من الذي آتي بالقواعد العسكرية في
منطقتنا العربية ؟ هذا السؤال
دائم التردد بين الحين والآخر
والإجابة علي هذا السؤال دائما
تتركز علي حماية مصالح الدول
الغربية ونفوذهم ، والشرق العربي
كان وسيظل عبر التاريخ مطمع لكل
من يبحث عن مصالحه الخاصة فسحر
الشرق له بريق لدي العالم الغربي
وأوروبا علي مر التاريخ ، وعلي مر
العصور السابقة ابُتلينا
بالإستعمار الأجنبي ومن أستعمار
الي آخر الي أن حصلت الدول علي
إستقلالها بفضل الثورات العربية
والقومية التي ظهرت في حقبة
الخمسينيات والستينيات من القرن
العشرين ، واليوم يعود الإستعمار
هو ذاته من جديد بشكل جديد
وشعارات جديدة وأطماع مختلفة ولذا
نقول أن من آتي بالقواعد العسكرية
الأمريكية في عصرنا الحديث
هوالبترول العربي والثورة
الخمينية الإيرانية فلقد بدأت
الإستعدادات الأمريكية في منطقة
الشرق الأوسط وبخاصة في الخليج
العربي منذ اللحظة الأولي التي
تمكنت فيها أمريكا من إمتيازات
بترول السعودية وهكذا فان بناء
قاعدة الظهران الضخمة بدأ فعلا
بينما الحرب العالمية الثانية لم
تضع بعد أوزارها وفي الخمسينات
أضُيفت قاعدتان بحريتان عسكريتان
أحدهما في الدمام علي الخليج
والثانية في ينبع علي البحر
الاحمر ثم راجت القواعد العسكرية
الأمريكية والتسهيلات تنتشر في
أرجاء المنطقة من إيران الي
المغرب وظهرت بعض الصعوبات في
إستكمال شبكات القواعد والتسهيلات
لان هذه المرحلة ( أواخر
الخمسينات وأوائل الستينيات )
شهدت تطورًا كبيراً ونفوذاً واسعا
لحركة القومية العربية وكانت تلك
هي الفترة التي برز فيها دور
الأسطول الأمريكي السادس في البحر
الأحمر ليصبح الرمز الحي لقبضة
القوة الأمريكية وإستعدادها للضرب
. ثم جاءت حرب اكتوبر 1973 بين
مصر وإسرائيل وكان سلاح البترول
هو السلاح الحقيقي الذي تم
إستخدامه في هذه الحرب وكان له
الفضل الأول في إستراتجية
الإنتصار العربي علي العدو
الصهيوني وكانت هذه الحرب هي حرب
البترول الأولي والتي فكرت
الولايات المتحدة الأمريكية في
تواجد عسكري أقرب من منابع
البترول ولم تسمح الظروف التي
نشأت في المنطقة بعد الحرب مباشرة
لامريكا بأن تنفذ ما فكرت فيه ..
وجاءت الثورة الخمينية في إيران
وكانت تلك هي مقدمات حرب البترول
الثانية ووقعت المفاجأة في صباح
يوم 4 نوفمبر عام 1979 إستيقظت
أمريكا علي حادث إستيلاء شباب
جامعة طهران علي مجمع مباني
السفارة الأمريكية في العاصمة
الإيرانية وأحتجاز 54 من العاملين
فيها ( دبلوماسين وموظفين في
السفارة ) وإعتبارهم رهائن لا يتم
الأفراج عنهم إلا بشروط وجدت
أمريكا نفسها عاجزة عن تلبيتها
وحاولت أمريكا بشتي الوسائل
الدبلوماسية الإفراج عن رهائنها
ولم تنجح في ذلك ثم فكرت أمريكا
في أن تلجأ الي وسائل أخري فذهبت
بمشروع قرار الي مجلس الأمن
الدولي بفرض عقوبات إقتصادية علي
طهران ولكن الأتحاد السوفيتي
أستعمل حق الفيتو وحفظ مشروع
القرار ، وحاولت أمريكا وفكرت في
كل الوسائل الخفية ولم تصل الي شئ
، وفي أوائل عام 1980 طلب الرئيس
الأمريكي جيمي كارتر وكان في
أواخر ولايته بحث إمكانيات العمل
العسكري إلا أن هذا النوع من
العمل العسكري لا يمكن تحقيقه في
إيران لاسباب كثيرة ومعقده وفي 11
أبريل (نيسان) من عام 1980 دعا
الرئيس كارتر الي إجتماع طارئ
لمجلس الأمن القومي الأمريكي وقال
أنه يشعر بالإحباط الشديد بسبب
عجز أمريكا عن إستعمال قوتها
للدفاع عن كرامتها وأمن مواطنيها
وبدأت واشنطن تفكر في خطة عسكرية
جراحية عرفت فيما بعد( باسم
الصحراء 1) وهي خطة إنقاذ الرهائن
عن طريق عملية إنزال جوي في أحد
مطارات طهران المهجورة ثم التسلل
منها الي مبني السفارة الأمريكية
ومن ثم الخروج بهم سالمين من
الأراضي الإيرانية ، ونظراً
لمواجهة هذه العملية عدة مشاكل
تقنية وإستراتجية أضطر كارتر الي
التصديق علي قرار إيقاف العملية ،
ولقد مهد فشل هذه العملية أمام
الإدارة الأمريكية والمؤسسة
العسكرية في ذلك الوقت الي
التفكير في إنشاء ما سمي بقوة
الإنتشار السريع والذي تحقق
تشكيله في عهد الرئيس رونالد
ريجان والذي جاء مبشراً بدعوة من
الوطنية الأمريكية القادرة في كل
مكان وفي كل وقت علي فرض إرادتها
وحماية مصالحها وبالقوة المسلحة
مهما كانت الظروف وتحقق إنشاء قوة
الإنتشار السريع والتي كانت
القيادة المركزية لها في ولاية
فلوريدا فيما توزع جسم القوات في
مواقع تمركز متعددة معظمها خارج
المنطقة ولقد أختار ريجان وزير
الدفاع (كاسبروينبرجر) ليكون
العقل المفكر وراء إنشاء قوة
الإنتشار السريع وقد حدد وزير
الدفاع ثلاثة أهداف رئيسية لابد
من تحقيقها حتي تتهيأ الظروف لدور
قوة الإنتشار السريع ولعملها وهي
:ـ اولا :ـ أن القواعد العسكرية
الأمريكية في المنطقة يجب أن تخرج
من التعتيم الذي يحيط بها لدواعي
الظروف السياسية المحلية لدول
الأقليم الي العلن والنور معلنة
ومرئية .
ثانيا:ـ أن المنطقة يجب أن
تتعود خطوة بعد خطوة علي وجود هذه
القواعد فاعلة ومتدخلة اذا أقتضي
الأمر .
ثالثا :ـ أن هذه القواعد يجب أن
تتبدي للكل حية وفاعلة .
وقد أستطاع وزير الدفاع
الأمريكي تحقيق الأهداف الثلاثة ،
وفي يونيوعام 1983 قامت البارجة
الأمريكية ( نيوجرسي) باطلاق
مدافعها الضخمة علي المواقع
السورية حول منطقة الشويفات علي
مشارف بيروت وفي أبريل 1986 قامت
الطائرات الأمريكية بغارات كثيفة
علي ليبيا وكانت من أهدافها بيت
الرئيس الليبي معمر القذافي وقتلت
فيها إحدي بناته .
وفي أبريل 1988 قامت البحرية
الأمريكية باغراق نصف الأسطول
الإيراني بإسرة في ظرف ست ساعات
بدعوي أن لغم إيراني بحري مس إحدي
البواخر الأمريكية وبذلك تكون
أمريكا قد وجدت لها موضع قدم في
الخليج العربي بعكس ما يردده
الإعلام العربي والغربي زوراً
وبهتاناً عن دور الرئيس العراقي
صدام حسين وتصرفاته التي كانت
وراء إستحضار القواعد الأمريكية
في المنطقة العربية فهل أدرك
المواطن العربي من الذي كان وراء
السبب في أقامة القواعد العسكرية
الأمريكية وتواجدها فيما بعد في
منطقتنا العربية؟ .....أنهم مشايخ
وملوك البترول العربي ومراجع
الثورة الإيرانية الطامحة
والجامحة ثم توالت علينا إقامة
القواعد العسكرية الأمريكية في
عموم منطقتنا العربية وخاصة في
دول الخليج العربي بدعوة كريمة
وخالصة من أصحاب الفخامة والجلالة
الملوك والأمراء والرؤساء لبسط
وحماية نفوذهم ومصالحهم الخاصة مع
مصالح الأجنبي من عُمان قاعدة
الخصب، وقاعدة نصيرة ، وقاعدة
ثوماريت، وسيب، الي قطر أكبر
قاعدة أمريكية في السيلية ، الي
المملكة العربية السعودية قاعدة
الرياض الجوية ، وتوجد قواعد
رئيسية ضخمة في الظهران، وحفر
الباطن، وهي جاهزة للاستعمال عند
الضرورة كما توجد قواعد في
البحرين، والكويت، بالأضافة الي
قواعد في تركيا والصومال ومنطقة
الخليج والبحر الأحمر والمغرب
ومنطقة شمال أفريقيا وما يحيط بها
فهل كان العراق السبب في كل هذا؟
المصدركتاب حرب الخليج أوهام
القوة والنصر للاستاذ محمد حسنين
هيكل . |