العرب يعيشون في وادي آخر مختلف وبعيد عنه كل البعد ولو أتيحت الفرصة للشعب فانه ومن فرط ما الم به من نكبات قاسية استهدفت حياته نتيجة لمصادرة قراره فان له فعل من الجسارة بمكان يصل الى التضحية بكل شيء يتجاوز المال الولد الى التضحية بالنفس في حالة ما اطمأن الى متابعة المسيرة من بعده , ففي اقرب معركة عربية قومية من نكبة فلسطين الحبيبة كانت في صد العدوان الثلاثي على مصر العروبة اثر قرار ثورة يوليو الخالد في تأميم قناة السويس عام 1956 فقد أفشلت الارادة الشعبية العدوان عندما أيقنت إنها تدافع عن قرارها وعن سيادتها وكذلك الحال في حرب تشرين عام 1973 التي أعادت ثقة المواطن العربي بنفسه وقدرته على الفعل الجسور بعد إن عانى من نكسة حزيران , فللعربي القدرة على صناعة النصر إذا ما أتيحت له الفرصة التي يتعمد حكامه إضاعتها .

إذا كانت بالأمس لنا نكسة في فلسطين تشرد بعدها أهلها في بقاع الارض فان لنا اليوم نكسات لا تقل عنها خطورة بدأت بتخلي العرب عن بغداد فانكسر حاجز الخوف من ردة الفعل العربي الشعبي فاستبيحت بعدها غيرها فأصبحت لنا نكبات في الصومال ولبنان والسودان وغيرها , وإذا كانت نكبت العرب في فلسطين صنعتها أيادي اليهود فان نكبتنا في أقطارنا الأخرى صنعتها أيادي حكوماتنا التي تلهث لإرضاء امريكا وغيرها فبنت لجيوش الغزاة قواعد في أراضينا فشرعنت وجودها , وإذا كانت نكسة فلسطين قومية فان ما تلاها كان طائفيا بامتياز فأصبح العربي يقاتل ويهجّر أخيه لمجرد انه يختلف معه مذهبيا ونحن نتقاتل بينما الأجنبي ينعم بما يسرق من خيراتنا وحتى فلسطين فقد استهدف أبنائها بعضهم بدل من استهداف عدوهم المشترك .

إن من السخرية والوقاحة إن يحتفل بوش مع اليهود على ارض فلسطين فيرقص فرحا معهم على أنين شعبنا الفلسطيني الذي يعاني من ظلم الحصار القاتل والإبادة الجماعية يوميا ومن حمام الدم الذي لم يستثني حتى الطفل الرضيع وفي الوقت الذي يطالب الشعب الامريكي بمحاكمة هذا القاتل على جرائمه في العراق الذي استباحت حرمات شعبه وانتهكت أعراض ماجداته واصبحت دبابته وطائراته تدك المنازل العرقية على رؤوس ساكنيها من الشيوخ والأطفال والنساء كما يعاني التراب العربي في الخليج العربي والجزيرة العربية من تدنيس مغول العصر ووحوش الارض له , فرغم كل ذلك فان بوش بعد إن ينهي احتفاله بعذاب شعبنا العربي ينوي زيارة أصدقائه الحكام العرب فهل بعد هذا الهوان العربي سيكون هوان .

إن شبابنا العربي اليوم بحاجة اكثر من أي وقت الى التمسك بالمبادئ الوطنية القومية والثورة التي بدأت ملامحها تلوح في الأفق على واقع التجزئة والإذلال الذي تكرسه حكوماتنا من خلال انصياعها للمحتل الأجنبي لتعود لأطفالنا ابتسامتهم ولتطمأن أرواح شهدائنا في عليين وليفتح شيوخنا منازلهم بما يحتفظون في جيوبهم من مفاتيح الكرامة فان ساعة الثورة قد حان موعدها ولا يصنع النصر إلا الأبطال .

 

Iraq_almutery@yahoo.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

 الخميس  /  10  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق  15  /  أيــــار / 2008 م