الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

ضياع الهوية العربية بين الصهيونية والشعوبية

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري

 

أصبحت الأمة العربية في حالة من الصراع الحاد بين الوجود كأمة حية متطورة تساهم في صنع الحضارة الإنسانية وبين قوى تعمل بالضد من ذلك وعلى النقيض منه بالتمام , فانقسم أبنائها بين مؤيد ومعارض ترتفع نسبة التأييد لهذا أو لذاك بناءا على قوة المعسكر الذي يفرض نفسه على مسرح الأحداث وكلما أضيف جرح جديد إلى جسدها كلما اشتد ساعد معسكر تفتيتها وشرذمتها وقوى عوده وتعاظم إيمانه بقدرته على بلوغ أهدافه وغاياته , فلازال العرب يعانون من نتائج معاهدة سايكس – بيكو سيئة الصيت عام 1916 وما تبعها من وعد بلفور المشئوم بإنشاء وطن قومي لليهود عام 1917 وتغيير صيغة الاحتلال الغربي للوطن العربي إلى مسماه الجديد الانتداب وقرار تقسيم فلسطين 1948 ونكسة حزيران الأسود عام 1967 , إلى يومنا هذا حيث أضيفت إلى جروحنا جروحا أقسى وبتأثير اكبر فتجاوزت مشكلة العرب الأولى في فلسطين إلى العراق ولبنان والسودان والصومال وغيرها ناهيك عن الخلافات وصراعات الأنظمة العربية الحاكمة فيما بينها أو بينها وبين شعبها وما تتسبب به تلك الصراعات من متاعب متناقضة ومختلفة تنسحب على الشعب العربي في جميع أقطاره بل على العرب والمسلمين خارج الوطن العربي .

في المعسكر المقابل لذلك يتعاظم الفعل العربي والاقتراب القومي فلن يهدأ الشعب ولن يستكين رغم قوة الخصم وتسلطه , وإذا ما قمعت قوى الشر انتفاضة هنا قامت ثورة هناك وتآزرت الجماهير فتشتعل حماسة الأحزاب والقوى الوطنية لتأخذ صورة أكثر جدية لتوجيه ضربة أقوى واشد للعدو حيث ظهرت صورة المخطط الرامي إلى تفتيت الأمة العربية جلية ليس لها هدف إلا الإجهاز على امتنا ووجودها ومشروعها الحضاري التاريخي .

لقد أثبتت الأحداث الأخيرة التي مرت بها الأمة العربية أنها أمام حركة عدوانية تنفذها أمريكا وحليفتها الحركة الشعوبية الصفوية وتقودها الصهيونية العالمية تطرح أمامنا خيارا مصيريا يجعلنا نتأرجح بين نقيضين اثنين :

يتمثل الأول بالعودة إلى عهود التدهور والتخلف والغياب عن المشاركة في مسرح الحضارة الإنسانية والرضوخ للنكسة الحالية التي تعاني منها امتنا وإهمال أكثر من قرن من نضال آبائنا البطولي وجهودهم لاستقلال الأقطار العربية بالحدود المتدنية التي كانت عليها لحد الغزو الأمريكي للعراق .

أما الخيار الثاني وهو العمل على استخلاص دروس الماضي والحاضر , ويشترط فيه لان يتحقق شعبيا لا رسميا القدرة على الترفع وتجاوز الذات والمصالح الآنية والأدوار الشخصية والتفكير بعقل الأمة , بمعنى إدراك الأخطار المصيرية الحالية والمستقبلية والثقة بقدرات الجماهير واستعدادها البطولي للتضحية , فمقاومة مخطط تفتيت وشرذمة الأمة الذي نعاني منه اليوم والذي تسعى إلى تحقيه أمريكا والصهيونية والحركات الشعوبية يجب أن تنطلق بالاستناد إلى الصمود الشعبي العراقي البطولي الذي امتد لأكثر من خمس سنوات من الجهاد كنموذج لتحدي الغطرسة العدوانية .

إن انتشار الثقافة التي طرحها الاحتلال الفارسي بدعم وتأييد مطلق من الأمريكان بمحاربة المشروع القومي الذي يطرحه العراق وتغليب الولاء للطائفة على الولاء للوطن وفي نفس المواصفات ونفس الحدة في لبنان وفي أماكن أخرى من الوطن العربي يقصد منها تذويب الهوية القومية العربية وصهرها ضمن القوميات المجاورة مثل الفارسية وقضم أجزاء من الوطن العربي لصالح القوميات المتعايشة معهم مثل الكردية في شمال شرق الوطن العربي والأمازيغية في مغربه وإحياء فكرة البربر على أساس إن أصولهم غير عربية في شمال إفريقيا و فكرة الأمة المصرية التي تنتمي إلى الفراعنة أو فكرة وادي النيل للاكتفاء بالجمع بين مصر والسودان وما إلى ذلك يرافقها فتح الحدود الغربية أمام الهجرة الفلسطينية أو العراقية وخصوصا النخب الثقافية والعلمية إنما هي محاولات لإفراغ امتنا من محتواها والعودة بها إلى عصور الظلام والتخلف وقد ساعد على تنفيذ هذه السياسة تولي أنظمة حكم هزيلة لا تؤمن بطاقات شعبها أو بفكر القومية العربية بقدر إيمانها بحماية كراسيها وتنمية ثرواتها الشخصية .

إذا أدركت الجماهير العربية خطورة المرحلة الراهنة وقسوة نتائجها الآنية والمستقبلية فإنها تتبنى الثقافة القومية المضادة وسوف تعمق من التفافها حول القيادات الجهادية التي تعمل على تعبئتها وتوجيه نضالها اذا توفرت , فذلك هو طريق الخلاص الوحيد .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  06  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   09  /  تمــوز / 2008 م