الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

المؤتمر القومي العربي
Arab National Congress

 

 

 

شبكة المنصور

 

 

إعلان صنعاء
صادر عن المؤتمر القومي العربي التاسع عشر

في الذكرى الستين لاغتصاب الحركة الصهيونية للجزء الأكبر من ارض فلسطين التي تمر بنا هذه الايام، يستعيد المؤتمر القومي العربي الى الذاكرة العربية ان الصراع العربي – الصهيوني هو صراع على الوجود وليس صراعاً على حدود، ذلك ان الحركة الصهيونية، وبدعم من كل قوى الاستعمار العالمي، استهدفت فلسطين ارضاً وشعباً فاحتلت كامل الارض وطردت الجزء الاكبر من الشعب من وطنه حيث شرد في المنافي في مختلف الاصقاع والاقطار، ولذا فلا حل يعيد الحق الى اصحابه الا برفع شعار التحرير والعودة، التحرير الذي يعني تحرير كل الارض الفلسطينية المحتلة، والعودة التي تعني عودة كل من طرد من ارضه الى دياره وارضه التي شرد منها وليس الى أي مكان اخر.

ولما كان الخطر الصهيوني يهدد الوطن العربي بأكمله بإقامة كيان عنصري اجنبي في قلبه ليفصل شطريه في آسيا وافريقيا، ويشكل حاجزاً وعائقاً يمنع اية محاولات لاقامة الدولة العربية التي تتطابق حدودها مع حدود الامة، فان مهمة مواجهته هي واجب عربي بامتياز، لايجوز لاي نظام عربي ان يتخلى عنه، وان نضال الشعب العربي في فلسطين يشكل رأس الحربة في النضال العربي العام الهادف لتحرير كل فلسطين، وكما ان الشعار الذي يجب ان يُرفع في كل وطن محتل هو انهاء الاحتلال ورحيل قواه ، كما هو الحال في العراق الان، فان الشعار الصحيح الذي يجب ان يتبناة النضال العربي الفلسطيني هو شعار التحرير وانهاء الاحتلال، بديلاً عن شعار الدولة المستقلة، التي لا يمكن لها ان تقوم الا عبر مفاوضات، يفرض فيها العدو الصهيوني ومن يدعمه من القوى الاستعمارية، مواصفات كيان هش لا يحقق التحرير ولا العودة ولا يسمح للشعب العربي المشرد بتقرير مصيره على ارض وطنه .

واذ يتابع المؤتمر بقلق بالغ الممارسات الصهيونية في تهويد الأرض وإذلال الشعب العربي في فلسطين واستمرار محاولات تشريده وإبادته، فانه يسجل استنكاره للحصار المفروض على قطاع غزة ويحمّل الحكومات العربية وفي مقدمتها الحكومة المصرية مسؤولية رفع هذا الحصار وتوفير كافة متطلبات الحياة الإنسانية الكريمة، وخاصة الكهرباء والمنتجات النفطية والمواد الغذائية والطبية، من خلال انشاء صندوق تابع لجامعة الدول العربية يتولى تمويل كل هذة الاحتياجات، وتحرير القطاع من قيود ربطه القسري القائم بالكيان الصهيوني .

إن الأمة العربية تواجه الان واقعا مأساوياً سياسياً واقتصادياً وأمنياً امتدت آثاره إلى تهديد الهوية القومية الحضارية للأمة. هذا الواقع يأتي محصلة لموجة مكثفة من مصادر التهديد العالمية والإقليمية من ناحية ومن مصادر أخرى للأسف على المستويين القومي والقطري من ناحية أخرى. تحديات بهذا المستوى وواقع عربي بهذا السوء يصعب مواجهتها دون إستراتيجية عربية شاملة للمواجهة، قادرة على استنهاض كافة مصادر القوة في الأمة وذخيرتها وخبراتها التاريخية مع مثل هذا النوع من التحديات والمخاطر. فبقدر خطورة ومستوى التحديات يجب إن تكون إستراتيجية المواجهة شاملة هي الأخرى وعلى المستوى نفسه من الجدية والقوة.

يأتي في مقدمة هذه التهديدات ما يمثله المشروع الإمبراطوري الأمريكي المتحالف مع المشروع الصهيوني، الذي لا يرمي فقط إلى تفكيك النظام القومي العربي واستبداله بنظام إقليمي بديل منعدم الهوية، يلعب فيه الكيان الصهيوني دور القوة الإقليمية العظمى، بما يعنيه ذلك من إهدار لكل نضالات الأمة من اجل وحدتها ومن اجل تحرير أجزائها المغتصبة وفي مقدمتها فلسطين، لكنه يرمي بالإضافة إلى ذلك، الى تفتيت الدولة القطرية العربية من خلال الدعوات لإعادة ترسيم الخرائط السياسية وتقسيم ما سبق تقسيمه من ارض العرب أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى عبر العمل على تقسيم الدول العربية إلى دويلات تابعة على أسس عرقية أو طائفية، أو مذهبية، على نحو ما يجري تنفيذه في العراق منذ الاحتلال الأمريكي له في عام 2003.
ولا يقل خطورة عن هذا التهديد ذاك التطابق بين إنتاج استقطاب طبقي اجتماعي – سياسي جديد على الصعيد العالمي تجسيداً لسياسة العولمة وانطلاق الرأسمالية المتوحشة لفرض سيطرتها، متجاوزة كل الحدود التقليدية للدول، ومعتمدة على سياسة التدخل القسري في الشؤون الداخلية، وبين إنتاج استقطاب طبقي – سياسي جديد داخل الدول العربية. ومثلما تم تقسيم العالم إلى مجتمعات وليس دول، غنية مسيطرة ومجتمعات أخرى فقيرة مسيطر عليها، يجري فرض استقطاب طبقي اجتماعي – سياسي داخل الدول العربية بين طبقات تحتكر السلطة والثروة وطبقات فقيرة محرومة ومعزولة ومهمشة ومسيطر عليها.

والاهم من هذا هو ذلك التلاقي، الذي يصل إلى درجة التحالف، بين قوى الهيمنة الرأسمالية الخارجية التي يقودها النظام الإمبراطوري الأمريكي وحليفه الصهيوني، وبين القوى المسيطرة على السلطة والثروة داخل الدول العربية التي تمارس الاستبداد والفساد.

هذا التحالف بين قوى الهيمنة العالمية التي يجسدها المشروع الإمبراطوري الأمريكي الجديد وقوى الاستبداد والاحتكار السياسي والاقتصادي في الداخل العربي ليس وليد تطورات عالمية فقط ولكنه أيضا وليد تطورات عربية، على مستوى كل دولة عربية وعلى مستوى النظام العربي ككل. فالنظام الرسمي العربي أخذ يفقد قدراته على الصمود مع نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي عندما وقّعت مصر "معاهدة السلام" مع الكيان الصهيوني عام 1979، وبعد ان تبنى النظام الرسمي العربي "السلام" كخيار استراتيجي أوحد وبدأ مسلسل التنازلات والخضوع للاملاءات الأمريكية.

هذا الخضوع تحوّل إلى تبعية صارخة بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 وقبول الدول العربية بمشروع مؤتمر مدريد وما أسفر عنه من "معاهدات سلام" جديدة مع الكيان الصهيوني، وجاء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ومشاركة أنظمة عربية في دعم وتيسير سبل نجاح هذا الغزو، ليؤدي إلى مزيد من انكشاف النظام الرسمي العربي وعجزه عن القيام بمسؤوليات الدفاع عن الأمة وحماية مصالحها.

وارتبط بهذا الواقع الاقتصادي – الاجتماعي العربي واقع سياسي لا يقل سوءا، أصبحت فيه "الدولة التسلطية" هي المسيطرة على مقاليد السلطة والثروة وفرضت معادلة احتكار السلطة، وتجريف بنية العمل العربي عبر ممارسات مؤسسات سياسية فاسدة حالت في بعض الأحيان دون قيام تعددية سياسية حقيقية، وأدت في أحيان أخرى إلى قيام تعددية سياسية مشوهة، فرضت معادلة أو لعبة سياسية قائمة على قاعدة وجود حزب أو عائلة أو قبيلة حاكمة تسعى إلى أن تظل حاكمة والى الأبد، ووجود أحزاب معارضة تعارض فقط، وقبلت ان تظل معارضة والى الأبد، وقد سقط اغلبها تحت ضغوط الترهيب والغواية التي تمارسها السلطات الحاكمة والتي استطاعت من خلالها إن تنتزع هذه الأحزاب من قواعدها الشعبية، وتجعلها مجرد أدوات مزيفة لتجميل الوجه القبيح للدولة التسلطية والمعادلة السياسية المشوهة لمجمل العمل السياسي، وشاهد زور على فرض شرعية مزيفة لهذه الدولة التسلطية الحاكمة في اغلب الدول العربية سواء كانت ملكية أو جمهورية، التي هي الوجه الحديث والمعاصر للدولة المستبدة، والتي تسعى إلى الاحتكار الفعال لمصادر القوة والسلطة في المجتمع لمصلحة الطبقة أو القبيلة أو العائلة الحاكمة، وهي خلافاً لكل اشكال الدولة المستبدة السابقة، تحقق هذا الاحتكار عن طريق اختزال المجتمع المدني وتحويل مؤسساته إلى تنظيمات تضامنية تعمل كامتدادات لأجهزة الدولة، كما أنها خلافا لكل إشكال الدول المستبدة الأخرى، تخترق النظام الاقتصادي وتسيطر على مقاليد الثروة أما بالمصادرة أو بالفساد، وتعتمد اعتمادا مفرطاً على الأجهزة الأمنية لدرجة توريط الجيوش في مهمة فرض الأمن الداخلي لحماية النظام الحاكم وفرض استمرار يته بالترويج لمعادلة "الاستمرار والاستقرار"، أي إن استمرار هيمنة النظام الحاكم هو الضمان الأفضل للاستقرار الذي هو البديل المباشر للفوضى التي تحرص على ان تجعلها قرينة لدعوة التغيير لمصادرة هذه الدعوة واعتبارها ومن يقومون بها المصدر الأساسي لتهديد الاستقرار، أي تهديد الشرعية القائمة التي من خلالها تتمكن هذه القوى الحاكمة من ترسيخ سيطرتها على الحكم.

لذلك لم يكن غريبا أن ينعكس هذا الاستقطاب الداخلي في الدولة العربية بين قوى حاكمة مستبدة مسيطرة على الثروة، وبين قوى شعبية تعاني الحرمان الديمقراطي والاقتصادي، مع استقطاب آخر إقليمي، فرضه المشروع الأمريكي بين محور للاعتدال أفرزته جليا تحالفات الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف 2006، يضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن متحالف مع الولايات المتحدة (6+2+1)، حيث تم ضم نظام الحكم العميل في العراق إلى هذا المحور بطلب من وزيرة الخارجية الأمريكية، ومحور آخر للشر يضم سوريا وإيران ومنظمات المقاومة العربية: حزب الله في لبنان وحركتي حماس والجهاد الاسلامي في فلسطين.

محور الاعتدال العربي هذا هو المتحمس لما يسمى بـ "مبادرة السلام العربية" والمتمسك بشعار "السلام هو الخيار الاستراتيجي للعرب" وغير المستعد للبحث في خيارات اخرى بديلة او الافصاح عن دعم المقاومة التي باتت توصف بالارهاب، وهو الذي شكك في النصر الذي حققته المقاومة الاسلامية في لبنان صيف 2006 على اسرائيل المدعومة امريكيا، تحت ذريعة ان حزب الله حزب طائفي شيعي وانه مدعوم من ايران، وهو ذاته المحور الذي ما زال متورطا في جريمة فرض الحصار على قطاع غزة، وهو نفسه الذي التقى مع وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس في الكويت، وأبدى استجابة مستترة لدعوة ارسال سفراء عرب الى بغداد لمواجهة ما تسميه واشنطن بالنفوذ الايراني في العراق، وهو النفوذ ذاته الذي كان للامريكيين الدور الاكبر في افساح المجال له من خلال فتح الباب له لدخول العراق والمشاركة في تدمير الدولة العراقية، واليوم يطالبون الدول العربية بخوض الصراع ضد ايران في العراق حماية للمشروع الامريكي ذاته.

وعلى المستوى الاقليمي توجد مصادر اخرى للتهديد بسبب تعارض المصالح بين المشاريع القومية الاستراتيجية لدول الجوار الرئيسة في ظل غيبة المشروع القومي العربي القادر على التفاعل الايجابي مع هذه المشاريع.

ان غياب المشروع القومي العربي يؤدي الى تحول ذلك التعارض في المصالح القومية الى صدام يترتب عليه تهديد المصالح العربية القومية، خصوصاً مع عجز النظام العربي الرسمي عن مواجهة اطماع بعض هذه الدول في الاراضي والمياه العربية.

كل هذا يحدث في ظل غيبة كاملة لمشروع عربي قادر على مواجهة التحديات الدولية والاقليمية في ظل انفراط عقد النظام العربي القائم الذي بات مخترقا وبعنف ومستعدا في احيان كثيرة لأن يتحالف مع الاعداء، وان ينخرط في مشروع الاستقطاب الاقليمي بين محوري "الاعتدال والشر" وأن يفرط ضمن هذا الاستعداد في ثوابت الامة واهدافها العليا في الاستقلال الوطني والقومي والوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
ان مسلسل التفريط في مصالح الامة واهدافها العليا من جانب النظام العربي الرسمي الراهن تتجلى الان بشكل صارخ في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال، تفريط يتستر وراء مظاهر العجز على نحو ما تكشف اثناء ازمة المعابر في قطاع غزة، التي كان فيها هذا النظام اكثر من متواطئ، وعلى نحو ما يتكشف يوميا في ظل الازمة السياسية اللبنانية، كما ويتجلى بشكل صارخ في العراق حيث يتستر النظام العربي على جرائم الاحتلال ،كما يتستر على منظومة المعاهدات والتحالفات التي تسعى ادارة جورج بوش الامريكية لتوقيعها مع النظام العميل في العراق وحكومته برئاسة نوري المالكي لفرض هيمنة امريكية كاملة على العراق سياسيا واقتصاديا وعسكريا بل وثقافيا.

ان كل تلك التحديات التي تواجه الامة العربية وتهدد مصالحها القومية واهدافها العليا، تستلزم ان تواجه باستراتيجية عربية قادرة على تحمل اعباء تلك المواجهة، وهذا لا يمكن ان يتحقق دون الاتفاق على مشروع قومي للنهضة قادر على المقاومة والبناء معا، بشرط ان يسعى وان يحدد القوى الفاعلة صاحبة المصلحة في هذا المشروع القادر على تحمل مسؤولياته كاملة.

هذا المشروع القومي يجب ان تنهض به حركة تحرر عربية شعبية في تكوينها أي مرتكزة على القوى الشعبية صاحبة المصلحة في المشروع ومؤسساتها الجماهيرية المختلفة ،من نقابات ومؤسسات مجتمع مدني وحركات شعبية متنوعة مؤمنة بأهداف المشروع وقادرة على انجازه عبر حركات تحرر وطنية داخل الاقطار العربية، ويمكن لهذه الحركة ان تضم كافة القوى والتيارات القومية والاسلامية واليسارية والوطنية اللبرالية، شريطة الايمان بوحدة الامة العربية ، والعمل باخلاص من اجل اقامة دولة الامة لمواجهة المشروع الامريكي الصهيوني، الذي لا تقوى على مواجهته ودحره سوى قوى الامة العربية مجتمعة، مع اعلان رفض كل مشاريع الهيمنة الاجنبية على وطننا التي ترفع شعار تقسيم دوله الى دول معتدلة واخرى متطرفة، مما يؤدي الى تمزيق وحدة الامة ارضا وشعبا، واستبدال أعدائها الحقيقيين باعداء وهميين.

ان المشروع يجب ان يكون قادرا على بناء "مجتمع الكفاية والعدل والحرية" وامتلاك القدرات العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية الكفيلة بصون وحماية الامن القومي العربي وتحرير الاراضي العربية المغتصبة والمحتلة، فضلا عن امتلاك القدرات الذاتية للتحديث والتطور والتجدد الحضاري التي تمكّن الامة من التخلص من كل قيود التخلف والتراجع وامتلاك قدرات النهوض والتقدم وتحقيق وحدتها المأمولة.

ان المشروع النهضوي العربي القادر على مواجهة التحديات وبناء المستقبل هو مشروع صنع المستقبل العربي ذاته في مواجهة المعضلات والتحديات الست الاساسية الراهنة: الاحتلال والتجزئة والتخلف والاستغلال والاستبداد والجمود الحضاري، من خلال تحديد الاهداف والمهام النضالية القادرة على مواجهة هذه التحديات والمعضلات التي تتفاقم يوما بعد يوم: هدف التحرر والاستقلال الوطني والقومي لمواجهة حالة الاحتلال والخضوع للهيمنة الاجنبية التي تتفاقم بوتيرة متزايدة، والحرية والديمقراطية لمواجهة الاستبداد الداخلي الذي تجسده الدولة التسلطية المتحالفة مع قوى الهيمنة الخارجية، والعدل القانوني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي لمواجهة الظلم والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والاحتكار السياسي للسلطة، والتنمية المستدامة القادرة على تحقيق مجتمع الكفاية لمواجهة التخلف والتبعية، والنضال المتجدد والمتواصل من اجل تحقيق الوحدة العربية يبقى هو الرد الحاسم ليس فقط لمواجهة التجزئة التي فرضت على الامة في عقود طويلة مضت من الخارج، ولكن ايضا لمواجهة مشروع اعادة التقسيم الذي يسعى المشروع الامبراطوري الامريكي – الصهيوني الى فرضه على الوطن العربي بالتعاون مع اطراف داخلية منعدمة الولاء الوطني والقومي، ارتضت ان تكون بؤراً للعمالة الاجنبية ومرتكزات للتبعية والهيمنة. اما التجدد الحضاري والتحديث المتواصل وتحرير الفكر العربي من انغلاقه وجموده وانفتاحه الحر على كل مصادر التنوير والثقافة الحرة، فهو الكفيل بمواجهة كل قيود التعثر والتأخر التاريخي وحماية الهوية القومية العربية من كل محاولات شطبها واستبدالها بهويات طائفية او عرقية او نزعات شعوبية بغيضة تؤدي الى فرض خطط اعادة التقسيم الراهنة.

ان تحقيق هذه الاهداف يستلزم اولا وضع استرتيجية واضحة ترتكز على تحديد ما يمكن تسميته بـ "هدف الاختراق" أي الهدف النموذجي الذي يمكن من خلاله الانطلاق لبدء مشروع النهضة والقادر على جذب الامة وتمكينها من تحقيق باقي الاهداف عبر سلسلة من المهام النضالية المتداخلة فيما بينها. ويستلزم ثانيا السعى لامتلاك القدرات والاليات والادوات اللازمة للبدء في تحقيق وانجاز المشروع النهضوي بأهدافه الست.

ويسلتزم ثالثا الأخذ بالاعتبار اهمية تفعيل النظام الرسمي العربي حيثما كان ذلك ممكنا ، اذ ان تفعيل هذا النظام في ظل التحديات الراهنة يعتبر ضمانة لبقاء الدولة العربية القطرية المعرضة للتمزيق والتفتيت. ويستلزم رابعا الاخذ في الاعتبار خصوصيات بعض الدول العربية التي قد لا تتلاءم مع اولويات النضال في اقطار عربية لاعتبارات تكتيكية، ان التوافق حول هدف الاختراق لتحقيق المشروع النهضوي العربي ضرورة قومية استراتيجية ، لكن الواقع العربي يفرض التلازم بين مجمل الاهداف النضالية للامة وتأسيس الآليات اللازمة لتحقيقها وفي مقدمتها حركة التحرر الشعبية العربية .

ان المقاومة بكافة اشكالها العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية يجب ان تكون هدف الاختراق لتحقيق المشروع العربي النهضوي، ولكن هذه المقاومة تستلزم توافر العديد من الشروط لانجاحها، وفي مقدمتها الاصلاحات السياسية والديمقراطية وتامين حقوق الانسان وحقوق المواطنة التي كفلتها الدساتير الوطنية والشرعة الدولية لحقوق الانسان .

ويلاحظ المؤتمر ان الاستبداد الذي تمارسه الانظمة العربية الحاكمة على شعبها ومنعه من المشاركة في صنع القرار السياسي، هو الذي يضعف قدرة هذه الانظمة على مواجهة الضغوط الأجنبية الرامية الى فرض التبعية على هذه الانظمة ويدفعها بالتالي لاعلان والرضوخ لهذه الضغوط، بدعوى عدم القدرة على المواجهة، علما بان النظام الذي يستدعي شعبه للاحتماء به من هذه الضغوط لا يمكن ان يخذله شعبه ومن لا يحميه شعبه لا يمكن ان تحميه اية قوة في الوجود، ولذا فان المؤتمر القومي العربي يتوجه بالنداء الى جميع القادة العرب لكي يمكنوا ابناء شعبهم من ممارسة الحريات العامة التي كفلتها معظم دساتير هذه الدول، ولكن على الورق وليس لأغراض التطبيق، لانه لا سبيل لتامين استقرار أي نظام الا بموافقة الشعب والتفافه حول هذا النظام ولا يمكن لشعب مستعبد من قبل حكامه في الداخل ان يتمكن من مواجهة عدو خارجي .

واذ يعي المؤتمر كافة التحديات التي تواجه الامة، فانه على يقين من انها في مجملها تشكل ارتسامات مشهد متكامل من تلك التحديات التي تتجسد في هجمة أمريكية صهيونية تعبر عن نفسها بما يحدث من احتلال وعدوان وتهديد، على نحو ما هو قائم في فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال، فانه يؤكد على ان المقاومة هي الرد الاستراتيجي على كل اشكال هذه التحديات وان الامة العربية مطالبة بتقديم كافة اشكال الدعم والمساندة لهذه المقاومة للوصول الى اهدافها في التحرير والنصر .

في العراق : يؤكد المؤتمر ان الاحتلال هو السبب الرئيس لكل ما ابتلي به العراق ولا يزال، من تهديد لهويته العربية وتمزيق لنسيجه المجتمعي ووحدتة واستقلاله الوطني واذكاء لنعرات عرقية وطائفية ومذهبية ونهب منظم لثرواته وتبديد لتراثه الحضاري، وان لا سبيل للخلاص من كل ذلك الا بالانهاء الفوري للاحتلال من خلال دعم المقاومة العراقية المسلحة الباسلة بكافة اطيافها القومية والاسلامية والوطنية والانخراط في مصالحة وطنية شاملة على قاعدة ازالة الاحتلال وتوكيد عروبة العراق ووحدة كيانه ارضا وشعبا ضمن مشروع وطني ديمقراطي.

ويطالب المؤتمر الدول العربية بوقف اعترافها وتعاملها مع الحكومة العميلة التى اقامها الاحتلال في العراق، ودعم وإسناد المقاومة العراقية لتحقيق اهدافها ورعاية المصالحة العراقية الشاملة .

واذ يثمن المؤتمر مساندة إيران لقوى المقاومة في كل من لبنان وفلسطين، بما تمثله من مقاومة لمشروع الهيمنة الأمريكي – الإسرائيلي على غرب آسيا، كمنطلق لبسط هيمنته الشاملة على اوراسيا – جائزة القرن – فانه ينظر بعين الاستنكار لمجمل الممارسات الايرانية في العراق التي استغلت أجواء الاحتلال الأمريكي له لتغلب مصالحها القومية الضيقة على ما يمكن ان يشكل ارضية مقبولة لمصالح مشتركة بينها وبين الأمة العربية، وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا، وعدم المساهمة في تذويب هويته العربية، وتمزيق كيان الدولة والمجتمع فيه، لان ذلك اذا نجح، لا قدّر الله، لن تتوقف اثاره السلبية عند حدود العراق بل ستمتد لتطال بمفاعيلها السلبية ايران، التي لن تكون بمنأى عن هذه الاثار السلبية، وهي النتائج التي لا مصلحة للعرب او للايرانيين فيها .وعلى ايران ان تدرك جيدا ان تبوأها المكانة الاقليمية والدولية التي تسعى اليها لا يمكن ان يتحقق اذا لم تقم علاقاتها مع الدول العربية، وفي مقدمتها العراق، على اساس من احترام المصالح المشتركة للجانبين العربي والايراني، وان احترام هذه المصالح يؤدي حتما الي بناء علاقات عربية -ايرانية على اسس سليمة، وبدلا من ان تقوم هذه العلاقات على التناحر والتصادم فان من مصلحة الجانبين ان تقوم على التفاهم واحترام كل جانب لسيادة الجانب الاخر، مما يفتح الباب لقيام الانسجام بين مصالح الجانبين الذي قد يتطور الى تحالف لمواجهة التهديد والمشترك لهما المتمثل في السياسات الأمريكية – الصهيونية، ولا مدخل لكل ذلك الا باحترام وحدة العراق وهويته العربية وسلامته الاقليمية ونبذ كل السياسات التي تهدف لتمزيق وحدته الكيانية والمجتمعية .

واخيرا فان المؤتمر يستنكر بوضوح أية مساهمة لاية دولة عربية في المخطط الأمريكي - الصهيوني الداعي لضرب ايران والذي يحض الكثير من الدول العربية على ان تكون ضمن الادوات المنفذة لتحقيق اهداف هذا المخطط، تحت شعار مقاومة الارهاب، الذي تتبناه السياسة الاميركية بدون تمييز بين الارهاب الحقيقي الذي تمارسه في الكثير من مناطق العالم وبين المقاومة الوطنية المشروعة لهذا الارهاب الامريكي - الصهيوني.

وفي لبنان : يؤكد المؤتمر حرصه على تأمين الوحدة الوطنية اللبنانية على قاعدة حماية المقاومة والحفاظ على عروبة لبنان وان لا يكون مقرا وممرا للمخططات الاجنبية، ويدين المؤتمر كل الضغوط الاجنبية والعربية التي تتآمر على المقاومة وعلى الوحدة الوطنية اللبنانية .

في السودان : يؤكد المؤتمر حرصه على وحدة السودان ارضا وشعبا ويدين كل محاولات العدوان والتمزيق التي يتعرض لها من مختلف الاطراف الدولية والاقليمية الطامعة في ثروات السودان وترابه الاقليمي، ويدعو المؤتمر الى حل كافة الاشكالات والخلافات بين مختلف الأطراف السودانية عبر مشروع وطني ديمقراطي يُؤمن المشاركة السياسية الفعالة والمواطنة المتساوية وحقوق الانسان .

في الصومال : يتعرض الصومال ومنذ أمد طويل لعدوان أمريكي – أثيوبي يستهدف تمزيق وحدته الوطنية واحتلال أراضيه واقتطاع أجزاء واسعة منها، لذلك فان المؤتمر القومي العربي يؤكد مسئولية النظام الرسمي العربي في التصدي لكل هذه المخططات وتقديم كل أنواع الدعم الرسمي والشعبي للمقاومة الصومالية الباسلة لتحقيق أهدافها في مواجهة العدوان الواقع على هذا البلد العربي وتأمين الوحدة الوطنية فيه.

في العلاقة مع دول الجوار

يؤكد المؤتمر حرصه على إقامة أفضل العلاقات التعاونية مع دول الجوار العربي وعلى الأخص كل من إيران وتركيا وأثيوبيا على قاعدة المصالح المشتركة بين الأمة العربية وبين كل منها، دون تجاوز أو عدوان أو افتئات على هذه المصالح والحقوق.

في الأعلام العربي : ولما كان للإعلام الدور الأكبر في التوصل بين الإفراد والجماعات، فان المؤتمر يؤكد بقوة على ضرورة تبني إقامة فضائية عربية، كمشروع استثماري عربي يفتتح القوميون عملية الاكتتاب به، على إن يستكمل ذلك بفتحه لاكتتاب شعبي عربي، لتكون أداة فعالة في نقل رسالة المؤتمر إلى الجماهير العربية في كل مكان، ولتكون الوسيلة لنشر وتعميق الوعي العربي الشعبي بالأبعاد المختلفة للمشروع العربي النهضوي الذي يتبناه المؤتمر .
 

 

صنعاء، 13 ايار/مايو 2008

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                       الاربعاء  /  09  جمادي الاول 1429 هـ   ***   الموافق  14  /  أيــــار / 2008 م