الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

حرارة شمس العراق أقل حدة من إرادتنا

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

بعد أيام سيهل على العراق تموز سادس من الاحتلال والطائفية..

لا يمكن لأحد أن ينكر عمق الشرخ الذي أحدثته عمليات المقاومة الوطنية العراقية في جدار التحالف الذي  انشاته الولايات المتحدة لغزو واحتلال العراق وما أفرزته من حقائق جعلت من بنود وفقرات وتفاصيل هذا التحالف وصمة عار على كل من شارك فيه أو أسهم بتمويله وإسناده ودعمه والترويج له.. أو حتى الدعاء له!..

في بداية العدوان كانت الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة كثيرة وتتدافع فيما بينها خوفا وطمعا.. منهم من شارك بعدد من المهندسين والفنيين (باعتبار أن الحملة الأمريكية هي حملة أعمار وبناء!) ..ومنهم من ساهم بمائة جندي أو أقل من المختصين بتنظيم سير القطعات والانضباط !..ومنهم من أرسل عدد من سيارات الإسعاف ومنهم من تعهد بمبلغ من المال!..وتميزت عن كل هذه الدول بريطانيا بإرسالها نسبة لا تتجاوز 2 إلى 3 % من القوة الأمريكية.. ولأن بريطانيا شريك إستراتيجي للولايات المتحدة وتعرف جيدا إن غزو العراق ليس بهدف الأعمار والديمقراطية فقد اشترطت منذ البداية أن تحصل على البصرة في هذه الغزوة!..

كانت كل القطعات والأشخاص المشاركة من  الدول التي ساهمت  في العدوان وقادتها..من يقود الطائرة ويحمل المدفع ..أو من يعد الطعام للجنود على قناعة من إن هذه الحرب ما هي إلا (نزهة!) إلى أرض بابل وأور وآشور والحضارات القديمة ..

و(تكللت) هذه القناعة بعد احتلال العراق وإعلان بوش الصغير بعد أقل من شهرين على بداية الحملة ومن على حاملة طائرات أمريكية في الخليج العربي من أن ( المهمة أنجزت!) ..وهو يقلل من شأن المقاومة الشعبية المسلحة التي اندلعت فور بدا العدوان واتخذت طابع المقاومة الوطنية الشاملة للاحتلال وأذنابه فور بدء الاحتلال في 8 نيسان 2003.

يومها لم تدم فرحة الجنود وقادة دولهم طويلا !..ولم يستطيعوا أن يعبروا عن شعورهم أكثر من ساعات عندما شنت المقاومة الوطنية العراقية واستمرارا لنهجها وضرباتها الموجعة عدد من الهجمات النوعية على كل ارض العراق مما أحدث إرباكا في كل الخطط والتصورات والقناعات والاستنتاجات ..

وأغرب ما في هذا الرد المقاوم المنسق هو استمراره بشكل متصاعد ومتسلسل..كان كأنه انفجار متعاقب بدأ وسوف لن ينتهي !!..

وفورا صدرت الأوامر الأمريكية للقادة والجنود بعدم التفكير بالعودة (للوطن) ..إلا بعد (انجاز المهمة!) ..عندها اختلط الأمر على الجميع وتساءل القادة والسياسيين والجنود الذين يقبعون خلف المتاريس لحد الآن: ( عن أي مهمة كان يتحدث الرئيس بوش إذا!!)..

وشيئا فشيئا تبخرت الأحلام وتبددت الأوهام..فالموت محيط بهم من كل جانب ويتربص بهم مع كل خطوة..تيقنوا حينها انه الفخ الكبير الذي وقعوا به ..فحتى الأشجار والصخور على ارض العراق تقاتلهم !..وتحولت النزهة إلى مواجهة حقيقية محسومة نتائجها لصالح صناديق الخشب التي تعود بهم إلى وطنهم بدون أن يعرفوا الغاية من كل هذه التضحيات !..ولماذا احتلوا هذا البلد ؟..وما هي النتيجة من هذا الإصرار على الاستمرار بهذه الحماقة؟..

ومع مرور الزمن بدأ الجنود وعوائلهم والساسة والمحللين والمهتمين الأمريكان يسمعون هدفا جديدا للعدوان بعد أن توضح بطلان الهدف الذي سبقه ..وأصبحت التبريرات والأسباب التي جعلت الولايات المتحدة تغامر بكل ما لديها وتقامر بسمعتها للإقدام على احتلال العراق مثارا للسخرية والمسائلة بعد أن ثبت اختلاقها كذبا وزورا وبهتانا!..

وخلال السنوات الخمس الماضية من الفعل الجهادي البطولي المقاوم الذي لم يلين أو يهدا او يستكين ..ونحن ندخل تموزنا السادس والعراق يرزح تحت احتلال همجي وسلطة طائفية حاقدة ومنتقمة ومقيتة ..

نحن نزداد قوة وصلابة وصمود وخبرة وهم يغوصون أكثر في مستنقع القتل والعار والهزيمة والهوان.. 

نحن ننظر إلى الحياة ..وعيونهم لا تفارق النظر إلى الموت.. 

لقد تذوقت العنجهية الأمريكية والبريطانية وحلفائهم خلال الخمس سنوات الماضية طعم الهزيمة المرة وتقلد القادة الذين أقحموا أممهم في هذه الخطوة الخاسرة والمتسرعة والمذلة شارات العار والمهانة.. 

وبدأت هذه القيادات تفقد مصداقيتها وتكشف لشعوبها كذبها وخداعها وأخذت تتساقط كأوراق الخريف شخص بعد شخص وزعيم بعد زعيم..ومصير معلمهم الذي علمهم السحر واضح وهو يترقب سقوطه كل لحظة .. 

وتسللت الخيبة والخجل من الفعل الإجرامي غير المبرر إلى  التحالف الذي جاء مع الولايات المتحدة.. 

لقد كانت مفاصل هذا التحالف مصممة ومنفذة ومربوطة بإحكام متقن ومغلفة بشكل متخصص ( ولا يمكن أن ينفذ منها الماء!)..ولكن في نفس الوقت كانت هذه المفاصل مصممة ومنفذة من الشمع!!.. 

وهذا الشمع مهما كان متقنا وعلى الرغم من كل التعاملات الكيماوية التي خضع لها فلا يمكن له أن يصمد أمام شمس العراق !.. 

والعراقيين الذين صنعوا الأمجاد وبنوا الحضارات وعلموا الدنيا القراءة والكتابة والطب والعلوم.. يرفضون منذ سالف الأزمنة والعصور الزائر الدخيل سواء جاء للغزو أو جاء (للنزهة!) إلا بدعوة منهم وهم المشهورون بإكرام الضيوف.. 

وهؤلاء العراقيين يعرفهم التاريخ جيدا.. 

يعرف أن لديهم إرادة أكثر حدة في قوتها وتأثيرها وحرارتها من حرارة شمس العراق.. 

فمن لم يلين ويتداعى من المفاصل بفعل شمس العراق فالإرادة العراقية كفيلة بتبخيره..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  20  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   24  /  حزيران / 2008 م