الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

انتصار الارادة الوطنية العراقية المقاومة

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

لقد شهدت الساحة السياسية العراقية منذ الأربعينات صورا ومشاهد تعكس حالة التركيبة  الشعبية والاجتماعية للكثير من الممارسات والمواقف  التي تعبر عن وضوح تام  بين الحق والباطل.. كان هناك خط فاصل وواضح بين الشرعية والقفز عليها  وبين مسارات الدولة والقانون وبين التجاوز عليها ..وكلما تقدمت بالعراق السنين ..بدات تتشكل مساحة تكبر مع الزمن بين هذا الحق الواضح وبين تلك الظواهر من الممارسات والاجراءات والقرارات والمواقف الباطلة ..وكلما بدت هذه المساحة تزداد كبرا وتأثيرا يكون العراق مهيأ لتقبل فكرة التغيير التي فسرها الجاهلون ولو درسوا وحصلوا على الشهادات بانها الانقلابات العسكرية والاطاحة بالأنظمة..بل هي الانقلاب على الذات وعلى الخطأ ..ودائما عندما كان يحصل تغيير ما في العراق كان ضحياه من الاشخاص والاحزاب والتيارات الساسية هم من يمثلون المعارضة الجديدة ..وغالبا ما يجري احتوائهم مع الزمن بفعل رغبة التغيير الجديد على عدم خسارتهم و شعور الجهة المعارضة تدريجيا بحتمية التغيير الجديد على الاقل وليس (بضرورته) ..وهكذا توالت على العراق حكومات وثورات لم تجروء على المساس بوحدة العراق وجيشه ودولته وبالنسيج الاجتماعي والديني وتكفير الناس وقتلهم بالجملة وعلى الاسم او الهوية او المعتقد على الرغم من الاجراءات المتباينة التي حدثت لتثبيت اركان النظام الجديد والتي لم تتجاوز الفترة من اسبوع الى شهر ليعود العراق لممارسة دوره في كل الميادين ..

وهكذا كان الحال في تغييرات الأنظمة في الماضي ..

الا الذي حدث في العراق !..كان زلزالا لم يسمع عنه أحد ولم ترويه القصص والأحداث !.ولو أن الكثيرين أوهموا النفس في بداية العدوان أن ماسيحدث سيكون مشابها لما حدث في الماضي!..وهكذا تصوره الواهمين والمخدوعين واولائك الذين لا يعرفون القصة بكل حذافيرها والذين أغرتهم شعارات الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الذين غزو واحتلوا العراق ..

وكان من اوائل الشعارات الامريكية التي بثتها الطائرات الى محطة الاذاعة وقناة التلفزيون الخاصة التي أنشأوها  بعد 10 نيسان 2003 هو (أننا جئنا العراق محررين ولسنا محتلين واننا نريد فقط الرئيس صدام حسين وعائلته والاسماء التي حددت وليس لنا شيء ضد احد وعلى الجميع العودة الى وظائفهم!)..

كان هذا الشعار هو الذي تبنته جميع الثورات والانتفاضات والانقلابات في العراق ..( اننا لسنا ضد احد وكل ما نريده هو اعادة العراق الى دوره..الخ) ..

وتمنى الكثير من المساكين والمخدوعين ( وحتى بعض الحزبيين ولا أقول البعثيين !) لو ان ذلك الشعار كان قد تحقق فعلا !!..لكي نجنب العراق هذا الدمار والقتل وانهار الدماء وتقسيم وحدة وقوة العراق!..

وهذا ما حذرت منه القيادة في حينه وكررت في أكثر من مناسبة من أن المطلوب ليس الرئيس الشهيد الخالد ولا القيادة بل ان المطلوب هو العراق شعبا وحضارة وتأريخ وقدرات ..والهدف هو التجربة العراقية والتوجه القومي ومنظومة القيم والمباديء والتربية ..

ولغرض وضع النقاط على الحروف وتوضيح هذا الموضوع نذكر بما يلي:

-         أن أكبر دلالة على ان اهداف الاعداء هي غير الاهداف التي أعلنوها من أنهم يستهدفون (هرم النظام ) فقط ..هو أنهم لم يلتزموا بما أدعوه ..فهل كان هنالك من شيء كان يمكن ان يمنعهم من ذلك ..قد يقول البعض أن ( المعارضة اللاعراقية) هي التي اوهمت وشجعت الامريكان على تغيير أهدافهم واسلوبهم بدافع الانتقام والحقد والثأر ..فنقول نعم كان لهم دور المحرض الطامع والمخادع..ولكن هل كانت الحملة الامريكية منذ البداية بعيدة عن هذه الافاعي ام كانوا جزءا منها؟..ومن الذي يقف وراء فقرات قانون اجتثاث البعث وحل الجيش العراقي والمؤسسات الامنية وبعض الدوائر المهمة والتي نوقشت وصودق عليها..وكذلك قانون تحرير العراق الذي أقره الكونغرس الامريكي قبل سنوات من احتلال العراق؟..فكيف يمكن ان ينطلي على احد أن الاهداف الامريكية  للحملة ووسائل الوصول اليها كانت مهيئة ومقرة منذ سنوات قبل بدء العدوان ..مع العلم ان مفردات الحملة الامريكية كما صرح بها العديد من جنرالاتهم كانت تتوقع ان المعركة ستأخذ مدة اطول ..ولذلك عندما عرضت مفرداتها على بوش  أمر بمضاعفة القصف الجوي والصاروخي والقوة النارية وتوسيعه  والايغال الى أقصى حد بما عرف لاحقا بمصطلح "الصدمة والترويع " ..

-         ومن يذهب لمثل هذه الحملة وضاربا عرض الحائط كل قرارات المجتمع الدولي وملاحظات الاصدقاء والحلفاء لا يمكن ان يفعل ذلك بدون خطة لما بعد (النصر المؤكد!!) ..ومن غير المعقول أن الخطة كانت تعتمد على (ازالة رأس هرم السلطة!)..ثم تتحول فورا الى سلسلة من القرارات الملزمة بهدم كل الهرم !..ليس منطقته الوسطى والقاعدة فقط بل جذوره وتفرعاته واحراق الارض التي كان يرتكز عليها ..ثم اللجوء الى  البحث عمن يمكن أن يشغل الفراغ ؟!!..والتذرع بانهم لم يجدوا غير الذي عرضوه ودعموه وساندوه!!..كانوا يتذرعون بمصطلح جديد وهوماعرف ب" الفوضى الخلاقة"!..اذا هي غزو وتدمير وهدم وصدمات وترويع واحتلال ونهب وسلب وفوضى عارمة لخلق مجتمع ديمقراطي تحرري جديد!..

-         كانت أفعال المعتدين مصائب حقيقية تطال كل شريحة في المجتمع ..وكانت الضحايا تحمل القتلة والمجرمين الذين نفذوا جرائمهم فيها كل المسؤولية بالثأر الجديد!..وشهد العراق ولايزال مذابح متبادلة تخطت ( هرم السلطة السابق ورجاله!) لتتحول الى مذابح دامية بين (الاخ واخيه ) و(الجار وجاره ) و( الطائفة مع الطائفة!) وقتال دامي بين القرى والأحياء!..ويجري ذلك بتوجيه وتخطيط ودعم وتأجيج القوات المحتلة والسلطة المنصبة من قبلها وبكل تشكيلاتها..

-         والآن ..اذا كان الامريكان يستهدفون فعلا (قمة هرم النظام ) فقد ثبت ان ما استهدفوه هو كل المجتمع العراقي بقومياته واديانه وطوائفه ..وكان الاستهداف يشمل الاشخاص والمؤسسات والدوائر والمسميات ..من الوزراء الى موظفي الاستعلامات ومن البعثيين الى الحلفاء الذين صفقوا لهم ..ولم يسلم من استهدافه الشيخ والطفل والمراة ..فهل كان المقصود بقمة الهرم هو كل العراق ؟..ام ان قيادة هرم العراق وقاعدته وارضه وشعبه حالة واحدة؟!!..

-         لقد درسوا كل شيء وغاب عنهم أهم شيء ..وهو " الارادة الوطنية العراقيةالمقاتلة والمقاومة للمحتل " وهو العائق الاساسي الذي لايمكن المراهنة عليه ولا يمكن شراؤه بالمال مهما طال الزمن وعظمت التضحيات..وتداخلت الالوان .. 

واذا كان الموضوع قد خرج من ايدي الامريكان فمن الذي أخرجه ولصالح من ؟!..وهل يعقل أن الامريكان لا يعلمون لحد الآن ما الذي جنوه من هذه الفوضى التي (فرضت عليهم!) ..أم هي بداية لمصطلح جديد لتطبيقه في العراق على غرار " الارض المحروقة بمن فيها"..أو " تفجير حقول الالغام بمن فيها" أو " الأرض العراقية الملغومة"..  

على الامريكان أن يعترفوا بهزيمة ارادة الشر التي اعتمدوها في العدوان والغزو والتدمير الذي لحق بالعراق وتنصيب الدمى في سدة الحكم .. 

انها هزيمة ارادة الباطل أمام الأرادة الوطنية العراقية.. انه الفشل الذريع للحملة العدوانية الكاذبة والمضللة .. 

وهل يفكر القادة الستراتيجيين الامريكان اليوم بتغيير كل الخطة أو جزء منها ..وهل عليهم أن يطبقوا التغيير قبل الانتخابات الامريكية أم هي خطة بديلة معدة للتغيير الحتمي المرتقب للادارة الامريكية؟.. 

انه ليس مجرد سؤال بل هو نتيجة حتمية صنعتها الارادة العراقية الجديدة التي مثلتها قوى المقاومة الوطنية العراقية وضميرها الحي المضحي ..والذي يميز طبيعة هذه الارادة الجديدة أنها نابعة من قوى قتالية ومتصدية ومضحية ..وتعتمد على ثوابت وطنية بعيدة كل البعد عن العوامل والمتغيرات التي يستند عليها القرار الأمريكي حول العراق .. 

ارادة مقاومة ومقاتلة ومؤمنة بحتمية انتصارها .. 

جذورها عميقة عمق التأريخ ..وقدرتها عظيمة ..وأكبر من كل الحسابات..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد /  18  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   22  /  حزيران / 2008 م