الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

فن الشحاذة
من رايس إلى الزيباري

 

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

ينعي رئيس الوزراء المالكي ووزير خارجيته الزيباري بفراكيات دبلوماسية ( الفراكيات هي قراءات روزخونية على مأساة الأمام الحسين(ع) الغرض من إبكاء الناس وسلخ جيوبهم) في معظم المحافل العربية والدولية عسى أن تتصدق الدول العربية بفتح سفارات لها في العراق المحتل, معاتبين الدول التي لم تفتح السفارات بعد, بأنه موقف لا ينسجم مع العراق الجديد وعدم وجدد مبرر لهذا الامتناع, وكانت آخرها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الموسع الثالث لوزراء خارجية دول الجوار للعراق, وأدعى المالكي بأن الوضع الأمني والسياسي قد تحسن في العراق, وان حكومته تجاوزت الأزمات والانقسامات وتمضي قدما في تطوير العملية السياسية وتكريس التجربة الديمقراطية, ويبدو ن المالكي وهو يتحدث عن الأمن والاستقرار وتكريس التجربة الديمقراطية, تصور نفسه يلقي محاضرة لمجموعة من البرابرة في مجاهل إفريقيا ممن لم تصلهم بعد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ولا يعرفون شيئاً عن المشهد العراقي الدموي, فهو يذكــر
" من الصعب علينا أن نجد تفسيراً لعدم استئناف التبادل الدبلوماسي مع العراق وهي مبادرة كنا نتوقعها منذ وقت ولم تتحقق حتى الآن مع أن دولاً أجنبية عدة احتفظت ببعثاتها الدبلوماسية في بغداد ولم تتذرع بالاعتبارات الأمنية" ؟ متجاهلاً أن العراق يفور كبركان في الجنوب والوسط ومقتدى الصدر يهدد بحرب مفتوحة وطائرات الاحتلال تقصف بلا هوادة المناطق السكنية في مدينة الصدر, ومع هذا فالمالكي يتبجح بالأمن والاستقرار والديمقراطية ويحث الدول العربية على إعادة فتح سفارتها في بغداد وتعيين سفراء لها متناسيا انه كان عائد توا من معركة كبيرة في جنوب العراق!

وكأنهم نسوا طروحاتهم السابقة حول العروبة التي مسحوها من الدستور بناءا على رغبة الأكراد, وهجماتهم العنيفة على القومية العربية والعروبة, إضافة إلى تهجمات عدد من الوزراء وقادة الاحزاب السياسية وبعض النواب على الدول العربية بل تجاوزا حدودهم يشتم الرؤساء والملوك العرب أو تهديدهم, ونتذكر هجوم الصولاغي على السعودية وهمام حمودي على الرئيس القذافي, والبرزاني على الرئيس بشار أسد. ومع هذا فأنهم بصفاقة يطالبونهم بفتح سفارات لبلدانهم في المنطقة الخضراء كجيران لهم تحت حماية الأمريكان.

وفي كل مناسبة يجددون تصريحاتهم الهوجاء متهمين الأمة العربية بأنها خذلتهم وهذا الموقف سمح لإيران بأن تبسط نفوذها في العراق في ظل غياب العرب, وهي كلمة حق أريد بها باطل, فالحكومة العراقية الحالية هي نتاج تلقيح صناعي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران, وأن مجلس النواب العراقي فيه عدد غير قليل من الإيرانيين أو عملائها, كما إن المرجعية الدينية مرتبطة بإيران ومصالحها بشكل وثيق, لذلك فأن سلخ خلية العراق من الأمة العربية وزرعها في الجسم الإيراني كانت عملية مخطط لها وتمت برضا الأمريكان!

وفي الوقت الذي فتحت بعض الدول العربية سفارات لها في بغداد فأن عملية اغتيال السفير المصري في العراق إيهاب الشريف عام 2005 والأزمة الدبلوماسية التي خلفتها بإطلاق تصريحات من مسئولين منهم ليث كبة الذي غادر العراق تركا خلفه ثمار الديمقراطية الناضج بعد فشله في الانتخابات صعبت الأمور, وزاد الطين بله إنه بدلا من ألاعتذار لمصر عن هذا الخلل الأمني, بأن السفير أتهم بإجراء اتصالات مشبوهة مع بعض الأطراف السنية, مما جعل مصر تتساءل بذهول إن كان الغرض من هذه التصريحات " إبراء ذمة الحكومة وتجاوز المسئولية, أم مجرد تبرير للمأساة"؟ وفي الوقت الذي طالبت فيه وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط بالتحقيق في الموضوع وكشف ملابساته احتراما لمشاعر الشعب المصري, فأن إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء آنذاك ذكر" طلبنا فتح تحقيق لدراسة الظروف والملابسات ولم نتوصل إلى نتائج"! وتلي ذلك تفجير السفارة الأردنية ومحاولة اغتيال السفير البحريني واختطاف القائم بأعمال السفارة الإماراتية وغيرها من الأعمال الإرهابية.

وطالب المتحدث بأسم الحكومة وقتها ليث كبة الدول العربية بعدم الخضوع للابتزاز وإرسال سفرائها إلى بغداد, وذلك قبل أن يحضر نفسه وحقائبه ويغادر إلى بريطانيا هربا من العراق الديمقراطي وخوفا من تعرضه للخطف والابتزاز! في مفارقة غريبة من نوعها!

ومع هذا فأن وزير الخارجية الزيباري بادر بطلعة أقوى منها, فهو كما يبدو على جهل مطبق بوظيفة وزارته عندما أكد بأن وزارة الخارجية على استعداد" لتأمين وتوفير ما يلزم من الحماية الأمنية للبعثات والدبلوماسيين" وربما أنطلق الزيباري في رؤيته للاستعانة بالبيشمركة الذين يقدر عددهم بالمئات في وزارته لتأمين هذه الحماية الأمنية,متغافلا إن الأمر يدخل في اختصاص وزارة الداخلية وليس الخارجية!

بلاشك أن التفجيرات والمحاولات التفجيرية التي تعرضت لها بعض السفارات ومنها العربية في العراق إضافة إلى اغتيال وخطف عدد من الدبلوماسيين, قد أغلقت الباب بقوة في وجوه بقية السفارات العربية والتي لم تتجاوز لحد الآن خمس سفارات يرأسها قائم بأعمال من مجموع(52) سفارة تعمل في العراق وهي فلسطين ولبنان وتونس واليمن وسوريا, سيما أن هناك أصابع تشير بأن إيران تقف ورائها, وهي رسالة جدية وواضحة إلى الدول العربية بأن مصير سفرائهم سيواجه بنفس الطريقة, وقد استوعبت الحكومات العربية الرسالة بوضوح وعملت بموجبها. كما أن هناك دول عربية ترفض أن تفتح سفارات لها في بغداد بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وسيطرة الميليشيات وفرق الموت والعصابات الإجرامية وقوى الإرهاب على الشارع العراقي, مقابل ضياع هيبة الدولة والقوات الحكومية, ورغم محاولة الحكومة العراقية من تصدير بضاعة تحسن الوضع الأمني في الأشهر القليلة الماضية في تحفيز الدول العربية لفتح سفاراتها, لكن أحداث البصرة وصولة فرسان المالكي أعادت الفوضى أضعاف في وسط وجنوب العراق, فأفسدت الحكومة دعوتها بنفسها.

وهناك دول عربية تنطلق من رؤية إن العراق بلد محتل من قبل الولايات المتحدة بمعنى أنه بلا سيادة أو لغرض المجاملة تعتبره ناقص السيادة, وهذه حقيقة تتوافق مع الشرعية الدولية والقانون الدولي, وحتى عملية شرعنة الاحتلال من قبل الأمم المتحدة بضغوط أمريكية, فأن هذا لا يلغي إلغاءها, ومع هذا فأن الحكومة العراقية التي لا تعرف بزيارة المسئولين الأمريكيين لها إلا بعد وصولهم, وان رئيس الجمهورية يستقبل من قبل وزراء في زياراته الخارجية, وأن الكلاب الأمريكية تشم رئيس وأعضاء مجلس النواب تعتبر نفسها ذات سيادة في مفارقة تدخل ضمن إطار" شرً البلية ما يضحك".

كان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى واضحا عندما ردً على سؤال من صحيفة الرياض بأن تجربة الدول العربية في إرسال دبلوماسيها للعراق والتي أدت إلى مقتل عدد من الدبلوماسيين كانت مأساوية, مؤكدا بأن الوضع الأمني لا يساعد على فتح سفارات عربية في بغداد, وأن المنطقة الخضراء التي تقبع بها حكومة الذل وإدارة الاحتلال أصبحت لا تمثل ملاذاً آمنا بفعل ضربات المقاومة العراقية التي تنزل غضبها فوق المنطقة وحولتها من خضراء إلى حمراء, ولا شك أن الأمين العام للأمم المتحدة لا يزال يعاني من صدمة نفسية خلال زيارته اليتيمة إلى بغداد حيث تعرض عند إلقاء كلمته إلى انفجار مدوي جعله يختفي خلف المنصة, وكانت تلك رسالة من المقاومة العراقية بأنه لا مأمن لقوات الاحتلال وعملائهم في أي بقعة من أرض العراق!

ولكون الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أعرف من غيره بحجم النفوذ الإيراني في العراق, وان إيران لا ترغب بتواجد عربي يتعارض مع مخططاتها لبسط نفوذها في جنوب العرق تحت ظلال الفدرالية, كما إن الحكومة العراقية تمرس التقية السياسية فهي بحكم خضوعها المباشر للأجندة الإيرانية فأنها تبطن رغبة إيران بهذا الصدد, لكنها تظهر إمتعاضعها من عدم تجاوب العرب لفتح سفاراتهم في بغداد! لكن عمرو موسى يفهم الحقيقة ويتفهم موقف الحكومة العراقية, لذلك فأن تصريحه جاء هو الآخر بطريقة التقية السياسية, فهو من جهة أعتبر بأن تجربة الدول العربية بإرسال دبلوماسيين ليقتلوا في العراق كانت تجربة مأساوية, معزيا الأمر لى تردي الوضع الأمني, مؤكدا بأنه " حتى المنطقة الخضراء تقصف بشكل يومي", وبطن كلامه بأن " الدول العربية غير مستعدة للدخول في الحرب هناك, ولن تدخل في الصراع الطائفي أو أي صراع قائم في العراق"!

وليثبت فهمه المخطط الإيراني, ذكر الأمين العام للجامعة العربية " الدول العربية تحترم المصالح الإيرانية في العراق, وعلى الإيرانيين أن يتجاوبوا مع هذا السياق, مؤكدا بأن العرب لا يريدون الدخول في صراع عربي إيراني.

لذلك فأن الدعوة الأخيرة التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في زيارتها المفاجئة للعراق يوم الأحد 20 من الشهر الجاري للعرب بأن ينفذوا التزاماتهم مع العراق وأن يحافظوا على عروبته باعتباره جزءا من الأمة العربية فأنها جاءت متأخرة منذ الأسبوع الأول للاحتلال, فأمريكا هي التي قدمت العراق لإيران على طبق من فضة من خلال نصب حكومات ولدت من الرحم الإيراني وسلمتها زمام الحكم, ولا نعتقد أن رايس أصابتها لا سامح الله صحوة ضمير لتطلق مثل هذا التصريح, لاسيما أن الفرصة كانت أمامها سانحة ليتزامن تصريحها مع انعقاد مؤتمر القمة العربية الأخير في دمشق وليس الآن! من المؤكد إن هناك فكرة لإعادة توزيع الأوراق بين اللاعبين الأمريكي والأمريكي في الشأن العراقي سيفصح عنا خلال الاجتماع القادم بينهما في الكويت!

من غير المنطقي أن تفاتح أمريكا إيران لعقد جولة من المباحثات في الكويت, ومن جهة ثانية تصرح بأنها تريد أن تفك اللحيم الإيراني من العراق وأن تعيد لحيمه ثانية مع الأمة العربية وهي مهمة مستحيلة إن لم تكن صعبة في ظل حكومة تشترك أمريكا وإيران في إدارتها, وفي ظل نفوذ إيراني هائل في كل مفاصل الدولة بما فيه مجلس النواب العراقي زائدا مرجعية فارسية, ودولة يترأسها زعيم كردي ووزير خارجيته كردي ونفوذ كردي كبير مقرونا بولاء مطلق لإيران.

من المفارقات العجيبة أن تطالب رايس العرب بدعم العراق وفتح سفارات لهم في بغداد في الوقت الذي تشكو وزارتها من مشكلة امتناع الدبلوماسيين الأمريكيين من العمل في العراق!

كلمة أخيرة لرايس طالما أنها في زيارة للعراق, أتركوا العرب وشأنهم وكفاكم ما فعلتم في العراق! فقد حولتم العراق من مصدر إشعاع للديمقراطية إلى مصدر ظلام لقوى الإرهاب, وقبل ان تطالبوا العرب بتحمل وزر مسئوليتكم فانه من الأولى بكم إن تتذكروا القول" من أشعل النيران أولى به أن يطفيها".

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الاحد  /  06  جمادي الاول 1429 هـ   ***   الموافق  11  /  أيــــار / 2008 م