الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

كيف يسهم المثقف العربي الوطني في تحويل المقاومة العراقية إلى ظاهرة قومية

 

 

 

شبكة المنصور

ابن تونس

 

إن الدعوة التي كان وجهها القائد الأعلى للجهاد والتحرير المجاهد عزة ابراهيم الدوري في رسالته ( المؤرخة في أواخر سنة 2007 )  الموجهة  إلى الإعلاميين والمثقفين الأحرار لتبني إستراتيجية إعلامية تتوافق والفعل الجهادي للمقاومة الباسلة و تعمل على فضح أكاذيب قوات الاحتلال الأمريكي و إبراز حقيقة ما تحرزه المقاومة العراقية من انتصارات ، ليست دعوة شخصية فرضتها غايات ظرفية بل هي تأسيس لمرحلة مهمة من مراحل تطور البرنامج المقاوم في العراق و الوطن العربي  و هي مرحلة تهدف إلى إيجاد أرضية شعبية أكثر اتساعا لمبادئ المقاومة و أهدافها و تسعى إلى تقريب المعلومة السياسية و الفكرية و الميدانية  ليس فقط للمواطن العراقي بل للمواطن العربي، و ذلك لأن مراحل الحسم القادمة تستدعي تشريك أوسع جماهير الشعب العراقي و الأمة  العربية بأسرها. 

إحدى انجازات المقاومة العراقية ، كشف الحقائق

من المفيد أن نؤكد في البداية أن الصولات الجهادية لأبطالنا الأشاوس في العراق لم  تفرز انتصارات عسكرية ميدانية فحسب بل أفرزت حقائق ثمينة تخص كل المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و تشمل العراق و الوطن العربي و كل العالم كما تتعلق بعملية الفرز داخل صفوف الأعداء و الأصدقاء.

ما كان لهذه الحقائق  أن تنكشف بهذه السرعة و هذا العمق و الوضوح خارج هذه المواجهة التاريخية مع أعتى  قوة عظمى في التاريخ و ما كان لها أن ترى النور بدون انتصار المقاومة العراقية في هذه المنازلة. و لا نبالغ إذا قلنا أن كشف هذه الحقائق للمواطن العادي و المثقف خارج أوقات مثل هذه المواجهات مع الأعداء كان يمكن أن يتطلب عشرات السنين لأن الأطراف الاستعمارية و الصهيونية و الصفوية في مراحل الجزر تجد المجال الكافي لإتقان أساليب المغالطة و المراوغة.

إن رسالة المجاهد عزة ابراهيم الدوري هي دعوة للشروع في حملة إعلامية و تعبوية شعارها " على الأذهان العربية أن تستوعب ما أنجزته البندقية المقاتلة في العراق" .  و هي دعوة لجني ثمار الانتصارات الميدانية للمقاومة في العراق ، هذه الثمار التي بدونها لا يمكن مواصلة الحسم في بقية القضايا التي من أجلها خاض شعب العراق و قيادته الوطنية  " معركة الحواسم " .

لقد وفرت المقاومة العراقية معلومات و حقائق لو أردنا المرور على تفاصيلها لتطلب منا ذلك كتبا بأكملها، لكننا سنتوقف عند الحقائق الكبيرة و المحورية التي حددتها المقاومة العراقية بوصفها الممثل الشرعي و الوحيد للشعب العراقي و بوصفها طليعة حركة التحرر العربية. 

تتمثل هذه الحقائق في : 

1 ) لقد اتضح أن العراق بالنسبة للقوى الامبريالية العالمية هو نقطة الارتكاز الرئيسية و هو البوابة الأساسية لتنفيذ المشروع الاستراتيجي للامبريالية و الصهيونية من أجل ضمان سيطرتها على العالم. كما اتضح أن فشل هذا المشروع معناه انهيار الامبراطورية الأمريكية و ما يعني ذلك من تحطم  المنظومة العالمية للقطب الواحد. 

2 ) ما تنفذه القوى الامبريالية و الصهيونية من ممارسات انسانوية و ديمقراطوية في بلدانها ليس إلا قناعا يحجب الحقيقة المتوحشة لعقيدتها الاستعمارية .

لقد أجبرت المقاومة العراقية أصحاب هذه العقيدة على الظهور على حقيقتهم و ذلك بارتكابهم جرائم لم يشهد التاريخ مثيلا لبشاعتها و هذه الصورة الناصعة  وفّرت الفرصة السانحة لدى الشعوب الطامحة للتحرر للحسم القطعي في المفاهيم الغربية و خاصة تلك المرتبطة بمواضيع الديمقراطية و الحريات و حقوق الانسان و العدالة ... و القطع مع المعارضات المتبنية لمثل هذه المفاهيم هذه المعارضات التي صنفت بوصفها أدوات عميلة تعمل على بناء  مستقبل بلدانها عبر الاستقواء بالخارج. إن انكشاف هذه الحقيقة جعل القوى الوطنية تحرص على بلورة  تصور متكامل للمجتمعات المتحررة يعتمد على الخصوصيات الوطنية و القومية و يتباين  مع المرجعيات الاستعمارية. 

3 ) إن الانتصار الذي حققته المقاومة العراقية على أعتى قوة استعمارية هو من صنع الفصائل المجاهدة الممثلة للشعب العراقي  بكل انتماءاته الوطنية و القومية و الاسلامية. و لئن تطلب نجاح هذه الفصائل في مهامها الجهادية توخي السرية  المطلقة و ما نتج عن ذلك من غياب المعلومات الدقيقة عن كل فصيل في الميدان ،  فإن السنة الخامسة من المقاومة كشفت لنا عن وزن حزب البعث العراقي في هذه المنازلة و خاصة عند إعلان أمينه العام المجاهد عزة ابراهيم الدوري عن تأسيس  القيادة العليا للجهاد و التحرير و التي بلغ عدد المنضوين تحت لوائها  31 فصيلا .

لقد سمحت لنا السمعة الجهادية الطيبة التي يتمتع بها حزب البعث بأن نربط بدون عناء بين حزب البعث الذي أعد للمواجهة قبل سنوات من بدايتها و بين حزب البعث المقاوم الذي بلغ قمة عالية في التضحية و الفداء أثناء سنوات المواجهة خاصة عند استشهاد قادته بشكل بطولي و على رأسهم القائد الشهيد صدام حسين و بين حزب البعث ما بعد التحرير الذي تشكلت ملامح تطويره على قاعدة نقد ذاتي أعلن عنه قائده المجاهد عزة ابراهيم الدوري في رسالته الأخيرة المؤرخة في 24 / 04 / 2008 و الذي حرص على إبلاغ محتواها إلى الشعب العراقي و الأمة العربية و شعوب العالم.

إن هذا الحزب المتمسك بنهج المقاومة تأكدت خصاله المتكاملة باعتباره حزب عقيدة جهادية استشهادية ، و حزبا متمرسا من الناحية العسكرية و المدنية و حزبا شعبيا تمتدّ جذوره إلى قلوب و عقول خمسة ملايين عراقي في كامل أنحاء القطر العراقي ، و حزبا ذو خبرة عالية في تسيير دواليب الدولة ، و حزبا وطنيا موحّدا لجميع أطياف الشعب العراقي من خلال عدائه للطائفية و التعصب و العنصرية و حزبا قوميا من أولوياته تحرير فلسطين و توحيد الوطن العربي  .

إن كل هذه الصفات تمنحه القدرة على توحيد فصائل المقاومة في جبهة وطنية و قومية و إسلامية و تمكنه من الإسهام الفاعل في بناء مجتمع ما بعد التحرير و مؤهلا لقيادة نضال الأمة من أجل تحررها و توحدها.

4 ) اتضح أن الإعلام الغربي  الذي تدعي القوى الاستعمارية أنه الإعلام الأكثر مصداقية في العالم هو في الحقيقة كتلة من الأكاذيب قام بتنميقها الجهاز الهوليودي الأمريكي. فقد عمد هذا الإعلام إلى تشويه المقاومة و تزوير الحقائق لكن تصاعد العمل الجهادي و تنامي خسائر و هزائم العدو زرعت الشك في كل متتبعي القنوات الفضائية العربية و الأجنبية الخاضعة للرقابة الأمريكية . و هذا ما عزز مكانة الإعلام المقاوم و جعل المواطن العربي مستعدّ للتفاعل إيجابيا مع المصادر الإعلامية للمقاومة العراقية. 

5 ) تكن القوى الاستعمارية عداء استثنائيا لأي مشروع توحيدي تبادر به أي قوة وطنية عربية في أي مجال من المجالات سواء منها الفكرية أو السياسية أو الاقتصادية ، و يمكن القول أن التقسيم هو كلمة السر التي تبني عليها مختلف القوى الاستعمارية سواء منها الأمريكية أو الصهيونية أو الإيرانية سياساتها العدوانية و ذلك من خلال السعي إلى تقسيم الأوطان و شحن الصراع الطائفي و بث الشقاق بين مختلف الفصائل أو داخل الفصيل الواحد و زرع بذور العداء بين المثقفين و داخل الحركة الفكرية و السياسية العربية.

لقد أجبرت المقاومة العراقية قوى العدوان على كشف كامل مخططاتها و مشاريعها المبنية كلها على روح التقسيم و التفرقة و الشرذمة . 

6 ) بعد أن تنمّقت إيران خلال  العشريتين الماضيتين بشعارات رنانة معادية للأمريكان و الصهاينة ، و بعد أن صدقها عدد كبير من المثقفين و المفكرين العرب ، ها هي المقاومة العراقية تزيح عن الدولة الفارسية قناعها المعادي للامبريالية و الصهيونية لتكشف بشاعة  أهدافها القومية الضيقة التي سعت إلى تحقيقها على حساب عراقنا العظيم و مقاومته البطلة  و بالتحالف مع الاحتلال الأمريكي و الصهيونية. لقد انكشفت طبيعة إيران الاستعمارية إثر احتلال العراق و ضرب مقاومته الباسلة و بث الفتنة الطائفية داخل الوطن العربي و زرع الشقاق داخل القوى الوطنية و دعم مشاريع التقسيم كل ذلك من أجل تهيئة الظروف لخلق أوضاع تمكنها من بسط نفوذها على كامل الوطن العربي. 

دور الإعلام المقاوم في المراحل الحالية من مسيرة الثورة العراقية المسلحة.

خلال السنوات الخمسة من المواجهة التاريخية مع قوى العدوان في العراق استطاعت المقاومة العراقية و أدواتها الفكرية و السياسية من تعرية كل المشاريع الاستعمارية و فضح أهدافها البعيدة كما توصلت إلى رسم البرنامج الاستراتيجي و التكتيكي الذي مكنها من التحكم في الأحداث و افتكاك زمام المبادرة من قوات الاحتلال . و بقدر ما نجحت هذه المقاومة العظيمة في إنجاز المهام الموكولة لها إلى حد الساعة ، إلا أنها تحتاج اليوم إلى عنصر مهم له دور فاعل في تثبيت هذا النصر و من ثم المرور إلى المرحلة الموالية في برنامج التحرير . هذا العنصر هو الاعلام المقاوم.

يحتل اليوم الإعلام مكانة محورية في برنامج المقاومة و هو إعلام في اتجاهين : 

-         الاتجاه الأول : نحو المثقفين و المفكرين الوطنيين العرب الذين لم يستوعبوا بعد عمق الثورة العراقية المسلحة  و أبعاد " معركة الحواسم " و لم يتفاعلوا مع دروسها و ذلك إما بسبب التأثير الإعلامي للعدو الذي يرصد المبالغ الضخمة من أجل نشر ثقافة الهزيمة أو بسبب تسلل إيران إلى المنابر الفكرية العربية و الاسلامية و إحداث التشويش الفكري لدى العديد من المفكرين و ذلك بهدف بث الخلافات  بين بعضهم و توظيف البعض الآخر كأبواق دعاية للتنظير لفكرة قيادة إيران للجبهة المعادية للاستعمار و الصهيونية أو على الأقل لترويج فكرة أن العرب لا يمكنهم الاستغناء على الدعم الإيراني في مواجهتهم لأعداء الأمة.  

-         الاتجاه الثاني : نحو الجماهير العربية التي بقيت تتابع تطورات الموقف في العراق بشكل سطحي أو حتى مشوّه بسبب التزوير و الأكاذيب التي تروجها القنوات الفضائية تحت إشراف و رقابة وزارتي الإعلام الأمريكية و الصهيونية . 

إن المقاومة العراقية بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى دعم من الاتجاهين من جماهير الأمة الواسعة و من كامل مفكريها و إعلامييها .

وقد استجاب  مفكرو و إعلاميو المقاومة لنداء المجاهد عزة ابراهيم الدوري و شنوا في الذكرى الخامسة للعدوان على العراق هجمات إعلامية كاسحة استهلها المفكر العراقي الكبير صلاح المختار بتدخل رائع في برنامج " الاتجاه المعاكس " بقناة الجزيرة  و تلاه الدكتور المناضل أبو محمد ممثل البعث و رئيس اللجنة السياسية للجبهة الوطنية و القومية و الاسلامية  في العراق في قناة ANB  الفضائية من خلال توضيحات شافية عن انجازات البعث و المقاومة العراقية الباسلة و أكمل هذه الحملة الإعلامية اللواء البطل خالد حاتم صالح الهاشمي في قناة الجزيرة عبر تركيزه على بطولات الجيش العراقي و وفاءه للوطن خلال مواجهاته مع جيش الاحتلال الأمريكي.

لقد كان لهذه الزخّات الإعلامية الأثر الكبير على الجماهير العربية التي سرعان ما ارتفعت معنوياتها و أحست بالفخر و الاعتزاز بما تحققه مقاومتها الباسلة في العراق. كما أن هذا الهجوم الإعلامي المضاد شكل سندا معنويا كبيرا للمثقفين الوطنيين الملتحمين فكريا بالمقاومة العراقية كما جلب انتباه عدد كبير من المفكرين و الإعلاميين الذين بقوا إلى حد هذه الساعة سلبيين يتابعون الأحداث و التطورات عن بعد.

و هنا نصل إلى بيت القصيد و نلقي الأسئلة الكبيرة. لماذا لم تتجنّد طاقات الأمة الفكرية و الإعلامية لنصرة المقاومة العراقية  إلى حد هذه الساعة ؟ ما هي العراقيل التي تحول دون انخراط هؤلاء المفكرين في العمل المقاوم ؟ متى يصب انتاج المثقف العربي في خدمة البرنامج الاستراتيجي القومي ؟ 

·        سبب تخلف المثقفين عن ركب المقاومة العراقية. 

لقد كانت المقاومة العراقية أسرع مقاومة في التاريخ لكنها كذلك أقوى و أعتى مقاومة في التاريخ. و قد مكن الإعداد الجيد لها من أن يجعلها جاهزة لتحقيق أعظم إنجاز و هو إحراز النصر في وقت قياسي و بدون انتكاسات ( عدى التراجع الطفيف لسنة 2006 نتيجة ممارسات تنظيم القاعدة و ما انجر عنه من بروز ما تسمى بقوات الصحوة ). نتيجة لكل ذلك تميزت هذه المقاومة بقوة الحسم مما جعل العديد من الأطراف عاجزين عن استيعاب مثل هذه القوة و هذه السرعة ، أو ربما غير مصدقين ما يحصل من هزائم مدمرة لقوات الاحتلال الأمريكي و بقائهم تحت صدمة احتلال بغداد التي كان وقعها كبير عليهم.

لقد تمكنت المقاومة العراقية بطريقة الحسم هذه من حذف الخيار الرمادي من كل المعادلات و اقتصرت على إبقاء الأبيض و الأسود كطرفي صراع وحيدين. فهي لم تترك مكانا لما يسمى بالمعتدلين و بالتالي لم توفر الفرصة للمشاركين في العملية السياسية لإيجاد مكان لخيارهم الرمادي داخل برنامج المقاومة.

لقد استطاعت المقاومة العراقية بوضوح رؤيتها و ثباتها على المبدأ أن تصنف كل المشاركين في العملية السياسية ضمن خانة الاحتلال رغم امتلاكهم لخطاب مغلط يعطي انطباعا بانتمائهم لصفوف المقاومة.

نجحت إذن المقاومة العراقية في التمسك بالمنهاج السياسي و الاستراتيجي الصادر في أيلول 2003 و كذلك الالتزام ببرنامج التحرير و الاستقلال الصادر سنة 2006 الذي ينص خاصة على أن المقاومة هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب العراقي و أن لا مفاوضات بدون قبول قوات الاحتلال شروط المقاومة المتمثلة خاصة في تعويض الشعب العراقي عن الخسائر المنجرة عن عملية الاحتلال و في إطلاق سراح الأسرى  و إعادة الجيش العراقي إلى سالف نشاطه.

إن تمسك المقاومة العراقية بالمبادئ الإستراتيجية أجبر كل الخصوم على فقدان قناعهم و الاصطفاف في خندق واحد  و تجريدهم بالتالي من كل وسائل الخداع و المراوغة. لقد وجدت المقاومة العراقية نفسها في هذه المنازلة مجبرة على إبقاء سقف شروطها عاليا و ذلك بسبب خطورة المشروع  الأمريكي الصهيوني الإيراني و الذي  يستدعي صرامة استراتيجية كبيرة و التزاما عاليا بالتمسك بالثوابت.

و بقدر ما كانت المقاومة العراقية حازمة و حاسمة في مواقفها بقدر ما كان العديد من المثقفين الوطنيين و القوميين متذبذبين و سلبيين رغم أن تلك المقاومة العراقية وفرت لهم أدوات الحسم القومي و الوطني التي كانوا يتغنون بها نظريا منذ عقود من الزمن.

هؤلاء المثقفين هم من أرادت المقاومة العراقية أن تتوجه إليهم و تشملهم بحملتها الدعائية و ذلك من خلال جرهم إلى حوار فكري و نظري يوضح جملة من القضايا المطروح الحسم فيها بشكل ملح.

لقد توخت المقاومة العراقية التأني و الثبات و الصبر في مخططها المرحلي الحالي المتعلق بالإعلام المقاوم. هي تعرف جيدا أن العمود الفقري للحملة الإعلامية التي تخوضها يستند رئيسيا على التضحيات و الانتصارات التي تنجزها تباعا على الميدان، و قد ورد في العدد الخاص بشهر ماي – أيار( صفحة 5 ) من جريدة " الثورة " لسان حال حزب البعث العراقي ما يلي " ليعلم الجميع أن المقاومة الوطنية العراقية لا تستجدي أن يكتب عنها ..لأنها تكتب كل يوم بمداد الدم سفر نصر العراق الساطع .." .

لكن هذه المقاومة العراقية الشهمة بحاجة إلى كسب المثقف القومي و الوطني إلى جانبها و هذا لا يتم إلا من خلال خطة تهدف إلى جلب هؤلاء المفكرين إلى أرضية مشتركة تمكنهم من جعل انتاجاتهم الفكرية تصب في نفس الأهداف الوطنية و القومية التي حددتها المقاومة العراقية . 

·        متى يصب انتاج المثقف العربي في خدمة الأهداف الاستراتيجة للأمة.

إن تحقيق هذا الهدف يتطلب أولا و بالذات الدخول في حوار مع المفكرين و المثقفين من أجل إبلاغهم كل الحقائق و المعطيات التي تساعدهم على التصالح مع الأفكار التي تمثل مدخلا لأرضية النضال المشترك هذه الأرضية هي الضامنة  لتوحيد كافة طاقات الأمة و بالتالي توفير الظروف الملائمة لتحرر الأمة و توحدها .

يمكن حصر هذه الأفكار في ثلاث محاور: 

أ – المقاومة العراقية هي قلب المقاومة العربية لأنها تواجه و تدحر العدو الذي يشكل منبع المآسي التي تعاني منها الأمة العربية و الذي يتحكم في مصير العالم بأكمله.كما  إن هذه المقاومة هي التي تقوم اليوم بإجبار هذا العدو على التقهقر و العدول عن تنفيذ مشروعه العالمي المتمثل في مشروع الشرق أوسط الكبير أو الجديد. 

ب – ضرورة مقاومة  النظرة الفئوية و الحزبية الضيقة المتغلغلة في أذهان العديد من المفكرين  الوطنيين ، هذه النظرة التي كانت إحدى المتسببات في شرذمة حركة التحرر العربية. قد نجد تبريرا لتلك الفئات و التكتلات السياسية التي كانت تنقسم بسبب خلافات في التصورات النظرية لمشروع الأمة التحرري ، لكن اليوم لم يعد هناك أي مبرر لأي طرف للتقوقع و الانفصال و الانعزال ما دام هناك على الميدان من يقترب بنا من تحقيق هدف كان في الماضي القريب  حلما جميلا و ضربا من الخيال. لقد انبثقت من عمق المواجهة داخل العراق قيادة خبرتها و جربتها الأمة العربية بأسرها و هي قيادة تمتلك كل المواصفات الكفيلة بضمان تحقيق أهداف الأمة القريبة و البعيدة. و حين نقول أن القيادة البعثية في العراق هي المؤهلة لقيادة الجبهة الوطنية في بلاد الرافدين في اتجاه تحقيق النصر الكامل و هي القادرة على قيادة حركة التحرر العربية نحو تحقيق الأهداف القومية السامية ، فليس ذلك استنقاصا من أي فصيل أو حزب وطني في العراق أو في أي موقع من هذا الوطن، كما إن ذلك ليس تمسكا بنظرة استعلائية و تفردية من جانب البعثيين ( فقد أكد حزب البعث مرارا و تكرارا أنه يسعى مع جميع الفصائل الوطنية إلى إقامة حكم الشعب التعددي الديمقراطي الحقيقي في العراق...) بل نقول ذلك  فقط بسبب كونه هو الذي أسس لمعركة الحواسم و تحقق النصر فيها و هو الذي قدم أعضاؤه التضحيات الجسام من أجل تحرير العراق ( استشهاد 120 ألف بعثي ) و هو الذي اتصف قادته بالصفات الاستثنائية العالية كتلك التي ظهر عليها القائد الشهيد صدام حسين و رفاقه خلال المحاكمات و الإعدام ، و هو الذي تحدى سياسة الاجتثاث الدموية و تمكن من إعادة هيكلة نفسه و توسيع جماهيريته ، و هو الحزب الذي يتبنى فكرا عروبيا و توحيديا يعمل على تحرير فلسطين و توحيد الوطن. و نلخص فنقول إن هذا الحزب هو من تتوفر فيه المواصفات التي تجعله قادرا على بناء و حماية نواة الدولة القومية و السير بها نحو تحقيق كامل أهداف المشروع القومي العربي. 

ج – الموقف من إيران ليس قضية شخصية أو موضوعا خاضعا للأهواء بل هو مسألة ذات ارتباط كبير بمستقبل المشروع التحرري للأمة. إن تأخير الحسم فيه يؤجل و يعرقل تشكل الجبهة الوطنية العربية المتحدة التي نحن بأشد الحاجة إليها اليوم كما يساعد على إبقاء حركة التحرر العربية في وضع التشرذم التي عليها الآن.

إننا نعتبر أنه من الضروري أن يتحمل كافة الوطنيين العرب مسؤولياتهم في خصوص هذه المسألة خاصة بعد انكشاف حقيقة النظام الإيراني  و بعد نشر مفكري المقاومة العراقية معطيات مفصلة عن مبادئ و مخططات و ممارسات النظام الإيراني التي تصب كلها في العداء المقيت لأمتنا و مطامحها عبر الجرائم التي يرتكبها هذا النظام في العراق و مخططات زرع  الفتنة الطائفية في مختلف أرجاء الوطن.

و في إطار الاستنارة ببعض المقارنات نقول ، إذا كان الجميع يقر بأن فرنسا هي دولة استعمارية من خلال ممارساتها و مصالحها و مواقفها من مختلف القضايا العالمية فماذا نقول عن إيران التي تحتل العراق و ترتكب جرائم تفوق ما ترتكبه  فرنسا بعشرات المرات. 

و في الأخير لقد دفع الشعب العراقي و مقاومته الباسلة ضريبة الدم ليهدى إلينا سلاحا معرفيا قاطعا و من الإخلال بالواجبات القومية  أن لا نوظف هذا السلاح في نضالنا اليومي . لن يستطيع أبطالنا الأشاوس في العراق بلوغ أهدافهم القومية بدون تبني أحرار هذه الأمة القيم السامية التي استشهد من أجلها القائد صدام حسين و بدون دعم هذه المقاومة بالدعاية لمبادئها و الترويج لأطروحاتها.

إن تبني المثقف العربي الوطني مشروع شن حملة لفائدة الأسرى العراقيين و في مقدمتهم أفراد القيادة العراقية هو أحد المحاور الإعلامية الهامة الذي  يجسد من خلاله هذا المثقف دعمه للمقاومة العراقية  و إسهامه في فك الحصار الإعلامي عليها و هو اعتراف بالجميل للقيادة الوطنية العراقية التي  نحتت بصمودها و ثباتها مواصفات عراق ما بعد التحرير و هو خاصة انخراط في برنامج المقاومة العراقية الهادف إلى انتقال "معركة الحواسم" من صفحاتها القطرية إلى الصفحات القومية.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                        الثلاثاء  /  08  جمادي الاول 1429 هـ   ***   الموافق  13  /  أيــــار / 2008 م